مَالِكٌ أَنَّهُ سال بن شِهَابٍ عَنِ السَّائِبَةِ قَالَ يُوَالِي مَنْ شَاءَ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُوَالِ أَحَدًا فَمِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَعَقْلُهُ عَلَيْهِمْ قَالَ مَالِكٌ إِنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعَ فِي السَّائِبَةِ أَنَّهُ لَا يُوَالِي أَحَدًا وَأَنَّ مِيرَاثَهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَعَقْلَهُ عَلَيْهِمْ قَالَ أَبُو (...) |
مَالِكٌ أَنَّهُ سال بن شِهَابٍ عَنِ السَّائِبَةِ قَالَ يُوَالِي مَنْ شَاءَ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ
يُوَالِ أَحَدًا فَمِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَعَقْلُهُ عَلَيْهِمْ قَالَ مَالِكٌ إِنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعَ فِي السَّائِبَةِ أَنَّهُ لَا يُوَالِي أَحَدًا وَأَنَّ مِيرَاثَهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَعَقْلَهُ عَلَيْهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ (أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ) أَنَّهُ يَدُلُّكَ عَلَى مَا سَمِعَ فِي مِيرَاثِ السَّائِبَةِ غَيْرَ مَا اسْتَحْسَنَهُ وَذَهَبَ إِلَيْهِ وَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ فِي السَّائِبَةِ قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَّا أَنَّ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لَيْسَ بِالْبَيِّنِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا رُوِيَ عَنْهُ السَّائِبَةُ لِيَوْمِهَا فَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ مَالِكٍ قَالَ أَيْ لَا تَعُودُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا وَأَمَّا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ مِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَعَقْلُهُ عَلَيْهِمْ وكان بن شِهَابٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَطَائِفَةٌ يَرَوْنَ لِلسَّائِبَةِ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ فَإِنْ وَالَى مَنْ شَاءَ أَحَدًا كَانَ مِيرَاثُهُ لَهُ وَعَقْلُهُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُوَالِ أَحَدًا كَانَ مِيرَاثُهُ وَعَقْلُهُ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وكان بن مَسْعُودٍ يَقُولُ السَّائِبَةُ يَضَعُ مَالَهُ حَيْثُ شَاءَ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ ابي عمرو الشيباني عن بن مَسْعُودٍ وَكَانَ الشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ يَقُولَانِ لَا بَأْسَ ببيع ولاء السائبة وهبته وقد كره بن عمر ان يأخد مَالَ مَوْلًى أَعْتَقَهُ سَائِبَةٌ وَأَمَرَ بِهِ فَاشْتُرِيَ به رقاب واعتقها وَالنَّظَرُ يَشْهَدُ لَهُ لَوْ لَمْ تَرَ الْمَالَ لَهُ مَا فَضَلَ ذَلِكَ فِيهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 367 وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَلَاءُ السَّائِبَةِ لِمُعْتِقِهِ لَا لِأَحَدٍ غَيْرِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ أَحَدًا وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ) وَنَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْوَلَاءُ كَالنَّسَبِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ) وَرَوَى أَبُو قَيْسٍ - عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَرْوَانَ عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ إِنِّي أَعْتَقْتُ غُلَامًا لِي سَائِبَةً فَمَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِنَّ أَهْلَ الْإِسْلَامِ لَا يُسَيِّبُونَ إِنَّمَا كَانَتْ تَسَيِّبُ الْجَاهِلِيَّةُ أَنْتَ وَارِثُهُ وَوَلِيُّ نِعْمَتِهِ وَرَوَى يَحْيَى بن يَحْيَى عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ قَالَ لَسْتُ آخُذُ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِيمَنْ أَعْتَقَ سَائِبَةً وَأَقُولُ وَلَاؤُهُ لَهُ وَلَا سَائِبَةَ عِنْدَنَا الْيَوْمَ فِي الْإِسْلَامِ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا فِي مِيرَاثِ السَّائِبَةِ الحسن وبن سِيرِينَ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ وَضَمْرَةُ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ مَالِكٌ فِي الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ عَبْدُ أَحَدِهِمَا فَيَعْتِقَهُ قَبْلَ أَنْ يُبَاعَ عَلَيْهِ إِنَّ وَلَاءَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنْ أَسْلَمَ الْيَهُودِيُّ أَوِ النَّصْرَانِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ الْوَلَاءُ أَبَدًا قَالَ وَلَكِنْ إِذَا أَعْتَقَ الْيَهُودِيُّ أَوِ النَّصْرَانِيُّ عَبْدًا عَلَى دِينِهِمَا ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُعْتِقُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ الْيَهُودِيُّ أَوِ النَّصْرَانِيُّ الَّذِي أَعْتَقَهُ ثُمَّ أُسْلَمَ الَّذِي أَعْتَقَهُ رَجَعَ إِلَيْهِ الْوَلَاءُ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ ثَبَتَ لَهُ الْوَلَاءُ يَوْمَ أَعْتَقَهُ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ كَانَ لِلْيَهُودِيِّ أَوِ النَّصْرَانِيِّ وَلَدٌ مُسْلِمٌ وَرِثَ مَوَالِي أَبِيهِ الْيَهُودِيِّ أَوِ النَّصْرَانِيِّ إِذَا أَسْلَمَ الْمَوْلَى الْمُعْتَقُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ الَّذِي أَعْتَقَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَقُ حِينَ أُعْتِقَ مُسْلِمًا لم يكن لولد النصراني او اليهودي او الْمُسْلِمَيْنِ مِنْ وَلَاءِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْيَهُودِيِّ وَلَا لِلنَّصْرَانِيِّ وَلَاءٌ فَوَلَاءُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى مَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَذَهَبَ إِلَيْهِ فِي النَّصْرَانِيِّ يَعْتِقُ عَبْدَهُ إِذَا أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يُبَاعَ عَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَصْحَابِهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 368 وَأَمَّا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ فَمَذْهَبُهُمْ أَنَّ وَلَاءَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ إِذَا أَعْتَقَهُ النَّصْرَانِيُّ لِسَيِّدِهِ النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّ الْوَلَاءَ نَسَبٌ مِنَ الْأَنْسَابِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ يَرِثُهُ إِنْ مَاتَ لِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ كَمَا لَا يَرِثُ الْأَبُ ابْنَهُ وَلَا الِابْنُ أَبَاهُ لَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ كَافِرٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ) فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ بَعْدَ إِسْلَامِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا وَرِثَهُ فَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ إِذَا أَعْتَقَ كَافِرٌ مُسْلِمًا لَمْ يَرِثْهُ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ فَإِنْ أَسْلَمَ وِرْثَهُ هَذَا قول الشافعي وابي حنيفة وأصحابه وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَبِهِ أَقُولُ وَقَدْ أُجْمِعُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ عِتْقَ النَّصْرَانِيِّ أَوِ الْيَهُودِيِّ لِعَبْدِهِ الْمُسْلِمِ صَحِيحٌ نَافِذٌ جَائِزٌ عَلَيْهِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ عَبْدُ الْكَافِرِ فَبِيعَ عَلَيْهِ أَنَّ ثَمَنَهُ يُدْفَعُ إِلَيْهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ بِيعَ وَعَلَى مِلْكِهِ ثَبَتَ الْعِتْقُ لَهُ إِلَّا أَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ لِوُجُوبِ بَيْعِهِ عَلَيْهِ فَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) النِّسَاءِ 141 يُرِيدُ الِاسْتِرْقَاقَ وَالْمِلْكَ وَالْعُبُودِيَّةَ مِلْكًا مُسْتَقِرًا لِأَنَّهُ إِذَا فَطِنَ لِمِلْكِهِ لَهُ بِيعَ عَلَيْهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي شِرَاءِ الْكَافِرِ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْبَيْعَ مَفْسُوخٌ وَالثَّانِي أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَيُبَاعُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الذِّمِّيِّ يَعْتِقُ الذِّمِّيَّ ثُمَّ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ ثُمَّ يُسْلِمُ الْآخَرُ أَنَّهُ يَرِثُ مِنْهُمَا السَّيِّدُ مَوْلَاهُ الَّذِي أَنْعَمَ بِالْعِتْقِ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُسْلِمِ الْمُعْتِقُ وَكَانَ لَهُ وَلَدٌ مُسْلِمٌ وَرِثَهُ الِابْنُ الْمُسْلِمُ وَعُدَّ أَبُوهُ كَالْمَيِّتِ فِي الْمِيرَاثِ مَا دَامَ كَافِرًا كَمَا رَسَمَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ أَنَّ الْحَرْبِيَّ يَعْتِقُ عَبْدَهُ عَلَى دِينِهِ ثُمَّ يَخْرُجَانِ إِلَيْنَا مُسْلِمَيْنِ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ هُوَ مَوْلَاهُ يَرِثُهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 369 وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَاسْتَحْسَنَهُ أَبُو يُوسُفَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا أَعْتَقَ الْحَرْبِيُّ عَبْدَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ خَرَجَا إِلَيْنَا مُسْلِمَيْنِ فَلِلْعَبْدِ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ وَلَا يَكُونُ ولاؤه للمعتق وقد قال بن الْقَاسِمِ إِذَا خَرَجَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ إِلَيْنَا مُسْلِمًا ثُمَّ خَرَجَ سَيِّدُهُ مُسْلِمًا عَادَ إِلَيْهِ الْوَلَاءُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَعُودُ إِلَيْهِ الْوَلَاءُ أَبَدًا لِأَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ مُسْلِمًا قَبْلَ سَيِّدِهِ ثَبَتَ وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبِيدًا خَرَجُوا إِلَيْهِ مِنَ الطَّائِفِ مُسْلِمِينَ ثُمَّ أَسْلَمَ سَادَتُهُمْ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِمْ وَلَاؤُهُمْ وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَكُنْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أُعْتِقَ قَبْلَ الْخُرُوجِ وَإِنَّمَا مَلَكُوا أَنْفُسَهُمْ بِخُرُوجِهِمْ كَمَا كَانَ يَمْلِكُهُمُ الْمُسْلِمُونَ لَوْ سَبَوْهُمْ وَأَخَذُوهُمْ عَنْوَةً فَلَيْسَ بِخُرُوجِهِمْ فَلَيْسَ لَهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ الْمُسْتَعَانُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 370 |