مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ
أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ نَزَلَ مَنْزِلَ قَوْمٍ بِطَرِيقِ الشَّامِ فَوَجَدَ صُرَّةً فِيهَا ثَمَانُونَ دِينَارًا فَذَكَرَهَا
لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ عَرِّفْهَا عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَدْرٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ
أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ نَزَلَ مَنْزِلَ قَوْمٍ بِطَرِيقِ الشَّامِ فَوَجَدَ صُرَّةً فِيهَا ثَمَانُونَ دِينَارًا فَذَكَرَهَا
لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ عَرِّفْهَا عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَاذْكُرْهَا لِكُلِّ مَنْ يَأْتِي
مِنَ الشَّامِ سَنَةً فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ فَشَأْنَكَ بِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْمُسْنَدَ فِي هَذَا الْبَابِ جَمَاعَةٌ عَنْ رَبِيعَةَ كَمَا رَوَاهُ
مَالِكٌ
وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ
كَمَا رَوَاهُ رَبِيعَةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ إِلَّا فِي شَيْءٍ نَذْكُرُهُ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَهُوَ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ فِيهِ مُعَانٍ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا وَمَعَانٍ اخْتَلَفُوا فِيهَا
فَمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ أَنَّ عِفَاصَ اللُّقَطَةِ وَهِيَ الْخِرْقَةُ الْمَرْبُوطُ فِيهَا الشَّيْءُ الْمُلْتَقَطُ
وَأَصْلُ الْعِفَاصِ فِي اللُّغَةِ مَا سُدَّ بِهِ فَمُ الْقَارُورَةِ وَكُلُّ مَا سُدَّ بِهِ فَمُ إِنَاءٍ فَهُوَ عِفَاصٌ
الْوِكَاءُ هُوَ الْخَيْطُ الَّتِي تُرْبَطُ بِهِ وَهُمَا جَمِيعًا مِنْ عَلَامَاتِ اللُّقَطَةِ إِذَا جَاءَ بِوَصْفِهَا
صَاحِبُهَا كَانَ لَهُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ أَخَذُهَا وَجَازَ لِلْمُلْتَقِطِ لَهَا دَفْعُهَا إِلَيْهِ
وَأَجْمَعُوا أَنَّ اللُّقَطَةَ مَا لَمْ تَكُنْ تَافِهًا يَسِيرًا أَوْ شَيْئًا لَا بَقَاءَ له فانها تعرف حولا
كاملاف
وَأَجْمَعُوا أَنَّ صَاحِبَهَا إِنْ جَاءَ وَثَبَتَ أَنَّهُ صَاحِبُهَا أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا مِنْ مُلْتَقِطِهَا وَأَنَّهُ
يَضْمَنُ الْمُلْتَقِطُ قِيمَتَهَا إِنْ كَانَ أَكَلَهَا أَوِ اسْتَهْلَكَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَ
اسْتِهْلَاكُ الْمُلْتَقِطِ لَهَا بَعْدَ الْحَوْلِ كَانَ صَاحِبُهَا مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَضْمَنَ الْمُلْتَقِطُ قِيمَتَهَا
وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ فِعْلَهُ فَيَنْزِلَ عَلَى أَجْرِهَا
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 244
هَذَا كُلُّهُ لَا خِلَافَ بَيْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ
وَأَجْمَعُوا أَنَّ يَدَ الْمُلْتَقِطِ لَهَا لَا تَنْطَلِقُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهَا بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ قَبْلَ
الْحَوْلِ إِنْ كَانَتْ مِمَّا يَبْقَى مِثْلُهَا حَوْلًا دُونَ فَسَادٍ يَدْخُلُهَا
وَأَجْمَعُوا أَنَّ لِآخِذِ ضَالَّةِ الْغَنَمِ فِي الْمَوْضِعِ الْمَخُوفِ عَلَيْهَا أَكْلُهَا
وَاخْتَلَفُوا فِي سَائِرِ ذَلِكَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
فَمِنْهَا اخْتِلَافُهُمْ فِي الْأَفْضَلِ مِنْ أَخَذِ اللُّقَطَةِ أَوْ تَرْكِهَا
فَرَوَى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ يَجِدُهَا الرَّجُلُ أَيَأْخُذُهَا فَقَالَ أَمَّا
الشَّيْءُ الَّذِي لَهُ بَالٌ فَإِنِّي أَرَى ذَلِكَ
قَالَ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْوَى عَلَى تَعْرِيفِهِ فَإِنَّهُ يَجِدُ مَنْ هُوَ أَقْوَى عَلَى ذَلِكَ مِنْهُ مِمَّنْ يَثِقُ
بِهِ يُعْطِيهِ فَيُعَرِّفُهُ فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ لَهُ بَالٌ فَأَرَى أَنْ يَأْخُذَهُ
وَرَوَى يَحْيَى بن يحيى عن بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ أَخْذَ اللُّقَطَةِ وَالْآبِقِ جَمِيعًا
قَالَ فَإِنْ أَخَذَ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَأَبَقَ أَوْ ضَاعَتِ اللُّقَطَةُ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ وَلَمْ يُضَيِّعْ لَمْ
يَضْمَنْ
وَقَوْلُ اللَّيْثِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ نَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ
قال بن وَهْبٍ سَمِعْتُ مَالِكًا وَاللَّيْثَ يَقُولَانِ فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ مَنْ وَجَدَهَا فِي الْقُرَى
أَخَذَهَا وَعَرَّفَهَا وَمَنْ وَجَدَهَا فِي الصَّحَارِي فَلَا يَقْرَبْهَا
قَالَ وَقَالَ اللَّيْثُ وَلَا أُحِبُّ لِضَالَّةِ الْغَنَمِ أَنْ يَقْرَبَهَا أَحَدٌ إِلَّا أَنْ يُجَوِّزَهَا لِصَاحِبِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَتِ اللُّقَطَةُ كَالْآبِقِ وَلَا كَالضَّالَّةِ لِأَنَّ اللُّقَطَةَ لَا مُؤْنَةَ فِيهَا وَفِي حِفْظِهَا
عَلَى صَاحِبِهَا أَجْرٌ لَا مُؤْنَةَ فِيهِ وَلَا مُؤْذِيَةَ وَلَيْسَتْ ضَوَالُّ الْحَيَوَانِ كَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ
الْمُؤْنَةِ وَلَمْ يُكَلِّفِ اللَّهُ عِبَادَهُ ذَلِكَ وَلَا رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَاخْتَلَفَ بن الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ فِي الَّذِي يَأْخُذُ الضَّالَّةَ ثُمَّ يبدو له فيردها إلى مكانها
فقال بن الْقَاسِمِ إِنْ تَبَاعَدَ ثُمَّ رَدَّهَا ضَمِنَ
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ تَبَاعَدَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ إِذَا رَدَّهَا بَعْدَ أَخْذِهِ لَهَا
وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 245
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ كَرِهَ قَوْمٌ أَخْذَ اللُّقَطَةِ وَرَأَوْا تَرْكَهَا فِي مَوْضِعِهَا
رُوِيَ ذَلِكَ عن بن عمر وبن عَبَّاسٍ وَبِهِ قَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَعَطَاءٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ
بْنُ حَنْبَلٍ
فَأَمَّا حَدِيثُ بن عُمَرَ فَفِي هَذَا الْبَابِ فِي (الْمُوَطَّأِ) رَوَاهُ