مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ
يُلِيطُ أَوْلَادَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنِ ادَّعَاهُمْ فِي الْإِسْلَامِ فَأَتَى رَجُلَانِ كِلَاهُمَا يَدَّعِي وَلَدَ امْرَأَةٍ
فَدَعَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَائِفًا فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَقَالَ الْقَائِفُ لَقَدِ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ
يُلِيطُ أَوْلَادَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنِ ادَّعَاهُمْ فِي الْإِسْلَامِ فَأَتَى رَجُلَانِ كِلَاهُمَا يَدَّعِي وَلَدَ امْرَأَةٍ
فَدَعَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَائِفًا فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَقَالَ الْقَائِفُ لَقَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ فَضَرَبَهُ عُمَرُ
بْنُ الْخَطَّابِ بِالدِّرَّةِ ثُمَّ دَعَا الْمَرْأَةَ فَقَالَ أَخْبِرِينِي خَبَرَكِ فَقَالَتْ كَانَ هَذَا لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ
يَأْتِينِي وَهِيَ فِي إِبِلٍ لِأَهْلِهَا فَلَا يُفَارِقُهَا حَتَّى يَظُنَّ وَتَظُنَّ أَنَّهُ قَدِ اسْتَمَرَّ بِهَا حَبَلٌ ثُمَّ
انْصَرَفَ عَنْهَا فَأُهْرِيقَتْ عَلَيْهِ دِمَاءٌ ثُمَّ خَلَفَ عَلَيْهَا هَذَا تَعْنِي الْآخَرَ فَلَا أَدْرِي مِنْ
أَيِّهِمَا هُوَ قَالَ فَكَبَّرَ الْقَائِفُ فَقَالَ عُمَرُ لِلْغُلَامِ وَالِ أَيَّهُمَا شِئْتَ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 171
قال ابو عمر روى هذا الحديث بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ
بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ سَوَاءٌ فَقَالَ سُفْيَانُ جَعَلَهُ عُمَرُ بَيْنَهُمَا يَرِثَانِهِ وَيَرِثُهُمَا حِينَ اشْتَرَكَا
فِيهِ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ لِلَّذِي أَتَاهَا أَحْرَى قَالَ سُفْيَانُ وَقَوْلُهُ (وَالِ أَيَّهُمَا شِئْتَ) أَيِ انْتَسِبْ
إِلَى أَيِّهِمَا شِئْتَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُلِيطُ أَوْلَادَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنِ ادَّعَاهُمْ
فِي الْإِسْلَامِ فَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ أَنَّ هَذَا مِنْهُ كَانَ خَاصًّا فِي وِلَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ حَيْثُ لَمْ
يَكُنْ فِرَاشٌ
وَأَمَّا فِي وِلَادَةِ الْإِسْلَامِ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنْ يلحق ولد من زنا
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي الْمَيْمُونُ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ حَدَّثَنِي الطَّحَاوِيُّ قَالَ
حَدَّثَنِي الْمُزَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي
يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى شَيْخٍ مَنْ بَنِي زُهْرَةَ - مِنْ أَهْلِ
دَارِنَا فَذَهَبْتُ مَعَ الشَّيْخِ إِلَى عُمَرَ وَهُوَ فِي الْحِجْرِ فَسَأَلَهُ عَنْ وِلَادٍ مِنْ وِلَادِ الْجَاهِلِيَّةِ
قَالَ وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا نُكِحَتْ بِغَيْرِ عِدَّةٍ فَقَالَ
الرَّجُلُ أَمَّا النُّطْفَةُ فَمِنْ فُلَانٍ وَأَمَّا الْوَلَدُ فَهُوَ عَلَى فِرَاشِ فُلَانٍ فَقَالَ عُمَرُ صَدَقْتَ
وَلَكِنْ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حدثني الخشني قال حدثني بْنُ أَبِي عُمَرَ
قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
الْحِجْرَ فَأَرْسَلَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ بَنِي زُهْرَةَ يَسْأَلُهُ عَنْ وِلَادٍ مِنْ وِلَادِ الْجَاهِلِيَّةِ فَخَرَجَ إِلَيَّ
فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَأَتَاهُ وَهُوَ فِي الْحِجْرِ فَسَأَلَهُ وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ أَوْ طَلَّقَ
لَمْ تَعْتَدَّ امْرَأَتُهُ فَقَالَ أَمَّا النُّطْفَةُ فَمِنْ فُلَانٍ وَأَمَّا الْفِرَاشُ فَلِفُلَانٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ صَدَقْتَ
وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَلْتَفِتْ عُمَرُ إِلَى قَوْلِ الْقَائِفِ مَعَ الْفِرَاشِ وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ النَّاسِ
وَأَمَّا الْقَوْلُ بِالْقَافَةِ فَأَبَاهُ الْكُوفِيُّونَ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَرَوَوْا عَنْ عُمَرَ مِنْ حَدِيثِ
الشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِرَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا وَلَدَ امْرَأَةٍ هُوَ ابْنُكُمَا وَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْكُمَا
وَذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أَتَاهُ رَجُلَانِ وَقَعَا عَلَى امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَقَالَ الْوَلَدُ بَيْنَكُمَا
وَهُوَ لِلْبَاقِي منكما
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 172
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ هُوَ ابْنُهُمَا يَرِثَانِهِ وَيَرِثُهُمَا
وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِي رَجُلَيْنِ تَنَازَعَا وَلَدًا يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِنَّهُ وُلِدَ عَلَى
فِرَاشِهِ إِلَّا أَنَّهُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا قَالَ هُوَ لِلَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ إِذَا وَضَعَتْهُ فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ
فَإِنْ كَانَ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ
قَالَ هَذَا فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ الْجَارِيَةَ مِنَ الرَّجُلِ ثُمَّ يَدَّعِي وَلَدَهَا وَيَدَّعِي الْمُشْتَرِي
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ فِي الْوَلَدِ يَدَّعِيهِ الرَّجُلَانِ أَنَّهُ يَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبَ ذَكَرٍ
تَامٍّ وَهُمَا جَمِيعًا يَرِثَانِهِ الثُّلُثَ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا فَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا وَمَنْ نَفَاهُ أَحَدُهُمَا لَمْ
يُضْرَبِ الْحَدَّ حَتَّى يَنْفِيَهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَإِذَا صَارَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يَرِثُ إِخْوَتَهُ مِنَ
الْمَيِّتِ وَلَا يَرِثُونَهُ لِأَنَّهُ يَحْجُبُهُمْ أَبُوهُ الْحَيُّ وَيَرِثُهُمْ هُوَ لِأَنَّهُ أَخُوهُمْ ويكون ميراثه
الباقي وَعَقْلُهُ عَلَيْهِ فَإِذَا مَاتَ الْآخَرُ مِنَ الْأَبَوَيْنِ صَارَ عَقْلُهُ وَمِيرَاثُهُ لِلْإِخْوَةِ مِنَ
الْأَبَوَيْنِ جَمِيعًا
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يقضى ببقول الْقَافَةِ فِي شَيْءٍ لَا فِي نَسَبٍ
وَلَا فِي غَيْرِهِ
قَالُوا وَإِنِ ادَّعَى رَجُلَانِ مُسْلِمَانِ وَلَدًا جُعِلَ بَيْنَهُمَا وَجُعِلَتِ الْأَمَةُ أَمَّ وَلَدٍ لَهُمَا
فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً وَادَّعَوْا وَلَدًا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ
وَقَالَ محمد يكون بن الثَّلَاثَةِ إِذَا ادَّعَوْهُ مَعًا كَمَا يَكُونُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ
وَلَوْ كَانَتِ الْأَمَةُ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فجاءت بولد فادعياه جميعا فانه يجعل بن الْمُسْلِمِ
مِنْهُمَا عِنْدَهُمْ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْأَمَةِ لِشَرِيكِهِ وَنِصْفَ الْعَقْدِ
وَقَالَ زُفَرُ يَكُونُ ابْنَهُمَا جَمِيعًا وَيَكُونُ مُسْلِمًا وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَاخْتَارَهُ
الطَّحَاوِيُّ
وَأَمَّا قَوْلُ أَهْلِ الْحِجَازِ في القضاء بالقافة
فروي عن عمر وبن عَبَّاسٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ
وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ
وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَبِهِ قَضَى فِي مَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ
وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ مَنْ لَا يَرَى الْقَوْلَ بِالْقَافَةِ أَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا ضَرَبَ الْقَائِفَ بِالدِّرَّةِ لِأَنَّهُ لَمْ
يَرَ قَوْلَهُ شَيْئًا يُعْمَلُ بِهِ وَهَذَا تَعَسَّفٌ يُشْبِهُ التَّجَاهُلَ لِأَنَّ قَضَاءَ عُمَرَ بِالْقَافَةِ أَشْهَرُ
وَأَعْرَفُ مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ إِلَيْهِ إِلَى شَاهِدٍ بل انما ضربه بقولهف (اشْتَرَكَا فِيهِ) وَكَانَ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 173
يَظُنُّ أَنَّ مَاءَيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي وَلَدٍ وَاحِدٍ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى (إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ
وَأُنْثَى) الْحُجُرَاتِ 13 وَلَمْ يَقُلْ مِنْ ذَكَرَيْنِ وَأُنْثَى
أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَضَى بِقَوْلِ الْقَائِفِ وَقَالَ (وَالِ أَيَّهُمَا شِئْتَ)
قَالَ أَحْمَدُ إِذَا ادَّعَى اللَّقِيطَ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ أَرَى الْقَافَةَ فَبِأَيِّهِمْ أَلْحَقُوهُ لَحِقَ بِهِ
وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ واصحاب إِذَا قَالَتِ الْقَافَةُ قَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ أَنْ يوقف الصبي
حتى يبلغ فيه فيقال لَهُ (وَالِ أَيَّهُمَا شِئْتَ) وَإِنَّهُ إِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَالْمُوَالَاةِ كَانَ
مِيرَاثُهُ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ
وَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ وَقَفَ مِيرَاثُ الْوَلَدِ مِنْهُ فَإِنْ وَالَاهُ أَخَذَ مِيرَاثَهُ وَإِنْ وَالَى الْحَيَّ
لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ مِيرَاثِ الْمَيِّتِ شَيْءٌ
وَإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا قبل البلوغ فها هنا اخْتَلَفُوا وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَهُمْ
فِي كِتَابِ (اخْتِلَافِ أَقْوَالِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ)
وَاخْتَلَفُوا هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَائِفِ الْوَاحِدِ أَمْ لَا
فَعِنْدَ مَالِكٍ فِيهِ روايتان
(احدهما) لَا يُقْبَلُ إِلَّا قَائِفَانِ
(وَالْأُخْرَى) يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَائِفِ الْوَاحِدِ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ كَالْحَاكِمِ لَا كَالشُّهُودِ
وَهُوَ الْأَشْهَرُ عَنْ مَالِكٍ وعليه اكثر اصحابهف
وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ عُمَرَ وَمَنْ لَمْ يَقْبَلْ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِيهِ إِلَّا قَائِفِينَ جَعَلَهُمَا
كَالشَّاهِدَيْنِ وَهُوَ عِنْدِي أَحْوَطُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي أَنَّ الْوَلَدَ إِذَا كَانَ صَغِيرًا انْتُظِرَ بِهِ الْبُلُوغُ كَقَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءً فَلَا
يَكُونُ ابْنًا لَهُمَا وَلَكِنْ يُوَالِي مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا عَلَى مَا رَوَى أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَنْ عُمَرَ -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
وَفِي دُعَاءِ عُمَرَ لَهُ الْقَافَةُ حِينَ ادَّعَاهُ اثْنَانِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ ابْنًا لِاثْنَيْنِ أَبَدًا
وَإِنَّمَا دَعَا لَهُ الْقَائِفُ لِيُلْحِقَهُ بِأَحَدِهِمَا فَلَمَّا قَالَ اشْتَرَكَا فِيهِ قَالَ لَهُ وَالِ أَيَّهُمَا شِئْتَ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ
مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) الْأَحْزَابِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 174
قَالَ لَمْ أَجِدِ اللَّهَ تَعَالَى وَلَا رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسَبَا أَحَدًا إِلَّا إِلَى أَبٍ
وَاحِدٍ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ يَكُونُ ابْنَهُمَا إِذَا قَالَ الْقَائِفُ قَدِ اشْتَرَكَ فِيهِ يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ جَعَلَهُ ابْنَهُمَا
وَاخْتَلَفَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ فِي الْقَضَاءِ بِالْقَافَةِ فِي أَوْلَادِ الْحَرَائِرِ
فَقَالَ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ لَيْسَ لِلْقَافَةِ فِي أَوْلَادِ الْحَرَائِرِ قَوْلٌ وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ فِي
الْإِمَاءِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْحَرَائِرُ وَالْإِمَاءُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ إِذَا أَمْكَنَتِ الدَّعْوَى بِهِ
وَقَالَ أَشْهَبُ مَا كَانَتِ الْقَافَةُ إِلَّا فِي الْحَرَائِرِ وَبِهِ نَقُولُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا ادَّعَى الْحُرُّ وَالْعَبْدُ أَوِ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ مَوْلُودًا - قَدْ وَجَدَ لَقِيطًا فَلَا
فَرْقَ بَيْنَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَمَا لَا يَكُونُ بَيْنَهُمْ فَرْقٌ فِيمَا يَمْلِكُونَ - فَرَآهُ الْقَافَةُ فَإِنْ أَلْحَقُوهُ
بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَهُوَ ابْنُهُ أَبَدًا وَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِأَكْثَرَ لَمْ يكن بن وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ
فَيَنْتَسِبَ إِلَى أَيِّهِمْ شَاءَ وَيَكُونُ ابْنَهُ وَتَنْقَطِعُ عَنْهُ دَعْوَى الْآخَرِ وَهُوَ حُرٌّ فِي كُلِّ حَالَاتِهِ
بِأَيِّهِمْ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ لِأَنَّ أَصْلَ النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ حَتَّى يَعْلَمَ العبودية
ومن الحجة في القضاء بالقافة مع مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ الله
عنهم - حديث بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَقَالَ (أَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ مُجَزِّزٌ
الْمُدْلِجِيُّ لِزَيْدٍ وَأُسَامَةَ - وَرَأَى أَقْدَامَهُمَا فَقَالَ - إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بعض)
رواه جماعة من ثقات اصحاب بن شِهَابٍ عَنْهُ
وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ بن سِيرِينَ أَنَّ عُمَرَ دَعَا الْقَافَةَ فَرَأَوْا شَبَهَ الْوَلَدِ فِي
الرَّجُلَيْنِ وَرَأَى عُمَرُ مِثْلَ مَا رَأَتِ الْقَافَةُ قَالَ قَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ الْكَلْبَةَ تُلْقَحُ الْأَكْلُبَ
فَيَكُونُ كُلُّ جَرْوٍ لِأَبِيهِ وَمَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ مَاءَيْنِ يَجْتَمِعَانِ فِي وَلَدٍ وَاحِدٍ
وَمَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ فِي هَذَا أَمْرٌ لَا
أَقْضِي فِيهِ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ لِلْغُلَامِ اجْعَلْ نَفْسَكَ حَيْثُ شِئْتَ
وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا وَلَدًا فَدَعَا عُمَرُ بِالْقَافَةِ
وَاقْتَدَى فِي ذَلِكَ بِنَظَرِ الْقَافَةِ وَأَلْحَقَهُ بِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ
وَمَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي رَجُلٍ وَقَعَ عَلَى أَمَةٍ فِي عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا فَقَالَ يُدْعَى لِوَلَدِهَا
الْقَافَةُ فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَمَنْ بَعْدَهُ قَدْ أَخَذُوا بِنَظَرِ الْقَافَةِ فِي مِثْلِ هَذَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ حَسَنٌ أَخَذَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ
الْحَدِيثِ بِهِ وَمِنْ أَهْلِ الظاهر
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 175
وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ صَالِحِ بْنِ يَحْيَى عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ كَانَ عَلِيٌّ -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالْيَمَنِ فَأُتِيَ بِامْرَأَةٍ وَطِئَهَا ثَلَاثَةٌ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَسَأَلَ كُلَّ واحد
مِنْهُمْ أَنْ يُقِرَّ لِصَاحِبِهِ فَأَبَى فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ وَقَضَى بِالْوَلَدِ لِلَّذِي أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ وَجَعَلَ
عَلَيْهِ ثُلُثَيِ الدِّيَةِ فَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْجَبَهُ وَضَحِكَ حَتَّى
بَدَتْ نواجذه
ورواه بن عُيَيْنَةَ عَنِ الْأَجْلَحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنْدِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
الْخَلِيلِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ أُتِيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالْيَمَنِ
فِي ثَلَاثَةِ نَفَرٍ وَقَعُوا عَلَى جَارِيَةٍ فِي طهر واحد فجاءت بولد فجاؤوا يَخْتَصِمُونَ فِي
وَلَدِهَا فَقَالَ عَلِيٌّ لِأَحَدِهِمْ تَطِيبُ نَفْسًا وَتَدَعُهُ لِهَذَيْنَ فَقَالَ لَا وَقَالَ لِلْآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ
لَا وَقَالَ لِلْآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ لَا فَقَالَ أَنْتُمْ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ واني اقرع بينكم فأيكم
اصابته القزعة أَلْزَمْتُهُ الْوَلَدَ وَغَرَّمْتُهُ ثُلُثَيِ الْقِيمَةِ أَوْ قَالَ ثُلُثَيْ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ فَلَمَّا قَدِمُوا
عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ وَقَالَ (مَا أَعْلَمُ فِيهَا
غَيْرَ مَا قَالَ عَلِيٌّ)