قَالَ مَالِكٌ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الْمُكَاتَبِ يَجْرَحُ الرَّجُلَ جُرْحًا يَقَعُ فِيهِ الْعَقْلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِنْ قَوِيَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ ذَلِكَ الْجُرْحِ مَعَ كِتَابَتِهِ أَدَّاهُ وَكَانَ عَلَى كِتَابَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْوَ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ عَجَزَ عَنْ كِتَابَتِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ (...) |
قَالَ مَالِكٌ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الْمُكَاتَبِ يَجْرَحُ الرَّجُلَ جُرْحًا يَقَعُ فِيهِ الْعَقْلُ
عَلَيْهِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِنْ قَوِيَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ ذَلِكَ الْجُرْحِ مَعَ كِتَابَتِهِ أَدَّاهُ وَكَانَ عَلَى كِتَابَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْوَ عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ عَجَزَ عَنْ كِتَابَتِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَنْبَغِي الجزء: 7 ¦ الصفحة: 401 أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ ذَلِكَ الْجُرْحِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَإِنْ هُوَ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ عَقْلِ ذَلِكَ الْجُرْحِ خُيِّرَ سَيِّدُهُ فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ ذَلِكَ الْجُرْحِ فَعَلَ وَأَمْسَكَ غُلَامَهُ وَصَارَ عَبْدًا مَمْلُوكًا وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُسَلِّمَ الْعَبْدَ إِلَى الْمَجْرُوحِ أَسْلَمَهُ وَلَيْسَ عَلَى السَّيِّدِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُسَلِّمَ عَبْدَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُتَقَارِبٌ يُجْمِلُهُ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُكَاتَبِ أَنَّهُ إِنْ قَوِيَ عَلَى أَدَاءِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ مَعَ الْكِتَابَةِ وَإِلَّا عَجَزَ فَإِذَا عَجَزَ كَانَ سَيِّدُهُ مُخَيَّرًا بَيْنَ اسلامه واداء ارش الجناية وقال بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ إِذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ قَالَ لَهُ الْقَاضِي أَدِّ وَإِلَّا أَعْجَزْتُكَ وَلَمْ أَسْمَعْهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ عَجْزِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَبَعْدَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ فَعَلَى سَيِّدِهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ عَبْدًا يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ كَمَا لَوْ جَنَى وَهُوَ عَبْدٌ فَإِنْ قَوِيَ عَلَى أَدَائِهَا قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَهُوَ مُكَاتَبٌ وَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا خَيَّرَ الْحَاكِمُ سَيِّدَهُ بَيْنَ أَنْ يَفْدِيَهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ أَوْ يُسْلِمَهُ فَإِنْ أَبَى بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ فَأَعْطَى أَهْلَ الْجِنَايَةِ حُقُوقَهُمْ دُونَ مَنْ دَايَنَهُ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ وَمَنْ أُعْتِقَ أُتْبِعَ بِهِ وَالْجِنَايَةُ فِي رَقَبَتِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْجِنَايَاتُ مُفْتَرِقَةٌ أَوْ مَعًا أَوْ بَعْضُهَا قَبْلَ التَّعْجِيزِ أَوْ بَعْدَهُ يَتَحَاصُّونَ فِي ثَمَنِهِ وَإِنْ أَبْرَأَهُ بَعْضُهُمْ كَانَ ثَمَنُهُ لِلْبَاقِينَ بَيْنَهُمْ وَقَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِلَّا زُفَرُ فِي مُكَاتَبٍ جَنَى جِنَايَةً ثُمَّ عَجَزَ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى عَلَيْهِ قِيلَ لِمَوْلَاهُ ادْفَعْهُ أَوِ افْدِهِ وَإِنْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْجِنَايَةِ ثُمَّ عَجَزَ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِيهَا وَقَالَ زُفَرُ إِذَا عَجَزَ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِي الْجِنَايَةِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْقَوْمِ يُكَاتَبُونَ جَمِيعًا فَيَجْرَحُ أَحَدُهُمْ جُرْحًا فِيهِ عَقْلٌ قَالَ مَالِكٌ مَنْ جَرْحِ مِنْهُمْ جُرْحًا فِيهِ عَقْلٌ قِيلَ لَهُ وَلِلَّذِينِ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ أَدُّوا جَمِيعًا عَقْلَ ذَلِكَ الْجُرْحِ فَإِنْ أَدَّوْا ثَبُتُوا عَلَى كِتَابَتِهِمْ وان لم يؤدوا فقد عجزوا وَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُمْ فَإِنْ شَاءَ أَدَّى عَقْلَ ذَلِكَ الْجُرْحِ وَرَجَعُوا عَبِيدًا لَهُ جَمِيعًا وَإِنْ شَاءَ أَسْلَمَ الْجَارِحُ وَحْدَهُ وَرَجَعَ الْآخَرُونَ عَبِيدًا لَهُ جَمِيعًا بِعَجْزِهِمْ عَنْ أَدَاءِ عَقْلِ ذَلِكَ الْجُرْحِ الَّذِي جَرَحَ صَاحِبُهُمْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 402 قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا إِنَّمَا قَالَهُ مَالِكٌ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْمُكَاتَبِينَ كِتَابَةً وَاحِدَةً أَنَّهُمْ حُمَلَاءُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَأَصْلُهُ فِي أَنَّ الْجِنَايَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْكِتَابَةِ فَإِذَا عَجَزُوا عَنْ أَدَاءِ الْجِنَايَةِ فَقَدْ عَجَزُوا وَإِذَا عَجَزُوا عَادُوا عَبِيدًا وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُمْ يقولون لا ياخذ بِالْجِنَايَةِ إِلَّا جَانِيهَا وَحْدَهُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ أَدَائِهَا بِيعَ فِيهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَلْخِيصِ ذَلِكَ عَنْهُمْ قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا أُصِيبَ بِجُرْحٍ يَكُونُ لَهُ فِيهِ عَقْلٌ أَوْ أُصِيبَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ فَإِنَّ عَقْلَهُمْ عَقْلُ الْعَبِيدِ فِي قِيمَتِهِمْ وَأَنَّ مَا أُخِذَ لَهُمْ مِنْ عَقْلِهِمْ يُدْفَعُ إِلَى سَيِّدِهِمُ الَّذِي لَهُ الْكِتَابَةُ وَيُحْسَبُ ذَلِكَ لِلْمُكَاتَبِ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِ ثُمَّ فَصَّلَ ذَلِكَ بِمَا لَا يُشْكِلُ مِنْ أَنَّهُ إِذَا ضَمَّ عَقْلَ الْجُرْحِ إِلَى مَا يَقْبِضُهُ مِنَ الْمُكَاتَبِ فَتَأَدَّى مِنْ ذَلِكَ جَمِيعُ الْكِتَابَةِ فَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ كَانَ عَقْلُ الْجُرْحِ أَكْثَرَ مِنَ الْكِتَابَةِ قَبَضَ الْمُكَاتَبُ لِنَفْسِهِ وَهُوَ حُرٌّ قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُدْفَعَ إِلَى الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ مِنْ دِيَةِ جُرْحِهِ فَيَأْكُلَهُ وَيَسْتَهْلِكَهُ فَإِنْ عجز رجع إلى سيده اعور او مقطوع الْيَدِ أَوْ مَعْضُوبَ الْجَسَدِ وَإِنَّمَا كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ عَلَى مَالِهِ وَكَسْبِهِ وَلَمْ يُكَاتِبْهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ ثَمَنَ وَلَدِهِ وَلَا مَا أُصِيبَ مِنْ عَقْلِ جَسَدِهِ فَيَأْكُلَهُ وَيَسْتَهْلِكَهُ وَلَكِنْ عَقْلُ جِرَاحَاتِ الْمُكَاتَبِ وَوَلَدِهِ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ أَوَ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ يُدْفَعُ إِلَى سَيِّدِهِ وَيُحْسَبُ ذَلِكَ لَهُ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ مَذْهَبُ كُلِّ مَنْ قَالَ (الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ) يَعْنُونَ فِي جِرَاحَاتِهِ وَحُدُودِهِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِقَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُؤَدِّي الْمُكَاتَبُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى دِيَةَ الْحُرِّ وَبِقَدْرِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِيَةُ عَبْدٍ فَإِنَّهُ يُقَسِّمُ دِيَةَ جِرَاحَاتِهِ عَلَى ذَلِكَ فَمَا صَارَ مِنْهَا لِلْحُرِّيَّةِ قَبَضَهُ وَمَا صَارَ مِنْهَا لِلْعُبُودِيَّةِ دَفَعَ إِلَى سَيِّدِهِ فَعَدَّ لَهُ فِي كِتَابَتِهِ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ قَالَ قَالَ أَصْحَابُنَا جِنَايَةُ الْمُكَاتَبِ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ إِنْ جُرِحَ جِرَاحَةً فَهِيَ عَلَيْهِ فِي قِيمَتِهِ لَا تُجَاوِزُ قِيمَتَهُ وَإِذَا أُصِيبَ بِشَيْءٍ كَانَ لَهُ قَالَ الثَّوْرِيُّ أَمَّا نَحْنُ فَنَقُولُ هِيَ فِي عُنُقِ الْمُكَاتَبِ وَأَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ يَضْمَنُ مَوْلَاهُ قِيمَتَهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 403 قَالَ الْحَكَمُ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ يَضْمَنُ مَوْلَاهُ قِيمَتَهَا وَقَالَ الْحَكَمُ جِنَايَاتُهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ يَسْعَى فِيهَا قال واخبرنا بن جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ الْمُكَاتَبُ إِنْ جَرَّ جَرِيرَةً مَنْ يُؤْخَذُ بِهَا قَالَ سَيِّدُهُ وَقَالَهَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ يُؤْخَذُ بِهَا أَنْ يُسْلِمَهُ فِي كِتَابَتِهِ فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْهُ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ لِأَنَّهَا الْبَدَلُ مِنْ إِسْلَامِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَمَّا أَبَى مِنْ إِسْلَامِهِ فَقَدْ رَضِيَ بِأَرْشِ الْجَرِيرَةِ مَا بَلَغَتْ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ فِي رَقَبَتِهِ قَالَ بن جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ فَإِنْ أُصِيبَ الْمُكَاتَبُ بِجُرْحٍ فَلِمَنْ أَرْشُهُ قَالَ لَهُ وَقَالَهَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قُلْتُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَحْرَزَ ذَلِكَ كَمَا أَحْرَزَ مَالَهُ قَالَ نَعَمْ |