مالك عن بن شِهَابٍ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ خَشَبَةً يَغْرِزُهَا فِي جداره) ثم يقول ابو هريرة مالي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ وَاللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أكتافكم يحيى هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا (...) |
مالك عن بن شِهَابٍ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ خَشَبَةً يَغْرِزُهَا فِي جداره) ثم يقول ابو هريرة مالي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ وَاللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أكتافكم يحيى هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي (الْمُوَطَّأِ) وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ إِسْنَادٌ آخَرُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْإِسْنَادُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَحْفُوظُ عَلَى أَنَّهُ قَدِ اختلف فيه عن بن شِهَابٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي (التَّمْهِيدِ) وَقَالَ جماعة من اصحاب بن شِهَابٍ فِيهِ إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ فَلَا يَمْنَعْهُ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِيهِ مَنْ سَأَلَهُ جَارُهُ وَإِذَا سَأَلَ أَحَدُكُمْ جَارَهُ وَالْمَعْنَى كُلُّهُ سَوَاءٌ قَالَ يُونُسُ بن عبد الاعلى سالت بن وَهْبٍ عَنْ خَشَبَةٍ أَوْ خَشَبَةَ فَقَالَ سَمِعْتُهُ مِنْ جَمَاعَةٍ خَشَبَةٍ يَعْنِي عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدِ واختلف الفقهاء فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ مَعْنَاهُ النَّدْبُ إِلَى بِرِّ الْجَارِ وَالتَّجَاوُزِ لَهُ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَمِنْ حُجَّتِهِمْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَحْلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ منه) وذكر بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَيْسَ يُقْضَى عَلَى رَجُلٍ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ لِجَارِهِ وَإِنَّمَا نَرَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الْوِصَايَةِ بِالْجَارِ قَالَ وَمَنْ أَعَارَ صَاحِبَهُ خَشَبَةً يَغْرِزُهَا فِي جِدَارِهِ ثُمَّ أَغْضَبَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَنْزِعَهَا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَأَمَّا إِنِ احْتَاجَ إِلَى ذَلِكَ بِأَمْرٍ نَزَلَ بِهِ فَذَلِكَ لَهُ قَالَ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ دَارَهُ فَقَالَ انْزِعْ خَشَبَكَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ الِاخْتِيَارُ وَالنَّدْبُ في اسعاف الجزء: 7 ¦ الصفحة: 192 الْجَارِ وَبِرِّهِ - إِذَا سَأَلَهُ ذَلِكَ - وَهُوَ مِثْلُ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمُ امْرَأَتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا) وَهَذَا مَعْنَاهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ النَّدْبُ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَاهُ الزَّوْجُ مِنَ الصَّلَاحِ وَالْخَيْرِ فِي ذلك وقال بن الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ) قَالَ مَالِكٌ مَا أَرَى أَنْ يُقْضَى بِهِ وَمَا أَرَاهُ إِلَّا مِنْ وَجْهِ الْمَعْرُوفِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم قال بن الْقَاسِمِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ كَانَ لَهُ حَائِطٌ فَأَرَادَ جَارُهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ سُتْرَةً يَسْتَتِرُ بِهَا مِنْهُ قَالَ لَا أَرَى ذَلِكَ لَهُ إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَقَالَ آخَرُونَ ذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ إِذَا لَمْ تَكُنْ فِي ذَلِكَ مَضَرَّةٌ بَيِّنَةٌ عَلَى صَاحِبِ الْجِدَارِ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يَمْنَعَ الْجَارُ جَارَهُ مِنْ ذَلِكَ أَلَا تَرَى ان هُرَيْرَةَ رَأَى الْحُجَّةَ فِيمَا سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا أَرَى مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ وَاللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ وَهَذَا بَيِّنٌ فِي حَمْلِهِ ذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَوْ كَرِهُوا وَلَوْلَا أَنَّهُ فَهِمَ فِيمَا سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَى الْوُجُوبِ مَا كَانَ لِيُوجِبَ عَلَيْهِمْ غَيْرَ وَاجِبٍ وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَضَى بِهِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ لِلضَّحَّاكِ بْنِ خَلِيفَةَ وَقَضَى بِمِثْلِ ذَلِكَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَلَى جَدِّ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ الْأَنْصَارِيِّ وَالْقَضَاءُ بِالْمِرْفَقِ خَارِجٌ بِالسُّنَّةِ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِ (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) لِأَنَّ هَذَا مَعْنَاهُ التَّمْلِيكُ وَالِاسْتِهْلَاكُ وَلَيْسَ الْمِرْفَقُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَرَّقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا فَغَيْرُ وَاجِبٍ أَنْ يُجْمَعَ مَا فَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَكَى مَالِكٌ أَنَّهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ قاض يقضي به يسمى (المطلب) وروى بن نَافِعٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَمْنَعُ احدكم جاره الجزء: 7 ¦ الصفحة: 193 أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ) هَلْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى وَجْهِ الْوِصَايَةِ بِالْجَارِ أَمْ يَقْضِي بِهِ الْقُضَاةُ فَقَالَ أَرَى ذَلِكَ أَمْرًا دَلَّ النَّاسَ عَلَيْهِ وَأُمِرُوا بِهِ فِي حَقِّ الْجَارِ قِيلَ أَفَتَرَى أَنْ يَقْضِيَ بِهِ الْقُضَاةُ قَالَ قَدْ كَانَ الْمُطَّلِبُ يَقْضِي بِهِ عِنْدَنَا وَمَا أَرَاهُ إِلَّا دَلِيلًا عَلَى الْمَعْرُوفِ وَإِنِّي مِنْهُ لَفِي شَكٍّ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا الخشني قال حدثنا بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ فَلَا يَمْنَعْهُ) فَلَمَّا حَدَّثَهُمْ أَبُو هريرة نكسوا رؤوسهم وطأطأوها فقال مالي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ وَاللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ وَقَالَ الرَّبِيعُ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَنِ الشَّافِعِيِّ لَيْسَ لِلْجَارِ أَنْ يَمْنَعَ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذلك وروى الشافعي وغيره عن بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ فَأَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِ جَارِهِ فَمَنَعَهُ فَخَاصَمَهُ وَجَاءَ بِالْبَيِّنَةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَى لَهُ عَلَيْهِ |