مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ أَبَاهُ بَشِيرًا أَتَى بِهِ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا كَانَ لِي (...)
 
مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ أَبَاهُ بَشِيرًا أَتَى بِهِ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا كَانَ لِي فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا) فَقَالَ لَا قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَارْتَجِعْهُ)
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ (الْعَيْنِ) النِّحَلُ وَالنِّحْلَةُ الْعَطَايَا بِلَا اسْتِعَاضَةٍ
وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) النِّسَاءِ 4 أي هبة من مال
اله تعالى لمن وَفَرِيضَةً عَلَيْكُمْ
وَبِهَذَا الْمَعْنَى رَوَى جَمَاعَةُ أَصْحَابِ بن شِهَابٍ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا أَنَّ بَعْضَهُمَا قَالَ فِيهِ
(فَارْتَجِعْهُ)
وَبَعْضُهُمْ قَالَ (فَارْدُدْهُ)
وَالْمَعْنَى عِنْدَهُمْ فِيهِ وَاحِدٌ
وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَلَى
اخْتِلَافٍ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الشَّعْبِيُّ
بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ قَدْ ذَكَرْتُهَا فِي (التَّمْهِيدِ) وَأَثْبَتُّهَا هُنَاكَ بِالْأَسَانِيدِ
قَرَأْتُ عَلَى عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو قِلَابَةَ
قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنِي شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ أَبَاهُ نَحَلَهُ نُحْلًا فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليشهده
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 224
فَقَالَ (أَكُلَّ بَنِيكَ أَعْطَيْتَ مِثْلَ هَذَا) قَالَ لَا فَأَبَى أَنْ يَشْهَدَ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ النُّعْمَانِ
وَرَوَاهُ جَرِيرٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النُّعْمَانِ وَقَالَ فِيهِ (فَارْدُدْهُ)
وَقَالَ فِيهِ حُصَيْنٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ أَعْطَانِي أَبِي
عَطِيَّةً فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ الله صلى الله عليه
وسلم فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ
رَوَاحَةَ عَطِيَّةً فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ (أَعْطَيْتَ أَوْلَادَكَ مَثَلَ سَائِرِ
وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا) قَالَ لَا فَقَالَ (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ) قَالَ فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ
فَلَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِرَدِّ الْعَطِيَّةِ
وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ رَجَعَ فَرَدَّ الْعَطِيَّةَ إِذْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَدْلِ
بَيْنَ أَوْلَادِهِ
وَرَوَاهُ هُشَيْمٌ قَالَ أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ وَمُغِيرَةُ وَدَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ وَمَجَالِدٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ
عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ أَنْحَلَنِي أَبِي نُحْلًا - قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ
مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ نَحَلَهُ غُلَامًا لَهُ - وَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ رِوَايَةِ حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ
وَفِيهِ قَالَ لَهُ (أَلَكَ وَلَدٌ سِوَاهُ) قَالَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ (أَكُلُّهُمْ أَعْطَيْتَهُمْ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَ
النُّعْمَانَ) قُلْتُ لَا
قَالَ هُشَيْمٌ فَقَالَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ الْمُحَدِّثِينَ هَذَا جَوْرٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ تَلْحِيَةٌ فَأَشْهِدْ عَلَى
هَذَا غَيْرِي
وَقَالَ مُغِيرَةُ فِي حَدِيثِهِ (أَلَيْسَ يَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا فِي الْبِرِّ وَاللُّطْفِ سَوَاءٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ
فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي)
وَذَكَرَ مُجَالِدٌ فِي حَدِيثِهِ (إِنَّ لَهُمْ عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ أَنْ تَعْدِلَ بَيْنَهُمْ كَمَا أَنَّ لَكَ مِنَ الْحَقِّ
أَنْ يَبَرُّوكَ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 225
فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْعَطِيَّةِ عَلَى كَرَاهَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لَهَا مِنْ أَجْلِ مَا خَافَ عَلَيْهِ مِنْ دُخُولِ الْعُقُوقِ عَلَيْهِ مِنْ بَنِيهِ
وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِرَدِّ الْعَطِيَّةِ
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الرَّجُلِ يُعْطِي بَعْضَ وَلَدِهِ دُونَ بَعْضٍ
فَقَالَ طَاوُسٌ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُفَضِّلَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَنْفُذْ وَفُسِخَ
وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ
وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ أَحْمَدَ
وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَارْتَجِعْهُ) وَقَوْلُهُ (فَارْدُدْهُ)
مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ
وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ لَا بَأْسَ أَنْ يُفَضِّلَ بَعْضَ
وَلَدِهِ بِالنِّحْلَةِ دُونَ بَعْضٍ وَيُؤْثِرَهُ بِالْعَطِيَّةِ دُونَ سَائِرِ وَلَدِهِ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ
عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ فِي الْعَطَايَا إِلَى الْبَنِينَ أَحَبُّ إِلَى جَمِيعِهِمْ
وَكَانَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ إِنَّمَا مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ فِيمَنْ نَحَلَ
بَعْضَ وَلَدِهِ مَالَهُ كُلَّهُ
قَالَ وَقَدْ نَحَلَ أَبُو بَكْرٍ عَائِشَةَ دُونَ وَلَدِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَهُ فِي (الْمُوَطَّأِ) عَنْ هِشَامٍ عن بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ