قَالَ مَالِكٌ إِنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعَ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي مُكَاتَبَ الرَّجُلِ أَنَّهُ لَا
يبيعه اذا كان كاتبه بدنانير او دراهم الا بِعَرَضٍ مِنَ الْعُرُوضِ يُعَجِّلُهُ وَلَا يُؤَخِّرُهُ لِأَنَّهُ
إِذَا أَخَّرَهُ كَانَ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَقَدْ نُهِيَ عن الكالىء بالكالىء
قَالَ وَإِنْ كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ (...)
 
قَالَ مَالِكٌ إِنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعَ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي مُكَاتَبَ الرَّجُلِ أَنَّهُ لَا
يبيعه اذا كان كاتبه بدنانير او دراهم الا بِعَرَضٍ مِنَ الْعُرُوضِ يُعَجِّلُهُ وَلَا يُؤَخِّرُهُ لِأَنَّهُ
إِذَا أَخَّرَهُ كَانَ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَقَدْ نُهِيَ عن الكالىء بالكالىء
قَالَ وَإِنْ كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الْعُرُوضِ مِنَ الْإِبِلِ أَوِ الْبَقَرِ أَوِ الْغَنَمِ او
الرقيق فانه يصلح للمشتري أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ عَرَضٍ مُخَالِفٍ لِلْعَرُوضِ
الَّتِي كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ عَلَيْهَا يُعَجِّلُ ذَلِكَ وَلَا يُؤَخِّرُهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ لِمَا يَدْخُلُهُ مِنَ النَّسِيئَةِ فِي بَيْعِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ بَعْضِهَا
بِبَعْضٍ لِأَنَّ مَا عَلَى الْمُكَاتَبِ يُؤْخَذُ نُجُومًا فَلَا يَحِلُّ بَيْعُهُ بِالنَّقْدِ وَلَا بِالنَّسِيئَةِ لِأَنَّهُ
صَرْفٌ إِلَى أَجَلٍ
وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ عَرَضٍ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِعَرَضٍ غَيْرِ مُعَجَّلٍ لِأَنَّ النُّجُومَ مُؤَجَّلَةٌ
فَلَوْ تَأَخَّرَ الْعَرَضُ كَانَ مِنَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ
وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ بَيْعُ عَرَضٍ بِعَرَضٍ مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ الرِّبَا مِنْ أَجْلِ
أَنَّهُ عَرَضٌ بِعَرَضٍ مِثْلِهِ وَزِيَادَةٍ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 404
وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي بَيْعِ الْمُكَاتَبِ
فَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ لَا يُبَاعُ إِلَّا عَلَى أَنْ يَمْضِيَ فِي كِتَابَتِهِ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ وَلَا يُبْطِلَهَا
وَهَذَا عِنْدِي بَيْعُ الْكِتَابَةِ لَا بَيْعُ الرَّقَبَةِ
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ بَيْعُهُ جَائِزٌ مَا لَمْ يُؤَدِّ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْئًا لِأَنَّ بَرِيرَةَ بِيعَتْ وَلَمْ تَكُنْ أَدَّتْ
مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا
وَقَالَ آخَرُونَ إِذَا رَضِيَ الْمُكَاتَبُ بِالْبَيْعِ جَازَ لِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ
هَذَا قَوْلُ أَبِي الزِّنَادِ وَرَبِيعَةَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ أَيْضًا إِلَّا أَنَّ مَالِكًا اخْتَلَفَ قوله
فِي كَيْفِيَّةِ تَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ بَعْدُ وَلَا يَرَى بَيْعَ رَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ إِلَّا بَعْدَ
التَّعْجِيزِ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَإِذَا رَضِيَ الْمُكَاتَبُ بِالْبَيْعِ فَهُوَ مِنْهُ رَضًى بِالتَّعْجِيزِ وَتَعْجِيزُهُ إِلَيْهِ لَا
إِلَى سَيِّدِهِ لِأَنَّ بَرِيرَةَ رَضِيَتْ أَنْ تُبَاعَ وَهِيَ كَانَتِ الْمُسَاوِمَةَ لِنَفْسِهَا وَالْمُخْتَلِفَةُ بَيْنَ
سَادَتِهَا الَّذِينَ كَاتَبُوهَا وَبَيْنَ عَائِشَةَ الَّتِي اشْتَرَتْهَا
وَقَالَ آخَرُونَ لَا يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ إِلَّا لِلْعِتْقِ فَكَذَلِكَ بِيعَتْ بَرِيرَةُ
هَذَا قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ
وَقَالَ آخَرُونَ لَا يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ حَتَّى تَعْجِزَ فَإِذَا عَجَّزَتْ نَفْسَهَا جَازَ بَيْعُهَا وَذَكَرُوا أَنَّ
بَرِيرَةَ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا وَلِلْمُكَاتَبِ عِنْدَهُمْ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ
وَسَنَذْكُرُ الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَقَالَ آخَرُونَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ وَيَجُوزُ بَيْعُ كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ عَلَى أَنَّهُ إِنْ عَجَزَ
فَلِلَّذِي اشْتَرَى كِتَابَتَهُ رَقَبَتُهُ وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَرِثَهُ دُونَ الْبَائِعِ وَإِنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ إِلَى
الَّذِي اشْتَرَى كَانَ وَلَاؤُهُ لِلْبَائِعِ الَّذِي عَقَدَ كِتَابَتَهُ
هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ
وَقَالَ آخَرُونَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ نَقْدِ الْعَقْدِ لَهُ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى
بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ وَلِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ بَيْعُ الْوَلَاءِ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ كِتَابَتِهِ وَلَا بَيْعُ شَيْءٍ مِمَّا
بَقِيَ مِنْهَا عَلَيْهِ وَالْبَيْعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَاسِدٌ مَرْدُودٌ لِأَنَّ ذَلِكَ غَرَرٌ لَا يدري العجز
الْمُكَاتَبِ أَمْ لَا وَلَا يَدْرِي الْمُشْتَرِي مَا يَحْصُلُ عَلَيْهِ بِصَفْقَتِهِ رَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ أَوْ كِتَابَتِهِ
وَإِنْ حَصَلَ عَلَى رَقَبَتِهِ كَانَ فِي ذَلِكَ بَيْعُ الْوَلَاءِ
هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ واصحابه
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 405
وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي تَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ فَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ لَا يُعَجِّزُهُ سَيِّدُهُ إِلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ
او القاضي او الحاكم
وهو قول بن ابي ليلى وبه قال سحنون
وقال بن القاسم اذا رضي المكاتب بالعجز دون السلطان لزمه ذلك
وقال بن الْقَاسِمِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ إِذَا كَانَتْ لَهُ أَمْوَالٌ ظَاهِرَةٌ فَإِنْ عَجَزَ
ثُمَّ ظَهَرَتْ لَهُ أَمْوَالٌ مَضَى التَّعْجِيزُ مَا لم يعلم بالمال
وقال بن كنانة وبن نَافِعٍ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ وَإِنْ كَانَ له مال ظاهر
وروى بن وَهْبٍ فِي (مُوَطَّئِهِ) عَنْ مَالِكٍ مِثْلَ قَوْلِ بن نافع وبن كِنَانَةَ
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا عَلَى قَوْلَيْنِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ وَيُعَجِّزَهُ سَيِّدُهُ عِنْدَ غَيْرِ السُّلْطَانِ
إِذَا كَانَا فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ وَحَضْرَةٍ وَاحِدَةٍ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ الْمُكَاتَبُ لَيْسَ عِنْدِي شَيْءٌ
وَيَقُولُ السَّيِّدُ اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ عَجَّزْتُهُ
وَفَعَلَ ذَلِكَ بن عُمَرَ
وَقَضَى بِهِ شُرَيْحٌ وَالشَّعْبِيُّ
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُعَجِّزَ الْمُكَاتَبَ بِحُلُولِ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِهِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُعَجِّزُ السُّلْطَانُ الْمُكَاتَبَ الْغَائِبَ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ الْكِتَابَةُ وَحُلُولُ نَجْمٍ
مِنْ نُجُومِهِ وَيُحَلِّفُهُ مَا أَبْرَأَهُ وَلَا قَبَضَهُ مِنْهُ وَلَا أَنْذَرَهُ بِهِ فَإِذَا فَعَلَ عَجَّزَهُ لَهُ وَيُجْعَلُ
الْمُكَاتَبُ عَلَى حُجَّتِهِ إِنْ كَانَتْ لَهُ
قَالَ وَأَمَّا إِذَا أَرَادَ الْمُكَاتَبُ إِبْطَالَ كِتَابَتِهِ وَادَّعَى الْعَجْزَ فَذَلِكَ إِلَيْهِ عُلِمَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَمْ
يُعْلَمْ وَعُلِمَتْ لَهُ قُوَّةٌ عَلَى الْكَسْبِ أَوْ لَمْ تُعْلَمْ هَذَا إِلَيْهِ لَيْسَ إِلَى سَيِّدِهِ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يُعَجِّزْهُ حَتَّى يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ نجمان
وهو قول الحكم وبن أَبِي لَيْلَى وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ نَجْمَانِ وَالِاسْتِثْنَاءُ أَحَبُّ إِلَيَّ
وَقَالَ أَحْمَدُ وَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ
وَقَالَ الْحَارِثُ الْعُكْلِيُّ إِذَا دَخَلَ نَجْمٌ فِي نَجْمٍ فَقَدِ اسْتَبَانَ عَجْزُهُ
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إِذَا كَانَتْ نُجُومُهُ مُسَاقَاةً اسْتَسْعَى بَعْدَ النَّجْمِ سَنَتَيْنِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 406
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يُسْتَأْنَى بِهِ شَهْرَيْنِ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ يَرْجُو
قُدُومَهُ أَجَّلَهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً لَا زِيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا قَالَ قَدْ عَجَزْتُ عَنِ الْأَدَاءِ وَعَجَّزَ نَفْسَهُ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ كِتَابَتَهُ مُضَمَّنَةٌ بِالْأَدَاءِ فَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْأَدَاءُ بِإِقْرَارِهِ
بِالْعَجْزِ عَلَى نَفْسِهِ انْفَسَخَتْ كِتَابَتُهُ وَكَانَ هُوَ وَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ وَالْأَصْلُ فِي الْكِتَابَةِ لِأَنَّهَا لَا
تَجِبُ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَهَا إِلَّا بِابْتِغَاءِ الْعَبْدِ لَهَا وَطَلَبِهِ إِيَّاهَا وَتَعْجِيزُهُ نَفْسَهُ نَقْضٌ لِذَلِكَ
وَقَدْ أَجْمَعُوا فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لِعَبْدِهِ إِنْ جِئْتَنِي بِكَذَا وَكَذَا دِينَارٍ إِلَى أَجَلِ كَذَا فَلَمْ
يُجِبْهُ بِهَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ
قَالَ مَالِكٌ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الْمُكَاتَبِ أَنَّهُ إِذَا بِيعَ كَانَ أَحَقَّ بِاشْتِرَاءِ كِتَابَتِهِ مِمَّنِ
اشْتَرَاهَا إِذَا قَوِيَ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى سَيِّدِهِ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ نَقْدًا وَذَلِكَ أَنَّ اشْتِرَاءَهُ
نَفْسَهُ عَتَاقَةٌ وَالْعَتَاقَةُ تَبْدَأُ عَلَى مَا كَانَ مَعَهَا مِنَ الْوَصَايَا وَإِنْ بَاعَ بَعْضُ مَنْ كَاتَبَ
الْمُكَاتَبِ نَصِيبَهُ مِنْهُ فَبَاعَ نِصْفَ الْمُكَاتَبِ أَوْ ثُلُثَهُ أَوْ رُبُعَهُ أَوْ سَهْمًا مِنْ أَسْهُمِ الْمُكَاتَبِ
فَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ فِيمَا بِيعَ مِنْهُ شُفْعَةٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْقِطَاعَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ
يُقَاطِعَ بَعْضَ مَنْ كَاتَبَهُ إِلَّا بِإِذُنِ شُرَكَائِهِ وَأَنَّ مَا بِيعَ مِنْهُ لَيْسَتْ لَهُ بِهِ حُرْمَةٌ تَامَّةٌ
وَأَنَّ مَالَهُ مَحْجُوزٌ عَنْهُ وَأَنَّ اشْتِرَاءَهُ بَعْضَهُ يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْهُ الْعَجْزُ لِمَا يَذْهَبُ مِنْ
مَالِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاءِ الْمُكَاتَبِ نَفْسَهُ كَامِلًا إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ مَنْ بَقِيَ لَهُ فِيهِ
كِتَابَةٌ فَإِنْ أَذِنُوا لَهُ كَانَ أَحَقَّ بِمَا بِيعَ مِنْهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَأَى مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الشُّفْعَةَ وَاجِبَةً لِلْمُكَاتَبِ إِذَا بَاعَ سَيِّدُهُ مَا
عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ مَا عَلَيْهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَعْجِيلِ عِتْقِهِ وَلَمْ يَرَ لَهُ شُفْعَةً إِذَا بِيعَ
بَعْضُ مَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا تَتِمُّ شُفْعَتُهُ فِي ذَلِكَ عِتْقَهُ ثُمَّ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ بِإِذْنِ مَنْ بَقِيَ لَهُ
فِيهِ كِتَابَةٌ لِأَنَّهُ مَعَ الضَّرَرِ الَّذِي عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ قَدْ رَضُوا بِهِ
وَكَانَ سَحْنُونٌ يَقُولُ هَذَا حَرْفُ سُوءٍ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ فِي ذلك الشريك الاخر
وكذلك رواه بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُكَاتَبِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ يبيع احدهما نصيبه مِنْهُ
إِنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِذَلِكَ مِنَ الْمُشْتَرِي إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ فِي ذَلِكَ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 407
الشَّرِيكُ الْآخَرُ لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي بِذَلِكَ إِلَى عَتَاقِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ لَهُ إِذَا بِيعَتْ كِتَابَتُهُ
كُلُّهَا لِأَنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إِلَى عِتْقٍ
قَالَ سَحْنُونٌ قَوْلُهُ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي ذَلِكَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ حَرْفُ سُوءٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قَالَ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي شُفْعَةِ الْمُكَاتَبِ قَوْمٌ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ عَطَاءٌ
وَأَبَى ذَلِكَ غَيْرُهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ إِنَّمَا وَرَدَتْ فِي الْأُصُولِ الَّتِي تَقَعُ فِيهَا
الْحُدُودُ
وَسَنُبَيِّنُ هَذَا الْمَعْنَى عِنْدَ اخْتِلَافِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقَوْلِهِمْ فِي الشُّفْعَةِ فِي الدَّيْنِ لِمَنْ هُوَ
عَلَيْهِ إِذَا بِيعَ مِنْ غَيْرِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَكُلُّ مَنْ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ بَيْعُ كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ
فَلَيْسَ لِلشُّفْعَةِ ذِكْرٌ فِي كُتُبِهِمْ ها هنا
وَالْمَسْأَلَةُ مَسْأَلَةُ اتِّبَاعٍ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ اخبرنا بن جُرَيْجٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ الْمُكَاتَبَ
يُبَاعُ هُوَ أَحَقُّ بِنَفْسِهِ يَأْخُذُهَا بما بيع
قال بن جُرَيْجٍ وَقَالَ عَطَاءٌ مَنْ بِيعَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ إِنْ شَاءَ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى فِي الْمُكَاتَبِ
اشْتَرَى مَا عَلَيْهِ بِعَرُوضٍ وَجَعَلَ الْمُكَاتَبَ أَوْلَى بِنَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنِ ابْتَاعَ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ إِلَى أَجَلٍ فَصَاحِبُ الدَّيْنِ أَوْلَى بِالَّذِي
عَلَيْهِ إِذَا أَدَّى مَا أَدَّى صَاحِبُهُ
قَالَ مَعْمَرٌ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ رَأَيْتُ الْقُضَاةَ يَقْضُونَ فِي مَنِ اشْتَرَى دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ أَنَّ
صَاحِبَ الدَّيْنِ أَوْلَى بِهِ
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقْضِي بِهِ
قَالَ مَعْمَرٌ وَأَمَّا أَهْلُ الْكُوفَةِ فَلَا يَرَوْنَهُ شَيْئًا
قَالَ مَالِكٌ (1) لَا يَحِلُّ بَيْعُ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِ الْمُكَاتَبِ وَذَلِكَ أَنَّهُ غَرَرٌ إِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ
بَطَلَ مَا عَلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِلنَّاسِ لَمْ يَأْخُذِ الَّذِي اشْتَرَى نَجْمَهُ
بِحِصَّتِهِ مَعَ غُرَمَائِهِ شَيْئًا وَإِنَّمَا الَّذِي يَشْتَرِي نَجْمًا مِنْ نُجُومِ الْمُكَاتَبِ بِمَنْزِلَةِ سَيِّدِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 408
الْمُكَاتَبِ فَسَيِّدُ الْمُكَاتَبِ لَا يُحَاصُّ بِكِتَابَةِ غُلَامِهِ غُرَمَاءَ الْمُكَاتَبِ وَكَذَلِكَ الْخَرَاجُ أَيْضًا
يَجْتَمِعُ لَهُ عَلَى غُلَامِهِ فَلَا يُحَاصُّ بِمَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنَ الْخَرَاجِ غُرَمَاءَ غُلَامِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ غَرَرٌ كَمَا ذَكَرَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ أَجْلِ مَا وَصَفَ مِنْ عَجْزِ
الْمُكَاتَبِ إِلَّا أَنَّ مَنْ خَالَفَهُ فِي بَيْعِ كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ يَقُولُ إِنَّ مَالِكًا لَمْ يُجِزِ الْغَرَرَ فِي
نَجْمٍ وَأَجَازَهُ فِي نُجُومٍ
وَكَثِيرُ الْغَرَرِ لَا يَجُوزُ بِإِجْمَاعٍ وَقَلِيلُهُ مُتَجَاوَزُ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ بَيْعٌ مِنْ قَلِيلِ الْغَرَرِ
وَقَالَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ بَيْعُ نُجُومِ الْمُكَاتَبِ مَفْسُوخٌ فَإِنْ أَدَّى إِلَى الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ
سَيِّدِهِ عَتَقَ كما يودي إِلَى وَكِيلِهِ فَيُعْتَقُ
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ مَنْ قَالَ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ وَلَا نَجْمٍ مِنْ نُجُومِهِ إِلَّا بِمَا
يَجُوزُ بِهِ سَائِرُ الْبُيُوعِ
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي الْمُكَاتَبِ يَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ يَبِيعُ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ
كِتَابَتِهِ أَوْ نَجْمًا مِنْ نُجُومِهِ
فذكر العتبي في سماع بن الْقَاسِمِ مِنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ وَقَالَ إِمَّا أَنْ يُبَاعَ كُلُّهُ وَإِمَّا
أَنْ يُمْسَكَ كُلُّهُ
قَالَ سَحْنُونٌ إِنَّمَا يُكْرَهُ بَيْعُ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِهِ فَأَمَّا نِصْفُ مَا عَلَيْهِ أَوْ ثُلُثُهُ أَوْ رُبُعُهُ فَلَا
بَأْسَ بِذَلِكَ
وَقَالَ سَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ إِنَّمَا يُكْرَهُ بَيْعُ النَّجْمِ بِعَيْنِهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بِعَيْنِهِ لَمْ نَرَ بِذَلِكَ باس
لانه يرجع إِلَى حَدٍّ مَعْلُومٍ وَكَأَنَّهُ اشْتَرَى عُشْرَ الْكِتَابَةِ أَوْ نِصْفَ عُشْرِهَا أَوْ رُبُعَ
عُشْرِهَا
وَرَوَى اصبغ عن بن الْقَاسِمِ
قَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ الْمُكَاتَبُ كِتَابَتَهُ بِعَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ مُخَالِفٍ لِمَا كُوتِبَ بِهِ
مِنَ الْعَيْنِ أَوِ الْعَرَضِ أَوْ غَيْرِ مُخَالِفٍ مُعَجَّلٍ أَوْ مُؤَخَّرٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجَازَ ذَلِكَ لِلْمُكَاتَبِ بِعَرَضٍ غَيْرِ مُخَالِفٍ وَبِعَرَضٍ مُؤَخَّرٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ
مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَا رِبًا بَيْنَ الْعَبْدِ وَسَيِّدِهِ وَكَذَلِكَ عِنْدَهُ الْمُكَاتَبُ وَقَدْ مَضَى مَا لِمَنْ خَالَفَهُ فِي
ذَلِكَ مِنَ الْعُلَمَاءِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 409
قال مالك في المكاتب يهلك ويترك أُمَّ وَلَدٍ وَوَلَدًا لَهُ صِغَارًا مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا
يَقْوَوْنَ عَلَى السَّعْيِ وَيُخَافُ عَلَيْهِمُ الْعَجْزُ عَنْ كِتَابَتِهِمْ قَالَ تُبَاعُ أُمُّ وَلَدِ أَبِيهِمْ إِذَا كَانَ
فِي ثَمَنِهَا مَا يُؤَدِّي بِهِ عَنْهُمْ جَمِيعَ كِتَابَتِهِمْ أُمُّهُمْ كَانَتْ أَوْ غَيْرَ أُمِّهِمْ يُؤَدَّى عَنْهُمْ
وَيُعْتَقُونَ لِأَنَّ أَبَاهُمْ كَانَ لَا يَمْنَعُ بَيْعَهَا إِذَا خَافَ الْعَجْزَ عَنْ كِتَابَتِهِ فَهَؤُلَاءِ إِذَا خِيفَ
عَلَيْهِمُ الْعَجْزُ بِيعَتْ أُمُّ وَلَدِ أَبِيهِمْ فَيُؤَدَّى عَنْهُمْ ثَمَنُهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِهَا مَا يُؤَدِّي
عَنْهُمْ وَلَمْ تَقْوَ هِيَ وَلَا هُمْ على السعي رجعوا جميعا رَقِيقًا لِسَيِّدِهِمْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ بَيَّنَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَبِيعَ أُمَّ وَلَدِهِ إِذَا
خَافَ الْعَجْزَ كَانَ ذَلِكَ لِوَلَدِهِ عِنْدَ خَوْفِ الْعَجْزِ هَذَا إِذَا كَانَ فِي بَيْعِهَا خَلَاصُهُمْ مِنَ
الرِّقِّ
وَلَا أَعْلَمُ أَصْحَابَهُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي أُمِّ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ إِذَا مَاتَ وَتَرَكَ
وَفَاءً بِكِتَابَتِهِ عَلَى حَالِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ
فقال بن الْقَاسِمِ إِذَا كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ عَتَقَتْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ فَهِيَ رَقِيقٌ
وَقَالَ أَشْهَبُ تَعْتِقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ إِذَا تَرَكَ الْمُكَاتَبُ وَفَاءً
قَالَ أَبُو عُمَرَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ أُمُّ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ مَالٌ مِنْ
مَالِهِ وَمَالُهُ كُلُّهُ لِسَيِّدِهِ إِذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ جَمِيعَ كِتَابَتِهِ وَوَلَدُهُ إِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى
السَّعْيِ فَهُمْ رَقِيقٌ وَإِنْ قَدَرُوا عَلَى السَّعْيِ سَعَوْا فِي مَا يَلْزَمُهُمْ مِنَ الْكِتَابَةِ عَلَى قَدْرِ
قِيمَتِهِمْ
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالًا فِيهِ وَفَاءٌ فَكَأَنَّهُ مَاتَ حُرًّا وَيُعْتَقُ أَوْلَادُهُ
بِعِتْقِهِ إِذَا أَدَّى عَنْهُمْ مِنْ مَالِهِ جَمِيعَ كِتَابَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَإِنَّ أَوْلَادَهُ يُقَالُ لَهُمْ
إِنْ أَدَّيْتُمُ الْكِتَابَةَ حَالَّةً عَتَقْتُمْ وَإِلَّا فَأَنْتُمْ رَقِيقٌ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَسْعَوْنَ فِي الْكِتَابَةِ عَلَى نُجُومِهَا فَإِنْ أَدَّوْهَا عَتَقُوا وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ
أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ لِأُمِّ وَلَدِهِ وَيَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ
وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَإِذَا لم يجز ذلك له فَأَحْرَى أَنْ لَا يَجُوزَ لِوَلَدِهِ
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الَّذِي يَبْتَاعُ كِتَابَةَ الْمُكَاتَبِ ثُمَّ يَهْلِكُ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ
كِتَابَتَهُ أَنَّهُ يَرِثُهُ الَّذِي اشْتَرَى كِتَابَتَهُ وَإِنْ عَجَزَ فَلَهُ رَقَبَتُهُ وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ كِتَابَتَهُ
إِلَى الَّذِي اشْتَرَاهَا وَعَتَقَ فَوَلَاؤُهُ لِلَّذِي عَقَدَ كِتَابَتَهُ لَيْسَ لِلَّذِي اشْتَرَى كِتَابَتَهُ مِنْ وَلَائِهِ
شَيْءٌ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 410
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى وَقَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ وَقَوْلُ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ فِي أَوَّلِ هَذَا
الْبَابِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي ضَرَرِ ذَلِكَ الْحُجَّةُ لِلْمُخَالِفِ
وَأَمَّا الْحُجَّةُ لِمَالِكٍ فَإِنَّ الْمُشْتَرِي قَدْ حَلَّ فِي كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ مَحَلَّ سَيِّدِهِ الَّذِي عَقَدَ لَهُ
الْكِتَابَةَ فَدَخَلَ فِي عُمُومِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ) الْبَقَرَةِ 275 إِلَّا أَنَّهُ لَمْ
يَحِلَّ مَحَلَّهُ فِي الْوَلَاءِ إِنْ أَدَّى إِلَيْهِ الْكِتَابَةَ فِرَارًا مِنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ
وَلَمْ يُؤَدِّ كِتَابَتَهُ إِلَى الْمُشْتَرِي مَلَكَ رَقَبَتَهُ كَمَا لَوْ أَنَّ سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ مَاتَ وَوَرِثَ عَنْهُ
بَنُوهُ الْمُكَاتَبَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَيْهِ إِلَّا أَدَاءُ الْكِتَابَةِ إِلَيْهِمْ فَإِذَا أَدَّاهَا عَتَقَ وَكَانَ وَلَاؤُهُ
لِأَبِيهِمُ الَّذِي عَقَدَ لَهُ الْكِتَابَةَ وَلَوْ عَجَزَ كَانَ رَقِيقًا لَهُمْ يَمْلِكُونَ رَقَبَتَهُ وَلَوْ أَعْتَقُوهُ قَبْلَ
الْعَجْزِ أَوْ وَهَبُوا لَهُ الْكِتَابَةَ كَانَ وَلَاؤُهُ لِأَبِيهِمْ لِأَنَّهُ عَقَدَ كِتَابَتَهُ فَلَمَّا لَمْ يَرِثْ مِنْهُ بَنُوهُ
إِلَّا مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْهُ بِالْعِوَضِ وَالْهِبَةِ وَذَلِكَ مَالُ الْمُكَاتَبِ دُونَ الْوَلَاءِ فَكَذَلِكَ
الْمُشْتَرِي لَمْ يَمْلِكْ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا مَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْهُ وَهُوَ الْمَالُ دُونَ الْوَلَاءِ