قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ هَلَكَ وَتَرَكَ أَمْوَالًا بِالْعَالِيَةِ وَالسَّافِلَةِ إِنَّ الْبَعْلَ لَا يُقْسَمُ مَعَ النَّضْحِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى أَهْلُهُ بِذَلِكَ وَإِنَّ الْبَعْلَ يُقْسَمُ مَعَ الْعَيْنِ إِذَا كَانَ يُشْبِهُهَا وَإِنَّ الْأَمْوَالَ إِذَا كَانَتْ بِأَرْضٍ وَاحِدَةٍ الَّذِي بَيْنَهُمَا مُتَقَارِبٌ أَنَّهُ (...) |
قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ هَلَكَ وَتَرَكَ أَمْوَالًا بِالْعَالِيَةِ وَالسَّافِلَةِ إِنَّ الْبَعْلَ لَا يُقْسَمُ مَعَ
النَّضْحِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى أَهْلُهُ بِذَلِكَ وَإِنَّ الْبَعْلَ يُقْسَمُ مَعَ الْعَيْنِ إِذَا كَانَ يُشْبِهُهَا وَإِنَّ الْأَمْوَالَ إِذَا كَانَتْ بِأَرْضٍ وَاحِدَةٍ الَّذِي بَيْنَهُمَا مُتَقَارِبٌ أَنَّهُ يُقَامُ كُلُّ مَالٍ مِنْهَا ثُمَّ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ وَالْمَسَاكِنُ وَالدُّورُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي قِسْمَةِ الْأَرَضِينَ وَالدُّورِ عَلَى مَا أَصِفُ لَكَ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ ما ذكره بن الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إِذَا كَانَتِ الدُّورُ مُتَقَارِبَةً وَالْغَرَضُ فِيهَا مُتَقَارِبًا قُسِمَتْ قَسْمًا وَاحِدًا وَإِنِ افْتَرَقَتِ الْبِقَاعُ وَاخْتَلَفَتِ الْأَغْرَاضُ قُسِمَتْ كُلُّ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ وَكَذَلِكَ الْأَرَضُونَ وَالْقُرَى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 201 وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا تُقْسَمُ كُلُّ دَارٍ وَكُلُّ ضَيْعَةٍ عَلَى حِدَةٍ وَلَا يُقْسَمُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ كُلَّ بُقْعَةٍ وَدَارٍ تُعْتَبَرُ بِهَا عَلَى نَفْسِهَا لَا تَتَعَلَّقُ الشُّفْعَةُ دُونَ غَيْرِهَا وَاخْتَلَفُوا فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ مِنَ الدُّورِ إِلَّا عَلَى ضَرَرٍ بِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ بِهِمَا مَعًا فَقَالَ مَالِكٌ مَا لَا يَنْتَفِعُ بِمَا يُقْسَمُ مِنْهُ أُجْبِرَا جَمِيعًا عَلَى الْبَيْعِ إِذَا أَحَبَّا الْقِسْمَةَ وَاقْتَسَمَا الثَّمَنَ وَكَذَلِكَ الثِّيَابَ وَالْحَيَوَانَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ إِنِ اتَّفَقَا عَلَى قِسْمَةِ مَا لَا يَنْتَفِعَانِ بِهِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يَمْلِكَانِهِ قُسِمَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ أَبَيَا مِنْ قِسْمَةِ مَا فِيهِ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا ضَرَرٌ فِي الْقِسْمَةِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْبَيْعِ ولا على القسمة ان شاء حُبِسَا وَإِنْ شَاءَا بَاعَا وَإِنْ شَاءَا قَسَمَا ولا يجبران على البيع ولا الْقِسْمَةِ وَلَا فِي الْحَيَوَانِ وَلَا فِي الثِّيَابِ وَلَا فِي شَيْءٍ لِأَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) النِّسَاءِ 29 وَاخْتَلَفُوا إِنِ انْتَفَعَ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِنَصِيبِهِ مِنَ الدَّارِ وَالْحَانُوتِ وَسَائِرِ الْعَقَارِ وَلَمْ يَنْتَفِعِ الْآخَرُ وَطَلَبُوا جَمِيعًا الْقِسْمَةَ فَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ أَنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ وَقَالَ بن الْقَاسِمِ لَا يُقْسَمُ حَتَّى يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِذَا طَلَبَ مَنْ يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِهِ الْقِسْمَةَ قُسِمَ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعِ الْآخَرُ وَتُقْسَمُ الْعَرْصَةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِنَصِيبِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إِذَا طَلَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْقِسْمَةَ خِلَافَ المنزل قال ولا يقسم الطريق بِالْإِجْمَاعِ مِنَ الشُّرَكَاءِ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْحَمَّامِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ إِنَّهُ يُقْسَمُ قَالَ بن الْقَاسِمِ وَأَرَى الْحَائِطَ يُقْسَمُ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُقْسَمُ الْحَائِطُ وَالطَّرِيقُ إِلَّا أَنْ يَتَرَاضَى الْوَرَثَةُ عَلَى قِسْمَتِهِ أَمَّا الْحَمَّامُ فَهُوَ عَرْصَةٌ كَالْبَيْتِ الصَّغِيرِ وَقَالَ اللَّيْثُ مَا كَانَ يَنْقَسِمُ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ وَلَا يُبَاعُ وَمَا كَانَ مِنْ دَارٍ لَا تَنْقَسِمُ وَالْحَمَّامُ وَالْحَانُوتُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُقْسَمُ الثَّمَنُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ بِأَغْلَى مَا يُوجَدُ مِنَ الثَّمَنِ فَيَكُونَ أَوْلَى قال ابو عمر روى بن الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْحَمَّامَ لَا يُقْسَمُ لانه يصير غير حمام الجزء: 7 ¦ الصفحة: 202 وروى بن الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَنْهُ أَنَّهُ يُقْسَمُ وَهُوَ قَوْلُ اشهب وقال بن الْقَاسِمِ لَا يُقْسَمُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا كَانَ واحد منهم ينتفع بنصيبه قِسْمَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعِ الْبَاقُونَ بِمَا يَصِيرُ إِلَيْهِمْ - يَعْنِي إِذَا تَرَاضَوْا عَلَى ذَلِكَ - فَإِذَا لَمْ يَتَرَاضَوْا بِالْقِسْمَةِ لِمَا عَلَيْهِمْ فِيهَا مِنَ الضَّرَرِ وَطَلَبَهَا أَحَدُهُمْ مِمَّنْ لَهُ فِي الْقِسْمَةِ نَفْعٌ بِنَصِيبِهِ أَوْ لَا نَفْعَ لَهُ لَمْ يُجْبَرُوا إِلَّا أَنْ يَكُونُوا إِذَا اجْتَمَعَ الَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ الْقِسْمَةَ فَيَنْتَفِعُوا بِنَصِيبِهِمْ فَيَجْمَعَهُمْ فَيَبْرُزَ لِلطَّالِبِ نُصِيبُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ مَنْ رَأَى قِسْمَةَ الْعَقَارِ كُلِّهِ وَإِنْ غَيَّرَتْهُ الْقِسْمَةُ عَنِ اسْمِهِ وَحَالِهِ إِذَا دَعَا أَحَدُ الشُّرَكَاءِ إِلَى ذَلِكَ بِظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا) النِّسَاءِ 7 وَاحْتَجَّ مَنْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ) وَهُوَ لَفْظٌ مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ لَا حُجَّةَ فِيهِ وَأَحْسَنُ مِنْهُ وَأَوْضَحُ مَا رواه بن جُرَيْجٍ عَنْ صِدِّيقِ بْنِ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بن حزم عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا تَعْضِيَةَ عَلَى أَهْلِ الْمَوَارِيثِ إِلَّا مَا حَمَلَ الْقَسْمُ) وَالتَّعْضِيَةُ التَّفْرِقَةُ فِي اللُّغَةِ يَقُولُ لَا قِسْمَةَ بَيْنَهُمْ إِلَّا فِيمَا احْتَمَلَ الْقَسْمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا اخْتِلَافُ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي قِسْمَةِ الْأَرْضِ الْبَعْلُ مِنْهَا والسقي فذكر بن عَبْدُوسٍ عَنْ سَحْنُونٍ فِي قَوْلِ مَالِكٍ فِي مُوَطَّئِهِ لَا يُقْسَمُ النَّضْحُ مَعَ الْبَعْلِ إِلَّا أَنْ يَرْضَى أَهْلُهُ بِذَلِكَ قَالَ سَحْنُونٌ فَحَمَلَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ عَلَى أَنَّ الشُّرَكَاءَ تَرَاضَوْا بِذَلِكَ واما بالسهم فلا ينبغي قال بن عَبْدُوسٍ وَأَصْحَابُ مَالِكٍ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا أَشْهَبَ فَإِنَّهُ يَقُولُ يَجْمَعُ لِمَنْ أَرَادَ الْجَمْعَ وَيُفَرِّقُ لِمَنْ أَرَادَ التَّفْرِقَةَ وَهُوَ خِلَافٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ حَيْثُ يَقُولُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِي القسم قال بن عَبْدُوسٍ وَمَعْنَى قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ يَجْعَلُ سَهْمَ الَّذِينَ أَرَادُوا الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا وَاحِدًا وَسَهْمُ الَّذِينَ أَرَادُوا التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا خِلَافٌ وَهُوَ خِلَافُ جَمِيعِ اصحاب مالك الجزء: 7 ¦ الصفحة: 203 وذكر سحنون عن بن الْقَاسِمِ قَالَ إِذَا كَانَتِ الْمَوَاضِعُ مُخْتَلِفَةً وَكَانَتْ قَرِيبَةً قُسِمَتْ كُلُّ أَرْضٍ عَلَى حِدَتِهَا وَإِنْ كَانَتِ الْمَوَاضِعُ قَرِيبًا بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَكَانَتْ فِي الْكَرْمِ سَوَاءً جَمَعَ فِي الْقَسْمِ قَالَ سَحْنُونٌ لَا نَعْرِفُ هَذَا وَالَّذِي نَعْرِفُهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْأَرْضَ إِذَا تَقَارَبَتْ مَوَاضِعُهَا وَكَانَتْ فِي نَمَطٍ وَاحِدٍ قُسِمَتْ قَسْمًا وَاحِدًا وَإِنِ اخْتَلَفَتْ فِي الْقِيمَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ إِذَا تَقَارَبَتِ الْمَوَاضِعُ قُسِمَتْ قَسْمًا وَاحِدًا وَإِنِ اخْتَلَفَتْ فِي الْكَرْمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتِلَافُهُمْ فِي قِسْمَةِ الْأَمْوَالِ عَلَى اخْتِلَافِ أَصْنَافِهَا كَثِيرٌ جَدًا وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ مِنْ دِيوَانِ اخْتِلَافِهِمْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا |