مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانٍ قَالَ مَنْ نَحَلَ وَلَدًا لَهُ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَجُوزَ نَحْلُهُ فَأَعْلَنُ ذَلِكَ لَهُ وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا فَهِيَ جَائِزَةٌ وَإِنْ وليها ابوه قال ابو عمر روى بن عُيَيْنَةَ هَذَا الْخَبَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ (...) |
مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانٍ قَالَ مَنْ
نَحَلَ وَلَدًا لَهُ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَجُوزَ نَحْلُهُ فَأَعْلَنُ ذَلِكَ لَهُ وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا فَهِيَ جَائِزَةٌ وَإِنْ وليها ابوه قال ابو عمر روى بن عُيَيْنَةَ هَذَا الْخَبَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ شُكِيَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَوْلُ عُمَرَ لَا نِحْلَةَ إِلَّا نِحْلَةً يَحُوزُهَا الْوَلَدُ دُونَ الْوَالِدِ فَرَأَى عُثْمَانُ أَنَّ الْوَالِدَ يَجُوزُ لِوَلَدِهِ مَا كَانُوا صِغَارًا يَقُولُ إِذَا وَهَبَ لَهُ الْأَبُ وَأَشْهَدَ لَهُ عَلَيْهِ أَنَّهَا حيازة وبن عيينة عن ايوب السختياني عن بن سِيرِينَ قَالَ سَأَلْتُ شُرَيْحًا مَا يُبَيِّنُ لِلصَّبِيِّ مِنْ نَحْلِ أَبِيهِ قَالَ أَنْ يَهَبَ لَهُ وَيُشْهِدَ لَهُ عَلَيْهِ قُلْتُ إِنَّهُ يَلِيهِ قَالَ هُوَ أَحَقُّ مَنْ وَلِيَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى قَضَاءِ عُثْمَانَ فِي هِبَةِ الْأَبِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ إِلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا يُخَالِفُونَ سَائِرَ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْكُونِ وَالْمَلْبُوسِ وَالْمَوْقُوفِ فَلَا يَرَوْنَ إِشْهَادَ الْأَبِ فِي ذَلِكَ حِيَازَةً حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهَا مُدَّةً أَقَلَّهَا سَنَةٌ مِنَ الْمَسْكُونِ لِيَظْهَرَ فِعْلُهُ ذَلِكَ وَإِذَا رَكِبَ مَا يُرْكَبُ أَوْ لَبِسَ مَا يُلْبَسُ فَقَدْ رَجَعَ فِي هِبَتِهِ وَقَدْ مَضَى مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي رُجُوعِ الْأَبِ وَغَيْرِهِ فِي الْهِبَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ مَنْ نَحَلَ ابْنًا لَهُ صَغِيرًا ذَهَبًا أَوْ وَرِقًّا ثُمَّ هَلَكَ وَهُوَ يَلِيهِ إِنَّهُ لَا شَيْءَ لِلِابْنِ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ عَزَلَهَا بِعَيْنِهَا أَوْ دَفَعَهَا إِلَى رَجُلٍ وَضَعَهَا لِابْنِهِ عِنْدَ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ لِلِابْنِ إِلَى هُنَا انْتَهَتْ رواية يحيى الجزء: 7 ¦ الصفحة: 307 وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُصْعَبٍ وَغَيْرِهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ كَانَتِ النِّحْلَةُ عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً أَوْ شَيْئًا مَعْلُومًا مَعْرُوفًا ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَيْهِ وَأَعْلَنَ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَهُوَ يَلِي ابْنَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِابْنِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ - أَهْلِ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ وَسَائِرِ مَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْأَبَ يَجُوزُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مَا كَانَ فِي حِجْرِهِ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا بَالِغًا كُلَّ مَا يَهَبُ لَهُ وَيُعْطِيِهِ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ مِنَ الْعُرُوضِ كُلِّهَا وَالْعَقَارِ وَكُلِّ مَا عَدَا الْعَيْنِ كَمَا يَجُوزُ لَهُ مَا يُعْطِيهِ غَيْرُهُ وَأَنَّهُ يُجْزِئُهُ فِي ذَلِكَ الْإِشْهَادُ وَالْإِعْلَانُ وَإِذَا أَشْهَدَ فَقَدْ اعلن اذا فَشَا الْإِشْهَادُ وَظَهَرَ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ إِنَّ مَا يَسْكُنُ الْأَبُ لَا تَصِحُّ فِيهِ عَطِيَّةٌ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ حَتَّى يَخْرُجَ عَنْ ذَلِكَ سَنَةً وَنَحْوَهَا ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ رُجُوعُهُ إِلَيْهَا وَسُكْنَاهُ لَهَا مَا لَمْ يَمُتِ الْأَبُ فِيهَا أَوْ يَبْلُغِ الصَّغِيرُ رُشْدَهُ فَلَا يَقْبِضُهَا فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ سَاكِنًا فِيهَا أَوْ بَلَغَ الِابْنُ رُشْدًا فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى يَمُوتَ الْأَبُ لَمْ تَنْفَعْهُ حِيَازَتُهُ لَهُ تِلْكَ السَّنَةَ وَجَعَلُوا الْهِبَةَ لِلصَّغِيرِ جَوَازُهَا مُتَعَلِّقٌ بِمَا يَكُونُ مِنَ الْعَافِيَةِ فِيهَا فَإِنْ سَلِمَتْ فِي الْعَافِيَةِ مِنَ الرَّهْنِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَحِقَهَا رَهْنُ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْمَلْبُوسُ عِنْدَهُمْ إِذَا لَبِسَ الْأَبُ شَيْئًا مِنَ الثِّيَابِ الَّتِي وَهَبَهَا لِلصَّغِيرِ مِنْ وَلَدِهِ بَطَلَتْ فِيهِ هِبَتُهُ وَمَا عَدَا الْمَلْبُوسِ وَالْمَسْكُونِ فَيَكْفِي فِيهِ الاشهاد على ما وَصْفِنَا وَأَمَّا سَائِرُ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّ الْأَبَ إِذَا أَشْهَدَ وَأَعْلَنَ الشَّهَادَةَ بِمَا يُعْطِيهِ لِابْنِهِ فِي صِحَّتِهِ فَقَدْ نَفَذَ ذَلِكَ لِلِابْنِ مَا كَانَ صَغِيرًا وَحِيَازَةُ الْأَبِ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ كَحِيَازَتِهِ له ما يُعْطِيهِ غَيْرُهُ لِابْنِهِ النَّاظِرِ لَهُ وَلَا يَرْهَنُ عَطِيَّتَهُ لَهُ فِي صِحَّتِهِ إِذَا كَانَ صَغِيرًا وَلَا سُكْنَاهُ وَلَا لِبَاسَهُ كَمَا لَا يَضُرُّهُ عِنْدَ مَالِكٍ إِذَا سَكَنَ بَعْدَ السَّنَةِ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْهُ رُجُوعًا فِيمَا أَعْطَى كَمَا لَا يَكُونُ ذَلِكَ رُجُوعًا بَعْدَ السَّنَةِ وَمَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ ظَاهِرُ فِعْلِ عُثْمَانَ بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَأَمَّا الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ فَقَالَ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا عَزَلَهَا بِعَيْنِهَا فِي ظَرْفٍ وَخَتَمَ عَلَيْهَا بِخَاتَمِهِ أَوْ خَاتَمِ الشُّهُودِ الَّذِينَ أَشْهَدَهُمْ أَنَّهَا جَائِزَةٌ لِلِابْنِ كَمَا لَوْ جعلها له عند رجل وهو قول بن الماجشون واشهب الجزء: 7 ¦ الصفحة: 308 وَبِهِ كَانَ أَبُو عُمَرَ - أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَاشِمٍ - شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ يُفْتِي وَذَكَرَ الْعُتْبِيُّ لِابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ إِلَّا أَنْ يُخْرِجَهَا الْأَبُ عَنْ يَدِهِ إِلَى يَدِ غَيْرِهِ - يَحُوزُهَا لِلِابْنِ وَأَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ خَاتَمُهُ عَلَيْهَا وَبِهَذَا كَانَ يَقْضِي الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ يَبْقَى بْنِ زَرْبٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَانَتْ أَحَدَ الْأَسْبَابِ الَّتِي أَوْجَبَتِ التَّبَاعُدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي عُمَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَاخْتَلَفُوا فِي هِبَةِ الْمُشَاعِ مِنَ الْغَنَمِ وَغَيْرِهَا يَهَبُهَا الْأَبُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي حِجْرِهِ فَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ جَائِزٌ وَبِهِ قَالَ بن الماجشون وقال بن الْقَاسِمِ لَا يَحُوزُ الْأَبُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ إِلَّا مَا يَهَبُهُ مَبْرُوزًا مَقْسُومًا قَالَ وَإِلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ وَبِهِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ قَالَ أَبُو عُمَرَ ظَاهِرُ حَدِيثِ عُثْمَانَ يَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ مالك وبن الْمَاجِشُونَ وَهُوَ الْأَصْلُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَاخْتَلَفُوا فيمن يجوز لِلصَّغِيرِ غَيْرُ أَبِيهِ وَمَنْ يَقُومُ لَهُ فِي الْحِيَازَةِ مَقَامَ أَبِيهِ فِيمَا يُعْطِيهِ فَرَوَى يَحْيَى عن بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْأُمَّ لَا تَحُوزُ مَا يُعْطَى ابْنُهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ عَلَيْهِ وَصِيَّةً قَالَ وَلَا يَحُوزُ لِلطِّفْلِ إِلَّا مَنْ يَجُوزُ لَهُ إِنْكَاحُهُ وَالْمُبَارَاةُ عَلَيْهِ وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ له قال يحيى وسمعت بن وَهْبٍ يَقُولُ تَحُوزُ الْأُمُّ لِوَلَدِهَا مَا تَهَبُ لَهُمْ وَكَذَلِكَ الْجَدَّةُ وَالْأَجْدَادُ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا اولياء عليه وقال بن الْقَاسِمِ لَا تَحُوزُ الْأُمُّ مَا يُوهَبُ لِوَلَدِهَا وَقَالَ أَشْهَبُ تَحُوزُ لَهُمُ الْوَصِيَّةُ بِهِبَةٍ يَمْضِي مَعَهُمْ إِلَى الْكِتَابِ وَلَا يَحُوزُ لَهُمْ غَيْرُ ذَلِكَ وَالْوَصِيُّ عِنْدَهُمْ يَحُوزُ مَا يُوهَبُ لِلْيَتِيمِ فِي حِجْرِهِ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَالْجِدُّ عِنْدَهُ يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ فِيمَا يَهَبُهُ لِلْأَطْفَالِ مِنْ وَلَدِ وَلَدِهِ يَحُوزُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ إِلَى أَنْ يَبْلُغُوا مَبْلَغَ الْقَبْضِ لِأَنْفُسِهِمْ وَأَمَّا الْكُوفِيُّونَ فَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ أَنَّ الْأُمَّ كَالْأَبِ فِيمَا تَهَبُ لِابْنِهَا الْيَتِيمِ فِي حِجْرِهَا عَبْدًا أَوْ مَتَاعًا مَعْلُومًا إِذَا أَشْهَدَتْ عَلَى ذلك الجزء: 7 ¦ الصفحة: 309 جَازَ وَلَمْ تَرْجِعْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَكَذَلِكَ تَقْبِضُ لَهُ مِنْ كُلِّ مَنْ وُهِبَ لَهُ شَيْئًا يَصِحُّ قَبْضُهُ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ وَكَذَلِكَ مَنْ قَبَضَ لِلْيَتِيمِ مِنَ الْأَجْنَبِيِّينَ مَا أَعْطَى الْيَتِيمَ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا عَنْهُمْ قَالَ وَلِلْأَبِ أَنْ يَقْبِضَ مَا يَهَبُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مِمَّا يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِمْ وَكَذَلِكَ مَنْ فَوْقَهُ مِنَ الْآبَاءِ إِذَا كَانَ هُوَ الَّذِي أَمَرَهُ وَقَبْضُهُ مِنْ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ إِشْهَادُهُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ وَإِعْلَانُهُ بِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى محمد سيد المرسلين وخاتم النبيين وَعَلَى أَهْلِهِ الطَّيِّبِينَ وَسَلَّمْ تَسْلِيمًا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 310 |