مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَتْهُ وَلِيدَةٌ قَدْ ضَرَبَهَا سَيِّدُهَا بِنَارٍ أَوْ أَصَابَهَا بِهَا فَأَعْتَقَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ عُمَرَ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ يُونُسَ (...) |
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَتَتْهُ وَلِيدَةٌ قَدْ ضَرَبَهَا سَيِّدُهَا بِنَارٍ أَوْ
أَصَابَهَا بِهَا فَأَعْتَقَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ عُمَرَ مِنْ وُجُوهٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 332 مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَجُلًا كَوَى غُلَامًا لَهُ بِالنَّارِ فَأَعْتَقَهُ عُمَرُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا أَقْعَدَ جَارِيَةً لَهُ عَلَى النَّارِ فَأَعْتَقَهَا عُمَرُ قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ وَقَعَ سُفْيَانُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى أَمَةٍ لَهُ فَأَقْعَدَهَا عَلَى مِقْلَاةٍ فَاحْتَرَقَ عَجُزُهَا فَأَعْتَقَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَوْجَعَهُ ضَرْبًا قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ مَثَّلَ بِمَمْلُوكِهِ عَامِدًا فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ مَالِكٌ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وولاوه لَهُ وَقَالَ اللَّيْثُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وروي عن بن عُمَرَ أَنَّهُ أَعْتَقَ أَمَةً عَلَى مَوْلَاهَا لَمَّا مَثَّلَ بِهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِنْ مَثَّلَ بِمَمْلُوكِ غَيْرِهِ ضَمِنَ وَعَتَقَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا نَعْلَمُ قَالَهُ غَيْرُ الْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا نَقَصَ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا مَنْ مَثَّلَ بِمَمْلُوكِهِ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ وَمَمْلُوكُهُ وَمَمْلُوكُ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ مَمْلُوكُهُ وَلَا غَيْرُ مَمْلُوكِهِ إِذَا مَثَّلَ بِهِ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث بن عُمَرَ (مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهُ أَوْ ضَرَبَهُ) وَفِي بَعْضِ الرُّوَاةِ لِهَذَا الْحَدِيثِ يَقُولُ فِيهِ (أَوْ ضَرَبَهُ حَدًّا لَمْ يَأْتِهِ فَكَفَّارَتُهُ عِتْقُهُ) قَالُوا وَقَدْ يَكُونُ مِنَ الضَّرْبِ مَا يَكُونُ مُثْلَةً فَلَمْ يَعْتِقْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا قال (كفارته ذلك) فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ قَالَ أَبُو عمر ليس هذا ببين مِنَ الْحُجَّةِ وَالْحُجَّةُ لِمَالِكٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ زِنْبَاعًا أَبَا رَوْحِ بْنِ زِنْبَاعٍ وجد غلاما الجزء: 7 ¦ الصفحة: 333 لَهُ مَعَ جَارِيَتِهِ فَقَطَعَ ذَكَرَهُ وَجَدَعَ أَنْفَهُ فَأَتَى الْعَبْدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ) قَالَ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (اعْتِقْهُ فَاذْهَبْ فَأَنْتَ حر) ورواه معمر وبن جُرَيْجٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَغَيْرُهُمْ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ عَتَاقَةُ رَجُلٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ وَأَنَّهُ لَا تَجُوزُ عَتَاقَةُ الْغُلَامِ حَتَّى يَحْتَلِمَ أَوْ يَبْلُغَ مَبْلَغَ الْمُحْتَلِمِ وَأَنَّهُ لَا تَجُوزُ عَتَاقَةُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَإِنْ بَلَغَ الْحُلُمَ حَتَّى يَلِيَ مَالَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ فِي الَّذِينَ عَلَيْهِمُ الدَّيْنُ أَنْ يُحِيطَهُ بِمَالِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ فَعَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَخَالَفَهُمْ فُقَهَاءُ الحجاز وبن شبرمة وبن أَبِي لَيْلَى وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا عِتْقُ مَا عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَهِبَتُهُ وَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ كُلُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَانَ الدَّيْنُ مُحِيطٌ بِمَالِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ حَتَّى يُفَلِّسَهُ الْحَاكِمُ وَيَحْبِسَهُ وَيُبْطِلَ إِقْرَارَهُ وَيَحْجُرَ عَلَيْهِ فَإِذَا فَعَلَ الْقَاضِي ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ إِقْرَارُهُ وَلَا عِتْقُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَهُوَ مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَاحْتَجَّ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَطَأَ جَارِيَتَهُ وَيُحْبِلَهَا وَلَا يُرَدُّ شَيْءٌ أَنْفَقَهُ مِنْ مَالٍ فِيمَا شَاءَ حَتَّى يَضْرِبَ الْحَاكِمُ عَلَى يَدِهِ وَيَحْجُرَ عَلَيْهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حيي إِذَا حَبَسَهُ الْقَاضِي لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ حَتَّى يُفْلِسَهُ الْقَاضِي فَيَقُولُ (لَا أُجِيزُ لَكَ أَمْرًا) وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ الْحَبْسُ لَا يُوجِبُ الْحَجْرَ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 334 لِلدَّائِنِينَ (خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ) فَخَالَفَ أَصْحَابَهُ وَمَالَ إِلَى قَوْلِ الثَّوْرِيِّ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ وَسَنَزِيدُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَيَانًا فِي الْأَقْضِيَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا تَجُوزُ عَتَاقَةُ الْغُلَامِ حَتَّى يَحْتَلِمَ أَوْ يُبْلُغَ مَا يَبْلُغُ الْمُحْتَلِمُ فَالِاحْتِلَامُ مَعْلُومٌ وَقَوْلُهُ أَوْ يَبْلُغَ مَبْلَغَ مَا يَبْلُغُهُ الْمُحْتَلِمُ فَإِنَّ مِنَ الرِّجَالِ مَنْ لَا يَحْتَلِمُ وَلَكِنَّهُ إِذَا بَلَغَ سِنًّا لَا يَبْلُغُهَا إِلَّا الْمُحْتَلِمُ حُكِمَ لَهُ بِحُكْمِ الْمُحْتَلِمِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حَدِّ الْبُلُوغِ لِمَنْ لَا يَحْتَلِمُ فَقَالَ مَالِكٌ الْبُلُوغُ وَالْإِنْبَاتُ أَوِ الِاحْتِلَامُ أَوِ الْحَيْضُ فِي الْجَارِيَةِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يُقِيمُ الْحَدَّ بِالْإِنْبَاتِ حَتَّى يَحْتَلِمَ أَوْ يَبْلُغَ مِنَ السِّنِّ مَا يُعْلَمُ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَبْلُغُهُ حَتَّى يحتلم فيكون عليه الحد هذه رواية بن الْقَاسِمِ وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُعْتَبَرُ فِي الْمَجْهُولِ الْأَوْلَادِ الْإِنْبَاتُ وَفِي الْمَعْلُومِ بُلُوغُ خَمْسَ عشرة سنة وهو قول بن وهب وبن الْمَاجِشُونَ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِي الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ جَمِيعًا وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ مَنْ أَنْبَتَ مِنْ سَبْيِ قُرَيْظَةَ وَاسْتَحْيَى مَنْ لَمْ يُنْبِتْ وَرَوَى نَافِعٌ عَنْ أَسْلَمَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ (أَلَّا يَضْرِبُوا الْجِزْيَةَ إِلَّا عَلَى مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَوَاسِيُّ) وَقَالَ عُثْمَانُ فِي غُلَامٍ سَرَقَ انْظُرُوهُ فَإِنْ كَانَ خَضِرَ مَبْرَزُهُ فَاقْطَعُوهُ وَقَالَ أبو حنيفة اذا بلغت الجارية سبع عشرة سَنَةً فَهِيَ بَالِغٌ وَإِنْ لَمْ تَحِضْ وَفِي الْغُلَامِ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَإِنْ لَمْ يَحْتَلِمْ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِي الْغُلَامِ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً وَفِي الْجَارِيَةِ إِذَا وَلَدَ مِثْلُهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ الْغُلَامَ مَا لَمْ يَحْتَلِمْ لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ وَلَمْ تَكُنْ وصية منه وكذلك المحجوز الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ لِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ وَرَقِيقِهِ عِنْدَهُمْ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا وَأَكْثَرَ أَصْحَابِهِ أَجَازُوا عِتْقَ أُمِّ وَلَدِهِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 335 |