قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ السِّلْعَةَ مِنَ الْحَيَوَانِ أَوِ الثِّيَابِ أَوِ الْعُرُوضِ فَيُوجَدُ ذَلِكَ الْبَيْعُ غَيْرَ جَائِزٍ فَيُرَدُّ وَيُؤْمَرُ الَّذِي قَبَضَ السِّلْعَةَ أَنْ يَرُدَّ إِلَى صَاحِبِهِ سِلْعَتَهُ قَالَ مَالِكٌ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ السِّلْعَةِ إِلَّا قِيمَتُهَا يَوْمَ قُبِضَتْ مِنْهُ (...) |
قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ السِّلْعَةَ مِنَ الْحَيَوَانِ أَوِ الثِّيَابِ أَوِ الْعُرُوضِ
فَيُوجَدُ ذَلِكَ الْبَيْعُ غَيْرَ جَائِزٍ فَيُرَدُّ وَيُؤْمَرُ الَّذِي قَبَضَ السِّلْعَةَ أَنْ يَرُدَّ إِلَى صَاحِبِهِ سِلْعَتَهُ قَالَ مَالِكٌ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ السِّلْعَةِ إِلَّا قِيمَتُهَا يَوْمَ قُبِضَتْ مِنْهُ وَلَيْسَ يَوْمَ يُرَدُّ ذَلِكَ إِلَيْهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ ضَمِنَهَا مِنْ يَوْمِ قَبَضَهَا فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ نُقْصَانٍ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ فَبِذَلِكَ كَانَ نَمَاؤُهَا وَزِيَادَتُهَا لَهُ وَإِنَّ الرَّجُلَ يَقْبَضُ السِّلْعَةَ فِي زَمَانٍ هِيَ فِيهِ نَافِقَةٌ مَرْغُوبٌ فِيهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا فِي زَمَانٍ هِيَ فِيهِ سَاقِطَةٌ لَا يُرِيدُهَا أَحَدٌ فَيَقْبِضُ الرَّجُلُ السِّلْعَةَ مِنَ الرَّجُلِ فَيَبِيعُهَا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَيُمْسِكُهَا وَثَمَنَهَا ذَلِكَ ثُمَّ يَرُدُّهَا وَإِنَّمَا ثَمَنُهَا دِينَارٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ مِنْ مَالِ الرَّجُلِ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ أَوْ يَقْبِضَهَا مِنْهُ الرَّجُلُ فَيَبِيعُهَا بِدِينَارٍ أَوْ يُمْسِكُهَا وَإِنَّمَا ثَمَنُهَا دِينَارٌ ثُمَّ يَرُدُّهَا وَقِيمَتُهَا يَوْمَ يَرُدُّهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَلَيْسَ عَلَى الَّذِي قَبَضَهَا أَنْ يَغْرَمَ لِصَاحِبِهَا مِنْ مَالِهِ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ إِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَةُ مَا قَبَضَ يَوْمَ قَبَضَهُ قَالَ وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ السَّارِقَ إِذَا سَرَقَ السِّلْعَةَ فَإِنَّمَا يُنْظَرُ إِلَى ثَمَنِهَا يَوْمَ يَسْرِقُهَا فَإِنْ كَانَ يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَإِنِ اسْتَأْخَرَ قَطْعُهُ إِمَّا فِي سِجْنٍ يُحْبَسُ فِيهِ حَتَّى يُنْظَرَ فِي شَأْنِهِ وَإِمَّا أَنْ يَهْرُبَ السَّارِقُ ثُمَّ يُؤْخَذُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ اسْتِئْخَارُ قَطْعِهِ بِالَّذِي يَضَعُ عَنْهُ حَدًّا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ يَوْمَ سَرَقَ وَإِنْ رَخُصَتْ تِلْكَ السِّلْعَةَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا بِالَّذِي يُوجِبُ عَلَيْهِ قَطْعًا لَمْ يَكُنْ وَجَبَ عَلَيْهِ يَوْمَ أَخَذَهَا إِنْ غَلَتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ بَنَى مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا الْبَابَ عَلَى مَذْهَبِهِ فِيمَنْ ضَمِنَ شَيْئًا أَنَّهُ يَطِيبُ لَهُ النَّمَاءُ وَالرِّبْحُ فِيهِ وَالنُّقْصَانُ وَأَمَّا اشْتِرَاطُهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ الْحَيَوَانَ وَالْعُرُوضَ وَالثِّيَابَ دُونَ الْعَقَارِ فَإِنَّ مَذْهَبَهُ الْمَشْهُورَ الْمَعْمُولَ بِهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ أَنَّ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ بِالنَّمَاءِ وَالنُّقْصَانِ فِي الْأَثْمَانِ فَوْتٌ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كُلِّهِ إِذَا كَانَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْعُرُوضِ أَوِ الثِّيَابِ أَوِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 295 الْحَيَوَانِ وَكَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ قَبَضَهُ وَتَغَيَّرَ أَوْ حَالَتْ أَسْوَاقُهُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ لَزِمَتْهُ فِيهِ الْقِيمَةُ وَلَمْ يَرُدَّهُ وَأَمَّا الْعَقَارُ فَلَيْسَ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ فِيهِ فَوْتًا عِنْدَهُمْ وَلَا يَفُوتُ الْعَقَارَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ إِلَّا بِخُرُوجِهِ عَنْ يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِبُنْيَانٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ غَرْسٍ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الْعُرُوضِ كُلِّهَا مِنَ الْحَيَوَانِ أَوِ الثِّيَابِ أَوْ غَيْرِهَا أَنَّ خُرُوجَهَا مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَوْتٌ أَيْضًا وَأَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبَضَهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ فَاتَتْ مِنْ يَدِهِ بِبَيْعٍ ثُمَّ رُدَّتْ إِلَيْهِ وَرَجَعَتْ إِلَى مِلْكِهِ قَبْلَ أَنْ تَتَغَيَّرَ وَتُحَوَّلَ أَسْوَاقُهَا فَإِنَّ هَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلٌ مَالِكٍ فَقَالَ مَرَّةً عَلَى أَيِّ وَجْهٍ رَجَعَتْ إِلَيْهِ وَلَمْ تَتَغَيَّرْ سُوقُهَا فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا وَقَالَ مَرَّةً لَا يَرُدُّهَا إِذْ قَدْ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ يَعْنِي بِفَوْتِهَا بِالْبَيْعِ وَلَوْ كَانَتِ السِّلْعَةُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً اشْتَرَاهَا شِرَاءً فَاسِدًا ثُمَّ أَعْتَقَهَا أَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ وَهَبَ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ فَوْتًا إِذَا كَانَ مَلِيًّا بِالثَّمَنِ وَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ يَوْمَ فَوْتِ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ مِثْلَ مَا قَبَضَ فِي صِفَتِهِ وَكَيْلِهِ وَوَزْنِهِ هَذَا كُلُّهُ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَلَمْ يُتَابِعْ مَالِكًا فِي قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ حِوَالَةَ الْأَسْوَاقِ بِالزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ أَوِ النُّقْصَانِ فَوْتٌ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ فِيمَا عَلِمْتُ إِلَّا أَصْحَابُهُ وَأَمَّا الشافعي فتصرف المشتري في المبيع بيعا فاسدا باطلا لَا يَنْفُذُ وَلَا يَصِحُّ فِيهِ هِبَتُهُ وَلَا تَدْبِيرُهُ وَلَا عِتْقُهُ وَلَا بَيْعُهُ وَلَا شَيْءٌ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَهُوَ مَفْسُوخٌ أَبَدًا عِنْدَهُ وَيَرُدُّهُ بِحَالِهِ وَهُوَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَالْمُصِيبَةُ مِنْهُ وَعِتْقُ الْمُشْتَرِي لَهُ بَاطِلٌ فَإِذَا فَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِذَهَابِ عَيْنِهِ وَفَقْدِهِ وَاسْتِهْلَاكِهِ لَزِمَهُ فِيهِ الْقِيمَةُ فِي حِينِ فَوْتِهِ وَذَهَابِ عَيْنِهِ لَا تُعْتَبَرُ سُوقُهُ وَالْبَيْعُ فَاسِدٌ عِنْدَهُ حُكْمُهُ كَالْمَغْصُوبِ سَوَاءٌ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ شِرَاءً فَاسِدًا وَيَقْبِضُهَا ثُمَّ يَبِيعُهَا أَوْ يَهَبُهَا أَوْ يَمْهَرُهَا فَتَصِيرُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَهَا مِنْهُ أَوْ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ عِنْدَ الْمَرْأَةِ الْمَمْهُورَةِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْقِيمَةِ وَفِعْلُهُ كُلُّهُ فِي ذَلِكَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَوْ كَاتَبَهَا أَوْ وَهَبَهَا إِلَّا أَنَّ الْجَارِيَةَ الْمَوْهُوبَةَ لَوِ افْتَكَّهَا قَبْلَ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْقَاضِي قِيمَتَهَا رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبَةُ إِنْ عَجَزَتْ عَنْ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ قَالُوا وَلَوْ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ بَعْدَ الْقَبْضِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْقِيمَةِ وَلَا يَرُدُّهَا عَلَى الْبَائِعِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 296 |