مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ كَانَتْ عِنْدَ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَوَلَدَتْ لَهُ عَاصِمَ بْنَ عمر

ثُمَّ إِنَّهُ فَارَقَهَا فَجَاءَ عُمَرُ قُبَاءَ فَوَجَدَ ابْنَهُ عَاصِمًا يَلْعَبُ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ كَانَتْ عِنْدَ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَوَلَدَتْ لَهُ عَاصِمَ بْنَ عمر
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 288
ثُمَّ إِنَّهُ فَارَقَهَا فَجَاءَ عُمَرُ قُبَاءَ فَوَجَدَ ابْنَهُ عَاصِمًا يَلْعَبُ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَأَخَذَ بِعَضُدِهِ
فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الدَّابَّةِ فَأَدْرَكَتْهُ جَدَّةُ الْغُلَامِ فَنَازَعَتْهُ إِيَّاهُ حَتَّى أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ
الصِّدِّيقَ فَقَالَ عُمَرُ ابْنِي وَقَالَتِ الْمَرْأَةُ ابْنِي فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ خَلِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ قَالَ فَمَا
رَاجَعَهُ عُمَرُ الْكَلَامَ قَالَ وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ وَهَذَا الْأَمْرُ الَّذِي آخُذُ بِهِ فِي ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا خَبَرٌ مُنْقَطِعٌ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَلَكِنَّهُ مَشْهُورٌ مَرْوِيٌّ مِنْ وُجُوهٍ
مُنْقَطِعَةٍ وَمُتَّصِلَةٍ تَلَقَّاهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْقَبُولِ وَالْعَمَلِ
وَزَوْجُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أُمُّ ابْنِهِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ هِيَ جَمِيلَةُ ابْنَةُ عَاصِمِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ
أَبِي الْأَقْلَحِ الْأَنْصَارِيِّ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِمَا يَنْبَغِي مِنْ ذِكْرِهِ فِي الصَّحَابَةِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى
أَنَّ عُمَرَ كَانَ مَذْهَبُهُ فِي ذَلِكَ خِلَافَ مَذْهَبِ أَبِي بَكْرٍ وَلَكِنَّهُ سَلَّمَ لِلْقَضَاءِ مِمَّنْ لَهُ
الْحُكْمُ وَالْقَضَاءُ ثُمَّ كَانَ بَعْدُ فِي خِلَافَتِهِ يَقْضِي بِهِ وَيُفْتِي وَلَمْ يُخَالِفْ أَبَا بَكْرٍ فِي
شَيْءٍ مِنْهُ مَا دَامَ الصَّبِيُّ صَغِيرًا لَا يُمَيِّزُ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ
ذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ إِنَّ عُمَرَ طَلَّقَ
جَمِيلَةَ ابْنَةَ عَاصِمٍ فَجَاءَتْ جَدَّتُهُ الشَّمُوسُ فَذَهَبَتْ بِالصَّبِيِّ فَجَاءَ عُمَرُ عَلَى فَرَسٍ فَقَالَ
أَيْنَ ابْنِي فَقِيلَ ذَهَبَتْ بِهِ الشَّمُوسُ فَدَفَعَ فَلَحِقَهَا فَخَاصَمَهَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَضَى لَهَا أَبُو
بَكْرٍ بِهِ وَقَالَ هِيَ أَحَقُّ بِحَضَانَتِهِ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرزاق عن بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ
أَبْصَرَ عُمَرُ عَاصِمًا ابْنَهُ مَعَ جَدَّتِهِ أُمِّ أُمِّهِ فَكَأَنَّهُ جَاذَبَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ مُقْبِلًا
قَالَ لَهُ مَهْ مَهْ هِيَ أَحَقُّ بِهِ فَمَا راجعه الكلام
وعن بن جريج انه اخبره عن عطاء الخرساني عن بن عَبَّاسٍ قَالَ طَلَّقَ عُمَرُ بْنُ
الْخَطَّابِ امْرَأَتَهُ الْأَنْصَارِيَّةَ أُمَّ ابْنِهِ عَاصِمٍ فَلَقِيَهَا تَحْمِلُهُ بِمِحْسَرٍ وَقَدْ فُطِمَ وَمَشَى فَأَخَذَ
بِيَدِهِ لِيَنْتَزِعَهُ مِنْهَا وَنَازَعَهَا إِيَّاهُ حَتَّى أَوْجَعَ الْغُلَامَ وَبَكَى وَقَالَ أَنَا أَحَقُّ بِابْنِي مِنْكِ
فَاخْتَصَمَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَضَى لَهَا بِهِ وَقَالَ رِيحُهَا وَحِجْرُهَا وَفِرَاشُهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْكَ
حَتَّى يَشِبَّ وَيَخْتَارَ لِنَفْسِهِ
وَمِحْسَرٌ سُوقٌ بَيْنَ قُبَاءَ وَالْمَدِينَةِ
وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ خَاصَمَتِ امْرَأَةٌ عُمَرَ إِلَى أَبِي
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 289
بَكْرٍ وَكَانَ طَلَّقَهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأُمُّ أَعْطَفُ وَأَلْطَفُ وَأَرْحَمُ وَأَحَقُّ وَأَرْأَفُ هِيَ أَحَقُّ
بِوَلَدِهَا مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ
وَعَنْ مَعْمَرٍ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَضَى عَلَى عُمَرَ فِي ابْنِهِ مَعَ أُمِّهِ
وَقَالَ أُمُّهُ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنَ الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بِمُوَافَقَتِهِ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَا
رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ قَالَ
اخْتُصِمَ إِلَى عُمَرَ فِي صَبِيٍّ فَقَالَ عُمَرُ هُوَ مَعَ أُمِّهِ حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهُ لِسَانُهُ فَيَخْتَارُ
وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ ذَكَرَهَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ
وَفِي ذَلِكَ تَخْيِيرُ الصَّبِيِّ إِذَا مَيَّزَ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ وَزِيَادُ بْنُ سَعْدٍ
عَنْ هِلَالِ بْنِ أُسَامَةَ أَنَّ أَبَا مَيْمُونَةَ - سُلَيْمَانَ - مَوْلًى مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ
سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ جَاءَتْ أُمٌّ وَأَبٌ يَخْتَصِمَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ في بن لَهُمَا فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي يَا
رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي وَقَدْ سَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ وَنَفَعَنِي
فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم (يَا غُلَامُ! هَذَا أَبُوكَ وَهَذِهِ أُمُّكَ فَخُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْتَ
فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ فَانْطَلَقَتْ بِهِ)
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ السَّلَفِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْخَلَفِ فِي الْمَرْأَةِ المطلقة اذا
لم تتزوج انها احق بولدها مِنْ أَبِيهِ مَا دَامَ طِفْلًا صَغِيرًا لَا يُمَيِّزُ شَيْئًا إِذَا كَانَ
عِنْدَهَا فِي حِرْزٍ وَكِفَايَةٍ وَلَمْ يَثْبُتْ مِنْهَا فِسْقٌ وَلَمْ تَتَزَوَّجْ
ثُمَّ اخْتَلَفُوا بَعْدَ ذَلِكَ فِي تَخْيِيرِهِ إِذَا مَيَّزَ وَعَقِلَ بَيْنَ أُمِّهِ وَبَيْنَ أَبِيهِ وَفِيمَنْ هو اولى به
ذَلِكَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ عَنْ أَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمْ بِأَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ الْفُتَيَا إِنْ
شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَمِمَّنْ خَيَّرَ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ مِنَ السَّلَفِ عُمَرُ بْنُ الخطاب وغيره
روي عن بن عيينة عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
أَبِي الْمُهَاجِرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ حَضَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَيَّرَ
صَبِيًّا بَيْنَ أُمِّهِ وَأَبِيهِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 290
وَعَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجَرْمِيِّ عَنْ عُمَارَةَ الْجَرْمِيِّ قَالَ قَدِمَ عَمِّي مِنَ الْبَصْرَةِ
يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَنِي مِنْ أُمِّي فَأَرْسَلَتْنِي أُمِّي إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَدْعُوهُ إِلَيْهَا فَدَعَوْتُهُ
فَخَيَّرَنِي بَيْنَ أُمِّي وَعَمِّي
قَالَ وَأَبْصَرَ عَلِيٌّ أَخًا لِي أَصْغَرَ مِنِّي مَعَ أُمِّي فَقَالَ وَهَذَا إِذَا بَلَغَ مَبْلَغَ هَذَا خُيِّرَ
وعن سفيان عن ايوب عن بن سِيرِينَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ
قَالَ سُفْيَانُ الْأُمُّ أَحَقُّ بِهِ مَا دَامَ صَغِيرًا فَإِذَا بَلَغَ سِتًّا وَعَقِلَ خُيِّرَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ شَيْءٌ ظَاهِرُهُ خِلَافُ مَا وَصَفْنَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ
مَا ذَكَرْنَا وَبِاللَّهِ توفقنا
ذكر عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عن بن سِيرِينَ عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ الْأَبُ
أَحَقُّ وَالْأُمُّ ارفق
رواه هشيم قال اخبرنا يونس وبن عون وهشام واشعث كلهم عن بن سِيرِينَ عَنْ
شُرَيْحٍ قَالَ الْأَبُ أَحَقُّ وَالْأُمُّ أَرْفَقُ
وَهَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْأَبُ أَحَقُّ بِهِ إِذَا تَزَوَّجَتِ الْأُمُّ عَلَى مَا عَلَيْهِ
جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ بِحَسَبِ مَا نُورِدُهُ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى
وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا تاولناه عَلَى شُرَيْحٍ أَنَّهُ قَدْ رَوَى عَنْهُ بِهَذَا الاسناد معمر عن
ايوب عن بن سِيرِينَ أَنَّ شُرَيْحًا قَضَى أَنَّ الصَّبِيَّ مَعَ أُمِّهِ إِذَا كَانَتِ الدَّارُ وَاحِدَةً
وَيَكُونُ مَعَهُمْ من النفقة ما يصلحهم
وبن عيينة عن ايوب عن بن سِيرِينَ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ بِالْكُوفَةِ فَأَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ
بِوَلَدِهَا إِلَى الْبَادِيَةِ فَخَاصَمَهَا الْعَصَبَةُ إِلَى شُرَيْحٍ فَقَالَ هُمْ مَعَ أُمِّهِمْ مَا كَانَتِ الدَّارُ
وَاحِدَةً فَإِذَا أَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ بِهِمْ أُخِذُوا مِنْهَا وَقَالَ الْأَبُ أَحَقُّ وَالْأُمُّ أَرْفَقُ
سُفْيَانُ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ أَنَّ امْرَأَةً أَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ بِوَلَدِهَا إِلَى الرُّسْتَاقِ
فَاخْتَصَمُوا إِلَى الشَّعْبِيِّ فَقَالَ الْعَصَبَةُ أَحَقُّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا جُمْهُورَ الْفُقَهَاءِ عِنْدَ انْتِقَالِ الْأُمِّ عَنْ حَضْرَةِ الْأَبِ وَبِاللَّهِ
التَّوْفِيقُ
واما مذاهب الفقهاء في الحضانة
فذكر بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الْأُمُّ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ ثُمَّ لَا حَضَانَةَ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 291
لَهَا بِذَلِكَ قَضَى أَبُو بَكْرٍ عَلَى عُمَرَ فَإِذَا أَثْغَرُوا فَوْقَ ذَلِكَ فَلَا حَضَانَةَ لَهَا
قال بن وهب وسئل مالك عن المطلقة ولها بن فِي الْكُتَّابِ أَوْ بِنْتٌ قَدْ بَلَغَتِ الْحَيْضَ
لِلْأَبِ أَنْ يَأْخُذَهُمَا
فَقَالَ مَالِكٌ لَا أَرَى ذَلِكَ لَهُ أَنْ يُؤَدِّبَ الْغُلَامَ وَيُعَلِّمَهُ وَيَقْلِبَهُ إِلَى أُمِّهِ وَلَا يُفَرِّقْ بَيْنَهُ
وَبَيْنَ أُمِّهِ وَلَكِنْ يَتَعَاهَدُهُ فِي كُتَّابِهِ وَيَقَرُّ عِنْدَ أُمِّهِ وَيَتَعَاهَدُ الْجَارِيَةَ وَهَى عِنْدَ أُمِّهَا مَا
لَمْ تُنْكَحْ
قَالَ مَالِكٌ وَلِلْجَدَّةِ مِنَ الْأُمِّ الْحَضَانَةُ بَعْدَ الْأُمِّ ثُمَّ الْجَدَّةُ مِنَ الْأَبِ
قَالَ وَلَيْسَ لِلْأُمِّ وَلَا لِلْجَدَّةِ أَنْ يَخْرُجَا بِالْوَلَدِ إِلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ
وذكر بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ وَلَدَ الْمَرْأَةِ إِذَا كَانَ ذَكَرًا فَهِيَ أَوْلَى بِحَضَانَتِهِ مَا لَمْ
تَتَزَوَّجْ وَيَدْخُلْ بِهَا حَتَّى يَبْلُغَ فَإِذَا بَلَغَ ذهب حيث شاء
خالف بن القاسم رواية بن وهب في اعتبار البلوغ
وقد ذكر بن عبد الحكم الروايتين
قال بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَالْأُمُّ أَحَقُّ بِحَضَانَةِ ابْنَتِهَا وَإِنْ بَلَغَتِ الْجَارِيَةُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ
وَعَلَى الْأَبِ نَفَقَةُ ابْنَتِهِ إِذَا كَانَ يَجِدُ
قَالَ مَالِكٌ وَأَوْلِيَاءُ الْوَلَدِ أَوْلَى بِهِمْ - وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا - مِنْ أُمِّهِمْ إِذَا نَكَحَتْ
قَالَ مَالِكٌ فَإِذَا تَزَوَّجَتِ الْأُمُّ فَالْجَدَّةُ مِنَ الْأُمِّ أَوْلَى فَإِنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا
لَمْ يُرَدَّ إِلَيْهَا الْوَلَدُ وَكَذَلِكَ إِنْ سَلَّمَتْهُ الْأُمُّ اسْتِثْقَالًا لِلْوَلَدِ ثُمَّ طَلَبَتْهُ لَمْ يُرَدَّ إِلَيْهَا
قال بن الْقَاسِمِ عَنْهُ فَإِنْ مَاتَتْ جَدَّتُهُ لِأُمِّهِ فَخَالَتُهُ أَوْلَى بِحَضَانَتِهِ ثُمَّ بَعْدَهَا جَدَّتُهُ لِأَبِيهِ
ثُمَّ الْأُخْتُ ثُمَّ الْعَمَّةُ وَبِنْتُ الْأَخِ أَوْلَى بِالْوَلَدِ مِنَ الْعَصَبَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالِكٌ تَخْيِيرَ الْوَلَدِ
فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَالَ وَيُنْظَرُ لِلْوَلَدِ بِالَّذِي هُوَ أَكْفَأُ وَأَحْوَطُ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِنْ تَزَوَّجَتِ الْأُمُّ فَالْخَالَةُ أَحَقُّ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ تَخْيِيرًا
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ الْأُمُّ إِذَا تَزَوَّجَتْ فَالْعَمُّ أَحَقُّ مِنَ الْجَدَّةِ أُمِّ الْأُمِّ وَإِنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ
أَرَادَتْ أَخْذَ الْوَلَدِ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْ تَخْيِيرَ الصَّبِيِّ
وَذُكِرَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَيْضًا الْأُمُّ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ وَعَلَى الْأَبِ النَّفَقَةُ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ فَهُوَ أَحَقُّ
بِهِ فَإِنْ سَلَّمَتْهُ إِلَى جَدَّتِهِ فَمَتَى ارْتَجَعَتْهُ مِنْهُ رَدَّ عَلَيْهَا نَفَقَتَهَا وَالْجَدَّةُ أُمُّ الْأَبِ أَوْلَى
مِنَ الْعَمَّةِ إِذَا قَوِيَتْ عَلَى النَّفَقَةِ وَلَا تَعُودُ حَضَانَةُ الْأُمِّ بِطَلَاقِهَا
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 292
وَاللَّيْثُ الْأُمُّ أَحَقُّ بِالِابْنِ حَتَّى يَبْلُغَ ثَمَانِيَ سِنِينَ أَوْ تِسْعَ سِنِينَ أَوْ عَشْرًا ثُمَّ الْأَبُ
أَوْلَى بِالْجَارِيَةِ حَتَّى تَبْلُغَ فَإِنْ كَانَتِ الْأُمُّ غَيْرَ مَرْضِيَّةٍ فِي نَفْسِهَا وَأَدَبِهَا لِوَلَدِهَا أُخِذَ
مِنْهَا إِذَا بَلَغَ
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ إِذَا كَانَتِ الِابْنَةُ كَاعِبًا وَالْغُلَامُ قَدْ أَيْفَعَ وَاسْتَغْنَى عَنْ أُمِّهِ خُيِّرَا
بَيْنَ أَبَوَيْهِمَا فَأَيَّهُمَا اخْتَارَا فَهُوَ أَوْلَى فَإِنِ اخْتَارَا بَعْدَ ذَلِكَ الْآخَرَ حُوِّلَ وَمَتَى طُلِّقَتْ
بَعْدَ التَّزْوِيجِ رجع حقها فان كَانَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ غَيْرَ مَأْمُونٍ كَانَتْ عِنْدَ الْمَأْمُونِ حَتَّى
يَبْلُغَ
وَالْبِكْرُ إِذَا بَلَغَتْ فَأَخْتَارُ لَهَا أَنْ تَكُونَ مَعَ أَحَدِهِمَا فَإِنْ أَبَتْ وَهِيَ مَأْمُونَةٌ فَلَهَا ذَلِكَ
وَالِابْنُ إِذَا بَلَغَ وَأُونِسَ رُشْدُهُ وَلِيَ نَفْسَهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا بَلَغَ الْوَلَدُ سَبْعَ سِنِينَ أَوْ ثَمَانِيَ سِنِينَ خُيِّرَ إِذَا كَانَتْ دَارُهُمَا وَاحِدَةً
وَكَانَا مَأْمُونَيْنِ عَلَى الْوَلَدِ يَعْقِلُ عَقْلَ مِثْلِهِ فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مَأْمُونٍ فَهُوَ عِنْدَ
الْمَأْمُونِ مِنْهُمَا كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَإِنْ مُنِعَتِ الْمَرْأَةُ مِنَ الْوَلَدِ بِالزَّوْجِ فَطَلَّقَهَا
طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَوْ غَيْرَهُ رَجَعَتْ عَلَى حَقِّهَا فِي وَلَدِهَا لِأَنَّهَا مُنِعَتْ لِوَجْهٍ فَإِذَا ذَهَبَ فَهِيَ
كَمَا كانت
وهو قول المغيرة وبن أَبِي حَازِمٍ
وَعَلَى الْأَبِ نَفَقَتُهُ وَيُؤَدِّبُهُ بِالْكُتَّابِ وَالصِّنَاعَةِ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا وَيَأْوِي إِلَى أُمِّهِ وَلَا
يُمْنَعُ إِنِ اخْتَارَ الْأُمَّ مِنْ إِتْيَانِ الْأَبِ وَلَا الْأُمَّ مِنْ إِتْيَانِ ابْنَتِهَا وَتَمْرِيضِهَا عِنْدَ الْأَبِ
قَالَ وَالْأُمُّ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ ثُمَّ الْجَدَّةُ لِلْأُمِّ وَإِنْ عَلَتْ ثُمَّ الْجَدَّةُ لِلْأَبِ
وَإِنْ عَلَتْ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأَبِ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ ثُمَّ الْخَالَةُ ثُمَّ الْعَمَّةُ
ولا ولاية لام اب الام لِأَنَّ قَرَابَتَهَا بِأَبٍ لَا بِأُمٍّ
وَقَرَابَةُ الصَّبِيِّ مِنَ النِّسَاءِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مَخْبُولًا فَهُوَ كَالصَّغِيرِ
قَالَ وَلَا حَقَّ لِأَحَدٍ مَعَ الْأَبِ غَيْرَ الْأُمِّ وَأُمَّهَاتِهَا فَأَمَّا أَخَوَاتُهَا وَغَيْرُهُنَّ فَإِنَّمَا حُقُوقُهُنَّ
بِالْأَبِ فَلَا يَكُونُ لَهُنَّ حَقٌّ مَعَهُ وَهُنَّ يُدْلِينَ بِهِ
وَالْجَدُّ أَبُو الْأَبِ يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ وَأَقْرَبُ الْعَصَبَةِ يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ إِذَا
لَمْ يَكُنْ أَبٌ أَوْ كَانَ غَائِبًا أَوْ غَيْرَ رشيد
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 293
وَأَمَّا قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ فَرَوَى أَبُو يُوسُفَ وَأَبُو حَنِيفَةَ قَالَ الْأُمُّ أَوْلَى بِالْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ
الصَّغِيرَيْنِ ثُمَّ الْجَدَّةُ مِنَ الْأُمِّ ثُمَّ الْجَدَّةُ مِنَ الْأَبِ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ وَالْأَبِ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ
ثُمَّ الْخَالَةُ فِي أَحَدِ الرِّوَايَتَيْنِ هِيَ أَحَقُّ مِنَ الْأُخْتِ لِأَبٍ وَفِي الْأُخْرَى الْأُخْتُ أَوْلَى ثُمَّ
الْعَمَّةُ وَالْأُمُّ وَالْجَدَّتَانِ أَوْلَى بِالْجَارِيَةِ حَتَّى تَبْلُغَ الْمَحِيضَ وَبِالْغُلَامِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ فَيَأْكُلَ
وَحْدَهُ وَيَشْرَبَ وَحْدَهُ وَيَلْبَسَ وَحْدَهُ وَمَنْ سِوَاهُمَا أَحَقُّ بِهِمَا حَتَّى يَسْتَغْنِيَا وَلَا يُرَاعَى
الْبُلُوغُ
وقال زفر في رواية عمرو بْنِ خَالِدٍ عَنْهُ الْخَالَةُ أَوْلَى مِنَ الْأُخْتِ لِلْأَبِ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْأُخْتُ أَوْلَى
وَرُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ أَيْضًا عَنْ زُفَرَ الْخَالَةُ لِلْأَبِ أَوْلَى مِنَ الْجَدَّةِ لِلْأَبِ
وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْهُ أَنَّ الْجَدَّةَ أُمَّ الْأُمِّ أَوْلَى بِحَضَانَةِ الْوَلَدِ بَعْدَ الْأُمِّ ثُمَّ أُمَّ
الْأَبِ ثُمَّ الْأُخْتَ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْأُخْتَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ يَتَسَاوَيَانِ فِي الْحَضَانَةِ وَلَا
تَتَقَدَّمُ إِحْدَاهُمَا فِيهِ الْأُخْرَى ثُمَّ الْأُخْتُ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ ثُمَّ الْخَالَةُ ثُمَّ الْعَمَّةُ فَإِذَا تَزَوَّجَتْ
وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لِغَيْرِ ذِي رَحِمٍ كَانَ غَيْرُهَا أَوْلَى إِذَا كَانَ زَوْجُهَا ذا رحم من الولد
ومتى عَادَتِ الْأُمُّ أَوْ غَيْرُهَا غَيْرَ ذَاتِ زَوْجٍ عَادَتْ إِلَيْهَا حَضَانَتُهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي الخالة حديث علي وبن عَبَّاسٍ أَنَّ عَلِيًّا وَجَعْفَرَ وَزَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ
تَرَافَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ابْنَةِ حَمْزَةَ فِي حِينِ دُخُولِهِ مَكَّةَ
فَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجَعْفَرٍ مِنْ أَجْلِ أَنَّ خَالَتَهَا عِنْدَهُ وَقَالَ
(الْخَالَةُ أُمٌّ أَوْ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ)
حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ جُرَيْجٍ
قَالَ حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ
وَهُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ عَنْ عَلِيٍّ فَذَكَرَ حَدِيثًا بِمَعْنَى مَا ذَكَرْتُ إِلَّا أَنِّي اخْتَصَرْتُهُ
وَرَوَى حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ حَجَّاجٍ عن الحكم عن مقسم عن بن عَبَّاسٍ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 294