مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ أَنَّ مُكَاتَبًا كَانَ لِابْنِ الْمُتَوَكِّلِ هَلَكَ بِمَكَّةَ وَتَرَكَ عَلَيْهِ بَقِيَّةً مِنْ كِتَابَتِهِ وَدُيُونًا لِلنَّاسِ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ فَأَشْكَلَ عَلَى عَامِلِ مَكَّةَ الْقَضَاءُ فِيهِ فَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ فَكَتَبَ (...) |
مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ أَنَّ مُكَاتَبًا كَانَ لِابْنِ الْمُتَوَكِّلِ هَلَكَ بِمَكَّةَ
وَتَرَكَ عَلَيْهِ بَقِيَّةً مِنْ كِتَابَتِهِ وَدُيُونًا لِلنَّاسِ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ فَأَشْكَلَ عَلَى عَامِلِ مَكَّةَ الْقَضَاءُ فِيهِ فَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ أَنِ ابْدَأْ بِدُيُونِ النَّاسِ ثُمَّ اقْضِ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ ثُمَّ اقْسِمْ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ بَيْنَ ابْنَتِهِ وَمَوْلَاهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ جَهِلَ بَعْضُ مَنْ أَلَّفَ فِي الْحُجَّةِ لِمَالِكٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَوْ تَجَاهَلَ فَقَالَ إِنَّ مَالِكًا يَقُولُ بِهَذَا الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَأَنَّ ابْنَةَ هَذَا الْمُكَاتَبِ كَانَتْ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ وَلِهَذَا وَرِثَهَا مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا جَهْلًا فَهُوَ قَبِيحٌ مِنَ التَّجَاهُلِ لِأَنَّ الخبر محفوظ مِنْ وُجُوهٍ أَنَّ ابْنَتَهُ كَانَتْ حُرَّةً وَمَالِكٌ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ وَلَا يَأْخُذُ بِحَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ هَذَا وَقَدِ احْتَجَّ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِحَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ عَلَى مَنْ قَالَ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْأَحْرَارُ إِذَا مَاتَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَإِنَّمَا يَرِثُهُ مَنْ مَعَهُ مِنْ وَرَثَتِهِ فِي كِتَابَتِهِ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّ مُكَاتَبًا كَانَ لِابْنِ المتوكل فذكره وقال بن وَهْبٍ كَيْفَ تَرَكَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مَا رَوَى مَالِكٌ فَقِيهُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي زَمَانِهِ وَهُوَ عِنْدَنَا الصَّوَابُ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ بن جريج قال سمعت بن ابي مليكة يذكر ان عبادا مولى بن الْمُتَوَكِّلِ مَاتَ مُكَاتَبًا وَقَدْ قَضَى النِّصْفَ مِنْ كِتَابَتِهِ وَتَرَكَ مَالًا كَثِيرًا وَابْنَةً لَهُ حُرَّةً كَانَتْ أُمُّهَا حُرَّةً فَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ أَنْ يَقْضِيَ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ وَمَا بَقِيَ من ماله بين ابنته ومواليه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 378 قال بن جُرَيْجٍ وَقَالَ لِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ مَا أَرَاهُ كُلَّهُ إِلَّا لِابْنَتِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذهب عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فِي ذَلِكَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى الِابْنَةِ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يَرِثُ مَعَ البنين ولا مع الْبَنَاتِ وَلَا مَعَ أَحَدٍ مِنَ الْعَصَبَاتِ عِنْدَ أَهْلِ الرَّدِّ مِنْ أَهْلِ الْفَرَائِضِ وَهَذَا الْقَضَاءُ الَّذِي قَضَى بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَدْ تَقَدَّمَهُ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ ذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ سَأَلَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ عَنِ الْمُكَاتَبِ يَمُوتُ وَلَهُ وَلَدٌ أَحْرَارٌ وَتَرَكَ مِنَ الْمَالِ أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ فِيهَا قَضَى عُمَرُ وَمُعَاوِيَةُ بِقِضَاءَيْنِ وَعُمَرُ خَيْرٌ مِنْ مُعَاوِيَةَ وَقَضَاءُ مُعَاوِيَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قَضَاءِ عُمَرَ قَالَ وَلِمَ قَالَ قُلْتُ لِأَنَّ دَاوُدَ كَانَ خَيْرًا مِنْ سُلَيْمَانَ وَفَهِمَهَا سُلَيْمَانُ قَضَى عُمَرُ أَنَّ مَالَهُ كُلَّهُ لِسَيِّدِهِ وَقَضَى مُعَاوِيَةُ أَنَّ سَيِّدَهُ يُعْطَى بَقِيَّةَ كِتَابَتِهِ ثُمَّ مَا بَقِيَ فَهُوَ لِوَلَدِهِ الْأَحْرَارِ وَمَعْمَرٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ أَبِي الْمِقْدَامِ أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ يُحَدِّثُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَضَى بِذَلِكَ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ طَارِقٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ الْمَالُ كُلُّهُ لِسَيِّدِهِ قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ أَنْ يُكَاتِبَهُ إِذَا سَأَلَهُ ذَلِكَ وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْأَئِمَّةِ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ وَقَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) النُّورِ 33 يَتْلُو هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) الْمَائِدَةِ 2 (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) الْجُمُعَةِ 10 قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا ذَلِكَ أَمْرٌ أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ لِلنَّاسِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِ الْكِتَابَةِ عَلَى السَّيِّدِ لِعَبْدٍ إِذَا ابْتَاعَهَا مِنْهُ وَفِيهِ خَيْرٌ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) النُّورِ 33 فَقَالَتْ طَائِفَةٌ الْخَيْرُ الْمَالُ وَالْغِنَى وَالْأَدَاءُ وَقَالَ آخَرُونَ الصَّلَاحُ وَالدِّينُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 379 وقال اخرون الخير ها هنا حِرْفَةٌ يَقْوَى بِهَا عَلَى الِاكْتِسَابِ وَكَرِهُوا أَنْ يُكَاتِبُوا مَنْ لَا حِرْفَةَ لَهُ فَيَبْعَثُهُ عَدَمُ حِرْفَتِهِ عَلَى السُّؤَالِ وَقَالَ آخَرُونَ الدِّينُ وَالْأَمَانَةُ وَالْقُوَّةُ عَلَى الْأَدَاءِ وَقَالَ آخَرُونَ الصِّدْقُ وَالْقُوَّةُ عَلَى طَلَبِ الرِّزْقِ قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ قَالَ عَطَاءٌ هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخير لشديد) العاديات 8 و (ان ترك خيرا الوصية) البقرة 180 قال بن جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَعْلَمْ عِنْدَهُ مَالًا وَهُوَ رَجُلُ صِدْقٍ قَالَ مَا أَحْسَبُ خَيْرًا إِلَّا الْمَالَ وَقَالَهُ مُجَاهِدٌ وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ هُوَ كُلُّ ذَلِكَ الْمَالُ وَالصَّلَاحُ وَقَالَ طَاوُسٌ الْمَالُ وَالْأَمَانَةُ وَقَالَ الْحَسَنُ وَأَخُوهُ سَعِيدٌ وَالضَّحَّاكُ وَأَبُو رَزِينٍ وَزَيْدُ بْنُ اسلم وعبد الكريم الخير المال وقال سُفْيَانُ الدِّينُ وَالْأَمَانَةُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا جَمَعَ الْقُوَّةَ عَلَى الِاكْتِسَابِ وَالْأَمَانَةَ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ ايوب عن بن سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) النُّورِ 33 قَالَ إِنْ عَلِمْتُمْ عِنْدَهُمْ أَمَانَةً وَالثَّوْرِيُّ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ صِدْقًا وَوَفَاءً قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ لَمْ يَقُلْ إِنَّ الْخَيْرَ هُنَا الْمَالُ أَنْكَرَ أَنْ يُقَالَ (إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) النُّورِ 33 مَالًا قَالَ وَيُقَالُ عَلِمْتُ فِيهِ الْخَيْرَ وَالصَّلَاحَ وَالْأَمَانَةَ وَلَا يُقَالُ عَلِمْتُ فِيهِ الْمَالَ وَإِنَّمَا يُقَالُ عَلِمْتُ عِنْدَهُ الْمَالَ وَمَنْ قَالَ إِنَّ مَالَ الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ إِذَا عُقِدَتْ كِتَابَتُهُ فَلَا يَكُونُ الْخَيْرُ عِنْدَهُ إِلَّا الْقُوَّةُ عَلَى الْكَسْبِ وَالتَّحَرُّفِ وَمَنْ كَرِهَ أَنْ يُكَاتِبَ مَنْ لَا حِرْفَةَ لَهُ وَلَا قُوَّةَ عَلَى الِاكْتِسَابِ احْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ يُونُسَ بْنِ سَيْفٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 380 كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ أَمَّا بَعْدُ فَانْهَ مَنْ قِبَلَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُكَاتِبُوا أَرِقَّاءَهُمْ عَلَى مَسْأَلَةِ النَّاسِ وَسُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُكَاتِبَ غُلَامَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حِرْفَةٌ وَيَقُولُ تَأْمُرُونِي أَنْ آكُلَ أَوْسَاخَ النَّاسِ وَرَوَى وَكِيعٌ عَنْ سفيان عن ابي جعفر الفراء عن بن أَبِي لَيْلَى الْكِنْدِيِّ أَنَّ سَلْمَانَ أَرَادَ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ فَقَالَ مِنْ أَيْنَ قَالَ أَسْأَلُ النَّاسَ قَالَ أَتُرِيدُ أَنْ تُطْعِمَنِي أَوْسَاخَ النَّاسِ وَأَبَى أَنْ يُكَاتِبَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا تَنَزُّهٌ وَاخْتِيَارٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ كُوتِبَتْ بَرِيرَةُ وَلَا حِرْفَةَ لَهَا وَبَدَأَتْ بِسُؤَالِ النَّاسِ مِنْ حِينِ كُوتِبَتْ وَتَذَبْذَبَ النَّاسُ إِلَى عَوْنِ الْمُكَاتَبِ! لِمَا فِيهِ مِنْ عِتْقِ الرِّقَابِ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْفَرَّاءِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي سَرْوَانَ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ مُؤَذِّنِ عَلِيٍّ قَالَ قُلْتُ لَعَلِيٍّ أُكَاتِبُ وَلَيْسَ لِي مَالٌ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ حَصَّنَ النَّاسَ عَلَيَّ فَأُعْطِيتُ مَا فَضَلَ عَنْ كِتَابَتِي فَأَتَيْتُ عَلِيًّا فَقَالَ اجْعَلْهَا فِي الرِّقَابِ وَأَمَّا اخْتِلَافُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى (فَكَاتِبُوهُمْ) النُّورِ 33 فَهَلْ هِيَ عَلَى الْوُجُوبِ أَوْ عَلَى النَّدْبِ وَالْإِرْشَادِ فَإِنَّ مَسْرُوقَ بْنَ الْأَجْدَعِ وَعَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ وَعَمْرَو بْنَ دِينَارٍ وَالضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ وَجَمَاعَةَ أَهْلِ الظَّاهِرِ كَانُوا يَقُولُونَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مَنْ سَأَلَهُ مَمْلُوكُهُ وَعَلِمَ عِنْدَهُ خَيْرًا أَنْ يَعْقِدَ لَهُ كِتَابَتَهُ مِمَّا يَتَرَاضَيَانِ بِهِ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَجْبَرَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَلَى كِتَابَةٍ لِعَبْدِهِ سِيرِينَ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ بِالدُّرَّةِ وَرَوَى قَتَادَةُ وَمُوسَى بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ سِيرِينَ وَالِدَ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ سَأَلَهُ الْكِتَابَةَ وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ فَأَبَى فَانْطَلَقَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ عُمَرُ لِأَنَسٍ كَاتِبْهُ فَأَبَى فَضَرَبَهُ بِالدُّرَّةِ وَتَلَا (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) النُّورِ 33 فَكَاتَبَهُ أَنَسٌ وقد قِيلَ إِنَّ عُمَرَ رَفَعَ الدُّرَّةَ عَلَى أَنَسٍ لِأَنَّهُ أَبَى أَنْ يَأْتِيَهُ شَيْئًا مِنْ كِتَابَتِهِ لا على عقد الكتابة اولا وقال بن جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ وَاجِبٌ عَلَيَّ إِذَا عَلِمْتُ لَهُ مَالًا أَنْ أُكَاتِبَهُ فَقَالَ مَا أُرَاهُ إِلَّا وَاجِبًا وَقَالَهَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ وَالثَّوْرِيُّ وَهُوَ قول الحسن الجزء: 7 ¦ الصفحة: 381 وَالشَّعْبِيِّ لَيْسَ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ إِذَا سَأَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ ذَا مَالٍ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ السَّيِّدُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ بِأَنَّهُ لَوْ سَأَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ مُكَاتَبَتُهُ لِأَنَّهُ لَا يَبِيعُ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ أَعْتِقْنِي أَوْ دَبِّرْنِي أَوْ زَوِّجْنِي لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ بِإِجْمَاعٍ فَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ لَا تَصِحُّ إِلَّا عَنْ تَرَاضٍ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) النُّورِ 33 مِثْلُ قَوْلِهِ (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ) النُّورِ 32 وَذَلِكَ كُلُّهُ نَدْبٌ وَإِرْشَادٌ وَإِذْنٌ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وقاله زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَقَالَهُ إِسْحَاقُ إِذَا اجْتَمَعَ فِي الْعَبْدِ الْأَمَانَةُ وَالْمَالُ وَسَأَلَ سَيِّدَهُ أَنْ يُكَاتِبَهُ لَمْ يَسَعْهُ إِلَّا مُكَاتَبَتُهُ وَلَا يُجْبِرْهُ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ وَأَخْشَى أَنْ يَأْثَمَ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَقَدْ أَنْكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى مَنْ جَعَلَ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) النور 33 مثل قَوْلِهِ (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) الْمَائِدَةِ 2 وَقَوْلِهِ (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) الْجُمُعَةِ 10 وَهَذَانِ الْأَمْرَانِ وَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ حَظْرٍ وَمَنْعٍ فَكَانَ مَعْنَاهُمَا الْإِبَاحَةَ وَالْخُرُوجَ مِنْ ذَلِكَ الْحَظْرِ لِأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ (لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) الْمَائِدَةِ 95 وَقَالَ تَعَالَى (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا) الْمَائِدَةِ 96 فَمَنَعَهُمْ مِنَ الصَّيْدِ مَا دَامُوا مُحْرِمِينَ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) الْمَائِدَةِ 2 فَعُلِمَ أَنَّ مَعْنَى هَذَا الْأَمْرِ الْإِبَاحَةُ لِمَا حُظِرَ عَلَيْهِمْ مِنَ الصَّيْدِ وَمُنِعُوا مِنْهُ لَا إِيجَابَ الِاصْطِيَادِ وَكَذَلِكَ مُنِعُوا مِنَ التَّصَرُّفِ وَالِاشْتِغَالِ بِكُلِّ مَا يَمْنَعُ مِنَ السَّعْيِ إِلَى الْجُمُعَةِ إِذَا نُودِيَ لَهَا وَأُمِرُوا بِالسَّعْيِ لَهَا ثُمَّ قَالَ لَهُمْ (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) الْجُمُعَةِ 10 فَعَلِمَ أَهْلُ اللِّسَانِ أَنَّ مَعْنَى الْأَمْرِ بِالِانْتِشَارِ فِي الْأَرْضِ إِبَاحَةٌ لِمَنْ شَاءَ وَأَجْمَعَ عَلَى ذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَفَهِمُوهُ مِنْ مَعْنَى كِتَابِ رَبِّهِمْ فَقَالُوا لَا بَأْسَ بِتَرْكِ الصَّيْدِ لِمَنْ حَلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ وَلَا بَأْسَ بِالْقُعُودِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ لِمَنْ قَضَى صَلَاةَ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا الْأَمْرُ بِالْكِتَابَةِ لِمَنِ ابْتَغَاهَا مِنَ الْعَبِيدِ فَلَمْ يَتَقَدَّمْ نَهْيٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِأَنْ لَا يُكَاتَبُوا فَيَكُونُ الْأَمْرُ إِبَاحَةً بِالصَّيْدِ وَالِانْتِشَارِ فِي الْأَرْضِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 382 وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى (لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) النِّسَاءِ 29 تَقْتَضِي النَّهْيَ عَنِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ أَخْذُهُ مِنْهُ كَمَا لَهُ أَنْ يُؤَاجِرَهُ يُقَالُ فَلَوْ لَمْ يُؤْذِنُوا لَنَا فِي الْكِتَابَةِ لَكُنَّا مُمْتَنِعِينَ مِنْهَا بِالْآيَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا قَالَ وَلَوْلَا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَكَاتِبُوهُمْ) النُّورِ 33 مَا جَازَتِ الْكِتَابَةُ قَالَ مَالِكٌ وَسَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (وءاتوهم من مال الله الذي ءاتاكم) النُّورِ 33 إِنَّ ذَلِكَ أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ غُلَامَهُ ثُمَّ يَضَعُ عَنْهُ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ شَيْئًا مُسَمًّى قَالَ مَالِكٌ فَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَدْرَكْتُ عَمَلَ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَنَا قَالَ مَالِكٌ وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَاتَبَ غُلَامًا لَهُ عَلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ثُمَّ وَضَعَ عَنْهُ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ أَيْضًا فِي معنى قوله تعالى (وءاتوهم من مال الله الذي ءاتاكم) النُّورِ 33 فَقَالَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ عَلَى الْإِيجَابِ عَلَى السَّيِّدِ وَقَالَ آخَرُونَ ذَلِكَ عَلَى النَّدْبِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ قَالُوا هَذَا عَلَى النَّدْبِ وَالْحَضِّ عَلَى الْخَيْرِ إِلَّا أَنَّهُ عِنْدَ مَالِكٍ أَصْلٌ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَا يَقْضِي بِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَقَالَ آخَرُونَ لَمْ يُرَدْ بِذَلِكَ السَّيِّدُ وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِذَلِكَ جَمَاعَةُ النَّاسِ نَدَبُوا إِلَى عَوْنِ الْمُكَاتَبِينَ فَأَمَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ فَالْكِتَابَةُ عِنْدَهُمْ إِذَا سَأَلَهَا الْعَبْدُ وَاجِبَةُ وَالْإِيتَاءِ لَهُمْ مِنَ السَّيِّدِ وَاجِبٌ يَضَعُ عَنْهُ مِنْ كِتَابَتِهِ مَا شَاءَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يَضَعَ عَنْهُ مِنْ كِتَابَتِهِ مَا شَاءَ وَيُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَجِدْ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَهُوَ لَا يَرَى الْكِتَابَةَ لِغَيْرِهِ إِذَا سَأَلَهُ إِيَّاهَا وَاجِبَةً لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عِنْدَهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنِ الْإِيتَاءُ عِنْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يَعْتَرِضُهُ أَصْلٌ وَرَأَى أَنَّ عَطْفَ الْوَاجِبِ عَلَى النَّدْبِ فِي الْقُرْآنِ وَلِسَانِ الْعَرَبِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى) النَّحْلِ 90 وَمَا كَانَ مِثْلَ هَذَا وَقَالَ مَالِكٌ يُنْدَبُ السَّيِّدُ إِلَى أَنْ يَضَعَ عَنْهُ مِنَ الْكِتَابَةِ شَيْئًا فِي آخِرِ كتابته من الجزء: 7 ¦ الصفحة: 383 غَيْرِ أَنْ يُجْبَرَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَحِدَّ أَيْضًا فِي ذَلِكَ حَدًّا وَاسْتَحَبَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ رُبُعَ الْكِتَابِ وَكَذَلِكَ اسْتَحَبَّ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ إِلَّا أَنَّهُ يُوجِبُ الْإِيتَاءَ وَمَالِكٌ يَنْدُبُ إِلَيْهِ وَقَوْلُ مَالِكٍ أَصَحُّ! لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا تَكُونُ إِلَّا مَعْلُومَةً وَلِأَنَّهُ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا عَلَى شَيْءٍ مَعْلُومٍ فَلَوْ أَنَّ الْوَضْعَ مِنْهَا يَكُونُ وَاجِبًا مَجْهُولًا لِآلَ ذَلِكَ إِلَى جَهْلِ مَبْلَغِ الْكِتَابَةِ وَأَمَّا اسْتِحْبَابُهُمْ أَنْ يَكُونَ الْوَضْعُ رُبُعَ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرَوَاهُ بعض الرواة مرفوعا إلى النبي - وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى عَلِيٍّ مِنْ قَوْلِهِ وَمِنَ الْمَرْفُوعِ فِيهِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ غَالِبٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ عَنِ بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - (وءاتوهم من مال الله الذي ءاتاكم) النور 33 قال (ربع الكتابة) وبه عن بن جُرَيْجٍ وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَرَوَى عَبْدُ الرزاق عن بن جريج الحديثين جميعا هكذا مرفوعين وقال بن جُرَيْجٍ وَأَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ لَا يَذْكُرْ فِيهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ تَغَيَّرَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ فِيمَا ذَكَرَ أَهْلُ الْعِلْمِ بالنقل فأتى منه مثل هذا وسماع بن جُرَيْجٍ مِنْهُ أَحْرَى وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ وَالْجَمَاعَةُ مَرْفُوعًا فَمَنْ رَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ وَمَعْمَرٌ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ والمسعودي وبن عُلَيَّةَ وَالْمُحَارِبِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ فَضْلٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ أَيْضًا وَقَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ شَهِدْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عَلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ فَحَطَّ عَنْهُ أَلْفًا فِي آخِرِ نجومه قال وسمعت عليا يقول (وءاتوهم من مال الله الذي ءاتاكم) النُّورِ 33 الرُّبُعُ مِمَّا تُكَاتِبُوهُمْ عَلَيْهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 384 وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ كَاتَبَ غُلَامًا لَهُ عَلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ فَحَطَّ عَنْهُ أَلْفًا وقال لولا ان عليا فعل ذلك مَا فَعَلْتُهُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ يَتْرُكُ لَهُ طَائِفَةً من كتابته وكان بن عُمَرَ يَكْرَهُ أَنْ يَضَعَ عَنْهُ فِي أَوَّلِ نجومه مخافة ان يعجز وروي عن بن عَبَّاسٍ يُوضَعُ عَنْهُ شَيْءٌ مَا كَانَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يُعْطَى مِمَّا كُوتِبَ عَلَيْهِ الربع لقول الله تعالى (وءاتوهم من مال الله الذي ءاتاكم) النُّورِ 33 وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْيُسْرِ كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ وَضَعَ عَنْ مُكَاتَبِهِ السُّدُسَ وَعَنْ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ مِثْلُهُ وَقَالَ قَتَادَةُ يُوضَعُ عَنْهُ الْعُشْرُ قَالَ أَبُو عُمَرَ تَأَوَّلَ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ فِي أَنَّ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يَحُطَّ عَنْ مُكَاتَبِهِ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ فِي آخِرِ نُجُومِهِ أَوْ فِي سَائِرِهَا أَوْ يُعْطِيَهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ مِمَّا صَارَ إِلَيْهِ مِنْهُ مَنْ رَأَى ذَلِكَ نَدْبًا وَمَنْ رَآهُ وَاجِبًا قول الله تعالى (وءاتوهم مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) النُّورِ 33 مِنْهُمْ وَأَمَّا الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُخَاطَبْ بِهِ سَادَاتُ الْمُكَاتَبِينَ وَإِنَّمَا خُوطِبَ بِهِ سَائِرُ النَّاسِ فِي عَوْنِ الْمُكَاتَبِينَ فَمِنْهُمْ بُرَيْدَةُ الْأَسْلَمِيُّ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنِ وَاقَدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي قَوْلِهِ تعالى (وءاتوهم من مال الله الذي ءاتاكم) النُّورِ 33 قَالَ حَثَّ النَّاسَ عَلَى أَنْ يُعِينُوا الْمُكَاتَبَ وَعَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلُهُ وَعَنِ الْحَسَنِ قَالَ حُضُّوا عَلَى أَنْ يُعْطُوا الْمُكَاتَبَ وَالْمَوْلَى مِنْهُمْ عَنْ إِبْرَاهِيمَ مَسْأَلَةٌ وَقَالَ الْبَطِّيُّ إِنَّمَا أُعَيِّنُ بِهِ النَّاسَ لِيَتَصَدَّقُوا عَلَى الْمُكَاتَبِينَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَمَرَ بِذَلِكَ الْوُلَاةَ لِيُعْطُوهُمْ مِنَ الزَّكَاةِ قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ تَبِعَهُ مَالُهُ وَلَمْ يَتْبَعْهُ وَلَدُهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُمْ فِي كِتَابَتِهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 385 قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى الْعِتْقِ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ وَمَذْهَبَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا عَتَقَ تَبِعَهُ مَالُهُ وَفِي الْكِتَابَةِ عَقْدٌ مِنَ الْحُرِّيَّةِ وَسَنَذْكُرُ وُجُوهَ الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّ لِلْمُكَاتَبِ مَالَهُ إِذَا عُقِدَتْ كِتَابَتُهُ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وسليمان بن موسى وبن ابي لَيْلَى وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ كُلُّ مَا بِيَدِ الْعَبْدِ إِذَا كُوتِبَ مِنَ الْمَالِ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ السَّيِّدُ فَهُوَ لِلْمُكَاتَبِ وَإِنَّ اسْتَثْنَاهُ السَّيِّدَ فَهُوَ لَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَمْ يَتْبَعْهُ وَلَدُهُ فَإِنَّ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ وَلَدَهُ لَيْسُوا بِمَالٍ بِيَدِهِ وَلَا مِلْكٍ لَهُ وَإِنَّمَا هُمْ عَبِيدُ سَيِّدِهِ فَلَا يَدْخُلُونَ فِي الْكِتَابَةِ إِلَّا بِالشَّرْطِ وَهَذَا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا أَنَّ أَوْلَادَهُ عَبِيدُ السَّيِّدِ لَيْسُوا تَبَعًا لَهُ عِنْدَ عَقْدِ كِتَابَتِهِ إِنَّمَا يَكُونُ تَبَعًا لَهُ إِذَا تَسَرَّى وَهُوَ مُكَاتَبٌ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ مِنْ سُرِّيَّتِهِ وَهَؤُلَاءِ يَدْخُلُونَ مَعَهُ بِلَا شَرْطٍ وَلَوْ وُلِدُوا لَهُ مِنْ سُرِّيَّتِهِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ لَمْ يَدْخُلُوا فِي كِتَابَتِهِ إِلَّا أَنْ يُدْخِلَهُمْ بِالشَّرْطِ مَعَ نَفْسِهِ فِي كِتَابَتِهِ فَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ ذكر عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي رجل كاتب غلامه ثُمَّ أَطْلَقَهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ عَلَى سُرِّيَّةٍ أَوْ وَلَدٍ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ السُّرِّيَّةُ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ والولد وذكر عبد الرزاق عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ كَاتَبَ عَبْدَهُ فَكَتَمَهُ مَالَهُ - رَقِيقًا أَوْ عَيْنًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ - وَوَلَدَهُ - فَقَالَ مَالُهُ كُلُّهُ لِلْعَبْدِ وَوَلَدُهُ لِسَيِّدِهِ وَقَالَهَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى قُلْتُ لِعَطَاءٍ فَلِمَ تَخْتَلِفَانِ قال مِنْ أَجْلِ الْوَلَدِ لَيْسَ مِثْلَ مَالِهِ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حَمَّادٍ الْكُوفِيِّ وَدَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَحُمَيْدٍ قَالُوا إِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ وَلَهُ مَالٌ أَوْ ولد فماله له وولده مملوكون وَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ مَكْحُولٍ فِي رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْدًا وَلَهُ أُمُّ وَلَدٍ لَمْ يَسْتَثْنِهَا قَالَ أُمُّ وَلَدِهِ لَهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 386 قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلٌّ مَنْ يُجِيزُ لَهُ التَّسَرِّي فَالسُّرِّيَّةُ عِنْدَهُ مَالٌ مِنْ مَالِهِ وَقَدْ رَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ فِي رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ وَلَهُ وَلَدٌ مِنْ أَمَتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِمُ السَّيِّدُ وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي كِتَابَتِهِ قَالَ إِنَّمَا كَاتَبَ عَلَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدُهُ مِنْ مَالِهِ وَلَا نَعْلَمُ مَالَهُ غَيْرَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يُكَاتِبُهُ سَيِّدُهُ وَلَهُ جَارِيَةٌ بِهَا حَبَلٌ مِنْهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ هُوَ وَلَا سَيِّدُهُ يَوْمَ كِتَابَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهِ وَهُوَ لِسَيِّدِهِ فَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَإِنَّهَا لِلْمُكَاتَبِ لِأَنَّهَا مِنْ مَالِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ وَلَدَ الْمُكَاتَبِ لَا يَدْخُلُ فِي الْكِتَابَةِ إِلَّا أَنْ يُكَاتَبَ عَلَيْهِ وَيَشْتَرِطَ فِي كِتَابَتِهِ وَالْحَمْلُ كَالْمَوْلُودِ إِذَا خَرَجَ إِلَى الدنيا واعتبر ذَلِكَ بِالْمِيرَاثِ قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ وَرِثَ مُكَاتَبًا مِنِ امْرَأَتِهِ هُوَ وَابْنُهَا إِنَّ الْمُكَاتَبَ إِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ كِتَابَتَهُ اقْتَسَمَا مِيرَاثَهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَإِنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ ثُمَّ مَاتَ فَمِيرَاثُهُ لِابْنِ الْمَرْأَةِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مِنْ مِيرَاثِهِ شَيْءٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لِأَنَّهُ إِذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ مَاتَ عَبْدًا فَوَرِثَهُ عَنْهُمَا وَرَثَتُهَا وَهُمُ ابْنُهَا وَزَوْجُهَا كَسَائِرِ مَالِهَا وَأَمَّا إِذَا أَدَّى كِتَابَتَهُ وَقَدْ لَحِقَ بِأَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ وَلَاؤُهُ لِسَيِّدَتِهِ إِلَى عُقْدَةِ كِتَابَتِهِ وَعَنْهَا يُورَثُ إِلَى وَلَائِهِ فَإِنْ مَاتَ لَمْ يَرِثْ وَلَاءَهُ إِلَّا عَصَبَةُ سَيِّدَتِهِ دُونَ ذَوِي الْفُرُوضِ مِنْ وَرَثَتِهَا وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَسَيَأْتِي هَذَا الْمَعْنَى فِي بَابِ الْوَلَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ قَالَ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا أَرَادَ الْمُحَابَاةَ لِعَبْدِهِ وَعُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ بِالتَّخْفِيفِ عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا كَاتَبَهُ عَلَى وَجْهِ الرَّغْبَةِ وَطَلَبِ الْمَالِ وَابْتِغَاءِ الْفَضْلِ وَالْعَوْنِ عَلَى كِتَابَتِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ كِتَابَةُ الْمُكَاتَبِ لِعَبْدِهِ جَائِزَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ مَا لَمْ يُرِدْ بِهَا الْمُحَابَاةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ يَجُوزُ لَهُ فِي مَالِهِ أَمْرٌ يَتْلَفُ بِهِ شَيْءٌ مِنْهُ دُونَ عِوَضٍ وَإِنَّمَا يُقَدِّمُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمَعْرُوفِ حَتَّى يُؤَدِّيَ فَيَعْتِقُ وَأَجَازَ كِتَابَةَ الْمُكَاتَبِ لِعَبْدِهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 387 وَالْأَوْزَاعِيُّ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَطَلَبُ فَضْلٍ وَإِنْ عَجَزَ كَانَ رَقِيقًا بِحَالِهِ وَلِلشَّافِعِيِّ فِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا جَوَازُهَا وَالثَّانِي إِبْطَالُهَا لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ) (وَلَا وَلَاءَ لِلْمُكَاتَبِ) قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ وطىء مُكَاتَبَةٍ لَهُ إِنَّهَا إِنْ حَمَلَتْ فَهِيَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَتْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ شَاءَتْ قَرَّتْ عَلَى كِتَابَتِهَا فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ فَهِيَ عَلَى كِتَابَتِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ عِنْدَ غَيْرِ يَحْيَى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ قَالَ مَالِكٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ مُكَاتَبَتَهُ فَإِنْ جَهِلَ ووطىء ثُمَّ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ هَذِهِ بِعَيْنِهَا وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى وَقَدْ كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يُجِيزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى مُكَاتَبَتِهِ وَطْأَهَا وَتَابَعَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَدَاوُدُ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ يَشْتَرِطُ فِيهَا مَا شَاءَ قَبْلَ الْعِتْقِ قِيَاسًا عَلَى الْمُدَبَّرَةِ وَحُجَّةُ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ وَطْءٌ تَقَعُ الْفُرْقَةُ فِيهِ إِلَى أَجَلٍ آتٍ لَا مَحَالَةَ فَأَشْبَهَ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ وَمِمَّنْ قال ذلك الحسن البصري وبن شِهَابٍ وَقَتَادَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأَبُو سَعِيدٍ وَأَبُو الزِّنَادِ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ وَاخْتُلِفَ فِيهَا عَنْ إِسْحَاقَ فَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ أَحْمَدَ وَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ الْجَمَاعَةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إِذَا عَجَزَتْ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا فَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ سَعِيدٍ فَذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى مُكَاتَبَتِهِ أَنْ يَغْشَاهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ كِتَابَتَهُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَلَيْهَا إِذَا وَطِئَهَا فَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو الزِّنَادِ إِنْ طَاوَعَتْهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَإِنِ اسْتَكْرَهَهَا جُلِدَ وَغَرِمَ لَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا فَإِنْ حَمَلَتْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَبَطَلَتْ كِتَابَتُهَا وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَالشَّافِعِيُّ لَا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 388 حَدَّ عَلَيْهِ إِنْ وَطِئَهَا كَارِهَةً أَوْ مُطَاوِعَةً إِلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ إِنْ كَانَ جَاهِلًا عُزِّرَ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا عُذِّرَ وَقَالَ مَالِكٌ إِنِ اسْتَكْرَهَهَا عُوقِبَ لِاسْتِكْرَاهِهِ إِيَّاهَا وَقَالَ الْحَسَنُ والزهري من وطىء مُكَاتَبَتَهُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يُجْلَدُ مِائَةَ جَلْدَةٍ بِكْرًا كَانَ أَوْ ثَيِّبًا وَتُجْلَدُ الْأَمَةُ خَمْسِينَ جَلْدَةً وَقَالَ قَتَادَةُ يُجْلَدُ مِائَةً إِلَّا سوطا وقال احمد بن حنبل ان وطىء مُكَاتَبَتَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ أُدِّبَ وَكَانَ لَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّوَابُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ لِأَنَّ كَوْنَهَا مَمْلُوكَةً مَا بَقِيَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ كِتَابَتِهَا شُبْهَةٌ تَدْرَأُ بِهَا الْحَدَّ عَنْهَا وَأَمَّا الصَّدَاقُ فَأَوْجَبَهُ لَهَا مَنْ أَسْقَطَ الْحَدَّ سُفْيَانُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَوْجَبَهُ لَهَا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَهُوَ مِمَّنْ يَرَى الْحَدَّ عَلَى سَيِّدِهَا فِي وَطْئِهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هَذَا خَطَأٌ لَا يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ حَدٌّ وَصَدَاقٌ أَبَدًا وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي تَخْيِيرِهَا إِذَا حَمَلَتْ إِنْ شَاءَتْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَإِنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى كِتَابَتِهَا فَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَحْمَدَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ تَبْطُلُ كِتَابَتُهَا إِذَا حَمَلَتْ وَتَعْتِقُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَلَا خِيَارَ لَهَا قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يُكَاتِبُ نَصِيبَهُ مِنْهُ أَذِنَ لَهُ بِذَلِكَ صَاحِبُهُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ إِلَّا أَنْ يُكَاتِبَاهُ جَمِيعًا لِأَنَّ ذَلِكَ يَعْقِدُ لَهُ عِتْقًا وَيَصِيرُ إِذَا أَدَّى الْعَبْدُ مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ إِلَى أَنْ يَعْتِقَ نِصْفُهُ وَلَا يَكُونُ عَلَى الَّذِي كَاتَبَ بَعْضَهُ أَنْ يَسْتَتِمَّ عِتْقَهُ فَذَلِكَ خِلَافُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (من أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَدْلِ) قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْمُكَاتَبُ أَوْ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ رد إليه الجزء: 7 ¦ الصفحة: 389 الَّذِي كَاتَبَهُ مَا قَبَضَ مِنَ الْمُكَاتَبِ فَاقْتَسَمَهُ هُوَ وَشَرِيكُهُ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا وَبَطَلَتْ كِتَابَتُهُ وَكَانَ عَبْدًا لَهُمَا عَلَى حَالَهِ الْأُولَى قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ لِمَذْهَبِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِيهَا فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي كِتَابَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ عَبْدٍ بَيْنَهُمَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَذَكَرَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُكَاتِبَ أَحَدٌ بَعْضَ عبد الا ان يكون باقية حرا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْتِقَ بَعْضًا مِنْ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ إِذْنِ الشَّرِيكِ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يُمْنَعُ مِنَ السَّعْيِ والاكتساب قال ولا يَجُوزُ أَنْ يُكَاتِبَاهُ مَعًا حَتَّى يَكُونَا فِيهِ سَوَاءً قَالَ أَبُو عُمَرَ وَافَقَ مَالِكًا مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي أَنَّهُ لَا يُكَاتِبُ عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ وَلَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ قَالَ الْمُزَنِيُّ وَقَالَ فِي كِتَابِ (الْإِمْلَاءِ) عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَإِذَا أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَنْ يُكَاتِبَهُ فَالْكِتَابَةُ جَائِزَةٌ وَلِلَّذِي يُكَاتِبُهُ ان يحتدمه يَوْمًا وَيُخَلِّيَهُ وَالْكَسْبَ يَوْمًا فَإِنْ أَبْرَأَهُ مِمَّا عَلَيْهِ كَانَ نَصِيبُهُ حُرًّا وَقُوِّمَ عَلَيْهِ الْبَاقِي وَعَتَقَ إِنْ كَانَ مُوسِرًا وَرُقَّ إِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَاخْتَارَ الْمُزَنِيُّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَوْ كَانَتْ كِتَابَتُهَا فِيهِ سَوَاءً فَعَجَّزَهُ أَحَدُهُمَا وَأَنْظَرَهُ الْآخَرُ فُسِخَتِ الْكِتَابَةُ بَعْدَ ثُبُوتِهَا حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى الْإِقَامَةِ عَلَيْهَا قَالَ الْمُزَنِيُّ فَالِابْتِدَاءُ بِذَلِكَ أَوْلَى قَالَ الْمُزَنِيُّ ولا يخلوا أَنْ تَكُونَ كِتَابَةُ نَصِيبِهِ كَبَيْعِهِ إِيَّاهُ فَلَا مَعْنَى لِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ يَقُولُ إِذَا كَاتَبَ نَصِيبَهُ مِنَ الْعَبْدِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ كَانَتِ الْكِتَابَةُ جَائِزَةٌ وَكَانَ مَا أَدَّاهُ الْمُكَاتَبُ إِلَى الَّذِي كَاتَبَهُ يَرْجِعُ فِيهِ الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ عَلَى الَّذِي كَاتَبَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ الَّذِي كَاتَبَ بِذَلِكَ عَلَى الْمُكَاتَبِ فَيَسَأَلُهُ فِيهِ قَالَ وَمَنْ كاتب عبدا له بينه وبين اخرين وكاتب نِصْفُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ شَرِيكِهِ كَانَ لِشَرِيكِهِ إِبْطَالُ ذَلِكَ مَا لَمْ يُرَدَّ الْعَبْدُ إِلَى مَوْلَاهُ الَّذِي كَاتَبَهُ مَا كَاتَبَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُبْطِلِ الْمَوْلَى الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْهُ الْمُكَاتَبَةَ حَتَّى أَدَّاهَا الْعَبْدُ إِلَى الَّذِي كَاتَبَهُ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ قَدْ عَتَقَ نَصِيبُهُ بِذَلِكَ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يقول ان كاتب الْمُكَاتَبَةُ وَقَعَتْ عَلَى الْعَبْدِ كُلِّهِ كَانَ لِلَّذِي لم الجزء: 7 ¦ الصفحة: 390 يُكَاتِبْهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الَّذِي كَاتَبَهُ بِنِصْفِ مَا قَبَضَ مِنَ الْعَبْدِ فَأَخَذَهُ مِنْهُ ثُمَّ يَرْجِعُ حُكْمُ الْعَبْدِ إِلَى حُكْمِ عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَلَا يَرْجِعُ الْمَوْلَى الَّذِي كَاتَبَ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِشَيْءٍ مِنْ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ شَرِيكُهُ قَالَ وَإِنْ كَانَتِ الْمُكَاتَبَةُ وَقَعَتْ عَلَى نَصِيبِهِ مِنَ الْعَبْدِ كَانَ الْجَوَابُ كَذَلِكَ أَيْضًا غَيْرَ أَنَّهُ يَكُونُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْعَبْدِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ شَرِيكُهُ فَيَسْتَسْعِيَهُ فِيهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ سَوَاءٌ كَانَتِ الْمُكَاتَبَةُ وَقَعَتْ مِنَ السَّيِّدِ عَلَى كُلِّ الْعَبْدِ أَوْ عَلَى نَصِيبِهِ مِنَ الْعَبْدِ وَهُوَ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيهَا إِذَا وَقَعَتْ عَلَى الْعَبْدِ وَذَكَرَ الْخِرَقِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ وَإِذَا كَاتَبَ نِصْفُ عَبْدٍ فَأَدَّى مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ وَمِثْلَهُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْهُ كَانَ نِصْفُهُ حُرًّا بِالْكِتَابَةِ إِنْ كَانَ الَّذِي كَاتَبَهُ مُعْسِرًا وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا أَعْتَقَ كُلُّهُ وَكَانَتْ نِصْفُ قِيمَتِهِ عَلَى الَّذِي كَاتَبَ لِشَرِيكِهِ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ جَوَازُ الْكِتَابَةِ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي نَصِيبِهِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَتَغْيِيرِ إِذْنِهِ وَذَكَرَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ قِيلَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ إِنَّ سُفْيَانَ سُئِلَ عَنْ عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَاتَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْهُ قَالَ أَكْرَهُ ذَلِكَ قِيلَ فَإِنْ فَعَلَ قَالَ ارده الا يَكُونَ نَفَّذَهُ فَإِنْ كَانَ نَفَّذَهُ ضَمِنَ فَأَخَذَ شَرِيكُهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ يَبِيعُ هَذَا الْمُكَاتَبَ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ وَيَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ الْقِيمَةِ إِنْ كَانَتْ لَهُ مَالٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اسْتَسْعَى الْعَبْدُ فَقَالَ أَحْمَدُ كِتَابَتُهُ جَائِزَةٌ إِلَّا مَا كَسَبَ الْمُكَاتَبُ أَخَذَ الْآخَرُ نِصْفَ مَا كَسَبَ وَاسْتَسْعَى الْعَبْدُ قَالَ إِسْحَاقُ هُوَ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ لَانَا نُلْزِمُ السِّعَايَةَ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَكَاتَبَهُ أَحَدُهُمَا فَلَمْ يُؤَدِّ إِلَيْهِ كُلَّ مَا كَاتَبَهُ عَلَيْهِ حَتَّى أَعْتَقَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ وَقَدْ صَارَ الْعَبْدُ كُلُّهُ حُرًّا وَيَرْجِعُ الشَّرِيكُ عَلَى الْمُعْتِقِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عَلَى أَصْلِ أَحْمَدَ فِي إِجَازَتِهِ بَيْعَ الْمُكَاتَبِ وَكَانَ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ يُجِيزُ كِتَابَةَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَبِغَيْرِ إِذْنِهِ وهو قول بن ابي ليلى وقال بن أَبِي لَيْلَى وَلَوْ أَنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ كَانَ عِتْقُهُ بَاطِلًا حَتَّى ينظر ما تؤول إِلَيْهِ حَالُ الْمُكَاتَبِ فَإِنْ أَدَّى الْكِتَابَةَ عَتَقَ وَضَمِنَ الَّذِي كَاتَبَهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ لِشَرِيكِهِ وَكَانَ الْوَلَاءُ كُلُّهُ لَهُ قَالَ مَالِكٌ فِي مُكَاتَبٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَنْظَرَهُ أَحَدُهُمَا بِحَقِّهِ الَّذِي عَلَيْهِ وابي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 391 الْآخَرُ أَنْ يُنْظِرَهُ فَاقْتَضَى الَّذِي أَبَى أَنْ يُنْظِرَهُ بَعْضَ حَقِّهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالَا لَيْسَ فِيهِ وَفَاءٌ مِنْ كِتَابَتِهِ قَالَ مَالِكٌ يَتَحَاصَّانِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لَهُمَا عَلَيْهِ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَإِنْ تَرَكَ الْمُكَاتَبُ فَضْلًا عَنْ كِتَابَتِهِ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا بَقِيَ مِنَ الْكِتَابَةِ وَكَانَ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوَاءِ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَقَدِ اقْتَضَى الَّذِي لَمْ يُنْظِرْهُ أَكْثَرَ مِمَّا اقْتَضَى صَاحِبُهُ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَا يرد على صاحبه فضل صَاحِبِهِ فَضْلَ مَا اقْتَضَى لِأَنَّهُ إِنَّمَا اقْتَضَى الَّذِي لَهُ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَإِنْ وَضَعَ عَنْهُ أَحَدُهُمَا الَّذِي لَهُ ثُمَّ اقْتَضَى صَاحِبُهُ بَعْضَ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ عَجَزَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَرُدُّ الَّذِي اقْتَضَى عَلَى صَاحِبِهِ شَيْئًا لِأَنَّهُ إِنَّمَا اقْتَضَى الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ لِلرَّجُلَيْنِ بِكِتَابٍ وَاحِدٍ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ فَيُنْظِرُهُ أَحَدُهُمَا وَيَشِحُّ الْآخَرُ فَيَقْتَضِي بَعْضَ حقه ثم يفلس الغريم عَلَى الَّذِي اقْتَضَى أَنْ يَرُدَّ شَيْئًا مِمَّا أَخَذَ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِشَرِيكِهِ أَنْ يَقْبِضَ نَصِيبَهُ فَقَبَضَهُ ثُمَّ عَجَزَ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا يَعْتِقُ نَصِيبُهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْبَاقِي إِنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَجَمِيعُ مَا فِي يَدِهِ لِلَّذِي يَبْقَى لَهُ فِيهِ الرِّقُّ لِأَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنَ الْكِتَابَةِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ عَتَقَ وَإِلَّا عَجَزَ بِالْبَاقِي وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْعَجْزِ فَمَا فِي يَدَيْهِ بَيْنَهُمَا نصفان يرث احدهما بقدر الحرية والاخر قدر الْعُبُودِيَّةِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يُعْتَقُ وَيَكُونُ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ فَيُشْرِكَهُ فِيمَا قَبَضَ لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهُ قَالَ الْمُزَنِيُّ هَذَا أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ إِذًا (الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ) وَمَا فِي يَدَيْهِ مَوْقُوفٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ فَلَيْسَ مَعْنَاهُ فِيمَا أُذِنَ لَهُ بِقَبْضِهِ إِلَّا بِمَعْنَى اسْتُبْقِيَ بِقَبْضِ النِّصْفِ حَتَّى اسْتَوْفَى مِثْلَهُ فَلَيْسَ يَسْتَحِقُّ بِالسَّبْقِ مَا لَيْسَ لَهُ وَرَوَى الرَّبِيعُ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ فَإِذَا كَانَ الْمُكَاتَبُ بَيْنَ اثْنَيْنِ! فَأَذِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِأَنْ يَقْبِضَ فَقَبَضَهُ مِنْهُ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ بِأَوَّلِهَا فَسَوَاءٌ وَلَهُمَا مَا فِي يَدَيْهِ مِنَ الْمَالِ نِصْفَيْنِ إِنْ لَمْ يَكُنِ اسْتَوْفَى الْمَأْذُونُ لَهُ جَمِيعَ حَقِّهِ مِنَ الْمُكَاتَبَةِ فَلَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ لَهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ حَقِّهِ مِنَ الْكِتَابَةِ فَفِيهَا قَوْلَانِ فَمَنْ قَالَ يَجُوزُ ذَلِكَ مَا قَبَضَ وَلَا يَكُونُ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَرْجِعَ فَلِشَرِيكِهِ قَبْضَيْنِ شَرِيكُهُ منه حر الجزء: 7 ¦ الصفحة: 392 يُقَوَّمُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَنَصِيبُهُ حُرٌّ فَإِنْ عَجَزَ فَجَمِيعُ مَا فِي يَدَيْهِ لِلَّذِي بَقِيَ لَهُ فِيهِ الرِّقُّ وانما جعلت ذلك له لانه تأخذ لَهُ بِمَا يَبْقَى لَهُ فِي الْكِتَابَةِ إِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ وَفَاءٌ عُتِقَ بِهِ وَإِنْ لم يكن له في وَفَاءٌ أَخَذَهُ بِمَا بَقِيَ لَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَعَجَّزَهُ بِالْبَاقِي وَإِنْ مَاتَ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ يَرِثُهُ بِقَدْرِ الْحُرِّيَّةِ الَّتِي فِيهِ وَيَأْخُذُ هَذَا مَالَهُ بِقَدْرِ الْعُبُودِيَّةِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يُعْتَقُ ويكون لشريك أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ فَيُشْرِكَهُ فِيمَا أَذِنَ لَهُ به لانه أَذِنَ لَهُ بِهِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهُ وَإِذْنُهُ لَهُ بِالْقَبْضِ وَغَيْرُ إِذْنِهِ سَوَاءٌ فَإِنْ قَبَضَهُ لَمْ يَتْرُكْهُ لَهُ فَإِنَّمَا هِيَ هِبَةٌ وَهَبَهَا لَهُ يَجُوزُ إِذَا قَبَضَهَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَزْوِينِيُّ إِنَّمَا جَعَلَ الشَّافِعِيُّ لِلَّذِي بَقِيَ لَهُ فِيهِ الرِّقُّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ مِنْهُ الْكِتَابَةَ فَإِنْ عَجَزَ كَانَ مَا فِي يَدَيْهِ مِنَ الْمَالِ لَهُ يَأْخُذُهُ بِمَا بَقِيَ مِنَ الْكِتَابَةِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِهَذَا الَّذِي قَدْ عَتَقَ نصفه أَنْ يَقُولَ بِالْعَجْزِ لِي نِصْفُ مَا فِي يَدِكَ لِأَنَّ نِصْفِي حُرٌّ وَلَكِنْ يَأْخُذُهُ سَيِّدُهُ الَّذِي لَهُ فِيهِ الرِّقُّ بِحَقِّهِ مِنَ الْكِتَابَةِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ عَتَقَ وَإِلَّا كَانَ التَّعْجِيزُ بَعْدَ ذَلِكَ وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ قَالَ وَإِنْ كَانَتِ الْمُكَاتَبَةُ وَقَعَتْ مِنَ الَّذِي كَاتَبَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فِي ذَلِكَ وَفِي قَبْضِ الْمُكَاتَبَةِ لَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِ الَّذِي لَمْ يُكَاتِبْ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الَّذِي كَاتَبَ بِشَيْءٍ مَا يَقْبِضُهُ مِنَ الْمُكَاتَبَةِ إِذَا قَبَضَ الْمُكَاتَبُ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ وَهُوَ حُكْمُهُ كَحُكْمِ عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا |