مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ سئل عَنْ مُكَاتَبٍ كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ
فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَمَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالًا كَثِيرًا فَقَالَ يُؤَدِّي إِلَى الَّذِي تَمَاسَكَ
بِكِتَابَتِهِ الَّذِي بَقِيَ لَهُ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ بِالسَّوِيَّةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ (...)
 
مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ سئل عَنْ مُكَاتَبٍ كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ
فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَمَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالًا كَثِيرًا فَقَالَ يُؤَدِّي إِلَى الَّذِي تَمَاسَكَ
بِكِتَابَتِهِ الَّذِي بَقِيَ لَهُ ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ بِالسَّوِيَّةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ
وَعَنْ أَصْحَابِهِ فِي بَعْضِ مَعْنَاهَا وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عَنْهُمْ فِي بَابِ الْقِطَاعَةِ فِي الْكِتَابَةِ
وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى اقوال
فذكر عبد الرزاق عن بن جُرَيْجٍ قَالَ سَأَلْتُ عَطَاءً عَنْ عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا
شَطْرَهُ وَأَمْسَكَ الْآخَرُ ثُمَّ مَاتَ قَالَ لَهُمْ مِيرَاثُهُ شَطْرَيْنِ بَيْنَهُمَا
وَقَالَهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ إِيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ أَنَّهُ قَضَى بمثل قول عطاء
وعن معمر عن بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ مِثْلُهُ
وَقَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ كَقَوْلِ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَإِيَاسٍ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ مِيرَاثُهُ لِلَّذِي أَمْسَكَ
قال واخبرنا بن جريج قال قال لي بن شِهَابٍ الرِّقُّ يَغْلِبُ النَّسَبَ فَهُوَ لِلْعِتْقِ أَغْلَبُ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ مِيرَاثُهُ لِلَّذِي أَعْتَقَ وَيَكُونُ لِصَاحِبِهِ ثَمَنُهُ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 417
قال معمر واما بن شُبْرُمَةَ فَقَالَ وَلَاؤُهُ وَمِيرَاثُهُ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَدْ ضَمِنَهُ حِينَ أَعْتَقَهُ
وَلِلشَّافِعِيِّ فِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ مَا خَلَّفَهُ الْمُكَاتَبُ إِذَا مَاتَ فَبَيْنَهُمَا الشَّطْرَانِ يَرِثُهُ
الْمُعْتِقُ لِنَصِيبِهِ بِقَدْرِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ وَيَرِثُهُ الْآخَرُ بِقَدْرِ الْعُبُودِيَّةِ فِيهِ
وَالْآخَرُ مِثْلُ قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
وَقَوْلُ الثَّوْرِيِّ كَقَوْلِ بن شُبْرُمَةَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ
وَسَنَزِيدُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَيَانًا فِي بَابِ الْعِتْقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
قَالَ مَالِكٌ إِذَا كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ فَعَتَقَ فَإِنَّمَا يَرِثُهُ أَوْلَى النَّاسِ بِمَنْ كَاتَبَهُ مِنَ الرِّجَالِ يَوْمَ
تُوُفِّيَ الْمُكَاتَبُ مِنْ وَلَدٍ أَوْ عَصَبَةٍ
قَالَ وَهَذَا أَيْضًا فِي كُلِّ مَنْ أَعْتَقَ فَإِنَّمَا مِيرَاثُهُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ مِمَّنْ أَعْتَقَهُ مِنْ وَلَدٍ أَوْ
عَصَبَةٍ مِنَ الرِّجَالِ يَوْمَ يَمُوتُ الْمُعْتَقُ بَعْدَ أَنْ يَعْتِقَ وَيَصِيرُ مَوْرُوثًا بِالْوَلَاءِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ مِيرَاثَ الْوَلَاءِ لَا يَرِثُهُ إِلَّا الْعَصَبَاتُ
مِنَ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ وَأَنَّ النِّسَاءَ لَا يَرِثْنَ إِلَّا وَلَاءَ مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ كَاتَبْنَ أَوْ يُعْتَقُ
مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ كَاتَبْنَ وَلَا يَسْتَحِقُّ مِيرَاثَ مَنْ مَاتَ مِنَ الْمَوَالِي إِلَّا أَقْعَدُ النَّاسِ بِمَنْ
أَعْتَقَهُ واقربه إِلَيْهِ يَوْمَ يَمُوتُ الْمُولِي مِنْ عَصَبَتِهِ
وَالْعَصَبَةُ الْبَنُونَ ثُمَّ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا ثُمَّ الْأَبُ بَعْدَ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ الْإِخْوَةُ لِأَنَّهُمْ
بَنُو الْأَبِ ثُمَّ بَنُو الْإِخْوَةِ وَإِنْ سَفُلُوا ثُمَّ الْجَدُّ أَوِ الْأَبُ ثُمَّ الْعَمُّ لِأَنَّهُ بن الْجَدِّ ثُمَّ بَنُو
الْعَمِّ وَعَلَى هَذَا التَّنْزِيلِ وهذا المجرى يجري ميراث الولاء
وروى بن الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ انه اخبره عن سالم ان بن
عُمَرَ كَانَ يَرِثُ مَوَالِيَ عُمَرَ دُونَ بَنَاتِ عمر
وهو قول علي وزيد وبن مَسْعُودٍ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْوَلَاءَ لِلْكِبَرِ
وَمَعْنَى الْوَلَاءُ لِلْكِبَرِ أَيْ لِلْأَقْرَبِ فالاقرب مِنَ الْمُعْتِقِ السَّيِّدِ حِينَ يَمُوتُ الْمُعْتِقُ الْمَوْلَى
وَلَمْ يَجْعَلُوهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ ذَوِي الْفُرُوضِ وَالْعَصَبَاتِ عَلَى طَرِيقِ الْفَرَائِضِ
مِثَالُ ذَلِكَ أَخَوَانِ وَرِثَا مَوْلًى كَانَ أَبُوهُمَا قَدْ أَعْتَقَهُ فَمَاتَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ وَتَرَكَ وَلَدًا
وَمَاتَ الْمَوْلَى فَمَنْ قَالَ (الولاء للكبر) قال الميراث للاخ دون بن الاخ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 418
وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَّا شُرَيْحًا وَفِرْقَةً لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا مِيرَاثَ الْوَلَاءِ كَمِيرَاثِ الْمَالِ
ذَكَرَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ شُرَيْحًا قَالَ فِي رَجُلِ تَرَكَ جَدَّهُ وَابْنَهُ قَالَ لِلْجَدِّ
السُّدْسُ مِنَ الْوَلَاءِ وَمَا بَقِيَ فَلِلِابْنِ
قَالَ قَتَادَةُ وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ الْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلِابْنِ
قَالَ حَمَّادٌ وَسَأَلْتُ عَنْهَا إِيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ كُلُّهُ لِلِابْنِ وَقَالَ كُلُّ إِنْسَانٍ لَهُ فَرِيضَةٌ
مُسَمَّاةٌ فَلَيْسَ لَهُ مِنَ الْوَلَاءِ شَيْءٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي أَنَّ كُلَّ مَنْ لَا يَرِثُ إِلَّا بِفَرْضٍ مُسَمًّى فَلَا يَدْخُلُ لَهُ فِي مِيرَاثِ
الْوَلَاءِ وَأَمَّا مَنْ يَرِثُ فِي حَالٍ بِفَرْضٍ مُسَمًّى وَفِي حَالٍ بِالتَّعْصِيبِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ
شَيْءٌ مِنَ الْوَلَاءِ فِي الْحَالِ الَّتِي لَهُ فِيهَا فَرْضٌ مُسَمًّى وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ عَصَبَةً فِي
مَوْضِعٍ آخَرَ فَيَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ
قَالَ مَالِكٌ الْإِخْوَةُ فِي الْكِتَابَةِ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ إِذَا كُوتِبُوا جَمِيعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً إِذَا لَمْ يَكُنْ
لِأَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَدٌ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ أَوْ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ أَوْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ هَلَكَ أَحَدُهُمْ وَتَرَكَ
مَالًا أُدِّيَ عَنْهُمْ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ كِتَابَتِهِمْ وَعَتَقُوا وَكَانَ فَضْلُ الْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ لِوَلَدِهِ
دُونَ إِخْوَتِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَى قَوْلِهِ أَنَّ الْإِخْوَةَ إِذَا كَاتَبَ عَلَيْهِمْ جَرَوْا مَجْرَى الْبَنِينَ الَّذِينَ وُلِدُوا
فِي كِتَابَتِهِ أَوْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ يَرِثُونَهُ بَعْدَ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ مِمَّا يَخْلُفُهُ فَإِذَا أَدَّوُا الْكِتَابَةَ مِنَ
الْمَالِ الَّذِي تَرَكَهُ وَرِثُوا الْفَضْلَ كَمَا يَصْنَعُ الْبَنُونَ الَّذِينَ وُلِدُوا مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ أَوْ
كَاتَبَ عَلَيْهِمْ سَوَاءً إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ فِي الْكِتَابَةِ بَنُونَ وَرِثُوهُ دُونَ الْإِخْوَةِ الَّذِينَ مَعَهُمْ
فِي الْكِتَابَةِ وَلَا يَرِثُهُ إِلَّا مَنْ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ دُونَ بَنِيهِ الْأَحْرَارِ وَغَيْرِهِمْ إِذَا كَانُوا
بَنِينَ وَإِخْوَةً
هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَذْهَبُهُ وَقَدْ مَضَى مَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ التَّنَازُعِ وَالِاخْتِلَافِ
فِي هَذَا الْبَابِ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ تَكْرَارِهِ