مَالِكٌ عَنْ جَمِيلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُؤَذِّنِ أَنَّهُ كَانَ يَحْضُرُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ يَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ فَإِذَا جَاءَهُ الرَّجُلُ يَدَّعِي عَلَى الرَّجُلِ حَقًّا نَظَرَ فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ أَوْ مُلَابَسَةٌ أَحْلَفَ الَّذِي ادُّعِيَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ (...) |
مَالِكٌ عَنْ جَمِيلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُؤَذِّنِ أَنَّهُ كَانَ يَحْضُرُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ
الْعَزِيزِ وَهُوَ يَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ فَإِذَا جَاءَهُ الرَّجُلُ يَدَّعِي عَلَى الرَّجُلِ حَقًّا نَظَرَ فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ أَوْ مُلَابَسَةٌ أَحْلَفَ الَّذِي ادُّعِيَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُحَلِّفْهُ قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى ذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ مَنِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ بِدَعْوَى نُظِرَ فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ أَوْ مُلَابَسَةٌ أُحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ ذَلِكَ الْحَقُّ عَنْهُ وَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَحَلَفَ طَالِبُ الْحَقِّ أَخَذَ حَقَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي رَدِّ الْيَمِينِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ تَجِبُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى دُونَ خُلْطَةٍ أَوْ مُلَابَسَةٍ تَكُونُ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ أَمْ لَا فَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ مَا ذَكَرَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي (الْمُوَطَّأِ) أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَجِبُ (إِلَّا) بِالْخُلْطَةِ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ ذَكَرَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ إِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ الْفَاجِرُ عَلَى الرَّجُلِ الصَّالِحِ شَيْئًا يَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّهُ فِيهِ كَاذِبٌ وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُمَا أَخْذٌ وَلَا إِعْطَاءٌ لَمْ يُسْتَحْلَفْ قال وحدثنا بن أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ قَالَ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ إِنَّا - وَاللَّهِ لَا نُعْطِي الْيَمِينَ كُلَّ مَنْ طَلَبَهَا وَلَا نُوجِبُهَا إِلَّا بِشَبِيهٍ بِمَا يُوجِبُ بِهِ الْمَالَ قَالَ أَبُو الزِّنَادِ (يُرِيدُ بِذَلِكَ) الْمُخَالَطَةَ وَاللَّطْخَ وَالشَّبَهَ قَالَ وَذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمَعْمُولُ بِهِ عِنْدَنَا أَنَّ مَنْ عُرِفَ بِمُعَامَلَةِ النَّاسِ مِثْلَ التُّجَّارِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَمَنْ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِلشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ مِنْ غَرِيبٍ وَغَيْرِهِ وَعُرِفَ بِهِ فَالْيَمِينُ عَلَيْهِ بِمَنِ ادَّعَى مُعَامَلَتَهُ وَمُدَايَنَتَهُ فِيمَا يُمْكِنُ وَمَا كَانَ بِخِلَافِ هَذِهِ الْحَالِ مِثْلَ الْمَرْأَةِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 121 الْمَشْهُورَةِ الْمُحْتَجِبَةِ وَالرَّجُلِ الْمَسْتُورِ الْمُنْقَبِضِ عَنْ مُدَاخَلَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمُلَابَسَتِهِ فَلَا تَجِبُ الْيَمِينُ عَلَيْهِ إِلَّا بِخُلْطَةٍ وَفِي الْأُصُولِ أَنَّ مَنْ جَاءَ بِمَا لَا يُشْبِهُ وَلَا يُمْكِنُ فِي الْأَغْلَبِ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي (سُفْيَانُ) الثَّوْرِيُّ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير عن بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا أُوتِيَ يَعْقُوبُ بِقَمِيصِ يُوسُفَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - وَلَمْ يَرَ فِيهِ خَرْقًا قَالَ كَذَبْتُمْ لَوْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ لَخَرَقَ قَمِيصَهُ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُضَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ كَانَ فِي قَمِيصِ يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ثَلَاثُ آيَاتٍ حِينَ قُدَّ قَمِيصُهُ مِنْ دُبُرٍ وَحِينَ أُلْقِيَ عَلَى وَجْهِ ابيه فارتد بصيرا وحين جاؤوا بِالدَّمِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِيهِ شَقٌّ عَلِمَ أَنَّهُ كَذِبٌ لِأَنَّهُ لَوْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ لَخَرَقَ قَمِيصَهُ وَمِمَّا يَشْهَدُ بِهَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى (إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ) يُوسُفَ 26 27 وَهَذَا أَصْلٌ فِيمَا ذَكَرْنَا فِي كُلِّ مَا يُشْبِهُهُ وَاللَّهُ اعلم وبالله التوفيق وقال بن الْقَاسِمِ لَا يَسْتَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقِصَاصَ وَلَا الضَّرْبَ بِالسَّوْطِ وَمَا أَشْبَهَهُ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَدْلٍ فَيَسْتَحْلِفُ لَهُ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ إِذَا جَاءَتِ الْمَرْأَةُ أَوِ الْعَبْدُ بِشَاهِدٍ (وَاحِدٍ) عَدْلٍ اسْتُحْلِفَ الزَّوْجُ أَوِ السَّيِّدُ مَا طَلَّقَ وَلَا أَعْتَقَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ كُلُّ مَنِ ادَّعَى حَقًّا عَلَى غَيْرِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ اسْتُحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي كُلِّ مَا يَسْتَحِقُّ مِنَ الْحُقُوقِ كُلِّهَا وحجتهم حديث بن ابي مليكة عن بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَوْ أُعْطِيَ قَوْمٌ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى أَقْوَامٌ دَمَ أَقْوَامٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 122 وَمِنْ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ مَنْ لَا يَذْكُرُ فِيهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَإِنَّمَا يَقُولُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ قَالَا حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي نَافِعُ بن عمر - يعني الجمحي - عن بن ابي مليكة قال كتبت إلى بن عَبَّاسٍ فِي امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا تَجُوزَانِ فِي الْبَيِّنَةِ وَأَخْرَجَتْ إِحْدَاهُمَا يَدَهَا تَشْخُبُ دَمًا فَقَالَتْ أَصَابَتْنِي هَذِهِ وانكرت الاخرى فكتب الي بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَالَ (لَوْ أَنَّ النَّاسَ أُعْطُوا بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى قَوْمٌ دَمَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ) وَذَكَرَ تَمَامَ الْخَبَرِ وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بن اصبغ قال حدثني بن وضاح قال حدثني ابو بكر وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قاسم عن سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي ابو الاخوص عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ هَذَا غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ لِي كَانَتْ لِأَبِي فَقَالَ الْكِنْدِيُّ هِيَ أَرْضِي فِي يَدِي أَزْرَعُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَضْرَمِيِّ (أَلَكَ بَيِّنَةٌ) فَقَالَ لَا قَالَ (فَلَكَ يَمِينُهُ) وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْآثَارِ الْمُسْنَدَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الْخُلْطَةِ وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ إِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السلام (اليمين عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي) أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُدَّعِي فِيمَا يَدَّعِيهِ مَعَ يَمِينِهِ وَأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إِنْ لَمْ يُقِمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةً لِأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْعُمُومَ فِي كُلِّ مَنِ ادُّعِيَ عَلَيْهِ دَعْوَى أَنَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَجَاءَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِعَيْنِ الْمُحَالِ وَإِلَى اللَّهِ أَرْغَبُ فِي السَّلَامَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ (أَلِكَ بَيِّنَةٌ) فَفِيهِ أَنَّ الْحَاكِمَ يَبْدَأُ بِالْمُدَّعِي فَيَسْأَلُهُ هَلْ لَكَ بِمَا تَدَّعِيهِ بَيِّنَةٌ وَلَا يَسْأَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَسْمَعَ مَا يَقُولُ الْمُدَّعِي وَهَذَا مَا لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 123 |