مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ أَيُّمَا وَلِيدَةٍ
وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهَا وَلَا يَهَبُهَا وَلَا يُوَرِّثُهَا وَهُوَ يَسْتَمْتِعُ بِهَا فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ
حُرَّةٌ

قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلْفُ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ أَيُّمَا وَلِيدَةٍ
وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَإِنَّهُ لَا يَبِيعُهَا وَلَا يَهَبُهَا وَلَا يُوَرِّثُهَا وَهُوَ يَسْتَمْتِعُ بِهَا فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ
حُرَّةٌ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 329
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلْفُ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ وَفِي جَوَازِ بَيْعِهَا
فَالثَّابِتُ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهَا لَا تُبَاعُ عِنْدَهُ أَبَدًا وَأَنَّهَا حُرَّةٌ مِنْ رَأْسِ
مَالِ سَيِّدِهَا
وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَسَالِمِ بن عبد الله بن عمر وابراهيم وبن شِهَابٍ
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي
أَكْثَرِ كُتُبِهِ وَقَدْ أَجَازَ بَيْعَهَا فِي بَعْضِ كُتُبِهِ
قَالَ الْمُزَنِيُّ قَدْ قَطَعَ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا فِي كُتُبِهِ بِأَنْ لَا تُبَاعَ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ
مَذْهَبِهِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَحْمَدُ
وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ كُلُّهُمْ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ بَيْعُ أُمِّ الْوَلَدِ
وَكَانَ ابو بكر الصديق وعلي وبن عباس وبن الزُّبَيْرِ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو سَعِيدٍ
الْخُدْرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يُجِيزُونَ بَيْعَ أُمِّ الْوَلَدِ
وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ
وَقَالَ جَابِرٌ وَأَبُو سَعِيدٍ كُنَّا نَبِيعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قال اخبرنا بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ
عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ كُنَّا نَبِيعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا لَا
يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا
قَالَ واخبرنا بن جريح قَالَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْوَلِيدِ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيَّ
أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ بِبَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فِي
إِمَارَتِهِ وَعُمَرَ فِي نِصْفِ امارته
وقال بن مسعود تعتق في نصيب وَلَدِهَا وَذِي بَطْنِهَا
وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ بن عباس وبن الزبير
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 330
قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي مَارِيَةَ سُرِّيَّتِهِ لَمَّا
وَلَدَتِ ابْنَهُ إِبْرَاهِيمَ (أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا) مَعَ وَجْهٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَلَا يُثْبِتُهُ أَهْلُ الحديث
وكذلك حديث بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَلَدَتْ
مِنْ سَيِّدِهَا فَهِيَ حُرَّةٌ إِذَا مَاتَ)
وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ لِأَنَّهُ انْفَرَدَ بِهِ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
عباس عن عكرمة عن بن عباس عن النبي وَحُسَيْنٌ هَذَا ضَعِيفٌ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ
وَالصَّحِيحُ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أُمِّ الْوَلَدِ فَقَالَ هِيَ حُرَّةٌ إِذَا مَاتَ سَيِّدُهَا فَقِيلَ لَهُ
عَمَّنْ هَذَا قَالَ عَنِ الْقُرْآنِ قَالَ كَيْفَ فَقَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) النِّسَاءِ 59 وَكَانَ عُمَرُ مِنْ أُولِي
الْأَمْرِ قَالَ يَعْتِقُهَا وَلَدُهَا وَلَوْ كَانَ سِقْطًا
ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ
أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ اهل العراق سألا بن عمر بالابواء وقالا انا كنا تركنا
بن الزُّبَيْرِ يَبِيعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بِمَكَّةَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَكِنَّ أَبَا حَفْصَةَ عُمَرَ - أَتَعْرِفَانِهِ -
قَالَ أَيُّمَا رِجْلٍ وَلَدَتْ مِنْهُ جَارِيَتُهُ فَهِيَ حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِهِ
قَالَ وَحَدَّثَنِي أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عُبَيْدَةَ
السَّلْمَانِيِّ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ اسْتَشَارَنِي عُمَرُ فِي بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ
فَرَأَيْتُ أَنَا وَهُوَ أَنَّهَا إِذَا وَلَدَتْ عَتَقَتْ فَقَضَى بِهِ عُمَرُ حَيَاتَهُ وَعُثْمَانُ بَعْدَهُ فَلَمَّا وَلِيتُهُ
رَأَيْتُ أَنْ أَرِقَّهُنَّ
قَالَ الشَّعْبِيُّ وحدثني بن سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ فَمَا تَرَى أَنْتَ فَقَالَ رَأْيُ عَلِيٍّ
وَعُمَرَ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ حِينَ أَدْرَكَهُ الِاخْتِلَافُ
وَرَوَى مَعْمَرٌ وَغَيْرُهُ عَنْ أَيُّوبَ عن بن سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا
يَقُولُ اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيُ عُمَرَ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ أَنْ لَا يُبَعْنَ
قَالَ ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْدُ أَنْ يُبَعْنَ
قَالَ عُبَيْدَةُ فَقُلْتُ لَهُ رَأْيُكَ وَرَأْيُ عُمَرَ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ رَأْيِكَ وَحْدَكَ فِي
الْفُرْقَةِ أَوْ قَالَ فِي الْفِتْنَةِ فَضَحِكَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 331
أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
عَمْرٍو عَنْ خُصَيْفٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عن بن عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ إِذَا أَسْقَطَتْ فَإِنَّهَا
بِمَعْنَى الْحُرَّةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ قَدِ انْعَقَدَ أَنَّهَا لَا تَعْتِقُ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهَا
وَأَنَّهَا فِي شَهَادَتِهَا وَدِيَتِهَا وَأَرْشِ جِنَايَتِهَا كَالْأَمَةِ وَقَدْ بَانَ مَذْهَبُ عمر بما ذكرنا في
رواية مالك عن نافع عن بن عُمَرَ عَنْهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ
وَذَكَرَ عبد الرزاق عن بن جريج قال سئل بن شِهَابٍ عَنْ أُمِّ الْوَلَدِ تَزْنِي أَيَبِيعُهَا
سَيِّدُهَا قَالَ لَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا سَيِّدُهَا وَلَكِنْ يُقَامُ عَلَيْهَا حَدُّ الْأَمَةِ
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ لَا يُرِقُّهَا حَدَثٌ
وَمَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي أُمِّ
الْوَلَدِ تَزْنِي قَالَ فَأَرَانِي إِيَاسٌ جَوَابَ عُمَرَ أَنْ أَقِمْ عَلَيْهَا الْحَدَّ لَا تَزِدْهَا عَلَيْهِ وَلَا
تُسْتَرَقُّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرْتُ هَذَا لِأَنَّهُ قَدْ رَوَى معمر عن ايوب عن بن سِيرِينَ عَنْ أَبِي
الْعَجْمَاءِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهَا إِذَا زَنَتْ رُقَّتْ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ الْقَائِلِينَ بِأَنْ لَا تُبَاعَ أُمُّ الْوَلَدِ
عَلَى خِلَافِ هَذَا الْحَدِيثِ يَرَوْنَ عَلَيْهَا إِقَامَةَ الْحَدِّ حَدِّ الْأَمَةِ وَلَا تُسْتَرَقُّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ الَّذِينَ أَجَازُوا بَيْعَ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ بِأَنْ قَالُوا قَدْ أَجْمَعُوا
عَلَى أَنَّهَا تُبَاعُ قَبْلَ أَنْ يَحْمِلَ ثُمَّ اخْتَلَفُوا إِذَا وَضَعَتْ
فَالْوَاجِبُ بِحَقِّ النَّظَرِ أَلَّا يَزُولَ حُكْمُ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مَعَ جَوَازِ بَيْعِهَا وَهِيَ حَامِلٌ إِلَّا
بِإِجْمَاعٍ مِثْلِهِ إِذَا وَضَعَتْ وَلَا إِجْمَاعَ ها هنا فَعُورِضُوا بِأَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا
يَجُوزُ بَيْعُهَا وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ سَيِّدِهَا فَمِنْ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَهِيَ مُعَارَضَةٌ صَحِيحَةٌ
على اصول اهل الظاهر دون سائر العلماء الْقَائِلِينَ بِزَوَالِ مَا اعْتُلَّ بِزَوَالِ عِلَّتِهِ
وَالْقَائِسِينَ عَلَى الْمَعَانِي لَا عَلَى الْأَسْمَاءِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ