قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنِ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ يَوْمَ اسْتَهْلَكَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤْخَذَ بِمِثْلِهِ مِنَ الْحَيَوَانِ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ صَاحِبَهُ فِيمَا اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ وَلَكِنْ عَلَيْهِ (...) |
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنِ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ أَنَّ
عَلَيْهِ قِيمَتَهُ يَوْمَ اسْتَهْلَكَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤْخَذَ بِمِثْلِهِ مِنَ الْحَيَوَانِ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ صَاحِبَهُ فِيمَا اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ وَلَكِنْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ اسْتَهْلَكَهُ الْقِيمَةُ أَعْدَلُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمَا فِي الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 147 قَالَ وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِيمَنِ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنَ الطَّعَامِ بِغَيْرِ إِذَنِ صَاحِبِهِ فَإِنَّمَا يَرُدُّ عَلَى صَاحِبِهِ مِثْلَ طَعَامِهِ بِمُكَيَّلَتِهِ مِنْ صِنْفِهِ وَإِنَّمَا الطَّعَامُ بِمَنْزِلَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إِنَّمَا يَرُدُّ مِنَ الذَّهَبِ الذَّهَبَ وَمِنَ الْفِضَّةِ الْفِضَّةَ وَلَيْسَ الْحَيَوَانُ بِمَنْزِلَةِ الذَّهَبِ فِي ذَلِكَ فَرْقٌ بَيْنَ السُّنَّةُ وَالْعَمَلُ الْمَعْمُولُ بِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ لَا خِلَافَ بَيْنِهِمْ فِيمَا عَلِمْتُ أَنَّ مَنِ اسْتَهْلَكَ ذَهَبًا أَوْ وَرَقًا أَوْ طَعَامًا مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَنَّهُ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا اسْتَهْلَكَ مِنْ صِنْفِهِ بِوَزْنِهِ وَكَيْلِهِ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ) النَّحْلِ 126 وَاخْتَلَفُوا فِيمَنِ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ لَا يَقْضِي بِالْقِيمَةِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْمَثَلِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَدَاوُدُ وَأَصْحَابُهُمْ وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ) الْآيَةَ وَمِنَ الْأَثَرِ مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِي خَالِدٌ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنِي مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى جَمِيعًا عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ خَادِمِهَا قَصْعَةً فِيهَا طَعَامٌ قَالَ فَضَرَبَتْ بِيَدِهَا فَكَسَرَتِ الْقَصْعَةَ قال بن الْمُثَنَّى فِي حَدِيثِهِ فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم الكسرتين فضم إحداهما إلى الأخرى فَجَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ وَيَقُولُ غَارَتْ أُمُّكُمْ كُلُوا فَأَكَلُوا حَتَّى جَاءَتْ قَصْعَتُهَا الَّتِي فِي بيتها زاد بن الْمُثَنَّى (كُلُوا) فَأَكَلُوا حَتَّى جَاءَتْ قَصْعَتُهَا الَّتِي فِي بَيْتِهَا - ثُمَّ رَجَعَ إِلَى لَفْظِ حَدِيثِ مُسَدَّدٍ وَقَالَ (كُلُوا) وَحَبَسَ الرَّسُولَ وَالْقَصْعَةَ حَتَّى فَرَغُوا فَدَفَعَ الْقَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الرَّسُولِ وَحَبَسَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنِي مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي فُلَيْتٌ الْعَامِرِيُّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَهُوَ أَفْلَتُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ جَسْرَةَ بِنْتِ دَجَاجَةَ قَالَتْ قَالَتْ عَائِشَةُ مَا رَأَيْتُ صَانِعًا طَعَامًا مِثْلَ صَفِيَّةَ صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم طعاما الجزء: 7 ¦ الصفحة: 148 فبعث بِهِ فَأَخَذَنِي أَفْكَلٌ فَكَسَرْتُ الْإِنَاءَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا كَفَّارَةُ مَا صَنَعْتُ قَالَ (إِنَاءٌ مِثْلُ إِنَاءٍ وَطَعَامٌ مِثْلُ طَعَامٍ) وَاحْتَجَّ بِهَذَا كُلُّ مَنْ قَالَ بِالْمِثْلِ فِي الْعُرُوضِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّهُ ضَمِنَ الْقَصْعَةَ بِقَصْعَةٍ مِثْلِهَا كَمَا ضَمِنَ الطَّعَامَ بِطَعَامٍ مِثْلِهِ وَقَالَ مَالِكٌ وَمِنْ تَابَعَهُ لَا يُقْضَى فِي الْحَيَوَانِ مِنَ الْعُرُوضِ وَغَيْرِهِ إِلَّا بِالْقِيمَةِ وَحُجَّتُهُمْ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَضَى فِيمَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ بِقِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ دُونَ حِصَّتِهِ مِنْ عَبْدٍ مِثْلِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمِثْلُ لَا يُوصَلُ إِلَيْهِ إِلَّا بِالِاجْتِهَادِ وَكَمَا أَنَّ الْقِيمَةَ تُدْرَكُ بِالِاجْتِهَادِ وَقِيمَةُ الْعَدْلِ فِي الْحَقِيقَةِ مِثْلٌ وَقَدْ قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) الْمَائِدَةِ 95 إِنَّ الْقِيمَةَ مِثْلٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَتَنَاقَضُوا وَالْحَدِيثُ فِي الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ فِي الشِّقْصِ مِنَ الْعَبْدِ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ الْقَصْعَةِ فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يَمْتَثِلَ وَيَعْمَلَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ يَحْيَى وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ إِذَا اسْتُودِعَ الرَّجُلُ مَالًا فَابْتَاعَ بِهِ لِنَفْسِهِ وَرَبِحَ فِيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ الرِّبْحَ لَهُ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لِلْمَالِ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ إِلَى صَاحِبِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَكَانَ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي يَقُولُونَ إِذَا رَدَّ الْمَالَ طَابَ لَهُ الرِّبْحُ غَاصِبًا كَانَ الْمَالَ أَوْ مُسْتَوْدَعًا عِنْدَهُ مُسْتَعْدِيًا فِيهِ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولُونَ يُؤَدِّي الْمَالَ وَيَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ كُلِّهِ وَلَا يَطِيبُ لَهُ بشيء منه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 149 وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ الَّذِي هُوَ أَسْلَمُ لَهُ أَنْ يتصدق بالربح وقال بن خواز بنداد من اشترى بدراهم مغصوبة فَرَبِحَ كَانَ الرِّبْحُ لَهُ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ فِيمَا بينه وبين اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْهُ وَيَتَصَدَّقَ بِهِ وقال الشافعي ان كان اشترى بِالْمَالِ بِعَيْنِهِ فَالسِّلْعَةُ وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ وَحَكَى الرَّبِيعُ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ إِذَا اشْتَرَى الْغَاصِبُ السلعة بمال بغير عَيْنِهِ ثُمَّ نَفِدَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ أَوْ مَالُ الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ رَبِّهَا فَالرِّبْحُ لَهُ وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا اسْتَهْلَكَ خَاصَّةً مِنْ مَالِ غَيْرِهِ وَإِنِ اشْتَرَاهُ بِالْمَالِ بِعَيْنِهِ فَرَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِ الْمَالِ وَالسِّلْعَةِ قَالَ الرَّبِيعُ وَلَهُ فِيهَا قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ إِذَا اشْتَرَى بِالْمَالِ الْمَغْصُوبِ بِعَيْنِهِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالرِّبْحِ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ الرِّبْحُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِرَبِّ الْمَالِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ الرِّبْحُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِرَبِّ الْمَالِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قاسم قال حدثني يعقوب المارودي قَالَ حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي هُشَيْمٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ رَبَاحِ بن عبيدة عن بن عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ اسْتَبْضَعَ بِضَاعَةً فخالف فيها فقال بن عُمَرَ هُوَ ضَامِنٌ فَإِنْ رَبِحَ فَالرِّبْحُ لِرَبِّ المال قال ابو عمر لم يجعل بن عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْعَمَلَ مَعْنًى يُوجِبُ بِهِ اسْتِحْقَاقَ رِبْحٍ وَلَا غَيْرِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لَهُ بِالضَّمَانِ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ وَعُبَيْدَ اللَّهِ ابْنَيْ عُمَرَ قَفَلًا مِنْ غَزْوَةٍ فَمَرَّا بِأَبِي مُوسَى فَأَسْلَفَهُمَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَاشْتَرَيَا بِهِ مَتَاعًا فَحَمَلَاهُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَرَبِحَا فِيهِ قَالَ عُمَرُ أَدِّيَا الْمَالَ وَرَبِحَهُ فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ مَا يَنْبَغِي لَكَ هَذَا لَوْ هَلَكَ الْمَالُ وَنَقَصَ ضَمِنَّاهُ وَسَكَتَ عَبْدُ اللَّهِ فَأَعَادَ الْقَوْلَ عَمَرُ عَلَيْهِمَا فَرَاجَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ لَوْ جَعَلَتْهُ قِرَاضًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ فَأَخَذَ عُمَرُ رَأْسَ الْمَالِ وَنِصْفَ الرِّبْحِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 150 فَلَمْ يُنْكِرْ عُمَرُ عَلَى ابْنِهِ عُبَيْدِ اللَّهِ قَوْلَهُ لَوْ هَلَكَ الْمَالُ أَوْ نَقَصَ ضَمِنَّاهُ يَعْنِي فَلِذَلِكَ طَابَ لَنَا رِبْحُهُ وَدَلَّ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ وَيَحْتَمِلُ بِأَنْ يَكُونَ فَعَلِ ذَلِكَ عُقُوبَةً لَهُمَا لِانْفِرَادِهِمَا دُونَ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ لِمَالٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَشَاطَرَهُمَا فِي ذَلِكَ كَمَا فَعَلَ بِعُمَّالِهِ إِذْ شَاطَرَهُمْ أَمْوَالَهُمْ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ |