مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ كَانَا يَقُولَانِ الْمُكَاتَبُ
عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ
قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ رَأْيِي
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا رَأْيُ جَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ
مِنْ (...)
 
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ كَانَا يَقُولَانِ الْمُكَاتَبُ
عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ
قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ رَأْيِي
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا رَأْيُ جَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ
مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ بَعْضَهُمْ يَقُولُ لَا يَكُونُ حُرًّا بِأَدَاءِ كِتَابَتِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي
عَقْدِ كِتَابَتِهِ فَإِذَا أَدَّيْتَ ذَلِكَ فَأَنْتَ حُرٌّ يَشْتَرِطُ ذَلِكَ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ
هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ
وَعِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا لَا يَضُرُّ الْمُكَاتَبَ أَنْ لَا يَقُولَ لَهُ مَوْلَاهُ فِي حِينِ
كِتَابَتِهِ إِيَّاهُ إِذَا أَدَّيْتَ إِلَيَّ جَمِيعَ كِتَابَتِكَ فَأَنْتَ حُرٌّ وَيُعْتَقُ إِذَا أَدَّى ذَلِكَ إِلَيْهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُمَا لَكَانَ عَبْدًا مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ إِذَا
لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 371
فَأَمَّا السَّلَفُ قَبْلَهُمْ فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ مِنْهُ
أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِنْ أُعْقِدَتْ لَهُ الْكِتَابَةُ فَهُوَ غَرِيمٌ مِنَ الْغُرَمَاءِ لَا يَرْجِعُ إِلَى الرِّقِّ أَبَدًا
لِأَنَّهُ قَدِ ابْتَاعَ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ إِلَى اجل معلوم
وهذا قول تردده السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ فِي قِصَّةِ بَرِيرَةَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا أَنَّ بَرِيرَةَ
جَاءَتْ تَسْتَعِينُهَا فِي كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئا
هكذا رواه الليث بن سعد عن بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ بَرِيرَةَ جاءت
تستعينها في كتابتها ولم تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا
وَرَوَاهُ مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ
(جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ فَقَالَتْ إِنِّي كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي كل عام أوقية فأعينيني
فقالت عائشة إن أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدُّهَا لَهُمْ وَيَكُونُ وَلَاؤُكِ لِي فَعَلْتُ)
وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ (إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَصُبَّ
لَهُمْ ثَمَنَكِ صَبَّةً وَاحِدَةً وَأُعْتِقُكِ فَعَلْتُ)
فَهَذَا يَدُلُّ وَيُبَيِّنُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ جَائِزٌ بَيْعُهُ لِلْعَتَاقَةِ إِذَا عُقِدَتْ كِتَابَتُهُ وَلَمْ يُؤَدِّ مِنْهَا
شَيْئًا وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَعْقِدُ كِتَابَتَهُ حُرًّا غَرِيمًا مِنَ الْغُرَمَاءِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ
وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَهُمْ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ لِلْعِتْقِ قَبْلَ أَنْ يَعْجِزَ وَبَعْدَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ
إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
فَهَذَا وَجْهٌ وَاحِدٌ مِنْ وُجُوهِ اخْتِلَافِ السَّلَفِ فِي حُكْمِ الْمُكَاتَبِ وَقَوْلٌ مِنْ أَقْوَالِهِمْ
وَقَوْلٌ ثَانٍ أَنَّهُ إِذَا عَجَزَ يُعْتَقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى وَيُوَرَّثُ وَيَرِثُ وَيُؤَدِّي بِقَدْرِ مَا أَدَّى
مِنَ الْكِتَابَةِ
رُوِيَ هَذَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَهُوَ حَدِيثٌ يَرْوِيهِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يُؤَدِّي الْمُكَاتَبُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى دِيَةَ حُرٍّ وَبِقَدْرِ مَا رُقَّ مِنْهُ
دِيَةَ عَبْدٍ)
هَكَذَا رَوَاهُ مُسْنَدًا مُتَّصِلًا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ وَعُمَرُ بْنُ رَاشِدٍ
وَمُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَامٍ وَغَيْرُهُمْ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 372
قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدَّثَنَاهُ سَعِيدٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي إسماعيل بن علية عَنْ هِشَامٌ
الدَّسْتَوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عكرمة عن بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
رَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ مُكَاتَبًا قُتِلَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَدَّى بَعْضَ كِتَابَتِهِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُؤَدِّيَ
بِمَا أَدَّى مِنْ كِتَابَتِهِ دِيَةَ حُرٍّ وَمَا بَقِيَ دِيَةَ مَمْلُوكٍ) لَمْ يذكر فيه بن عَبَّاسٍ
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ بِذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَوَكِيعٌ عَنْ
سُفْيَانَ الثَّوْرِيُّ عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ يَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ
بِقَدْرِ مَا أَدَّى
وَمَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ فِي الْمُكَاتَبِ يُوَرَّثُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى وَيُجْلَدُ الْحَدَّ بِقَدْرِ مَا
أَدَّى وَيُعْتَقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى وَتَكُونُ دِيَتُهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى
وَأَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ الْمُكَاتَبُ يُعْتَقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى
فَإِنْ قِيلَ إِنَّ قَتَادَةَ عَنْ خِلَاسٍ عَنْ عَلِيٍّ وَالْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ
عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ إِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ يَسْتَسْعِي حَوْلَيْنِ وَاسْتَوْفَى بِهِ حَوْلَيْنِ
فَإِنْ دَخَلَ فِي السُّنَةِ الثَّانِيَةِ وَلَمْ يُؤَدِّ نُجُومَهُ رُدَّ فِي الرِّقِّ قَبْلَ هَذَا
يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُكَاتَبُ لَمْ يَكُنْ أَدَّى مِنْ نُجُومِهِ شَيْئًا فَاسْتَوْفَى بِهِ مَا ذَكَرَ فَلَمَّا لَمْ
يُؤَدِّ شَيْئًا مِنْ نُجُومِهِ رُدَّ فِي الرق
ويشهد لهذا حديث بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُ عَائِشَةَ
فِي كِتَابَتِهَا وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ مُكَاتَبَتِهَا شَيْئًا
وَقَوْلٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ إِذَا أَدَّى شَطْرَ كِتَابَتِهِ فَهُوَ غَرِيمٌ مِنَ الْغُرَمَاءِ لَا يَرْجِعُ إِلَى الرِّقِّ أَبَدًا
رَوَى مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ
سَمُرَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ إِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ الشَّطْرَ فلا
رق عليه
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 373
وقال بن جريج سمعت بن أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكُ بْنُ مَرْوَانَ إِذَا قَضَى
الْمُكَاتَبُ شَطْرَ كِتَابَتِهِ فَهُوَ غَرِيمٌ مِنَ الْغُرَمَاءِ
وَرَوَى وَكِيعٌ عَنِ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ قَالَ عُمَرُ إِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ
النِّصْفَ فَلَا رَدَّ عَلَيْهِ فِي الرِّقِّ
وَقَوْلٌ رَابِعٌ إِذَا أَدَّى الثُّلُثَ فَهُوَ غَرِيمٌ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَوَكِيعٌ عَنِ الشعبي عن جابر ان بن مَسْعُودٍ وَشُرَيْحًا كَانَا يَقُولَانِ
إِذَا أَدَّى الثُّلُثَ فَهُوَ غَرِيمٌ
وَالثَّوْرِيُّ عَنْ طَارِقٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قال قال بن مَسْعُودٍ إِذَا أَدَّى الثُّلُثَ فَهُوَ غَرِيمٌ
وَقَوْلٌ خَامِسٌ إِذَا أَدَّى الثَّلَاثَةَ الْأَرْبَاعِ وَبَقِيَ الرُّبُعُ فهو غريم
قال بن جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ مَا الَّذِي إِذَا بَلَغَهُ الْمُكَاتَبُ مِنَ الْقَضَاءِ فِي كِتَابَتِهِ ثُمَّ عَجَزَ
لَمْ يُعَدَّ عَبْدًا قَالَ مَا أَعْلَمُهُ وَلَا سَمِعْتُ فِيهِ شَيْئًا قُلْتُ لِعَطَاءٍ فَمَا تَرَى إِنْ بَقِيَ الثُّلُثَ
قَالَ فَقُلْتُ الرُّبُعَ قَالَ نَعَمْ أَرَى إِذَنْ أَنْ لَا يَعُودَ
وَقَوْلٌ سَادِسٌ إِنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا أَدَّى قِيمَتَهُ فَهُوَ غريم
ذكر عبد الرزاق عن بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنْ شُرَيْحًا
كَانَ يَقُولُ إِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ قِيمَتَهُ فَهُوَ غَرِيمٌ
قَالَ الشَّعْبِيُّ وَكَانَ يقول فيه بقول بن مَسْعُودٍ
وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَابِرٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ ان بن مَسْعُودٍ وَشُرَيْحًا كَانَا يَقُولَانِ إِذَا أَدَّى
الثُّلُثَ فَهُوَ غَرِيمٌ
قَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَمَّا مُغِيرَةُ فَأَخْبَرَنِي عن ابراهيم ان بن مَسْعُودٍ قَالَ إِذَا أَدَّى ثَمَنَهُ فَهُوَ
غَرِيمٌ
قال ابو عمر اختلف عنه بن مَسْعُودٍ فِيهِ مِنْ رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ وَرِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ أَيْضًا
ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي حَفْصٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَأَشْعَثَ
وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ إِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ ثُلُثَ كِتَابَتِهِ فَهُوَ غَرِيمٌ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 374
وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ان بن مَسْعُودٍ قَالَ إِذَا أَدَّى ثَمَنَهُ فَهُوَ غَرِيمٌ
وَقَوْلٌ سَابِعٌ إِنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَمَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ
رُوِيَ ذلك عن بن عُمَرَ مِنْ وُجُوهٍ وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ لَمْ يُخْتَلَفْ
عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا طَارِقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الشَّعْبِيِّ
قَالَ وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ الْمُكَاتَبُ عبد بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ
وَوَكِيعٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الشعبي عن سفيان بن ابي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ جَمِيعًا عَنْ
زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مِثْلَهُ
وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ
لِمُكَاتَبٍ مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ يُقَالُ لَهُ حِمْرَانُ ادْخُلْ عَلَيَّ وَلَوْ بَقِيَ عَلَيْكَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ
وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى دَوْسٍ - قَالَ قَالَتْ لِي عَائِشَةُ
أَنْتَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْكَ مِنْ كِتَابَتِكَ شَيْءٌ
وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ هُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ
وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ عَبْدٌ
مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ
وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَجُمْهُورِ فُقَهَاءِ المدينة وقول الشعبي وابراهيم وبن
شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ وَالْحَكَمِ وَالْحَارِثِ الْعُكْلِيِّ وَقَتَادَةَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ مَالِكٌ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ وَاللَّيْثُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ
وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ
قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ
حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَدْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عُتْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي
سُلَيْمَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ (الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 375
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَبُو عُتْبَةَ هُوَ عِنْدِي هُوَ عِنْدِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَسُلَيْمَانُ هُوَ سُلَيْمَانُ
بْنُ مُوسَى الْأَشْدَقُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَأَمَّا أَبُو بَدْرٍ هُوَ شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ السَّكُونِيُّ
قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنِي هَمَّامٌ قَالَ
حَدَّثَنِي عَبَّاسٌ الْجُرَيْرِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (أَيُّمَا عَبْدٍ كَاتَبَ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ فَأَدَّاهَا إِلَّا عَشْرَ أَوَاقٍ فَهُوَ عَبْدٌ)
(وَأَيُّمَا عَبْدٌ كَاتَبَ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَأَدَّاهَا إِلَّا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَهُوَ عَبْدٌ)
وَهَكَذَا رَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَهُوَ عِنْدِي فِي مَعْنَى قَوْلِهِ هُوَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ (وَمِنْ اهل
الكتاب من ان تامنه بقنطار يوده إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يوده إِلَيْكَ) آلِ
عِمْرَانَ 75 أَرَادَ الْقَلِيلَ بِذِكْرِ الدِّينَارِ بعد ذكره القنطار واراد الكثير بذكره الْقِنْطَارَ
وَلَمْ يُرِدِ الدِّينَارَ بِعَيْنِهِ خَاصَّةً وَلَا الْقِنْطَارَ بِعَيْنِهِ خَاصَّةً
وَمِثْلُ هَذَا مَا رُوِيَ مُنْقَطِعًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال (من كَاتَبَ مُكَاتَبًا عَلَى مِائَةٍ فَقَضَاهَا كُلَّهَا إِلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَهُوَ عَبْدٌ أَوْ عَلَى
مِائَةِ أُوقِيَّةٍ فَقَضَاهَا كُلَّهَا إِلَّا أُوقِيَّةً فَهُوَ عَبْدٌ)
رواه بن جريج عن عطاء الخرساني عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ
وَأَمَّا مَا رَوَاهُ عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ يحيى بن ابي كثير عن بن عَبَّاسٍ قَالَ إِذَا بَقِيَ
عَلَى الْمُكَاتَبِ خُمُسُ أَوَاقٍ أَوْ خَمْسُ ذُوَدٍ أَوْ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَهُوَ تَحْرِيمٌ فَخَطَأٌ لَا يُعَرَّجُ
عَلَيْهِ
وَإِنَّمَا الْحَدِيثُ لِيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عن بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا يُعْتَقُ مِنَ
الْمُكَاتَبِ بِقَدْرِ مَا أَدَّى عَلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ
وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
- أَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ
ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو خَالِدٍ الاحمر عن بن أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 376
قَتَادَةَ عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ عُمَرَ قَالَ (الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ)
وَهَذَا الْإِسْنَادُ خَيْرٌ مِنَ الْإِسْنَادِ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا أَدَّى الشَّطْرَ فَلَا رِقَّ عَلَيْهِ
وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيْضًا
ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ حَمَّادِ بْنِ
إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُثْمَانَ قَالَ هُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ
وَهَذَا أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ
قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ هَلَكَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالًا أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ وَلَهُ وَلَدٌ وُلِدُوا
فِي كِتَابَتِهِ أَوْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ وَرِثُوا مَا بَقِيَ مِنَ الْمَالِ بَعْدَ قَضَاءِ كِتَابَتِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلْعُلَمَاءِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ
أَحَدُهَا مَا قَالَهُ مَالِكٌ لِأَنَّهُ وَلَدُهُ الَّذِينَ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ أَوْ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ حُكْمُهُمْ كَحُكْمِهِ
وَعَلَيْهِمُ السَّعْيُ فِيمَا بقي من كتابته لو لم يتخلفوا مَالًا وَلَا يُعْتَقُونَ إِلَّا بِعِتْقِهِ وَلَوْ أَدَّى
عَنْهُمْ مَا رَجَعَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يُعْتَقُونَ عَلَيْهِ فَهُوَ أَوْلَى بِمِيرَاثِهِ لِأَنَّهُمْ مُسَاوُونَ لَهُ
فِي جَمِيعِ حَالِهِ
وَالْقَوْلُ الثَّانِي إِنَّهُ يُؤَدِّي عَنْهُ مِنْ مَالِهِ جَمِيعَ كِتَابَتِهِ وَجَعَلَ كَأَنَّهُ مَاتَ حُرًّا وَيَرِثُهُ
جَمِيعُ وَلَدِهِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَنْ كَانَ حُرًّا قَبْلَ مَوْتِهِ مِنْ وَلَدِهِ وَمَنْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ أَوْ
وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ لِأَنَّهُمْ قَدِ اسْتَوُوا فِي الْحُرِّيَّةِ كُلُّهُمْ حِينَ تَأَدَّتْ عَنْهُ كِتَابَتُهُ
رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عن علي وبن مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَمِنَ التَّابِعِينَ عَنْ عَطَاءٍ
وَالْحَسَنِ وَطَاوُسٍ وَإِبْرَاهِيمَ
وَبِهِ قَالَ فُقَهَاءُ الْكُوفَةِ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ إِسْحَاقُ
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ جَمِيعَ كِتَابَتِهِ فَقَدْ مَاتَ عَبْدًا وَكُلُّ
مَا يُخَلِّفُهُ مِنَ الْمَالِ لِسَيِّدِهِ فَلَا يَرِثُهُ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِهِ لَا الْأَحْرَارُ وَلَا الَّذِينَ وُلِدُوا مَعَهُ
فِي كِتَابَتِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ جَمِيعَ كِتَابَتِهِ فَقَدْ مَاتَ عَبْدًا وَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ وَلَا
يَصِحُّ عِتْقُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يُعْتَقَ عَبْدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَعَلَى وَلَدِهِ الَّذِينَ كَاتَبَ
عَلَيْهِمْ أَوْ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ أَنْ يَسْعَوْا فِي بَاقِي الْكِتَابَةِ وَيَسْقُطُ عَنْهُمْ مِنْهَا
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 377
مِقْدَارُ حِصَّتِهِ فَإِنْ أَدُّوا عَتَقُوا لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِيهَا تَبَعًا لِأَبِيهِمْ وَإِنْ لَمْ يُؤَدُّوا ذَلِكَ رُقُّوا
هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يَمُوتُ الْمُكَاتَبُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُكَاتَبًا عَلَى قَوْلِ
الْكُوفِيِّ يَمُوتُ حُرًّا وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ يَمُوتُ عَبْدًا