مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ سُئِلَ عَنْ عَبْدٍ لَهُ وَلَدٌ مِنِ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ
لِمَنْ وَلَاؤُهُمْ فَقَالَ سَعِيدٌ إِنْ مَاتَ أَبُوهُمْ وَهُوَ عَبْدٌ لَمْ يُعْتَقْ فَوَلَاؤُهُمْ لِمَوَالِي أُمِّهِمْ
قَالَ مَالِكٌ وَمِثْلُ ذَلِكَ وَلَدُ الْمُلَاعِنَةِ مِنَ الْمَوَالِي يُنْسَبُ إِلَى مَوَالِي (...)
 
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ سُئِلَ عَنْ عَبْدٍ لَهُ وَلَدٌ مِنِ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ
لِمَنْ وَلَاؤُهُمْ فَقَالَ سَعِيدٌ إِنْ مَاتَ أَبُوهُمْ وَهُوَ عَبْدٌ لَمْ يُعْتَقْ فَوَلَاؤُهُمْ لِمَوَالِي أُمِّهِمْ
قَالَ مَالِكٌ وَمِثْلُ ذَلِكَ وَلَدُ الْمُلَاعِنَةِ مِنَ الْمَوَالِي يُنْسَبُ إِلَى مَوَالِي أُمِّهِ فَيَكُونُونَ هُمْ
مَوَالِيَهُ إِنْ مَاتَ وَرِثُوهُ وَإِنْ جَرَّ جَرِيرَةً عَقَلُوا عَنْهُ فَإِنِ اعْتَرَفَ بِهِ أَبُوهُ أُلْحِقَ بِهِ
وَصَارَ وَلَاؤُهُ إِلَى مَوَالِي أَبِيهِ وَكَانَ مِيرَاثُهُ لَهُمْ وَعَقْلُهُ عَلَيْهِمْ وَيُجْلَدُ أَبُوهُ الْحَدَّ
قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْمُلَاعِنَةُ مِنَ الْعَرَبِ إِذَا اعْتَرَفَ زَوْجُهَا الَّذِي لَاعَنَهَا بِوَلَدِهَا
صَارَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمَنْزِلَةِ إِلَّا أَنَّ بَقِيَّةَ مِيرَاثِهِ بَعْدَ مِيرَاثِ أُمِّهِ وَإِخْوَتِهِ لِأُمِّهِ لِعَامَّةِ
الْمُسْلِمِينَ مَا لَمْ يُلْحَقْ بِأَبِيهِ وَأَنَّمَا وَرَّثَ وَلَدُ الْمُلَاعِنَةِ الْمُولَاةِ مَوَالِي أُمِّهِ قَبْلَ أَنْ
يَعْتَرِفَ بِهِ أَبُوهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسَبٌ وَلَا عَصَبَةٌ فَلَمَّا ثَبَتَ نَسَبُهُ صَارَ إِلَى عَصَبَتِهِ
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي وَلَدِ الْعَبْدِ مِنِ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ وَأَبُو الْعَبْدِ حُرٌ أَنَّ
الْجَدَّ أَبَا الْعَبْدِ يَجُرُّ وَلَاءَ وَلَدِ ابْنِهِ الْأَحْرَارِ مِنِ امْرَأَةٍ حرة يرثهم ما دام أَبُوهُمْ عَبْدًا
فَإِنْ عَتَقَ أَبُوهُمْ رَجَعَ الْوَلَاءُ إِلَى مَوَالِيهِ وَإِنْ مَاتَ وَهُوَ عَبْدٌ كَانَ الْمِيرَاثُ وَالْوَلَاءُ
لِلْجَدِّ وَإِنِ الْعَبْدُ كَانَ لَهُ ابْنَانِ حُرَّانِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَأَبُوهُ عَبْدٌ جَرَّ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ
الْوَلَاءَ وَالْمِيرَاثَ
قَالَ أَبُو عمر هكذا رواه يحيى وبن بُكَيْرٍ وَطَائِفَةٌ
وَرَوَاهُ مُطَرِّفٌ وَأَبُو مُصْعَبٍ وَغَيْرُهُمَا عن مالك بابين من هذا قالا (جَرَّ الْجَدُّ الْوَلَاءَ
وَكَانَ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا) وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّهُ مِيرَاثُ مَالٍ لَا مِيرَاثُ وَلَاءٍ
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَجَرَّ الْجَدُّ الْوَلَاءَ إِلَى مَوَالِيهِ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَجُرُّهُ إِلَيْهِمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ
يَحْجُبُهُ عَنْهُمْ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 361
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ ربيعة في قصة الزبير رواه الثوري وبن جُرَيْجٍ
عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ
وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَالثَّوْرِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ
الْعَوَّامِ اشْتَرَى عَبْدًا مَمْلُوكًا عِنْدَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ زَوَّجَهُ مَوْلَاةً لَهُ مِنْهَا بَنُونٌ فَلَمَّا
اشْتَرَى الزُّبَيْرُ الْعَبْدَ اعتقه فاختصما إلى عثمان فقضى بالولاء لِلزُّبَيْرِ
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي انْتِقَالِ الْوَلَاءِ الَّذِي قَدْ ثَبَتَ لِمَوَالِي الْأَمَةِ الْمُعْتَقَةِ فِي بَنِيهَا مِنَ
الزَّوْجِ الْعَبْدِ إِنْ أُعْتِقَ بَعْدُ
فَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ وَلَاءَهُمْ لِمَوَالِي أُمِّهِمْ لَا يَجُرُّهُ الْأَبُ إِنْ أُعْتِقَ
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ عَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ وَمُجَاهِدٌ وبن شِهَابٍ وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ
وَقَضَى بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ فِي آخِرِ خِلَافَتِهِ لَمَّا حَدَّثَ بِهِ قَبِيصَةُ عَنْ عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ وَكَانَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ فِيهِ بِقَضَاءِ مَرْوَانَ أَنَّ الْوَلَاءَ يَعُودُ لِمَوَالِي أَبِيهِمْ إِنْ
أُعْتِقَ
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَيْمُونِ بْنِ مَرْوَانَ مِثْلُ ذَلِكَ
وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ لَا يَتَحَوَّلُ وَلَاؤُهُمْ إِلَى مَالِ أَبِيهِمْ
قَالَ مَعْمَرٌ وَبَلَغَنِي عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَدَّوْا ذَلِكَ
وحدثني بن طَاوُسٍ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ مِثْلَ ذَلِكَ
وَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ
وَإِسْحَاقُ كُلُّهُمْ وَأَصْحَابُهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أُعْتِقَ جَرَّ وَلَاءَ وَلَدِهِ إِلَى مَوَالِيهِ وَانْتَقَلَ
وَلَاؤُهُمْ عَنْ أُمِّهِمْ وَعَنْ مَوَالِيهَا
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ
بْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ
وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ
وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ
وَقَضَى بِهِ مَرْوَانُ عَنْ رَأْيِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
وَمَا نَظَرَ بِهِ مَالِكٌ مِنْ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ فَتَنْظِيرٌ صَحِيحٌ وَقِيَاسٌ حَسَنٌ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 362
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ إِنَّ الْجَدَّ أَبُ الْعَبْدِ يَجُرُّ وَلَاءَ وَلَدِ ابْنِهِ الْأَحْرَارِ مِنِ امْرَأَةٍ حرة يرثه
ما دام أَبُوهُمْ عَبْدًا فَإِنْ أَعْتَقَ أَبُوهُمْ رَجَعَ الْوَلَاءُ إِلَى مَوَالِيهِ عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ
ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ
وَقَوْلُهُ إِنَّ الْأَمْرَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ فَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الشَّعْبِيِّ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالثَّوْرِيُّ لَا يَجُرُّ الْجَدُّ الْوَلَاءَ قَالُوا فِي وَلَدِ الْعَبْدِ
مِنِ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ إِذَا كَانَ الْعَبْدُ حَيًّا لَمْ يَجُرَّ الْوَلَاءَ
وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ وَلَدَ الْعَبْدِ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ جَدِّهِ وَأَنَّ أَبَاهُ لَوْ لَاعَنَ أُمَّهُ لَمْ يَسْتَخْلِفْهُ
الْجَرُّ فَكَذَلِكَ لَا يُلْحَقُ بِهِ وَلَاؤُهُ
قَالَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ نَسَبَهُ إِلَى الْجَدِّ إِنَّمَا هُوَ بِأَبِيهِ فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَلَاؤُهُ لِأَبِيهِ فَإِذَا
لَمْ يَثْبُتْ وَلَاؤُهُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ لَمْ يَثْبُتْ مِنْ جِهَةِ الْجَدِّ
قَالَ مَالِكٌ فِي الْأَمَةِ تُعْتَقُ وَهِيَ حَامِلٌ وَزَوْجُهَا مَمْلُوكٌ ثُمَّ يُعْتَقُ زوجها قبل ان تضع
حملها او بعد ما تَضَعُ إِنَّ وَلَاءَ مَا كَانَ فِي بَطْنِهَا لِلَّذِي أَعْتَقَ أُمَّهُ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَلَدَ قَدْ
كَانَ أَصَابَهُ الرِّقُّ قَبْلَ أَنْ تَعْتِقَ أُمُّهُ وَلَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي تَحْمِلُ بِهِ أُمُّهُ بَعْدَ الْعَتَاقَةِ
لِأَنَّ الَّذِي تَحْمِلُ بِهِ أُمُّهُ بَعْدَ الْعَتَاقَةِ إِذَا أُعْتِقَ أَبُوهُ جَرَّ وَلَاءَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا مَذْهَبُ الْكُوفِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ لَوْ
قَالَ لِأَمَتِهِ الْحَامِلِ مَا وَلَدْتِ فَهُوَ حُرٌّ أَنَّهُ تَلْحَقُهُ الْحُرِّيَّةُ إِذَا وَلَدَتْهُ وَيَلْزَمُهُ فِيهِ قَوْلُهُ
وَكَذَلِكَ إِذَا أَعْتَقَهَا حَامِلًا فَوَلَدُهَا كَعُضْوٍ مِنْهَا فَكَذَلِكَ يَلْحَقُ الْعِتْقُ مَا فِي بَطْنِهَا فَكَيْفَ
يَجُرُّ الْعَبْدُ إِذَا أَعْتَقَ وَلَاءَ مَنْ قَدْ ثَبَتَ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ!
قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يَسْتَأْذِنُ سَيِّدَهُ أَنْ يَعْتِقَ عَبْدًا لَهُ فَيَأْذَنُ لَهُ سَيِّدُهُ إِنَّ وَلَاءَ الْعَبْدِ
الْمُعْتَقِ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ لَا يَرْجِعُ وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي أَعْتَقَهُ وَإِنْ عَتَقَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يَتَّفِقُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ وَمَنْ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ لَا
يَمْلِكُ شَيْئًا وَعِتْقُ الْعَبْدِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَمْلِكْ عِنْدَهُ الْعَبْدُ شَيْئًا كَعِتْقِ الْوَكِيلِ
بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ فِي مَعْنَى مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا عَلَى إِنْكَاحِهِ أَوْ طَلَاقِهِ
وَمَنْ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ لَا يُجِيزُ لَهُ التَّصَرُّفَ فِي مَا بِيَدِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَإِذَا أَذِنَ لَهُ
فِيهِ كَانَ كَمَا وَصَفْنَا وَبِاللَّهِ تَوْفِيقُنَا
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 363