قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ دَفَعَ إِلَى الْغَسَّالِ ثَوْبًا يَصْبُغُهُ فَصَبَغَهُ فَقَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ لَمْ
آمُرْكَ بِهَذَا الصِّبْغِ وَقَالَ الْغَسَّالُ بَلْ أَنْتَ أَمَرْتَنِي بِذَلِكَ فَإِنَّ الْغَسَّالَ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ
وَالْخَيَّاطُ مِثْلُ ذَلِكَ وَالصَّائِغُ مِثْلُ ذَلِكَ وَيَحْلِفُونَ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا أَنْ (...)
 
قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ دَفَعَ إِلَى الْغَسَّالِ ثَوْبًا يَصْبُغُهُ فَصَبَغَهُ فَقَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ لَمْ
آمُرْكَ بِهَذَا الصِّبْغِ وَقَالَ الْغَسَّالُ بَلْ أَنْتَ أَمَرْتَنِي بِذَلِكَ فَإِنَّ الْغَسَّالَ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ
وَالْخَيَّاطُ مِثْلُ ذَلِكَ وَالصَّائِغُ مِثْلُ ذَلِكَ وَيَحْلِفُونَ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَأْتُوا بِأَمْرٍ لَا
يَسْتَعْمِلُونَ فِي مِثْلِهِ فَلَا يَجُوزُ قَوْلُهُمْ فِي ذَلِكَ وَلْيَحْلِفْ صَاحِبُ الثَّوْبِ فَإِنْ رَدَّهَا وَأَبَى
أَنْ يَحْلِفَ حَلَفَ الصَّبَّاغُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمِثْلِهَا
فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ كَقَوْلِ مَالِكٍ (الْقَوْلُ قَوْلُ العمال)
ومنهم من قال قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ
وَالْأَصْلُ فِي هَذَا مَعْرِفَةُ الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ أَبَدًا عِنْدَ جَمِيعِهِمْ قَوْلُ
الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ
فَمَنْ جَعَلَ رَبَّ الثَّوْبِ مُدَّعِيًا فَلِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَذِنَ لِلصَّبَّاغِ فِي صَبْغِ الثَّوْبِ ثُمَّ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 213
ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ لَهُ مَا أَمَرَّهُ بِهِ وَكَذَلِكَ الْخَيَّاطُ قَدْ أَقَرَّ لَهُ رَبُّ الثَّوْبِ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ
فِي قَطْعِهِ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ أَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْهُ الْقَطْعَ الَّذِي أَمَرَهُ بِهِ لِيَمْضِيَ عَمَلُهُ بَاطِلًا
وَمَنْ جَعَلَ الْقَوْلَ قَوْلَ رَبِّ الثَّوْبِ فَحُجَّتُهُ أَنَّ الصَّبَّاغَ أَحْدَثَ فِي ثَوْبِ غَيْرِهِ مَا لَمْ
يُوَافِقْهُ عَلَيْهِ رَبُّهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ وَصَارَ مُدَّعِيًا وَرَبُّ الثَّوْبِ مُنْكِرٌ لِدَعْوَاهُ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي
ذَلِكَ الْعَمَلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِإِجْمَاعِهِمْ أَنَّهُمَا لَوِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى عَمَلٍ ثُمَّ
ادَّعَى أَنَّهُ عَمِلَهُ فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ لم يعلمه فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْعَمَلِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كتاب (اختلاف بن أَبِي لَيْلَى وَأَبِي حَنِيفَةَ) لَوِ اخْتَلَفَا فِي ثَوْبٍ فَقَالَ
لَهُ رَبُّهُ أَمَرْتُكَ أَنْ تَقْطَعَهُ قميصا وقال الاخر بل قباء
قال بن أَبِي لَيْلَى الْقَوْلُ قَوْلُ الْخَيَّاطِ لِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَى الْقَطْعِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ قَالَ لِأَنَّهُمَا قَدِ اجْتَمَعَا لِأَنَّهُ قَدْ أَمَرَهُ بِالْقَطْعِ فَلَمْ
يَعْمَلْ لَهُ عَمَلَهُ كَمَا لَوِ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى حَمْلِ شَيْءٍ بِإِجَارَةٍ فَقَالَ لَقَدْ حَمَلْتُهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ
إِلَّا بِإِقْرَارِ صَاحِبِهِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهَذَا أَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ وَكِلَاهُمَا مَدْخُولٌ
قَالَ الْمُزَنِيُّ هُوَ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ بَيْنَهُمْ أَنَّهُ (مَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا
فِيمَا لَا يَمْلِكُ فَإِنَّهُ مَأْخُوذٌ بِحَدَثِهِ وَأَنَّ الدَّعْوَى لَا تَنْفَعُهُ) وَالْخَيَّاطُ مُقِرٌّ بِأَنَّ الثَّوْبَ لِرَبِّهِ
وَأَنَّهُ أَحْدَثَ حَدَثًا وَادَّعَى وَإِجَازَتَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ وَإِلَّا حَلَفَ صَاحِبُهُ
وَضَمِنَ مَا أَحْدَثَهُ فِي ثَوْبِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمُدَّعِي مَتَى أَشْكَلَ أَمْرَهُ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَوَاجِبُ الِاعْتِبَارِ فِيهِ هَلْ هُوَ
آخِذٌ أَوْ دَافِعٌ وَهَلْ يَطْلُبُ استحقاق شيء على غيره او ينفيه فَالطَّالِبُ أَبَدًا مُدَّعٍ
وَالدَّافِعُ الْمُنْكِرُ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَقِفْ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ تُصِبْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ إِذَا قَالَ رَبُّ الثَّوْبِ لِلصَّانِعِ أَوْدَعْتُكَ الثَّوْبَ وَقَالَ الصَّانِعُ
بَلْ أَعْطَيْتَنِيهِ لِلْعَمَلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّانِعِ مَعَ يمينه عند بن الْقَاسِمِ
قَالَ سَحْنُونٌ وَقَالَ غَيْرُهُ الصَّانِعُ مُدَّعٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ كَمَا لَوْ قَالَ لَمْ أَدْفَعْهُ
إِلَيْكَ وَلَكِنْ سُرِقَ مِنِّي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَمْرُ فِي هَذَا وَاضِحٌ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ فِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى
أَنَّهُ لَوْ قَالَ رَهَنْتَنِي ثَوْبَكَ هَذَا وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ أَوْدَعْتُكَهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 214