مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ سُئِلَا هَلْ يُقْضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَقَالَا نَعَمْ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ لَا يَكُونُ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ وَيَحْتَجُّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَإِنْ (...) |
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ سُئِلَا هَلْ
يُقْضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَقَالَا نَعَمْ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ لَا يَكُونُ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ وَيَحْتَجُّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) الْبَقَرَةِ 282 فَلَا يَحْلِفُ أَحَدٌ مَعَ شَاهِدِهِ قَالَ مَالِكٌ فَمِنَ الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ (لَهُ) أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا أَلَيْسَ يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ مَا ذَلِكَ الْحَقُّ عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ ذَلِكَ عَنْهُ وَإِنْ نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ حَلَفَ صَاحِبُ الْحَقِّ إِنَّ حَقَّهُ لَحَقٌّ وَثَبَتَ حَقُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ) فَهَذَا مَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ (النَّاسِ) وَلَا بِبَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ إِلَى آخِرِ الْبَابِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) مَا يَقْضِي عَلَى أَلَّا يَحْكُمَ إِلَّا بِهَذَا بَلِ الْمَعْنَى فِيهِ أَنْ يَحْكُمَ بِهَذَا وَبِكُلِّ مَا يَجِبُ الْحُكْمُ بِهِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَقَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَضَاءَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَكَانَ زِيَادَةَ بَيَانٍ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَأَمَّا قَوْلُهُ (وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ وَلَا بِبَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ) فَقَدْ ظَهَرَ مِنْ عِلْمِ مَالِكٍ بِاخْتِلَافِ مَنْ قَضَى قَبْلَهُ مَا يُوجِبُ أَنْ لَا يَظُنَّ احد به جَهِلَ مَذْهَبَ الْكُوفِيِّينَ فِي الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ دُونَ رَدِّ يَمِينٍ وَإِنَّمَا أَرَادَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ مَنْ قَالَ إِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنِ الْيَمِينِ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ لِلْمُدَّعِي وَكَانَ أَحْرَى ان الجزء: 7 ¦ الصفحة: 114 يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَيَمِينُ الطَّالِبِ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ عَلَى مَذْهَبِهِ كَمَا لَوْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مُدَّيْنِ تُجْزِئُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ كَانَ قَوْلًا صَحِيحًا لِأَنَّ مَنْ قَالَ يُجْزِئُ الْمُدُّ كَانَ أَحْرَى أَنْ يُجْزِئَ عَنْهُ الْمُدَّانِ هَذَا مَا أَرَادَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنِ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَإِنْ لَمْ يُدْعَ الْمَطْلُوبُ إِلَى يَمِينٍ وَلَا يُقْضَى لَهُ بِشَيْءٍ حَتَّى يَحْلِفَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي عَلَى النَّاكِلِ عَنِ الْيَمِينِ بِحَقِّ الطَّالِبِ إِلَّا أَنْ يَحْلِفَ الطَّالِبُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ رَدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى الطَّالِبِ فَقُلْتُ لَهُ احْلِفْ ثُمَّ بَدَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَالَ أَنَا أَحْلِفُ لَمْ أَجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ لِأَنِّي قَدْ أَبْطَلْتُ أَنْ يَحْلِفَ وَجَعَلْتُ الْيَمِينَ قَبْلَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ رَأَى رَدَّ الْيَمِينِ فِي الْأَمْوَالِ حَدِيثُ الْقَسَامَةِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ رَدَّ فِيهَا الْيَمِينَ عَلَى الْيَهُودِ إِذْ أَبَى الْأَنْصَارُ مِنْهَا وَلَيْسَ بِالْأَمْوَالِ أَعْظَمُ حُرْمَةً مِنَ الدِّمَاءِ وَهُوَ قَوْلُ الْحِجَازِيِّينَ وَطَائِفَةٍ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ لِأَنَّ مَنْ لَا يُوجِبُ رَدَّ الْيَمِينِ لَا يُبْطِلُ الْحُكْمَ بِهَا مَعَ النُّكُولِ وقال بن أَبِي لَيْلَى إِذَا (نَكَلَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَا أَرُدُّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ رَدَدْتُهَا عَلَيْهِ إِذَا كَانَ يُتَّهَمُ فَإِنْ لَمْ يُتَّهَمْ لَمْ أَرُدَّهَا عَلَيْهِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَرُدُّهَا بِغَيْرِ تُهْمَةٍ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا إِذَا نَكَلَ الْمَطْلُوبُ عَنِ الْيَمِينِ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ لِلْمُدَّعِي وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عمر اذا نَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ فِي عَيْبِ الْغُلَامِ لِلَّذِي بَاعَهُ قَضَى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بِالنُّكُولِ وَقَضَى هُوَ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لان بن عُمَرَ يَحْتَمِلُ فِعْلُهُ أَنَّهُ لَمَّا أَوْجَبَ عَلَيْهِ عُثْمَانُ الْيَمِينَ لَقَدْ بَاعَ الْغُلَامَ وَمَا بِهِ أَذًى يَعْلَمُهُ كَرِهَ الْيَمِينَ فَاسْتَرْجَعَ الْعَبْدُ فَكَأَنَّهُ أَقَالَهُ فِيهِ كَرَاهِيَةً لِلْيَمِينِ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِالْحُكْمِ بِالنُّكُولِ وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الكوفيين في ذلك بحديث بن ابي مليكة عن بن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 115 عَبَّاسٍ أَنَّهُ جَاوَبَهُ فِي الْمَرْأَتَيْنِ ادَّعَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى أَنَّهَا أَصَابَتْ يَدَهَا بِإِشْفَى وَأَنْكَرَتْ فكتب إليه بن عباس ان ادْعُهَا وَاقْرَأْ عَلَيْهَا (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا) الْآيَةَ آلِ عِمْرَانَ 77 فَإِنْ حَلَفَتْ فَخَلِّ عَنْهَا وَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ فَضَمِّنْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ الِاسْتِدْلَالُ مِنَ الْحَدِيثِ الْمُسْنَدِ أَوْلَى وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ لَا شَرِيكَ لَهُ ومن حجتهم ايضا ان النبي جَعَلَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا سَبِيلَ إِلَى نَقْلِ الْبَيِّنَةِ إِلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا إِلَى نَقْلِ الْيَمِينِ إِلَى الْمُدَّعِي قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَا يَلْزَمُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الذي سن رد اليمين على الْمُدَّعِي فِي الْقَسَامَةِ وَاسْتِعْمَالُ النُّصُوصِ أَوْلَى مِنْ تَأْوِيلٍ لَمْ يُتَابَعْ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ وَهَذَا قِيَاسٌ صَحِيحٌ وَهُوَ أَصْلُهُمْ جَمِيعًا فِي الْقَوْلِ بِالْقِيَاسِ قَالَ مَالِكٌ مَضَتِ السُّنَّةُ فِي الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ يَحْلِفُ صَاحِبُ الْحَقِّ مَعَ شاهده ويستحق حقه فان نكل وابى يَحْلِفَ أُحْلِفَ الْمَطْلُوبُ فَإِنَّ حَلَفَ سَقَطَ عَنْهُ ذَلِكَ الْحَقُّ وَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِصَاحِبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ خَاصَّةً وَلَا يَقَعُ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحُدُودِ وَلَا فِي نِكَاحٍ وَلَا فِي طَلَاقٍ وَلَا فِي عَتَاقَةٍ وَلَا فِي سَرِقَةٍ وَلَا فِي فِرْيَةٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَهِيَ رواية حديث بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ قَالَ عَمْرٌو وَذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ وَأَجْمَعَ الْقَائِلُونَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ مِنَ الْحِجَازِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ بِأَنَّهُ لَا يُقْضَى فِيهِ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ دُونَ مَا عَدَاهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَخْبَرْنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنِي الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِي الطَّحَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الشَّافِعِيُّ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قاسم بن اصبغ قال حدثني بن وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي عَبَّادٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 116 قَالَا حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سعد عن عمرو بن دينار عن بن عباس ان رسول الله قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ قَالَ عَمْرٌو فِي الْأَمْوَالِ خَاصَّةً وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَا أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عمرو بن الْخَالِقِ الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَرِزْقُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَا حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنِي سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بن دينار عن بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ قَالَ عَمْرٌو بن دينار في الاموال خاصة قال البزاز سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ ثِقَتَانِ وَمَنْ بَعْدَهُمَا يُسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِمَا لِشُهْرَتِهِمَا فِي الثِّقَةِ وَالْعَدَالَةِ كَثِيرًا قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ جَمَاعَةٌ وَعَنْ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ وَالْحَسَنُ بْنُ شَاذَانَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ عَنْهُمْ فِي (التَّمْهِيدِ) وَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عمرو بن دينار عن بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ قَالَ أَبُو عُمَرَ رَأَى مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ مَعَ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ فِي الْأَمْوَالِ وَيَسْتَحِقُّ حَقَّهُ كَمَا يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فَكَأَنَّهُ جَعَلَ الْيَمِينَ مَقَامَ الشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ مَعَهُ فَكَأَنَّهُ قَضَى بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَحْلِفُ مَعَ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ لِأَنَّ شَهَادَةَ النِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ لَا تَجُوزُ فِي الْأَمْوَالِ وَإِنَّمَا يَحْلِفُ الرَّجُلُ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ (كَمَا) جَاءَ فِي الْحَدِيثِ قَالَ (وَفِي مَعْنَى السُّنَّةِ أَنْ تَحْلِفَ الْمَرْأَةُ مَعَ شَاهِدِهَا كَمَا يَحْلِفُ الرَّجُلُ فَلَوْ أَخَذْنَا شَهَادَةَ الْمَرْأَتَيْنِ مَعَ يَمِينِهِمَا كَمَا قَدْ قَضَيْنَا بِخِلَافِ السُّنَّةِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ فِي الْأَمْوَالِ وَيَلْزَمُ مَنْ قَالَ هَذَا أَنْ يُجِيزَ أَرْبَعًا مِنَ النِّسَاءِ فِي الْأَمْوَالِ) فَأَتَى فِي هَذَا بِكَلَامٍ كَثِيرٍ حَسَنٍ كُلِّهِ ذَكَرَهُ الْمُزَنِيُّ وَالرَّبِيعُ عَنْهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (وَكُلُّ مَا كَانَ مِنَ الْأَمْوَالِ الْمُتَنَقِّلَةِ من ملك مالك إلى ملك مالك الجزء: 7 ¦ الصفحة: 117 قَضَى فِيهِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ عِنْدَهُمْ فِي طَلَاقٍ وَلَا عِتْقٍ وَلَا فِيمَا عَدَا الْأَمْوَالَ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَأَمَّا مَنْ لَا يَقُولُ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَهُوَ أَحْرَى بِذَلِكَ وَلَكِنَّ الشَّافِعِيَّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ مُوجِبُونَ الْيَمِينَ وَرَدَّهَا فِي كُلِّ دَعْوَى مَالٍ وَغَيْرِ مَالٍ طَلَاقًا كَانَ أَوْ عِتْقًا أَوْ نِكَاحًا أَوْ دَمًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ مُدَّعِي الدَّمِ دَلَالَةٌ كَدَلَالَةِ الْجَارِيَتَيْنِ عَلَى يَهُودِ خَيْبَرَ فَيَدَّعِي حِينَئِذٍ الْمُدَّعُونَ بِالْأَيْمَانِ وَتَكُونُ قَسَامَةً وَإِنْ لَمْ تَكُنْ دَلَالَةٌ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا يَحْلِفُ فِيمَا سِوَى الدَّمِ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي دَعْوَى المراة الطلاق وقول العبد العتق كقول الشافعي يستحلف السيد والزوج لهما الا انه يقضي عليهما بالنكول دون يمين على مذهبهم في ذلك وقال الشافعي ولو ادعى انه نكح امْرَأَةٍ لَمْ أَقْبَلْ دَعْوَاهُ حَتَّى يَقُولَ نَكَحْتُهَا بَوْلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَرِضَاهَا فَإِنْ حَلَفَتْ بَرِئَتْ وان نكلت حلف وَقَضَى لَهَا بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْلِيفِ زَوْجِ الْمَرْأَةِ الْمُدَّعِيَةِ لِلطَّلَاقِ وَتَحْلِيفِ سَيِّدِ الْعَبْدِ الْمُدَّعِي لِلْعِتْقِ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ هَلْ تَجِبُ الْيَمِينُ عَلَى السَّيِّدِ أَوِ الزَّوْجِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى مِنَ الْمَرْأَةِ أَوِ الْعَبْدِ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ لَا يَمِينَ عَلَى الزَّوْجِ وَلَا عَلَى السَّيِّدِ حَتَّى تُقِيمَ الْمَرْأَةُ شَاهِدًا وَاحِدًا عَدْلًا بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا أَوْ يُقِيمَ الْعَبْدُ شَاهِدًا عَدْلًا بِأَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَتِ الْيَمِينُ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ فِي دَعْوَى الْعِتْقِ وَعَلَى الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ فِي دَعْوَى الطَّلَاقِ وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْخُلْطَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ يَمِينًا لِلْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى حَتَّى تَثْبُتَ الْخُلْطَةُ بَيْنَهُمَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ (إِنَّ الْيَمِينَ) وَاجِبَةٌ عَلَى زَوْجِ الْمَرْأَةِ الْمُدَّعِيَةِ بِالطَّلَاقِ وَعَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ الْمُدَّعِي لِلْعِتْقِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى وَلَا تَجِبُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَمِينٌ مَعَ شَاهِدٍ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فَلَا يَقُولُونَ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فِي الْأَمْوَالِ وَلَا فِي غَيْرِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْهُمْ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الَّذِي شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ لِزَوْجَتِهِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا أَوْ لِعَبْدٍ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فَأَبَى مِنَ الْيَمِينِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 118 فقال بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ يُحْبَسُ حَتَّى يَحْلِفَ قَالَ وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَتُطَلَّقُ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ إِذَا أَبَى وَنَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَا قُلْتُ لَكَ وقال بن الْقَاسِمِ وَيَقُولُ الْآخَرُ أَقُولُ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا أَبَى مِنَ الْيَمِينِ طَلَّقَ عَلَيْهِ وَأَعْتَقَ عَلَيْهِ وعن بن القاسم ايضا قَالَ إِذَا طَالَ سِجْنُهُ أُطْلِقَ وَرُدَّ إِلَى زَوْجَتِهِ قَالَ وَأَرَى أَنَّ الطُّولَ فِي سِجْنِهِ عام وقال بن نَافِعٍ يُسْجَنُ وَيُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ وَلِمَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ تَنْظِيرُ مَسَائِلَ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فِيهِ احْتِجَاجًا لِمَذْهَبِهِ يَرِدُ الِاخْتِلَافُ عليها ومذاهب العلماء فِيهَا فِي مَوْضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ |