قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْعَبِيدَ إِذَا كُوتِبُوا جَمِيعًا كِتَابَةً
وَاحِدَةً فَإِنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلَاءٌ عَنْ بَعْضٍ وَإِنَّهُ لَا يُوضَعُ عَنْهُمْ لِمَوْتِ أَحَدِهِمْ شَيْءٌ وَإِنْ
قَالَ أَحَدُهُمْ قَدْ عَجَزْتُ وَأَلْقَى بِيَدَيْهِ فَإِنَّ لِأَصْحَابِهِ أَنْ يَسْتَعْمِلُوهُ (...)
 
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْعَبِيدَ إِذَا كُوتِبُوا جَمِيعًا كِتَابَةً
وَاحِدَةً فَإِنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلَاءٌ عَنْ بَعْضٍ وَإِنَّهُ لَا يُوضَعُ عَنْهُمْ لِمَوْتِ أَحَدِهِمْ شَيْءٌ وَإِنْ
قَالَ أَحَدُهُمْ قَدْ عَجَزْتُ وَأَلْقَى بِيَدَيْهِ فَإِنَّ لِأَصْحَابِهِ أَنْ يَسْتَعْمِلُوهُ فِيمَا يُطِيقُ مِنَ الْعَمَلِ
وَيَتَعَاوَنُونَ بِذَلِكَ فِي كِتَابَتِهِمْ حَتَّى يُعْتَقَ بعتقهم ان عتقوا ويرق برقه إِنَّ رَقُّوا
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرَوَى فِيهَا سُفْيَانُ كَقَوْلِ مَالِكٍ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَكُونُ لِعَبِيدٍ إِذَا كَاتَبَهُمْ سَيِّدُهُمْ كِتَابَةً وَاحِدَةً حَمْلًا
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 393
بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ إِلَّا أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ عبديه كتابة واحدة معلومة ويشترط عليهما
انها إِنْ أَدَّيَا عَتَقَا وَإِنْ عَجَزَا رُدَّا فِي الرِّقِّ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا لَمْ يَكُونَا
حَمِيلَيْنِ بَعْضُهُمَا عَنْ بَعْضٍ فَإِنِ اشْتَرَطَ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ كَانَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ
وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْكِتَابَةِ كُلِّهَا فَأَيُّهُمَا أَدَّاهَا إِلَيْهِ عَتَقَ وَعَتَقَ صَاحِبُهُ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ
عَلَى صَاحِبِهِ (بِحِصَّتِهِ مِنْهَا وَكَذَلِكَ مَا أَدَّاهُ مِنَ الْكِتَابَةِ فِي شَيْءٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ
عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْكِتَابَةِ أَنَّهُمَا إِذَا أَدَّيَا عَتَقَا وَإِنْ عَجَزَا رُدَّا
وَكَاتَبَهُمَا عَلَى الْكِرَاءِ وَشَيْءٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ كَانَتِ الْكِتَابَةُ جَائِزَةٌ
وَكَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَّا بِالشَّرْطِ
وَهَذَا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا أَنَّ أَوْلَادَهُ عَبِيدٌ لِسَيِّدِهِ لَيْسُوا تَبَعًا لَهُ عِنْدَ عَقْدِ كِتَابَتِهِ وَإِنَّمَا
يَكُونُ تَبَعًا لَهُ إِذَا تَسَرَّى وَهُوَ مُكَاتَبٌ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ مِنْ سُرِّيَّتِهِ وَهَؤُلَاءِ يَدْخُلُونَ مَعَهُ بِلَا
شَرْطٍ وَلَوْ وُلِدُوا لَهُ مِنْ سُرِّيَّتِهِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ لَمْ يَدْخُلُوا فِي كِتَابَتِهِ إِلَّا أَنْ يُدْخِلَهُمْ
بِالشَّرْطِ مَعَ نَفْسِهِ فِي كِتَابَتِهِ
فَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ
وذكر عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ
إِبْرَاهِيمَ فِي رَجُلٍ كَاتَبَ غُلَامَهُ ثُمَّ أَطْلَعَهُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ أَنَّ لَهُ سُرِّيَّةً وَوَلَدَ فَسُرِّيَّتُهُ فِيمَا
كَانَتْ عَلَيْهِ وَوَلَدُهُ رَقِيقٌ لِلسَّيِّدِ الَّذِي كَاتَبَهُ
وَقَالَ عَطَاءٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى لَا يَكُونُ أَحَدُ الْعَبِيدِ الْمُكَاتَبُ حَمْلًا
عَنْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ قَالَ سَيِّدُهُ وَاشْتَرَطَهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ إِنْ عَجَزَ عَادَ عَبْدًا فَلَيْسَ دَيْنُهُ بِلَازِمٍ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ أَنْ يَحْتَمِلَ أَحَدُ الْعَبِيدَ عَنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا مِنَ الْكِتَابَةِ الَّتِي
أُكْرِهُوا عَلَيْهَا قَالَ فَإِنِ اشْتَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِمُ السَّيِّدُ فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ كَانَتْ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ لَهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً عَلَى مِائَةٍ مُنَجَّمَةٍ فِي سِنِينَ عَلَى
أَنَّهُمْ إِذَا أَدُّوا أُعْتِقُوا كَانَتْ جَائِزَةً فَالْمِائَةُ مَقْسُومَةٌ عَلَى قِيمَتِهِمْ يَوْمَ كُوتِبُوا فَأَيُّهُمْ أَدَّى
حِصَّتَهُ إِذَا عَتَقَ عَجَزَ وَأَيُّهُمْ عَجَزَ رُقَّ وَأَيُّهُمْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ مَاتَ رَقِيقًا كَانَ لَهُ
وَلَدٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ
قَالَ وَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمْ عَنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنْ تَطَوَّعَ وَعَتَقُوا لَمْ يَكُنْ لَهُ
الرُّجُوعُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ مَنْ مَاتَ مِنَ الَّذِينَ كُوتِبُوا كِتَابَةً وَاحِدَةً لَمْ تَسْقُطْ
حِصَّتُهُ مِنَ الْكِتَابَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ عَجَزَ عَنِ السَّعْيِ وَعَلَى الْبَاقِينَ السَّعْيُ فِي جَمِيعِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 394
الْكِتَابَةِ حَتَّى يُؤَدُّوهَا وَإِنْ لَمْ يُؤَدُّوهَا عَجَزُوا وَرَجَعُوا رَقِيقًا وَغَيْرُ الشَّافِعِيِّ يُسْقِطُ
حِصَّةَ الْمَيِّتِ مِنَ الْكِتَابَةِ وَيَسْعَى الْبَاقُونَ فِي حِصَصِهِمْ لَا غَيْرَ وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ
جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ لَمْ يَنْبَغِ لِسَيِّدِهِ أَنْ
يَتَحَمَّلَ لَهُ بِكِتَابَةِ عَبْدِهِ أَحَدٌ إِنْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ عَجَزَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ
وَذَلِكَ أَنَّهُ إِنْ تَحَمَّلَ رَجُلٌ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ ثُمَّ اتَّبَعَ ذَلِكَ سَيِّدُ
الْمُكَاتَبِ قَبْلَ الَّذِي تَحَمَّلَ لَهُ أَخَذَ مَالَهُ بَاطِلًا لَا هُوَ ابْتَاعَ الْمُكَاتَبَ فَيَكُونُ مَا أُخِذَ مِنْهُ
مِنْ ثَمَنِ شَيْءٍ هُوَ لَهُ وَلَا الْمُكَاتَبُ عَتَقَ فَيَكُونُ فِي ثَمَنِ حُرْمَةٍ ثَبَتَتْ لَهُ فَإِنْ عَجَزَ
الْمُكَاتَبُ رَجَعَ إِلَى سَيِّدِهِ وَكَانَ عَبْدًا مَمْلُوكًا لَهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ
يَتَحَمَّلُ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ بِهَا إِنَّمَا هِيَ شَيْءٌ إِنْ أَدَّاهُ الْمُكَاتَبُ عَتَقَ وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ
وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يُحَاصِّ الْغُرَمَاءُ سَيِّدَهُ بِكِتَابَتِهِ وَكَانَ الْغُرَمَاءُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ سَيِّدِهِ وَإِنْ
عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِلنَّاسِ رُدَّ عَبْدًا مَمْلُوكًا لِسَيِّدِهِ وَكَانَتْ دُيُونُ النَّاسِ فِي ذِمَّةِ
الْمُكَاتَبِ لَا يَدْخُلُونَ مَعَ سَيِّدِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ثَمَنِ رَقَبَتِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذَا أَنَّ الْحَمَالَةَ لَا تَصِحُّ عَلَى غَيْرِ الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ
جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَقَدِ احْتَجَّ كَذَلِكَ
مَالِكٌ فَأَحْسَنَ
ذَكَرَ عبد الرزاق عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ نَحْوَ قَوْلِ مَالِكٍ وَاحْتِجَاجِهِ
وكان الزهري وبن ابي ليلى يجيزان الحمالة عن بن الْمُكَاتَبَةِ
وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فَإِنْ تَحَمَّلَ آخَرُ بِالْكِتَابَةِ فَالْحَمَالَةُ بَاطِلٌ عِنْدَ مالك وبن الْقَاسِمِ وَالْكِتَابَةُ
صَحِيحَةٌ
وَقَالَ أَشْهَبُ الْحَمَالَةُ بَاطِلٌ فَالسَّيِّدُ يُخَيَّرُ فِي إِمْضَاءِ الْكِتَابَةِ بِلَا حِمَالَةٍ أَوْ رَدِّهَا
وَأَمَّا قَوْلُهُ (إِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ لَمْ يُحَاصِّ السَّيِّدُ الْغُرَمَاءَ) يَعْنِي بِمَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ أَوْ
بِمَا حَمَلَ مِنْ نُجُومِهِ فَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
وَالْبَصْرَةِ
وَقَالَ شُرَيْحٌ وَالشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَسُفْيَانُ وَالْحَسَنُ بْنُ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 395
حي وبن أَبِي لَيْلَى وَشَرِيكٌ يَضْرِبُ السَّيِّدُ مَعَ الْغُرَمَاءِ
قَالَ مَالِكٌ إِذَا كَاتَبَ الْقَوْمُ جَمِيعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً وَلَا رَحِمَ بَيْنَهُمْ يَتَوَارَثُونَ بِهَا فَإِنَّ
بَعْضَهُمْ حُمَلَاءٌ عَنْ بَعْضٍ وَلَا يَعْتِقُ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ حَتَّى يُؤَدُّوا الْكِتَابَةَ كُلَّهَا فَإِنْ
مَاتَ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَتَرَكَ مَالًا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ جَمِيعِ مَا عَلَيْهِمْ أُدِّيَ عَنْهُمْ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِمْ
وَكَانَ فَضْلُ الْمَالِ لِسَيِّدِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِمَنْ كَاتَبَ مَعَهُ مِنْ فَضْلِ الْمَالِ شَيْءٌ وَيَتْبَعُهُمُ
السَّيِّدُ بِحِصَصِهِمُ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِمْ مِنَ الْكِتَابَةِ الَّتِي قُضِيَتْ مِنْ مَالِ الْهَالِكِ لِأَنَّ الْهَالِكَ
إِنَّمَا كَانَ تَحَمَّلَ عَنْهُمْ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُؤَدُّوا مَا عَتَقُوا بِهِ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ كَانَ لِلْمُكَاتَبِ الْهَالِكِ
وَلَدٌ حُرٌّ لَمْ يُولَدْ فِي الْكِتَابَةِ وَلَمْ يُكَاتَبْ عَلَيْهِ لَمْ يَرِثْهُ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى مَاتَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْعَبِيدَ إِذَا كَاتَبَهُمْ سَيِّدُهُمْ كِتَابَةً وَاحِدَةً فَهُمْ عِنْدَ مَالِكٍ حُمَلَاءُ
بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ بَيْنَهُمْ رَحِمٌ يَتَوَارَثُونَ بِهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ الا ان الَّذِينَ
بَيْنَهُمْ رَحِمٌ يَتَوَارَثُونَ بِهَا إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ وَتَرَكَ مِنَ الْمَالِ أَكْثَرَ مِمَّا تُؤَدَّى مِنْهُ الْكِتَابَةُ
أُدِّيَتْ مِنْهُ وَمَا فَضَلَ وَرِثُوهُ عنه بارحامهم وبانهم مساوون فِي الْحَالِ وَلَا يَرِثُهُ الْوَلَدُ
الْحُرُّ لِأَنَّهُ مَاتَ عَبْدًا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَرِثُهُ أَحَدٌ مِنْ وَرَثَتِهِ كَانُوا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ أَوْ
كَانُوا أَحْرَارًا قَبْلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ حِينَ مَاتَ عَبِيدٌ وَمَاتَ هُوَ عَبْدًا فَمَالُهُ لِلسَّيِّدِ
وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ يُعْتَقُ مَالُهُ الَّذِي تَرَكَ وَيَرِثُهُ الْأَحْرَارُ مِنْ وَلَدِهِ
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ ذَلِكَ كُلِّهِ
وَأَمَّا إِذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمْ رَحِمٌ يَتَوَارَثُونَ بِهَا فَهُمْ رُحَمَاءُ عِنْدَ مَالِكٍ
رَوَى الْحَكَمُ مَا وَصَفَ وَهُوَ عَلَى أَصْلِهِ كَلَامٌ صَحِيحٌ يُعْتَقُونَ فِي ذَلِكَ الْحَالِ
وَيَضْمَنُونَ بِهِ مَا يَعْتِقُونَ مِنَ السَّيِّدِ مِنْ أَجْلِ الْحَمَالَةِ لِأَنَّهُ مَالُ مُكَاتَبٍ لَهُ كَانَ عَبْدًا
قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ مَالُ السَّيِّدِ بَعْدَ أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْهُ مَا تَحَمَّلَهُ عَنْ مَنْ مَعَهُ فِي
الْكِتَابَةِ فَيَعْتِقُ بِهِ وَيَغْرِمُ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَلَا يَكُونُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عِنْدَهُ حَمِيلًا عَلَى صَاحِبِهِ وَالْمَالُ كُلُّهُ لِلسَّيِّدِ
وَيَسْعَوْنَ فِي حِصَصِهِمْ عَلَى قَدْرِ قِيَامِهِمْ فَإِنْ أَدُّوا ذَلِكَ عَتَقُوا بِشَرْطِ الْكِتَابَةِ وَإِلَّا فَهُمْ
عَبِيدٌ إِنْ عَجَزُوا عَنِ الْأَدَاءِ
وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ لَا يَكُونُونَ حُمَلَاءً إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عَلَيْهِمُ السَّيِّدُ فِي
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 396
الْكِتَابَةِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي مُكَاتَبٍ أَوْ مُكَاتَبَةٍ كَاتَبَتْ عَلَى بَنِيهَا فَأَدَّتْ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ عَنْهَا
وَعَنْهُمْ أَوْ أَدَّى الْكِتَابَةَ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ مَنْ أَدَّاهَا مِنْهُمْ بِشَيْءٍ عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا
يَرْجِعُ عَلَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا تَصِحُّ حِمَالَةُ الْمُكَاتَبِينَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ كَمَا لَا تَصِحُّ
حِمَالَةُ الْأَجْنَبِيَّةِ عَنْهُمْ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ بِثَابِتَةٍ لِعِوَضِهَا بِالْمَوْتِ وَالْعَجْزِ أَيْضًا وَلَا
يَضْرِبُ بِمَا حَمَلَ مِنْهَا السَّيِّدُ مَعَ الْغُرَمَاءِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ
وَهُوَ قَوْلُ الثَّلَاثَةِ الْفُقَهَاءِ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ
وَمَعْلُومٌ انه اذا كان العبد مكاتبا مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ كِتَابَتِهِ وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَهَا
فَقَدْ مَاتَ عَبْدًا إِذَا لَمْ يُؤَدِّ كِتَابَتَهُ كُلَّهَا وَإِذَا مَاتَ عَبْدًا فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ فَكَيْفَ يُؤَدِّي مِنْ
مَالِ السَّيِّدِ عَنْ بَنِي مُكَاتَبِهِ وَهُمْ لَمْ يَسْتَحِقُّوا مِيرَاثًا وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَرْثُهُ حُرٌّ
وَلَا عَبْدٌ وَأَنَّ مَالَهُ لِسَيِّدِهِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمِيرَاثَ إِنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالْمَوْتِ فِي حِينِهِ فَكَيْفَ
يَعْتِقُ مَنْ مَعَهُ مِنْ وَرَثَتِهِ بِالْأَدَاءِ عَنْهُمْ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَيَرِثُونَهُ بَعْدُ هَذَا مُحَالٌ
لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونُوا أَحْرَارًا حِينَ مَاتَ أَبُوهُمْ أَوْ عَبِيدًا حِينَ مَاتَ ثُمَّ عَتَقُوا بَعْدُ
فَأَحْرَى أَنْ لَا يَرِثُوهُ
وَهَذَا قَوْلُ عُمَرَ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَسَالِمٍ وَالْقَاسِمِ وَقَتَادَةَ وَجَمَاعَةٍ وَهُوَ قَوْلُ
الشافعي وبن شِهَابٍ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ
وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ وَأَنَّهُ إِنْ مَاتَ فِي حَيَاةِ
سَيِّدِهِ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءَ الْكِتَابَةِ أَنَّهُ مَاتَ عَبْدًا وَمَا يُخَلِّفُهُ مِنْ مَالٍ فلسيده
وانما واختلفوا إِذَا تَرَكَ مِنَ الْمَالِ وَفَاءً بِالْكِتَابَةِ وَفَضْلًا