مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ) هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ رُوَاةِ (الْمُوَطَّأِ) عَنْ مَالِكٍ مُرْسَلًا وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ إِسْنَادٌ مُنْكَرٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ لَا يَصِحُّ (...) |
مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ
غَيَّرَ دِينَهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ) هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ جَمَاعَةُ رُوَاةِ (الْمُوَطَّأِ) عَنْ مَالِكٍ مُرْسَلًا وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ إِسْنَادٌ مُنْكَرٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ لَا يَصِحُّ بِهِ وَالصَّحِيحُ فِيهِ حَدِيثُ بن عباس رواه حماد بن زيد وبن علية عن ايوب عن عكرمة عن بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ يُوجِبُ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَنْ غَيَّرَ دِينَ الْإِسْلَامِ أَوْ بَدَّلَهُ فَلْيُقْتَلْ وَيُضْرَبْ عُنُقُهُ إِلَّا أَنَّ الصَّحَابَةَ قَالُوا إِنَّهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ فَكَأَنَّ الْحَدِيثَ عِنْدَهُمْ خَرَجَ عَلَى مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ وَتَمَادَى عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُصْرَفْ عَنْهُ كَمَا خَرَجَ أَيْضًا عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ دُونَ غَيْرِهِ قَالَ مَالِكٌ وَمَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَنْ غَيَّرَ دينه فاضربوا عنقه انه من خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَى غَيْرِهِ مِثْلُ الزَّنَادِقَةِ وَأَشْبَاهِهِمْ فَإِنَّ أُولَئِكَ إِذَا ظُهِرَ عَلَيْهِمْ قُتِلُوا وَلَمْ يُسْتَتَابُوا لِأَنَّهُ لَا تُعْرَفُ تَوْبَتُهُمْ وَأَنَّهُمْ كَانُوا يُسِرُّونَ الْكُفْرَ وَيُعْلِنُونَ الْإِسْلَامَ فَلَا أَرَى أَنْ يُسْتَتَابَ هَؤُلَاءِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ قَوْلُهُمْ وَأَمَّا مَنْ خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَى غَيْرِهِ وَأَظْهَرَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قتل وذلك الجزء: 7 ¦ الصفحة: 151 لَوْ أَنَّ قَوْمًا كَانُوا عَلَى ذَلِكَ رَأَيْتُ أَنْ يُدْعَوْا إِلَى الْإِسْلَامِ وَيُسْتَتَابُوا فَإِنْ تَابُوا قُبِلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَتُوبُوا قُتِلُوا وَلَمْ يَعْنِ بِذَلِكَ فِيمَا نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ إِلَى النَّصْرَانِيَّةِ وَلَا مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ وَلَا مَنْ يُغَيِّرُ دِينَهُ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا إِلَّا الْإِسْلَامَ فَمَنْ خَرَجَ مِنَ الْإِسْلَامِ إِلَى غَيْرِهِ وَأَظْهَرَ ذَلِكَ فَذَلِكَ الَّذِي عَنَى بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ فِيمَنْ خَرَجَ مِنْ دِينِ الْيَهُودِيَّةِ إِلَى النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ أَوِ الْمَجُوسِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ إِنْ كَانَ ذِمِّيًّا وَلَهُ ذِمَّتُهُ لِأَنَّ النَّصْرَانِيَّةَ وَالْيَهُودِيَّةَ وَالْمَجُوسِيَّةَ أَدْيَانٌ قَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ بِأَنْ يُقَرَّ أَهْلُهَا ذِمَّةً إِذَا بَذَلُوا الْجِزْيَةَ وَأَعْطَوْهَا لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ لَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ فِيمَا وَصَفْنَا إِلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ إِذَا كَانَ الْمُبَدِّلَ لِدِينِهِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ بَلَدِهِ وَيُلْحِقَهُ بِأَرْضِ الْحَرْبِ وَجَازَ لَهُ اسْتِحْلَالُ مَالِهِ مَعَ أَمْوَالِ الْحَرْبِيِّينِ إِنْ غَلَبَ عَلَى الدَّارِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا جَعَلَ لَهُ الذِّمَّةَ عَلَى الدِّينِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فِي حِينِ عَقْدِ الْعَهْدِ لَهُ هَكَذَا حَكَاهُ الْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْهُ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِهِ وَحَكَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ الذِّمِّيَّ إِذَا خَرَجَ مِنْ دِينٍ إِلَى دِينٍ كَانَ لِلْإِمَامِ قَتْلُهُ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ (مَنْ بَدَّلِ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) وَالْمَشْهُورُ عَنِ الشَّافِعِيِّ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنْ رِوَايَةِ الْمُزَنِيِّ وَالرَّبِيعِ عَنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَوَجْهُ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْهُ أَنَّ الذِّمِّيَّ قَبْلَ أَنْ تُعْقَدَ لَهُ الذِّمَّةُ حَلَّالُ الدَّمِ ثُمَّ صَارَتْ لَهُ الذِّمَّةُ بِمَا عَقَدَ لَهُ الْإِمَامُ مِنَ الْعَهْدِ عَلَى أَنْ يُقِرَّهُ عَلَى ذَلِكَ الدِّينِ إِذَا بَذَلَ الْجِزْيَةَ فَلَمَّا خَرَجَ عَنِ الدِّينِ الَّذِي عُقِدَتْ لَهُ الذِّمَّةُ عَلَيْهِ عَادَ حُكْمُهُ إِلَى حَكَمِ الْحَرْبِيِّ فَجَازَ قَتْلُهُ وَهَذَا وَجْهٌ مُحْتَمَلٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فِي اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يُسْتَتَابُ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ سَاعَةً وَاحِدَةً فَإِنْ تَابَ وَانْصَرَفَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَإِلَّا قُتِلَ وَقَالَ آخَرُونَ يُسْتَتَابُ شَهْرًا وَقَالَ آخَرُونَ يُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عمر وعثمان وعلي وبن مسعود - رحمه الله عليهم ولم يستتب بن مسعود بن النَّوَّاحَةِ وَحْدَهُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ مِنْ عِنْدِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 152 مُسَيْلِمَةَ (لَوْلَا أَنَّكَ رَسُولٌ لَقَتَلْتُكَ) فَقَالَ لَهُ بن مَسْعُودٍ إِذْ أَظْهَرْتَ الرِّدَّةَ أَنْتَ الْيَوْمَ لَسْتَ بِرَسُولٍ فَقَتَلَهُ وَاسْتَتَابَ غَيْرَهُ |