قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَهْلِكُ وَلَهُ بَنُونَ فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ قَدْ أَقَرَّ أَبِي أَنَّ فُلَانًا ابْنُهُ إِنَّ ذَلِكَ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ إِنْسَانٍ وَاحِدٍ وَلَا يَجُوزُ إِقْرَارُ الَّذِي أَقَرَّ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ فِي حِصَّتِهِ مِنْ مَالِ أَبِيهِ (...) |
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَهْلِكُ وَلَهُ بَنُونَ فَيَقُولُ
أَحَدُهُمْ قَدْ أَقَرَّ أَبِي أَنَّ فُلَانًا ابْنُهُ إِنَّ ذَلِكَ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ إِنْسَانٍ وَاحِدٍ وَلَا يَجُوزُ إِقْرَارُ الَّذِي أَقَرَّ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ فِي حِصَّتِهِ مِنْ مَالِ أَبِيهِ يُعْطَى الَّذِي شَهِدَ لَهُ قَدْرَ مَا يُصِيبُهُ مِنَ الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ يَهْلِكَ الرَّجُلُ وَيَتْرُكَ ابْنَيْنِ لَهُ وَيَتْرُكَ سِتَّمِائَةِ دِينَارٍ فيأخذ كل واحد منهما ثلاثمائة دينارظ ثُمَّ يَشْهَدُ أَحَدُهُمَا أَنَّ أَبَاهُ الْهَالِكَ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا ابْنُهُ فَيَكُونُ عَلَى الَّذِي شَهِدَ لِلَّذِي اسْتُلْحِقَ مِائَةُ دِينَارٍ وَذَلِكَ نِصْفُ مِيرَاثِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 178 الْمُسْتَلْحَقِ لَوْ لَحِقَ وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ الْآخَرُ اخذ المئة الْأُخْرَى فَاسْتَكْمَلَ حَقَّهُ وَثَبَتَ نَسَبُهُ وَهُوَ أَيْضًا بِمَنْزِلَةِ الْمَرْأَةِ تُقِرُّ بِالدَّيْنِ عَلَى أَبِيهَا أَوْ عَلَى زَوْجِهَا وَيُنْكِرُ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ فَعَلَيْهَا أَنْ تَدْفَعَ إِلَى الَّذِي أَقَرَّتْ لَهُ بِالدَّيْنِ قَدْرَ الَّذِي يُصِيبُهَا مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ لَوْ ثَبَتَ عَلَى الْوَرَثَةِ كُلِّهِمْ إِنْ كَانَتِ امْرَأَةٌ وَرِثَتِ الثَّمَنَ دَفَعَتْ إِلَى الْغَرِيمِ ثَمَنَ دَيْنِهِ وَإِنْ كَانَتِ ابْنَةً وَرِثَتِ النِّصْفَ دَفَعَتْ إِلَى الْغَرِيمِ نِصْفَ دَيْنِهِ عَلَى حِسَابِ هَذَا يَدْفَعُ إِلَيْهِ مَنْ أَقَرَّ لَهُ مِنَ النِّسَاءِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ عَلَى مِثْلِ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْمَرْأَةُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى أَبِيهِ دَيْنًا أُحْلِفَ صَاحِبُ الدَّيْنِ مَعَ شَهَادَةِ شَاهِدِهِ وَأُعْطِي الْغَرِيمُ حَقَّهُ كُلَّهُ وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الرَّجُلَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَيَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ مَعَ شَهَادَةِ شَاهِدِهِ أَنْ يَحْلِفَ وَيَأْخُذَ حَقَّهُ كُلَّهُ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ أَخَذَ مِنْ مِيرَاثِ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ قَدْرَ مَا يُصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِحَقِّهِ وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ وَجَازَ عَلَيْهِ إِقْرَارُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْمُقِرُّ بِأَخٍ مَجْهُولٍ وَلَهُ أَخٌ مَعْرُوفٌ يَجْحَدُ ذَلِكَ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ بِمَا يَلْزَمُهُ اخيه الَّذِي أَقَرَّ بِهِ فَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي مُوَطَّئِهِ أَنَّهُ يُعْطِيهِ ثُلُثَ مَا بِيَدِهِ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَخٌ لَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ بِإِقْرَارِهِ اكثر مما كان يلزمه بالبينة انه بن أَبِيهِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْكُوفِيُّونَ يَلْزَمُهُ أَنْ يُعْطِيَهُ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ شَرِيكٌ لَهُ فِيمَا تَرَكَ أَبُوهُ فَلَا يَسْتَأْثِرُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ قَالُوا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ ظُلْمِ أَخِيهِ لَهُ كَمَا يَدْخُلُ عَلَى الْمَجْحُودِ الَّذِي أَقَرَّهُ بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَلْزَمُهُ مِنْ جِهَةِ الْقَضَاءِ أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئًا لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِشَيْءٍ لَا يَسْتَحِقُّهُ إِلَّا مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ وَلَا يَسْتَحِقُّهُ إِلَّا بِإِقْرَارِ أَخِيهِ وَحْدَهُ إِذَا كَانَ ثَمَّ مِنَ الْوَرَثَةِ مَنْ يَدْفَعُهُ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ بِإِقْرَارِ أَخِيهِ وَحْدَهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا مِنَ الْمِيرَاثِ وَهَذَا أَصَحُّ مَا فِيهِ عِنْدَنَا وَإِنْ شَاءَ الْمُقِرُّ أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئًا أَعْطَاهُ وَقَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَاتَّفَقُوا أَنَّ نَسَبَ الْأَخِ الْمُقِرِّ بِهِ يَثْبُتُ لَوْ أَقَرَّ لَهُ الِابْنَانِ جَمِيعًا وَكَذَلِكَ إِذَا أَقَرَّ بِهِ جميع الورثة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 179 واختلفوا اذا جحده بعض الورثة واقر بَعْضُهُمْ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ اثْنَانِ فَصَاعِدًا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الِابْنِ الْوَاحِدِ يُقِرُّ بِهِ الْأَخُ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَارِثٌ غَيْرُهُ أَنَّهُ يَلْحَقُ نَسَبُهُ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَأَمَّا إِقْرَارُ الْوَارِثِ بِدَيْنٍ إِذَا أَنْكَرَ سَائِرُ الْوَرَثَةِ فَالَّذِي عَلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَالْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِهِمْ فِي الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَمِصْرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ مِنَ الدَّيْنِ إِلَّا مِقْدَارُ مَا يُصِيبُهُ فِي حِصَّتِهِ إِذَا كَانَتِ ابْنَةٌ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهَا فَالنِّصْفُ وَإِنْ كَانَتْ أُمًّا فَالثُّلُثُ وَإِنْ كَانَتْ زَوْجًا فَالرُّبُعُ أَوِ الثُّمُنُ وَإِنْ كَانَ أَخًا لِأُمٍّ فَالسُّدُسُ عَلَى هَذَا جَمَاعَتُهُمْ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ كَالْإِقْرَارِ بِالْوَلَدِ وَكَالْإِقْرَارِ بِالْوَصِيَّةِ الا ما ذكره بن حَبِيبٍ فَإِنَّهُ قَالَ أَصْحَابُ مَالِكٍ كُلُّهُمْ يَرَوْنَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ مَالِكٍ وَهْمًا لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ لِوَارِثٍ إِلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ قَالَ أَبُو عُمَرَ بَلْ أَصْحَابُ مَالِكٍ كُلُّهُمْ عَلَى مَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْهُمْ يُنْكِرُونَ عَلَى بن حَبِيبٍ قَوْلَهُ هَذَا وَكَانَ أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ هَاشِمٍ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ الله - ينكر على بن حَبِيبٍ كُلَّ الْإِنْكَارِ يُنْكِرُ وَيَقُولُ لَا أَعْرِفُ ما حكاه بن حَبِيبٍ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ لَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ بِالدَّيْنِ مِنَ الْوَرَثَةِ إِلَّا بِمِقْدَارِ مِيرَاثِهِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ وَغَيْرُهُمْ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ بِالدَّيْنِ أَدَاءُ الدَّيْنِ كُلِّهِ مِنْ حِصَّتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَرِثَ وَعَلَى أَبِيهِ دَيْنٌ وَجَعَلُوا الْجَاحِدَ كَالْغَاصِبِ بِبَعْضِ مَالِ الْمَيِّتِ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ يُؤَدِّي الدَّيْنَ مِمَّا بَقِيَ بَعْدَ الْغَصْبِ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ كَانَ وَارِثًا وَاحِدًا وَأَقَرَّ لَزِمَهُ الدَّيْنُ كُلُّهُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ وَلَمْ يَرِثْ إِلَّا مَا فَضَلَ عَنِ الدَّيْنِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ إِقْرَارَ الْمُقِرِّينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِمَنْزِلَةِ الْبَيِّنَةِ ثَبَتَتْ عَلَيْهِمْ بِمَا أَقَرُّوا بِهِ وَلَوْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَةُ بِالدَّيْنِ لَمْ يَلْزَمِ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ إِلَّا مِقْدَارُ حِصَّتِهِ من الميراث الجزء: 7 ¦ الصفحة: 180 وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِوَصِيَّةٍ أَوْ شَهِدَتْ بِذَلِكَ الْبَيِّنَةُ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ مِنَ الْوَرَثَةِ عَلَى الْمَيِّتِ بِالدَّيْنِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَكَانَ عَلَى كُلِّ وَارِثٍ بِمِقْدَارِ مِيرَاثِهِ وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ لَوْ كَانَا غَيْرَ عَدْلَيْنِ لَزِمَهُمَا الدَّيْنُ كُلُّهُ فِي حِصَّتَيْهِمَا وَلَمْ يَلْزَمْ سَائِرَ الْوَرَثَةِ شَيْءٌ فَكَيْفَ يَقْبَلُونَ شَهَادَةَ مَنْ إِذَا ثَبَتَتْ شَهَادَتُهُ كَانَ بِهَا جَارًا إِلَى نَفْسِهِ أَوْ دَافِعًا عَنْهَا |