مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ
قَالَ ما بال رجال يطؤون وَلَائِدَهُمْ ثُمَّ يَدْعُوهُنَّ يَخْرُجْنَ لَا تَأْتِينِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا
أَنْ قَدْ أَلَمَّ بِهَا إِلَّا قَدْ أَلْحَقْتُ بِهِ وَلَدَهَا فَأَرْسِلُوهُنَّ بَعْدُ أَوْ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ
قَالَ ما بال رجال يطؤون وَلَائِدَهُمْ ثُمَّ يَدْعُوهُنَّ يَخْرُجْنَ لَا تَأْتِينِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا
أَنْ قَدْ أَلَمَّ بِهَا إِلَّا قَدْ أَلْحَقْتُ بِهِ وَلَدَهَا فَأَرْسِلُوهُنَّ بَعْدُ أَوْ أَمْسِكُوهُنَّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا عَلَى الْقَوْلِ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي
هَذَا الْبَابِ وَالْعَزْلُ عِنْدَهُمْ وَغَيْرُ الْعَزْلِ سَوَاءٌ إِذَا أَقَرَّ بِالْوَطْءِ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ بَعْدَهُ
اسْتِبْرَاءً
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِمَا وَصَفْنَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَنْفَعُهُ
الِاسْتِبْرَاءُ لِأَنَّ الْحَامِلَ قَدْ تَحِيضُ وَمَتَى جَاءَتِ الْأَمَةُ الَّتِي أَقَرَّ سَيِّدُهَا بِوَطْئِهَا بِوَلَدٍ
لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا أُلْحِقَ بِهَا لِأَنَّهَا فِرَاشٌ لَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فَإِنْ أَنْكَرَ أَنْ تَكُونَ وَلَدَتْهُ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ إِلَّا أَنْ تَشْهَدَ امْرَأَتَانِ عَدْلَانِ
عَلَى أَنَّهَا وَلَدَتْهُ بَعْدَ إِقْرَارِهِ بِالْوَطْءِ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ يَشْهَدْنَ عِنْدَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ شَهَادَةُ
امْرَأَتَيْنِ إِلَّا مَعَ رَجُلٍ فِي الدُّيُونِ وَمَا كَانَ مثلها
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 181
وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى الْوِلَادَةِ وَعَلَى عُيُوبِ النِّسَاءِ فَلَا تَجُوزُ عِنْدَهُمْ بِالْقَوْلِ مِنْ أَرْبَعَةِ
نِسْوَةٍ
وَتَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ فِي ذَلِكَ
وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فَلَا يُلْحِقُ عِنْدَهُمْ وَلَدُ الْأَمَةِ إِلَّا بِدَعْوَى السَّيِّدِ لَهُ وَسَوَاءٌ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا أَوْ
لَمْ تُقِرَّ مَتَى نَفَاهُ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ عِنْدَهُمْ كَانَتْ مِمَّنْ يَخْرُجُ وَيَتَصَرَّفُ أَوْ لَمْ تَكُنْ
وَسَلَفُ الْكُوفِيِّينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بن عَبَّاسٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ كَمَا أَنَّ سَلَفَ أَهْلِ الْحِجَازِ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
رَوَى شُعْبَةُ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي
جَارِيَةً لَهُ فَحَمَلَتْ فَقَالَ لَيْسَ مِنِّي إِنِّي أَتَيْتُهَا إِتْيَانًا لَا أُرِيدُ بِهِ الْوَلَدَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي الْعَزْلَ
وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ
يَعْزِلُ عَنْ جَارِيَةٍ فَارِسِيَّةٍ فَجَاءَتْ بِحَمْلٍ فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ إِنِّي لَمْ أَكُنْ أُرِيدُ وَلَدَكِ
وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ وَلَدَتْ جَارِيَةٌ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَقَالَ
إِنَّهُ لَيْسَ مِنِّي وَأَنِّي كُنْتُ أَعْزِلُ عَنْهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ لِلْكُوفِيِّينَ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ بِمَا قَدْ نَقَضَهُ الشَّافِعِيُّونَ فَلَمْ
أَرَ لِذِكْرِهِ وَجْهًا
وَيَجُوزُ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ فِي الْوِلَادَةِ وَفِي عُيُوبِ النِّسَاءِ الَّتِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ
امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاءِ الثَّلَاثَةِ سَلَفٌ قَالُوا بِقَوْلِهِمْ وَعَدَدُ الشُّهُودِ
فِي الشَّهَادَاتِ أَصُولٌ فِي أَنْفُسِهَا لَا مَدْخَلَ لِلنَّظَرِ وَالْقِيَاسِ فِيهَا
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا جَنَتْ جِنَايَةً ضِمْنَ سَيِّدُهَا مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ قِيمَتِهَا
وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَ مِنْ جِنَايَتِهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جِنَايَةِ أَمِّ الْوَلَدِ
فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُوَطَّأِ قَالُوا لَا سَبِيلَ إِلَى إِسْلَامِ أَمِّ الْوَلَدِ
بِجِنَايَتِهَا وَعَلَى السَّيِّدِ الْأَقَلُّ مَنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ أَوْ قِيمَةُ رَقَبَتِهَا إِنْ جَنَتْ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ
عَلَيْهِ إِخْرَاجُ قِيمَتِهَا مَرَّةً ثَانِيَةً وَكَذَلِكَ ثَالِثَةً وَرَابِعَةً وَأَكْثَرَ
وَهُوَ قَوْلُ زَفَرَ
وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ الْمَشْهُورٌ فِي أُمِّ الْوَلَدِ أَنَّهَا لَا تَسْلَمُ بِجِنَايَتِهَا وَعَلَى سَيِّدِهَا ان
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 182
يَفْدِيَهَا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَإِنْ عَادَتْ فَجَنَتْ فَلَهُ فِيهَا قَوْلَانِ (أَحَدُهُمَا)
كَقَوْلِ مَالِكٍ (وَالْآخَرُ) أَنْ يَكُونَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ شَرِيكًا لِلْأَوَّلِ فِيمَا أَخَذَ مِنْ قِيمَتِهَا إِذَا
كَانَ الْأَوَّلُ قَدِ اسْتَوْفَى قِيمَتَهَا كُلَّهَا وَإِنْ لم يكن استوفاها غرم السيد بقيمة قِيمَتِهَا
وَرَجَعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فَشَارَكَهُ بِبَاقِي أَرْشِ جِنَايَتِهِ وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا
جَنَتْ أَيْضًا
وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ أَنَّهُ لَا يُسَلِّمُهَا سَيِّدُهَا أَبَدًا لِجِنَايَتِهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يَفْتَدِيَهَا
بِالْأَقَلِّ مَنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ أَوْ قِيمَةِ رَقَبَتِهَا فَإِنْ جَنَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ شَرِيكُ
الْأَوَّلِ
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي جِنَايَةِ أَمِّ الْوَلَدِ يُخَيَّرُ مَوْلَاهَا بَيْنَ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهَا جِنَايَتَهَا
وَبَيْنَ رَقَبَتِهَا فَإِنْ شَاءَ أَنْ يُخَلِّيَهَا سَعَى فِي قِيمَتِهَا لَيْسَ عَلَى الْمَوْلَى
وَرَوَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ سَأَلْتُ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّ
وَلَدٍ قَتَلَتْ رَجُلًا فَقَالَ لِمَوْلَاهُ أَدِّ دِيَةَ قَتِيلِهَا فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَإِلَّا أَعْتَقَهَا عَلَيْهِ وَجَعَلَ دِيَةَ
قَتِيلِهَا عَلَى عَاقِلَتِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَرَى بَيْعَ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَلَا يَقُولُ بِعِتْقِهِنَّ