مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ كَتَبَ إِلَى سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ أَنْ هَلُمَّ
إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ سَلْمَانُ إِنَّ الْأَرْضَ لَا تُقَدِّسُ أَحَدًا وَإِنَّمَا يُقَدِّسُ
الْإِنْسَانَ عَمَلُهُ وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ جُعِلْتَ طَبِيبًا تُدَاوِي فَإِنْ كُنْتَ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ كَتَبَ إِلَى سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ أَنْ هَلُمَّ
إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ سَلْمَانُ إِنَّ الْأَرْضَ لَا تُقَدِّسُ أَحَدًا وَإِنَّمَا يُقَدِّسُ
الْإِنْسَانَ عَمَلُهُ وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ جُعِلْتَ طَبِيبًا تُدَاوِي فَإِنْ كُنْتَ تُبْرِئُ فَنِعِمَّا لَكَ وَإِنْ كُنْتَ
مُتَطَبِّبًا فَاحْذَرْ أَنْ تَقْتُلَ إِنْسَانًا فَتَدْخُلَ النَّارَ فَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِذَا قَضَى بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُمَّ
أَدْبَرَا عَنْهُ نَظَرَ إِلَيْهِمَا وَقَالَ ارْجِعَا إِلَيَّ أَعِيدَا عَلَيَّ قصتكما متطبب والله
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا كَرَاهَةُ الْقَضَاءِ بَيْنَ النَّاسِ فَقَدْ كَرِهَهُ وَفَرَّ مِنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ فُضَلَاءَ
الْعُلَمَاءِ وَذَلِكَ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا بَيْنَ النَّاسِ فَقَدْ
ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ)
حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي
نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ
مُحَمَّدٍ الْأَخْنَسَيِّ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ وَالْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ)
وَقَالَ حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي
عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ وَلِيَ
الْقَضَاءَ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ)
وَقَالَ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ السَّمْتِيُّ حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عن ابي هشام عن بْنِ
بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ
وَاثْنَانِ فِي النَّارِ فَأَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ وَرَجُلٌ عَرَفَ
الْحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ في النار
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 297
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ
فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ)
رَوَاهُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَهُ فِي كِتَابِ
الْعِلْمِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي تَأْوِيلِهِ
وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ طَلَبَ
الْقَضَاءَ وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ وُكِلَ إِلَيْهِ وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْهُ وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكًا
يُسَدِّدُهُ (2)
وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِثْمَ إِذَا كَانَ مُعَظَّمًا فِي مَعْنًى كَانَ الْأَجْرُ مُعَظَّمًا فِي ضِدِّهِ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا) الْجِنِّ 15 أَيِ الْجَائِرُونَ
وَالْجَوْرُ الْمَيْلُ عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ وَعَنِ الْإِيمَانِ إِلَى الكفر
قال الله عز وجل (يا داود إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ
وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ
شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) ص 26
وَمَنْ جَارَ عَنِ الْحَقِّ وَأَسْرَفَ فِي الظُّلْمِ فَقَدْ نَسِيَ يَوْمَ الْحِسَابِ
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَاضِي الْعَادِلِ الْحَاكِمِ بِالْقِسْطِ مِنْ حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ قَالَ (الْمُقْسِطُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ
نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ) قيل ومن الْقَاسِطُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ
(الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي أَهْلِيهِمْ وَفِيمَا وُلُّوا)
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ إِمَامٌ
عَادِلٌ) وَذَكَرَ سَائِرَ السَّبْعَةِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 298
وَسَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كِتَابِ الْجَامِعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (الْإِمَامُ الْعَادِلُ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُ)
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا بن وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ
قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ
قال قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَقٌّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَيُؤَدِّيَ
الْأَمَانَةَ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَحَقٌّ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَسْمَعُوا لَهُ وَيُطِيعُوا وَيُجِيبُوا إِذَا دُعُوا
قَالَ وَمَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ فَلْيَعْدِلْ فِي الْمَجْلِسِ وَالْكَلَامِ وَاللَّحْظِ
وَذَكَرَ أَبُو زَيْدٍ - عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ - قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ قَالَ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْكِنَانِيُّ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يَنْبَغِي
لِلْقَاضِي أَنْ يَكُونَ قَاضِيًا حَتَّى تَجْتَمِعَ فِيهِ خَمْسُ خِصَالٍ عَفِيفٌ حَلِيمٌ عَالِمٌ بِمَا كَانَ
قَبْلَهُ مُسْتَشِرٌ لِذَوِي الْأَلْبَابِ لَا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ
وَرَوَى الشعبي عن مسروق قال لأن أقضي يوما وَاحِدًا بِحَقٍّ وَعَدْلٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ
أَنْ أَغْزُوَ سَنَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَقَالَ مَالِكٌ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقْضِيَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا
بِمَا مَضَى مِنَ السُّنَّةِ مُسْتَشِيرًا لِذَوِي الْعِلْمِ
وَالْآثَارُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنِ السَّلَفِ كَثِيرَةٌ فِي مَعْنَى مَا أَوْرَدْنَاهُ وَفِيمَا ذَكَرْنَا تَنْبِيهٌ عَلَى
مَا إِلَيْهِ قَصَدْنَا وَمَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِلَّهِ فَالْقَلِيلُ يَكْفِيهِ إِذَا عَمِلَ بِهِ
وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مِنَ الْفُقَهَاءِ الْعُلَمَاءِ الْحُكَمَاءِ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَنَّهُ قَالَ فِيهِ (حَكِيمُ أُمَّتِي)
وَقَالَ فِيهِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ كَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ
وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ مَا حَمَلَتْ غَبْرَاءٌ وَلَا أَظَلَّتْ زَرْقَاءُ أَعْلَمَ مِنْكَ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ آخَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَلْمَانَ الفارسي فكانا
متواخين مُتَحَابَّيْنِ اجْتَمَعَا أَوْ تَفَرَّقَا
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 299
وَكَانَ سَلْمَانُ عَالِمًا فَاضِلًا زَاهِدًا فِي الدُّنْيَا
وَمَاتَ أَبُو الدَّرْدَاءِ بِدِمَشْقَ قَاضِيًا عَلَيْهَا لِعُثْمَانَ بَعْدَ عُمَرَ قَبْلَ مَوْتِ عُثْمَانَ بِسَنَتَيْنِ أَوْ
نَحْوِهِمَا
وَمَاتَ سَلْمَانُ بِالْمَدَائِنِ مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ
وَحَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ - خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ - قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْمَيْمُونِ -
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو زُرْعَةَ - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
عَمْرِو بْنِ صَفْوَانَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُسْهِرٍ - عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ قَالَ
حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ عُمَرُ أُمِرَ أَبُو الدَّرْدَاءِ بِالْقَضَاءِ يَعْنِي بِدِمَشْقَ وَكَانَ
الْقَاضِي يَكُونُ خَلِيفَةَ الْأَمِيرِ إِذَا غَابَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَخْبَارَ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَسَلْمَانَ وَفَضَائِلَهُمَا فِي بَابِ كَلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ كِتَابِ
الصَّحَابَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
قَالَ مَالِكٌ مَنِ اسْتَعَانَ عَبْدًا بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فِي شَيْءٍ لَهُ بَالٌ وَلِمِثْلِهِ إِجَارَةٌ فَهُوَ
ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَ الْعَبْدُ إِنْ أُصِيبَ الْعَبْدُ بِشَيْءٍ وَإِنْ سَلِمَ الْعَبْدُ فَطَلَبَ سَيِّدُهُ إِجَارَتَهُ
لِمَا عَمِلَ فَذَلِكَ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَمْوَالَ تُضْمَنُ بِالْعَمْدِ وَالْخَطَأِ
وَالْعَبْدُ مَالٌ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ صَاحِبُهُ لِلَّذِي اسْتَعَانَهُ فَكَانَ بِذَلِكَ مُتَعَدِّيًا عَلَى مَالِ غَيْرِهِ جَانِيًا
عَلَيْهِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ إِنْ عَطِبَ أَوْ تَلِفَ فِيمَا اسْتَعْمَلَهُ فِيهِ وَإِنَّ سَلِمَ
كَانَ لَهُ أَجْرُهُ فِي الَّذِي عَمِلَهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَهَبَ خَرَاجَهُ وَلَا شَيْئًا مِنْ كَسْبِهِ
لِأَنَّهُ لِسَيِّدِهِ
وَهَذَا كُلُّهُ اتَّفَقَ فِيهِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ
وَرَوَى أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ مَنِ اسْتَعَانَ مَمْلُوكًا بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ
صَبِيًّا بِغَيْرِ إِذْنِ اهله ضمن
ومعمر عن حماد مثله
وبن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ مِثْلَهُ
وَرَوَى الْحَكَمُ وَالشَّعْبِيُّ كِلَاهُمَا عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ مَنِ اسْتَعَانَ عَبْدًا
صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا أَوْ صبيا حرا فهلك ضمن وَمَنِ اسْتَعَانَ حُرًّا كَبِيرًا لَمْ يَضْمَنْ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 300
وَعَنِ الْحَسَنِ مِثْلُهُ فِي الصَّبِيِّ الْحُرِّ وَفِي الْعَبْدِ قَالَ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَهْلُ الصَّبِيِّ أَوْ سَيِّدُ
الْعَبْدِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ
قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يَكُونُ بَعْضُهُ حُرًّا وَبَعْضُهُ مُسْتَرَقًّا إِنَّهُ يُوقِفُ مَالَهُ بِيَدِهِ وَلَيْسَ لَهُ
أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ شَيْئًا وَلَكِنَّهُ يَأْكُلُ فِيهِ وَيَكْتَسِي بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا هَلَكَ فَمَالُهُ لِلَّذِي بَقِيَ لَهُ
فِيهِ الرِّقُّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يَكُونُ الْعَبْدُ نِصْفُهُ حُرًّا وَنِصْفُهُ مَمْلُوكًا مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ
شَرِيكَيْنِ وَارِثَيْنِ أَوْ مُبْتَاعَيْنِ أَوْ بِوَجْهٍ يَصِحُّ مِلْكُهُمَا لَهُ أَحَدُهُمَا معسرا والاخر موسرا
فيعتق المعسر حصته منه فاذا كان كذلك كَانَ عَلَى وَجْهِ الْحِجَازِيِّينَ مَا أَعْتَقَ مِنْهُ
الْمُعْسِرُ حُرًّا وَسَائِرُهُ عَبْدًا
وَيَكُونُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَبْدًا أَعْتَقَ سَيِّدُهُ نِصْفَهُ أَوْ يَكُونُ عَبْدًا أَوْصَى بِعِتْقِ نِصْفِهِ
عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى أَنْ يُتِمَّ عَلَيْهِ الْعِتْقَ فِي ثُلُثِهِ وَوُجُوهٌ غَيْرُ هَذِهِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّهُ يُوقَفُ مَالُهُ بِيَدِهِ فَإِنَّهُ يُرِيدُ نِصْفَ مَا كَانَ بِيَدِهِ مِنَ الْمَالِ قَبْلَ وُقُوعِ
عِتْقِهِ وَمَا يَكْسِبُهُ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي يَعْمَلُ فِيهَا لِنَفْسِهِ
قَالَ مَالِكٌ يَصْطَلِحُ هُوَ وَمَالِكُ نَصِفِهِ عَلَى الْأَيَّامِ
وَقَالَ غَيْرُهُ يَخْدِمُ لِنَفْسِهِ وَيَكْسِبُ لَهَا يَوْمًا وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ خِدْمَتُهُ يَوْمًا مِمَّا كَسَبَ فِي
يَوْمِ الْحُرِّيَّةِ فَلَهُ وَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ اليوم مُؤْنَتُهُ كُلُّهَا وَفِي يَوْمِ خِدْمَتِهِ لِسَيِّدِهِ مُؤْنَتُهُ عَلَى
سَيِّدِهِ
فَهَذِهِ حَالُهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ
فَإِذَا مَاتَ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي مِيرَاثِهِ فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ مِيرَاثُهُ لِمَنْ فِيهِ
الرِّقُّ لِأَنَّهُ فِي شَهَادَتِهِ وَحُدُودِهِ وَطَلَاقُهُ عِنْدَهُمْ كَالْعَبْدِ
هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالزُّهْرِيِّ وَأَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ
وَقَالَ آخَرُونَ مِيرَاثُهُ بَيْنَ سَيِّدِ نَصِفِهِ وَبَيْنَ مَنْ كَانَ يَرِثُهُ لَوْ كَانَ حُرًّا كُلُّهُ نِصْفَيْنِ
رُوِيَ هَذَا عَنْ عَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَطَاوُسٍ وَإِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ
وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ غَلَّبُوا الْحُرِّيَّةَ هُنَا لِانْقِطَاعِ الرق
بالموت
وقالت طائفة مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ يُوَرَّثُ الْمُعْتِقُ نِصْفَهُ وَيَرِثُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَرِثُ وَلَا يُوَرَّثُ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 301
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْكُوفِيِّينَ
وَقَالَ بَعْضُ التَّابِعِينَ إِنْ مَاتَ الْمُعْتِقُ بَعْضَهُ وَرِثَهُ كُلَّهُ الَّذِي أَعْتَقَ بَعْضَهُ
وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي حُرَّةٍ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ أَنَّهُ يُحَدُّ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ سَوْطًا
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْوَالِدَ يُحَاسِبُ وَلَدَهُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ يَكُونُ لِلْوَلَدِ مَالٌ
نَاضًّا كَانَ أَوْ عَرَضًا إِنْ أَرَادَ الْوَالِدُ ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْوَلَدَ الْغَنِيَّ ذَا الْمَالِ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى أَبِيهِ
نَفَقَةٌ وَلَا كُسْوَةٌ وَلَا مُؤْنَةٌ وَأَنَّ ذَلِكَ فِي مَالِهِ
وَاخْتَلَفُوا عَلَيْهِ وَهُوَ مُوسِرٌ هَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ فِي مَالِهِ وَيُحَاسِبَهُ بِذَلِكَ
فَقَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ لَهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْوُصُولِ إِلَيْهِ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ مُتَبَرِّعٌ وَلَا
يُحَاسِبُهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
وَقِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْقَاضِي لِيَتَصَرَّفَ فِي ماله كان لك لَهُ
وَإِلَّا فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ مُتَبَرِّعٌ
وَإِذَا فَرَضَ لَهُ الْقَاضِي فِي مَالِ الصَّبِيِّ نَفَقَةً لَمْ يَضُرَّهُ أَنْ يُنْفِقَ وَيَتَصَرَّفَ بِمَا أَنْفَقَ
عَلَيْهِ
هَذَا عِنْدِي قِيَاسُ قَوْلِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ