مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ أَنَّ رَقِيقًا لِحَاطِبٍ سَرَقُوا نَاقَةً لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ فَانْتَحَرُوهَا فَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَمَرَ عُمَرُ كَثِيرَ بْنَ الصَّلْتِ أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ أَرَاكَ (...) |
مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ
أَنَّ رَقِيقًا لِحَاطِبٍ سَرَقُوا نَاقَةً لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ فَانْتَحَرُوهَا فَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَأَمَرَ عُمَرُ كَثِيرَ بْنَ الصَّلْتِ أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ أَرَاكَ تُجِيعُهُمْ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ لَأُغَرِّمَنَّكَ غُرْمَا يَشُقُّ عَلَيْكَ ثُمَّ قَالَ لِلْمُزَنِيِّ كَمْ ثَمَنُ نَاقَتِكَ فَقَالَ الْمُزَنِيِّ قَدْ كُنْتُ وَاللَّهِ أَمْنَعُهَا مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَالَ عُمَرُ أَعْطِهِ ثَمَانَمِائَةِ دِرْهَمٍ قَالَ يَحْيَى سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ وَلَيْسَ عَلَى هَذَا الْعَمَلُ عِنْدَنَا فِي تَضْعِيفِ الْقِيمَةِ وَلَكِنْ مَضَى أَمْرُ النَّاسِ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا يُغَرَّمُ الرَّجُلُ قِيمَةَ الْبَعِيرِ أَوِ الدَّابَّةِ يَوْمَ يَأْخُذُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ أَدْخَلَ مَالِكٌ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِهِ (الْمُوَطَّأِ) وَهُوَ حَدِيثٌ لَمْ يُتَوَطَّأْ عَلَيْهِ وَلَا قَالَ بِهِ أَحَدٌ من الفقهاء ولا ارى وَالْعَمَلُ بِهِ إِنَّمَا تَرَكُوهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا فَأَمَّا الْقُرْآنُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) الْبَقَرَةِ 194 وَلَمْ يَقُلْ بِمِثْلَيْ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ) النَّحْلِ 126 وَأَمَّا السُّنَّةُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى عَلَى الَّذِي أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ بِقِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ بِالْعَدْلِ لِمَا أَدْخَلَ عَلَيْهِ مِنَ النَّقْصِ وَضِمِنَ الصَّحْفَةَ الَّتِي كَسَرَهَا بَعْضُ أَهْلِهِ بِصَحْفَةٍ مِثْلِهَا وَقَالَ (صَحْفَةٌ مِثْلُ صَحْفَةٍ) وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ مَنِ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا إِلَّا مَثَلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُعْطَى أَحَدٌ بِدَعْوَاهُ وَأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ فِيمَا يَدَّعِيهِ إِذَا لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَوْ أُعْطِيَ قَوْمٌ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالِهِمْ وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 209 وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَصْدِيقُ الْمُزَنِيِّ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ ثَمَنِ نَاقَتِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَوْ صَحَّ كَانَ أَصْلًا لَفْظُ عُمَرَ فِي تَضْعِيفِ الْقِيمَةِ فِي نَاقَةِ الْمُزَنِيِّ وَهُوَ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي حَرِيسَةِ الْجَبَلِ (غَرَامَةُ مِثْلَيْهَا وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ وَلَا قَطْعَ) وَهَذَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ يُصَحِّحُونَ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ بِمَا يَتْلُونَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا وَقَدْ كَانَ عُثْمَانُ يَزِيدُ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ ثُلُثَ الْجِنَايَةِ فِي الْمَالِ وتابعة بن شِهَابٍ وَغَيْرُهُ ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وبن جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ ان عثمان اغرم في ناقة محر م أَهْلَكَهَا رَجُلٌ فَأَغْرَمَهُ الثُّلُثَ زِيَادَةً عَلَى ثَمَنِهَا قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ مَا أُصِيبَتْ مِنْ مَوَاشِي النَّاسِ وَأَمْوَالِهِمْ فِي الشَّهْرِ الحرام فانه يزاد فيه الثلث وروى بن وَهْبٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزبير عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ أَبِيهِ وَسَاقَهُ بِنَحْوِ سِيَاقَةِ مَالِكٍ فِي مَعْنَى الْغُرْمِ وَتَصْدِيقِ الْمُزَنِيِّ فِي ثَمَنِ نَاقَتِهِ وَتَضْعِيفِ الْقِيمَةِ لَهُ وَقَدْ جَوَّدَهُ مَنْ قَالَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَمْ يَلْقَ عُمَرَ وَلَا سَمِعَ مِنْهُ وَأَبُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَمِعَ مِنْ عُمَرَ وَرَوَى عَنْهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ إِنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ بَعْدَ مَوْتِ حَاطِبٍ وَهَذَا غَلَطٌ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ لِأَنَّ حَاطِبًا مَاتَ فِي سَنَةِ ثَلَاثِينَ في خلافة عثمان والحديث ذكره بن وَهْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ تُوُفِّيَ حَاطِبٌ وَتَرَكَ عَبِيدًا يَعْمَلُونَ فِي مَالِهِ فَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ ظُهْرًا وَهُمْ عِنْدَهُ فَقَالَ هَؤُلَاءِ أَعْبُدُكَ سَرَقُوا وَوَجَبَ عَلَيْهِمْ مَا وَجَبَ عَلَى السَّارِقِ انْتَحَرُوا نَاقَةً لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ وَاعْتَرَفُوا بِهَا وَمَعَهُمُ الْمُزَنِيُّ فَأَمَرَ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ ثُمَّ أَرْسَلَ وَرَأَى مَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ بِهِ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ فَجَاءَ بِهِمْ فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا أَظُنُّ أَنَّكُمْ تَسْتَعْمِلُونَهُمْ وَتَبِيعُونَهُمْ حَتَّى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 210 لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ وَجَدَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَأَكَلَهُ حَلَّ لَهُ لَقَطَعْتُ أَيْدِيَهُمْ وَلَكِنْ - وَاللَّهِ - إِذْ تَرَكْتُهُمْ لَأُغَرِّمَنَّكَ غُرْمًا يُوجِعُكَ كَمْ ثَمَنُهَا لِلْمُزَنِيِّ قَالَ الْمُزَنِيُّ كُنْتُ - وَاللَّهِ أَمْنَعُهَا من أربع مئة درهم قال فأعطه ثماني مائة درهم قال بن وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا عَلَى هذا ولكن له قيمتها قال بن وَهْبٍ وَحَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ أَبِيهِ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ بن وَهْبٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ وَمَنْ ذَكَرَ مَعَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ أَبِيهِ وَلَيْسَ فِي (الْمُوَطَّأِ) (عَنْ أَبِيهِ) عِنْدَ جُمْهُورِ الرُّوَاةِ لَهُ عَنْ مالك واظن بن وَهْبٍ وَهِمَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ لِرِوَايَةِ اللَّيْثِ وَغَيْرِهِ لَهُ كَذَلِكَ إِذْ جَمَعَهُمْ فِي حَدِيثٍ واحد وكان عنده ايضا فيه عن بن أَبِي الزِّنَادِ بِإِسْنَادِهِ كَذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ فَأَجْرَى مَالِكًا مَجْرَاهُمْ فِي ذَلِكَ فَوَهِمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا ذَاكِرًا بِمَا رَوَاهُ غَيْرُهُ فَمَالَ إِلَى ذِكْرِهِ لِأَنَّهُ كَذَلِكَ رَوَاهُ عَنْهُ فِي مُوَطَّئِهِ دُوْنَ سَائِرِ الرُّوَاةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ إِقْرَارَ الْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ فِي مَالِهِ لَا يَلْزَمُهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عُمَرَ أَغْرَمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنَ حَاطِبٍ مَا اعْتَرَفَ بِهِ عَبِيدُهُ وَهَذَا خَبَرٌ تَدْفَعُهُ الْأُصُولُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ |