مَالِكٌ عَنِ بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ بن وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ قَالَتْ فَلَمَّا كان عام الفتح اخذه سعد وقال (...) |
مَالِكٌ عَنِ بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ بن وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ قَالَتْ فَلَمَّا كان عام الفتح اخذه سعد وقال بن أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ فَقَامَ إليه عبد بن زمعة فقال اخي وبن وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 162 فَتَسَاوَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال سعد يا رسول الله بن أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ وَقَالَ عبد بن زمعة اخي وبن وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ) ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ) ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ (احْتَجِبِي مِنْهُ) لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَتْ فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى مَالِكٍ ولا على بن شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا أَنَّ بَعْضَ اصحاب بن شِهَابٍ يَرْوِيهِ مُخْتَصَرًا لَا يَذْكُرُ فِيهِ إِلَّا قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ) بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَعِنْدَ بن شِهَابٍ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ) دُونَ قِصَّةِ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ وَسَعْدٍ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ فِي (التَّمْهِيدِ) وَهُوَ أَثْبَتُ مَا يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ الْعُدُولِ وَأَصَحُّهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ) وَهُوَ مَا تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا إِلَّا فِي شَيْءٍ مِنْ مَعْنَاهُ نَذْكُرُهُ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا قِصَّةُ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ وسعد بن ابي وقاس فَقَدْ أَشْكَلَ مَعْنَاهَا عَلَى أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَتَأَوَّلُوا فِيهَا تَأْوِيلَاتٍ فَخَرَجَ جَوَابُهَا عَنِ الْأُصُولِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْتَمِعَةٌ عَلَى أَنَّ أَحَدًا لَا يَدَّعِي عَنْ أَحَدٍ دَعْوَى إِلَّا بِتَوْكِيلٍ مِنَ الْمُدَّعِي وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَوْكِيلَ عُتْبَةَ لِأَخِيهِ سَعْدٍ عَلَى مَا ادَّعَاهُ عَنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ دَعْوَى سَعْدٍ لِذَلِكَ وَهُوَ غَيْرُ مَقْبُولٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَأَمَّا دعوى عتبة للولد من الزنى فَإِنَّمَا ذَكَرَهُ سَعْدٌ لِأَنَّهُ كَانَ فِي عِلْمِهِمْ في الجاهلية وحكمهم دعوى الولد من الزنى فَتَكَلَّمَ سَعْدٌ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى جَاهِلِيَّتِهِمْ حتى يؤمروا او ينهوا ويبين لهم حُكْمُ اللَّهِ فِيمَا تَنَازَعُوا فِيهِ وَفِيمَا يُرَادُ مِنْهُ التَّعَبُّدُ بِهِ فَكَانَتْ دَعْوَى سَعْدٍ سَبَبَ الْبَيَانِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ - عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 163 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنَّ الْعَاهِرَ لَا يَلْحَقُ بِهِ في الاسلام ولد يدعيه من الزنى وَأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالْفِرَاشُ النِّكَاحُ أَوْ مِلْكُ الْيَمِينِ لَا غَيْرَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِرَاشٌ وَادَّعَى أَحَدٌ وَلَدًا مِنْ زنا فَقَدْ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يليط اولاد الجاهلية بمن اسْتَلَاطَهُمْ وَيُلْحِقُهُمْ بِمَنِ اسْتَلْحَقَهُمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ فِرَاشٌ لِأَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا كَذَلِكَ وَأَمَّا الْيَوْمَ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ أَنْ أَحْكَمَ اللَّهُ شَرِيعَتَهُ وَأَكْمَلَ دِينَهُ فَلَا يُلْحَقُ ولد من زنا بِمُدَّعِيهِ أَبَدًا عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ كَانَ هناك فراش أولم يَكُنْ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْخُشَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ لَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ إِنَّ فُلَانًا ابْنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا دَعْوَةَ فِي الْإِسْلَامِ ذَهَبَ أَمْرُ الْجَاهِلِيَّةِ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْأَثْلَبُ) قَالُوا وَمَا الْأَثْلَبُ قَالَ (الْحَجَرُ) قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ - لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِيمَا عَلِمْتُهُ - أَنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِأَحَدٍ وَلَدٌ يَسْتَلْحِقُهُ إِلَّا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ فَإِذَا كَانَ نِكَاحٌ أَوْ مِلْكٌ فَالْوَلَدُ لَاحِقٌ بِصَاحِبِ الْفِرَاشِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالْفِرَاشُ فِي الْحُرَّةِ عَقْدُ النِّكَاحِ عَلَيْهَا مَعَ إِمْكَانِ الْوَطْءِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَالْفِرَاشُ فِي الْأَمَةِ عِنْدَ الْحِجَازِيِّينَ إِقْرَارُ سَيِّدِهَا بِأَنَّهُ كَانَ يُلِمُّ بِهَا وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ إِقْرَارُهُ بِالْوَلَدِ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ فَلَا ينتفى ولد الحرة اذا جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ عَقْدِ النِّكَاحِ إِلَّا بِلِعَانٍ وَحُكْمُ اللِّعَانِ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ كُلُّهَا مِنْ حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِمَّا نَقَلَتْهُ الْكَافَّةُ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهِ إِلَّا فِيمَا وَصَفْتُ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مِمَّا هُوَ خِلَافُ الْأُصُولِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا ادِّعَاءُ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ على ابيه ولدا بقوله (اخي وبن وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ) وَلَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَى أَبِيهِ بِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ وَفِي الْأُصُولِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ على الجزء: 7 ¦ الصفحة: 164 أَبِيهِ وَلَا دَعْوَى أَحَدٍ عَلَى غَيْرِهِ قَالَ الله (عز وجل) (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا) الْأَنْعَامِ 164 وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ) فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَاهُ عَلَى مَا نُورِدُهُ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ إِنَّمَا قَالَ لَهُ (هُوَ لَكَ) أَيْ هُوَ أَخُوكَ كَمَا ادَّعَيْتَ قَضَى فِي ذَلِكَ بِعِلْمِهِ لِأَنَّ زَمْعَةَ بْنَ قَيْسٍ كَانَ صِهْرَهُ وَسَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ كَانَتْ زَوْجَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ أَنَّ تِلْكَ الْأَمَةَ كَانَ يَمَسُّهَا زَمْعَةُ سَيِّدُهَا فَصَارَتْ فِرَاشًا لَهُ بِذَلِكَ فَأَلْحَقَ وَلَدَهَا بِهِ لِمَا قَدْ عَلِمَهُ مِنْ فِرَاشِ زَمْعَةَ إِلَّا أَنَّهُ قَضَى بِهِ لِاسْتِلْحَاقِ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ لَهُ وَقَدْ مَضَى مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَمَنْ قَالَ بِهَذَا لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُ أَنْ يَسْتَلْحِقَ الْأَخَ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ لَا يَسْتَلْحِقُ أَحَدٌ غَيْرَ الْأَبِ وَلَا يَقْضِي الْقَاضِي بِعِلْمِهِ وَالْكُوفِيُّونَ يَقُولُونَ يَقْضِي الْقَاضِي بِعِلْمِهِ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِيمَا عَلِمَهُ قَبْلَ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَبَعْدَ ذَلِكَ وَكُلُّهُمْ يَقُولُ لَا يَسْتَلْحِقُ الْأَخُ بِحَالٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمُزَنِيُّ وَالْبُوَيْطِيُّ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْأَخَ لَا يَسْتَلْحِقُ وَحْدَهُ كَانَ أَوْ مَعَ أَخٍ يُخَالِفُهُ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ يَقْبَلُ إِقْرَارَ الْوَارِثِ عَلَى الْمَوْرُوثِ بِالنَّسَبِ كَمَا يَقْبَلُ إِقْرَارَهُ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُ الْمُقِرِّ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَرَوَى الرَّبِيعُ عَنْهُ في كتاب البويطي قال لا يَجُوزُ إِقْرَارُ الْأَخِ بِأَخِيهِ إِذَا كَانَ ثَمَّ مَنْ يَدْفَعُهُ مِنَ الْوَرَثَةِ وَلَا يَلْحَقُ نَسَبَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَدْفَعُهُ لَحِقَ نَسَبَهُ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ الرَّبِيعُ قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ الْبُوَيْطِيُّ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدِي كَانَ مَنْ يَدْفَعُهُ ثَمَّ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَجُوزُ إِقْرَارُ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ وَهَذَا يُقِرُّ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنَّمَا الحق النبي - عليه السلام - بن وَلِيدَةِ زَمْعَةَ بِأَبِيهِ لِمَعْرِفَتِهِ بِفِرَاشِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْأَخَ لَا يَسْتَلْحِقُ وَلَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ نَسَبٌ وَلَا يَلْزَمُ الْمُقِرُّ بِأَخٍ أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئًا مِنَ الْمِيرَاثِ مِنْ جِهَةِ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِمَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ أَصْلُهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 165 وَسَنَذْكُرُ أَصْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ لَوْ قَبِلَ اسْتِلْحَاقَ غَيْرِ الْأَبِ كَانَ فِيهِ حُقُوقٌ عَلَى الْأَبِ بِغَيْرِ إِقْرَارِهِ وَلَا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَيْهِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ) أَيْ هُوَ عبد ملكا لانه بن وَلِيدَةِ أَبِيكَ وَكُلُّ أَمَةٍ تَلِدُ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا فَوَلَدُهَا عَبْدٌ يُرِيدُ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَنْقُلُ فِي الْحَدِيثِ اعْتِرَافَ سَيِّدِهَا بِوَطْئِهَا وَلَا شُهِدَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ وَكَانَتِ الْأُصُولُ تَدْفَعُ قَبُولَ ابْنِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَبْقَ إِلَّا الْقَضَاءُ بِأَنَّهُ عَبْدٌ تَبِعَ لِأُمِّهِ وَأَمَرَ سَوْدَةَ بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ لِأَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْ مِنْهُ إِلَّا شِقْصًا وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الطَّبَرِيِّ خِلَافُ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ لِأَنَّ فيه اخي وبن وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ فَلَمْ يُنْكِرْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَكِنَّهُ قَوْلٌ خَارِجٌ مُحْتَمَلٌ عَلَى الْأُصُولِ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ وَأَمَّا قَوْلُهُ (هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ) فَمَعْنَاهُ هُوَ لَكَ بِيَدِكَ عَلَيْهِ لَا أَنَّكَ تَمْلِكُهُ وَلَكِنْ تَمْنَعُ بِيَدِكَ عَلَيْهِ كُلَّ مَنْ سِوَاكَ مِنْهُ كَمَا قَالَ فِي اللُّقَطَةِ هِيَ لَكَ بِيَدِكَ عَلَيْهَا تَدْفَعُ غَيْرَكَ عَنْهَا حَتَّى يَجِيءَ صَاحِبُهَا لَيْسَ عَلَى أَنَّهَا مِلْكٌ لَهُ قَالَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنًا لِزَمْعَةَ ثُمَّ يَأْمُرَ أُخْتَهُ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْهُ هَذَا مِحَالٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُضَافَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ ادِّعَاءَ سَعْدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَلَا دَعْوَى بِشَيْءٍ لِأَنَّ سَعْدًا إِنَّمَا ادَّعَى شَيْئًا كَانَ مَعْرُوفًا في الجاهلية من لحوق ولد الزنى بِمَنِ ادَّعَاهُ قَالَ وَقَدْ كَانَ عُمَرُ يَقْضِي بِذَلِكَ فِي الْإِسْلَامِ - إِذَا لَمْ يَكُنْ فِرَاشٌ - فَادَّعَى سَعْدٌ وَصِيَّةَ أَخِيهِ بِمَا كَانَ يَحْكُمُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِهِ فَكَانَتْ دَعْوَاهُ لِأَخِيهِ كَدَعْوَى أَخِيهِ لِنَفْسِهِ غَيْرَ أَنَّ عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ قابلة بدعوى توجب عتقا للمدعي على المدع عَلَيْهِ لِأَنَّ مُدَّعِيَهُ كَانَ يَمْلِكُ بَعْضَهُ حِينَ ادَّعَى فِيهِ مَا ادَّعَى وَيُعْتِقُ عَلَيْهِ مَا كَانَ يَمْلِكُ مِنْهُ فَكَانَ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي أَبْطَلَ دَعْوَى سَعْدٍ وَلَمَّا كَانَ لِعَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ شَرِيكٌ فِيمَا ادَّعَاهُ وَهِيَ أُخْتُهُ سَوْدَةُ وَلَمْ يَعْلَمْ مِنْهَا فِي ذَلِكَ التَّصْدِيقَ لِمَقَالَتِهِ أَلْزَمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ مَا أَقَرَّ بِهِ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ حُجَّةً عَلَى أُخْتِهِ إِذْ لَمْ تُصَدِّقْهُ وَلَمْ تَجْعَلْهُ أَخَاهَا وَأَمَرَهَا بِالْحِجَابِ مِنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ الطَّحَاوِيِّ حَسَنٌ كُلُّهُ إِلَّا قَوْلَهُ (فَكَانَتْ دَعْوَى سَعْدٍ لِأَخِيهِ كَدَعْوَى أَخِيهِ لِنَفْسِهِ) هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ فِي ذَلِكَ مَا يُصَدِّقُ دَعْوَاهُ عَلَى أَخِيهِ وَلَمْ يُنْقَلْ فِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 166 وَقَالَ الْمُزَنِيُّ فَيَحْتَمِلُ تَأْوِيلُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَابَ فِيهِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فَأَعْلَمَهُمْ بِالْحُكْمِ أَنَّهُ هَكَذَا يَكُونُ إِذَا ادَّعَى صَاحِبُ فراش وصاحب زنا إِلَّا أَنَّهُ قَبِلَ عَلَى عُتْبَةَ قَوْلَ أَخِيهِ سَعْدٍ وَلَا عَلَى قَوْلِ زَمْعَةَ قَوْلَ ابْنِهِ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ إِنَّ أَبَاهُ أَوْلَدَهَا الْوَلَدَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَخْبَرَ عَنْ غَيْرِهِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إِقْرَارُ أَحَدٍ عَلَى غَيْرِهِ وَفِي ذَلِكَ عِنْدِي دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ حُكْمٌ خَرَجَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ لِيُعَرِّفَهُمْ كَيْفَ الْحُكْمُ فِي مِثْلِهَا إِذَا نَزَلَ وَلِذَلِكَ قَالَ لِسَوْدَةَ (احْتَجِبِي مِنْهُ) لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ حَكَى اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ مِثْلَ ذَلِكَ فِي قِصَّةِ دَاوُدَ (اذ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ) ص 22 وَلَمْ يَكُونَا خَصْمَيْنِ وَلَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلَكِنَّهُمْ كَلَّمُوهُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ لِيَعْرِفَ بِهَا مَا أَرَادُوا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُؤْنِسُنِي عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ وَكَانَ عِنْدِي فَهُوَ صَحِيحٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْمُزَنِيُّ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَى سَعْدٍ عَلَى أَخِيهِ وَلَا دعوى عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ عَلَى أَبِيهِ وَلَا أَقَرَّتْ سودة انه بن أَبِيهَا فَيَكُونُ أَخَاهَا مَنَعَهُ مِنْ رُؤْيَتِهَا وَأَمَرَهَا بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَخُوهَا مَا أَمَرَهَا أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْهُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثَ بِصِلَةِ الْأَرْحَامِ وَقَدْ قَالَ لِعَائِشَةَ فِي عَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ (إِنَّهُ عَمُّكَ فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ) وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَأْمُرَ زَوْجَتَهُ أَنْ لَا تَحْتَجِبَ مِنْ عَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ وَيَأْمُرَ زَوْجَةً لَهُ أُخْرَى أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْ أَخِيهَا لِأَبِيهَا قَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ سَوْدَةُ جَهِلَتْ مَا عَلِمَهُ أَخُوهَا عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَسَكَتَتْ قَالَ الْمُزَنِيُّ فَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ أَنَّهُ أَخٌ لِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ أَوِ الْإِقْرَارِ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ إِقْرَارُهُ زَادَهُ بُعْدًا فِي الْقُلُوبِ شَبَهُهُ بِعُتْبَةَ أَمَرَهَا بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ فَكَانَ جَوَابُهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم على السؤال لا على تحقيق زنا عُتْبَةَ بِقَوْلِ أَخِيهِ وَلَا بِالْوَلَدِ إِنَّهُ لِزَمْعَةَ بِقَوْلِ أَبِيهِ بَلْ قَالَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ عَلَى قَوْلِكَ يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ لَا عَلَى مَا قَالَ سَعْدٌ ثُمَّ أَخْبَرَنَا بِالَّذِي يَكُونُ إِذَا ثَبَتَ مِثْلُ هَذَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 167 قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ الْمُزَنِيِّ هَذَا أَصَحُّ فِي النَّظَرِ وَأَثْبَتُ فِي حُكْمِ الْأُصُولِ مِنْ قَوْلِ سَائِرِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ الْقَائِلِينَ إِنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَمْنَعَ امْرَأَتَهُ مِنْ رُؤْيَةِ أَخِيهَا وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ أَخُوهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى بالولد للفراش والحق بن أَمَةِ زَمْعَةَ بِفِرَاشِ زَمْعَةَ قَالُوا وَمَا حَكَمَ بِهِ فَهُوَ الْحَقُّ لَا شَكَّ فِيهِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ (احْتَجِبِي مِنْهُ) حُكْمٌ آخَرُ يَجُوزُ بِهِ أَنْ يَمْنَعَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ مِنْ رُؤْيَةِ أَخِيهَا وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ فِي قَوْلِهِ (احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ جَعَلَ لِلزِّنَا حُكْمًا فَحَرَّمَ بِهِ رُؤْيَةَ ذَلِكَ الْمُسْتَلْحَقِ لِأُخْتِهِ سَوْدَةَ وَقَالَ لَهَا احْتَجِبِي مِنْهُ لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ فَمَنَعَهَا مِنْ أَخِيهَا فِي الْحُكْمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَخِيهَا فِي غَيْرِ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ من زنا فِي الْبَاطِنِ إِذْ كَانَ شَبِيهًا بِعُتْبَةَ فَجَعَلُوهُ كانه اجنبي لا يراها بحكم الزنى وَجَعَلُوهُ أَخَاهَا بِالْفِرَاشِ وَزَعَمُوا أَنَّ مَا حَرَّمَهُ الحلال فالزنى أَشَدُّ تَحْرِيمًا لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَنْ قَالَ جَعْلَهُ أَخَاهَا فِي الْحُكْمِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ أَخَاهَا فِي غَيْرِ الْحُكْمِ قَوْلٌ فَاسِدٌ لا يعقل وتخليط لا يصح وَلَا يُعْقَلُ وَلَا يُفْهَمُ وَلَا يَصِحُّ عِنْدَهُ أَدْنَى تَأَمُّلٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْمُبْتَغَى هُوَ حُكْمُ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا حَكَمَ بِهِ فَهُوَ الْحَقُّ وَخِلَافُهُ بَاطِلٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُضَافَ إِلَيْهِ أَنَّهُ حَكَمَ بِشَيْءٍ وَضِدِّهِ فِي أَمْرٍ وَاحِدٍ فَيَجْعَلُهُ أَخَاهَا مِنْ وَجْهٍ وَغَيْرَ أَخِيهَا مِنْ وَجْهٍ هَذَا لَا يُعْقَلُ وَلَا تَحِلُّ إِضَافَتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَيْفَ يُحْكَمُ لِشَبَهِهِ عُتْبَةَ بِحُكْمٍ بَاطِلٍ وَسُنَّتُهُ فِي الْمُلَاعَنَةِ أَنَّهَا جَاءَتْ بِالْوَلَدِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى ذَلِكَ وَأَمْضَى حُكْمَ اللَّهِ فِيهِ وَقَدْ حَكَى الْمُزَنِيُّ عن الشافعي ان روية بن زَمْعَةَ لِسَوْدَةَ مُبَاحٌ فِي الْحُكْمِ وَلَكِنَّهُ كَرِهَهُ لِلشُّبْهَةِ وَأَمَرَهَا بِالتَّنَزُّهِ عَنْهُ اخْتِيَارًا وَهَذَا أَيْضًا وَجْهٌ مُحْتَمَلٌ وَمَا قَدَّمْنَاهُ أَصَحُّ لِأَنَّ سَوْدَةَ لَمْ تَعْرِفْهُ وَلَمْ تَقُلْ إِنَّهُ أَخُوهَا وَلَمْ يَلْزَمْهَا إِقْرَارُ أَخِيهَا وَقَدْ مَضَى فِي ذَلِكَ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَبَيَانٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حدثني الخشني قال حدثني بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ يَعْقُوبَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ زَنَا بِامْرَأَةٍ حرة او بامة قوم فالولد ولد زنا لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الحجر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 168 قال سفيان قال بن أَبِي نَجِيحٍ قَالَ أَوَّلُ حُكْمٍ بُدِّلَ فِي الْإِسْلَامِ اسْتِلْحَاقُ مُعَاوِيَةَ زِيَادًا وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ أَوَّلُ قَضَاءٍ عَلِمْتُهُ مِنْ قَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ دَعْوَةِ زِيَادٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - قوله (الولد لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ) وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيجَابُ الرَّجْمِ عَلَى الزَّانِي إِذَا كَانَ مُحْصَنًا دُونَ الْبِكْرِ وَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْبِكْرَ لَا رَجْمَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ (الولد لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ) أَيْ أَنَّ الزَّانِيَ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْوَلَدِ إِذَا ادَّعَاهُ عَلَى حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ كَقَوْلِهِمْ (بِفِيكَ الْحَجَرُ) أَيْ لَا شَيْءَ لَكَ مِمَّا قُلْتَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ |