قَالَ مَالِكٌ إِنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعْتُ فِي الْمُكَاتَبِ يُعْتِقُهُ سَيِّدُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ يُقَامُ عَلَى هَيْئَتِهِ تِلْكَ الَّتِي لَوْ بِيعَ كَانَ ذَلِكَ الثَّمَنُ الَّذِي يَبْلُغُ فَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ وُضِعَ ذَلِكَ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ ولم (...) |
قَالَ مَالِكٌ إِنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعْتُ فِي الْمُكَاتَبِ يُعْتِقُهُ سَيِّدُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ أَنَّ
الْمُكَاتَبَ يُقَامُ عَلَى هَيْئَتِهِ تِلْكَ الَّتِي لَوْ بِيعَ كَانَ ذَلِكَ الثَّمَنُ الَّذِي يَبْلُغُ فَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ وُضِعَ ذَلِكَ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ ولم ينظر إلى عَدَدِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قُتِلَ لَمْ يُغَرَّمْ قَاتِلُهُ إِلَّا قِيمَتَهُ يَوْمَ قَتَلَهُ وَلَوْ جُرِحَ لَمْ يُغَرَّمْ جَارِحُهُ إِلَّا دِيَةَ جُرْحِهِ يَوْمَ جَرَحَهُ وَلَا يُنْظَرُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَى مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لَمْ يُحْسَبْ فِي ثُلُثِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 428 الْمَيِّتِ إِلَّا مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا تَرَكَ الْمَيِّتُ لَهُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ فَصَارَتْ وَصِيَّةً أَوْصَى بِهَا قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ كِتَابَتِهِ إِلَّا مِائَةُ دِرْهَمٍ فَأَوْصَى سَيِّدُهُ لَهُ بِالْمِائَةِ دِرْهَمٍ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ حُسِبَتْ لَهُ فِي ثُلُثِ سَيِّدِهِ فَصَارَ حُرًّا بِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرِيدُ أَنَّهُ إِذَا أَوْصَى رَجُلٌ بِمُكَاتَبِهِ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ حُسِبَ فِي الثُّلُثِ الْأَوَّلِ مِنْ ذَلِكَ أَوْ مِنْ ثَمَنِ رَقَبَتِهِ وَيُقَوَّمُ عَبْدًا فَإِذَا قَامَ ثُلُثُ سَيِّدِهِ الْأَوَّلُ مِنْ ثَمَنِ رَقَبَتِهِ أَوْ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ خَرَجَ حُرًّا وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قُوِّمَتْ رَقَبَتُهُ عَبْدًا فِي قِيمَتِهِ فَإِنْ قُوِّمَتْ ذَلِكَ الثلث خرج حرا كما يقوم لَوْ قَتَلَهُ قَاتِلٌ أَوْ جَرَحَهُ جَارِحٌ قُوِّمَ عَبْدًا وَقَوْلُهُ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ يَدُلُّ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ فِيمَا رَسَمَهُ غَيْرَ ذَلِكَ وَقَدِ اختلف بن الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ فِي مَسْأَلَةِ هَذَا الْبَابِ فَقَالَ بن الْقَاسِمِ إِذَا أَوْصَى سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ بِعِتْقِهِ أَوْ بِكِتَابَتِهِ لَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِهِ إِلَّا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ أَوْ قِيمَةِ الكتابة ذَكَرَهُ سَحْنُونٌ فِي (الْمُدَوَّنَةِ) قَالَهُ وَقَالَ غَيْرُهُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ أَوِ الْكِتَابَةِ نَفْسِهَا لَا قِيمَةِ الْمُكَاتَبَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا تَقْوِيمُ الْكِتَابَةِ فَوَاجِبٌ لِأَنَّهَا عِوَضٌ فَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَإِنْ كَانَتْ عَيْنًا فَلَا وَجْهَ لِتَقْوِيمِهَا وَإِنْ كَانَتْ عَرَضًا فَيُمْكِنُ تَقْوِيمُهَا وَإِنْ كَانَ الْمُبْتَغَى فِي الْقِيمَةِ الْأَقَلَّ مِنْهَا لِيَتَوَفَّرَ الثُّلُثُ وَلَا يَضِيقُ عَنْ سَائِرِ الْوَصَايَا وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَيُجِيزُ الْوَصِيَّةَ بِمُكَاتَبَةِ الْمُكَاتَبِ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي ذلك أَدَّى الْكِتَابَةَ إِلَى الْمُوصَى لَهُ عَتَقَ وَالْوَلَاءُ لِمَنْ عَقَدَ كِتَابَتَهُ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الْوَصِيَّةِ لِرَقَبَتِهِ فَمَرَّةً قَالَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا مِلْكًا صَحِيحًا إِلَّا بِالْعَجْزِ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ وَلَا تَعْجِيزُهُ إِلَّا بِإِقْرَارِهِ لَهُ بِالْعَجْزِ وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ عِنْدَهُ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِيمَا تَقَدَّمَ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ قُوَّةٌ عَلَى الْكَسْبِ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَقَدْ قَالَ إِنَّ الْوَصِيَّةَ بِرَقَبَتِهِ جَائِزَةٌ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعُودُ إِلَى كِتَابَتِهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي مِلْكِهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 429 وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ وَقَالَ كَيْفَ لَا يَجُوزُ مَا يُصْنَعُ فِي مِلْكِهِ قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْدَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَبْدًا فَإِنْ كَانَ فِي ثُلُثِهِ سَعَةٌ لِثَمَنِ الْعَبْدِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَ دِينَارٍ فَيُكَاتِبُهُ سَيِّدُهُ عَلَى مِائَتَيْ دِينَارٍ عِنْدَ مَوْتِهِ فَيَكُونُ ثُلُثُ مَالِ سَيِّدِهِ أَلْفَ دِينَارٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ وَإِنَّمَا هِيَ وَصِيَّةٌ أَوْصَى لَهُ بِهَا فِي ثُلُثِهِ فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ قَدْ أَوْصَى لِقَوْمٍ بِوَصَايَا وَلَيْسَ فِي الثُّلُثِ فَضْلٌ عَنْ قيمة المكاتب بدىء بِالْمُكَاتَبِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَتَاقَةٌ وَالْعَتَاقَةُ تُبَدَّأُ عَلَى الْوَصَايَا ثُمَّ تُجْعَلُ تِلْكَ الْوَصَايَا فِي كِتَابَةِ المكاتب يتبعونه بها وَيُخَيَّرُ وَرَثَةُ الْمُوصِي فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ يُعْطُوا أَهْلَ الْوَصَايَا وَصَايَاهُمْ كَامِلَةً وَتَكُونُ كِتَابَةُ الْمُكَاتَبِ لَهُمْ فَذَلِكَ لَهُمْ وَإِنْ أَبَوْا وَأَسْلَمُوا الْمُكَاتَبَ وَمَا عَلَيْهِ إِلَى أَهْلِ الْوَصَايَا فَذَلِكَ لَهُمْ لِأَنَّ الثُّلُثَ صَارَ فِي الْمُكَاتَبِ وَلِأَنَّ كُلَّ وَصِيَّةٍ أَوْصَى بِهَا أَحَدٌ فَقَالَ الْوَرَثَةُ الَّذِي أَوْصَى بِهِ صَاحِبُنَا أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِهِ وَقَدْ أَخَذَ مَا لَيْسَ لَهُ قَالَ فَإِنَّ وَرَثَتَهُ يخيرون فيقال لَهُمْ قَدْ أَوْصَى صَاحِبُكُمْ بِمَا قَدْ عَلِمْتُمْ فَإِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ تُنْفِذُوا ذَلِكَ لِأَهْلِهِ عَلَى مَا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ وَإِلَّا فَأَسْلِمُوا أَهْلَ الْوَصَايَا ثُلُثَ مَالِ الْمَيِّتِ كُلِّهِ قَالَ فَإِنْ أَسْلَمَ الْوَرَثَةُ الْمُكَاتَبَ إِلَى أَهْلِ الْوَصَايَا كَانَ لِأَهْلِ الْوَصَايَا مَا عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ أَخَذُوا ذَلِكَ فِي وَصَايَاهُمْ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ كَانَ عَبْدًا لِأَهْلِ الْوَصَايَا لَا يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِ الْمِيرَاثِ لِأَنَّهُمْ تَرَكُوهُ حِينَ خُيِّرُوا وَلِأَنَّ أَهْلَ الْوَصَايَا حِينَ أُسْلِمَ إِلَيْهِمْ ضَمِنُوهُ فَلَوْ مَاتَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَى الْوَرَثَةِ شَيْءٌ وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ كِتَابَتَهُ وَتَرَكَ مَالًا هُوَ أَكْثَرُ مِمَّا عَلَيْهِ فَمَالُهُ لِأَهْلِ الْوَصَايَا وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ مَا عَلَيْهِ عَتَقَ وَرَجَعَ وَلَاؤُهُ إِلَى عَصَبَةِ الَّذِي عَقَدَ كِتَابَتَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ فِي رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْدَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَبْدًا فَإِنْ كَانَ فِي ثُلُثِهِ سَعَةٌ لِثَمَنِ الْعَبْدِ جَازَ ذَلِكَ فَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَشَذَّ أَهْلُ الظَّاهِرِ فَقَالُوا ذَلِكَ فِي رَأْسِ مَالِهِ وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمْ كُلُّ عَطِيَّةٍ بَتْلَةٍ فِي الْمَرَضِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِي الَّذِي أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 430 لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ فَأَسْهَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً فَهَذِهِ قَضِيَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ فَعَلَ الْمَرِيضُ فِي مَالِهِ إِذَا مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَصَايَا وَسَنَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ وَمَا فِيهِ مِنَ الْمَعَانِي لِسَائِرِ الْعُلَمَاءِ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنْ كَانَ فِي ثُلُثِهِ سَعَةٌ لِثَمَنِ الْعَبْدِ فَذَلِكَ جَائِزٌ - يَعْنِي لِلْعَبْدِ - وَإِنَّمَا هُوَ وَصِيَّةٌ أَوْصَى لَهُ بِهَا فِي ثُلُثِهِ كَأَنَّهُ يَعْنِي أَوْصَى لَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِينَارٍ لِأَنَّهُ كَاتَبَهُ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفُ دِينَارٍ وَثُلُثُ سَيِّدِهِ أَلْفُ دِينَارٍ فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْعَبْدِ حُرًّا لِأَنَّ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الرَّجُلِ يُوصِي لِعَبْدِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ أَنَّهُ يَعْتِقُ فِي الثُّلُثِ إِنْ حَمَلَهُ وَيُعْطِي بَعْدَ عِتْقِهِ مَا فَضَلَ مِنَ الثُّلُثِ إِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ فِي الرَّجُلِ يُوصِي لِعَبْدِهِ وَخَالَفَهُمُ الْأَوْزَاعِيُّ فَقَالَ مَنْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ فَوَصِيَّتُهُ بَاطِلٌ وَيَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى الْوَرَثَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْوَرَثَةِ وَإِذَا قَالُوا مَا أَوْصَى بِهِ صَاحِبُنَا أَكْثَرُ مِنَ الثُّلُثِ أَنَّهُمْ يُخَيَّرُونَ بين أن يسلموا للموصى له ما أوصى لَهُ بِهِ وَبَيْنَ أَنْ يُعْطُوهُ جَمِيعَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ فَإِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ خَلْعِ الثُّلُثِ قَدْ خَالَفَهُمْ فِيهَا الشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ وَقَالُوا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَجْهُولٍ بِمَعْلُومٍ وَتَأْتِي فِي مَوْضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَيَضَعُ عَنْهُ عِنْدَ مَوْتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ قَالَ مَالِكٌ يُقَوَّمُ الْمُكَاتَبُ فَيُنْظَرُ كَمْ قِيمَتُهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَالَّذِي وُضِعَ عَنْهُ عُشْرُ الْكِتَابَةِ وَذَلِكَ فِي الْقِيمَةِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَهُوَ عُشْرُ الْقِيمَةِ فيوضع الجزء: 7 ¦ الصفحة: 431 عَنْهُ عُشْرُ الْكِتَابَةِ فَيَصِيرُ ذَلِكَ إِلَى عُشْرِ الْقِيمَةِ نَقْدًا وَإِنَّمَا ذَلِكَ كَهَيْئَتِهِ لَوْ وُضِعَ عَنْهُ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُحْسَبْ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ إِلَّا قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَإِنْ كَانَ الَّذِي وُضِعَ عَنْهُ نِصْفُ الْكِتَابَةِ حُسِبَ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ فَهُوَ عَلَى هَذَا الحساب قال ابو عمر ذكر بن عَبْدِ الْحَكَمِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَقَالَ وَمَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَوَضَعَ عَنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُطْرَحُ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ الْأَقَلَّ مِنْ عُشْرِ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ أَوْ مِنْ عُشْرِ كِتَابَتِهِ وَلَوْ وُضِعَ عَنْهُ نِصْفُ كِتَابَتِهِ أَوْ ثُلُثُهَا كَانَ كَذَلِكَ ثُمَّ يُوضَعُ عَنِ الْمُكَاتَبِ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ عُشْرُهُ وَيُعْتَقُ مِنْهُ عُشْرُهُ وَهَذَا خِلَافُ مَا لِمَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ فِي قَوْلِهِ فِي (الْمُوَطَّأِ) إِلَّا قِيمَةَ الرَّقَبَةِ خَاصَّةً وَفِي رواية بن عَبْدِ الْحَكَمِ يُعْتَبَرُ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ وَالْكِتَابَةِ فَهَذَا مَوْضِعُ الْخِلَافِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَمَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي اعْتِبَارِ الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوِ الْكِتَابَةِ الِاحْتِيَاطُ لِلثُّلُثِ وَالتَّوْفِيرُ عَلَى أَهْلِ الْوَصَايَا فِيهِ وَإِنَّمَا هَذَا عِنْدَ ضِيقِ الثُّلُثِ قَالَ مَالِكٌ إِذَا وَضَعَ الرَّجُلُ عَنْ مُكَاتَبِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يُسَمِّ أَنَّهَا مِنْ أَوَّلِ كِتَابَتِهِ أَوْ مِنْ آخِرِهَا وُضِعَ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ عُشْرُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ غَيْرُهُ يَقُولُ يُعْتَقُ مِنْهُ عُشْرُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا مَالِكٌ فَقَوْلُهُ عَلَى أَصْلِهِ مُطَّرِدٌ لِأَنَّهُ لَا يَرَى وَضْعَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عِتْقًا وَيُسَاوِي بَيْنَ الْأَنْجُمِ لِيَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ لِأَنَّ مُعَجَّلَ الْأَنْجُمِ أَفْضَلُ مِنْ مُؤَخِّرِهَا وَأَنَّ مَنْ جَعَلَ وَضْعَ الشَّرِيكِ وَغَيْرِ الشَّرِيكِ سَوَاءً فِي أَنَّهُ عَتَقَ فَقَوْلُهُ يُعْتَقُ مِنْهُ عُشْرُهُ مُطَّرِدٌ عَلَى أَصْلِهِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ يُوضَعُ عَنِ الْمُكَاتَبِ عُشْرُ كِتَابَتِهِ فِي آخِرِهَا لِيَخْرُجَ بِهِ حُرًّا فَيَنْتَفِعَ الْمُكَاتَبُ بِذَلِكَ وَلَوْ وُضِعَ فِي صَدْرِ الْكِتَابَةِ ثُمَّ عَجَزَ ذَهَبَ ذَلِكَ بَاطِلًا قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا وَضَعَ الرَّجُلُ عَنْ مُكَاتَبِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ أَوَّلِ كِتَابَتِهِ أَوْ مِنْ آخِرِهَا وَكَانَ أَصْلُ الْكِتَابَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ قُوِّمَ الْمُكَاتَبُ قِيمَةَ النَّقْدِ ثُمَّ قُسِمَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ فَجُعِلَ لِتِلْكَ الْأَلْفِ الَّتِي مِنْ أَوَّلِ الْكِتَابَةِ حِصَّتُهَا مِنْ تلك القيمة الجزء: 7 ¦ الصفحة: 432 بِقَدْرِ قُرْبِهَا مِنَ الْأَجَلِ وَفَضْلِهَا ثُمَّ الْأَلْفِ الَّتِي تَلِي الْأَلْفَ الْأُولَى بِقَدْرِ فَضْلِهَا أَيْضًا ثُمَّ الْأَلْفِ الَّتِي تَلِيهَا بِقَدْرِ فَضْلِهَا أَيْضًا حَتَّى يُؤْتَى عَلَى آخِرِهَا تَفَضُلُ كُلُّ أَلْفٍ بِقَدْرِ مَوْضِعِهَا فِي تَعْجِيلِ الْأَجَلِ وَتَأْخِيرِهِ لِأَنَّ مَا اسْتَأْخَرَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ أَقَلَّ فِي الْقِيمَةِ ثُمَّ يُوضَعُ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ قَدْرُ مَا أَصَابَ تِلْكَ الْأَلْفَ مِنَ الْقِيمَةِ عَلَى تَفَاضُلِ ذَلِكَ إِنْ قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْحِسَابِ وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى مَا قَالَهُ مَالِكٌ عَلَى أَصْلِهِ وَمَذْهَبِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَوَّلَ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِ الْمُكَاتَبِ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنَ الْآخَرِ لِأَنَّ الْمُتَعَجِّلَ بَيْنَ النَّاسِ أَغْبَطُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِ فَإِذَا عُلِمَ ذَلِكَ عَتَقَ مِنَ الْمُكَاتَبِ بِقَدْرِ الْأَلْفِ الْمُعَجَّلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ مِنْ كِتَابَتِهِ كَانَ ذَلِكَ نِصْفَهَا أَوْ رُبُعَهَا أَوْ مَا كَانَ مِنْ أَجْزَائِهَا وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ في الالف الذي مِنْ آخِرِ الْكِتَابِ عَلَى حَسَبِ قِيمَتِهِ أَيْضًا قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِرُبُعِ مُكَاتَبٍ أَوْ أَعْتَقَ رُبُعَهُ فَهَلَكَ الرَّجُلُ ثُمَّ هَلَكَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالًا كَثِيرًا أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ يُعْطَى وَرَثَةُ السَّيِّدِ وَالَّذِي أَوْصَى لَهُ بِرُبُعِ الْمُكَاتَبِ مَا بَقِيَ لَهُمْ عَلَى الْمُكَاتَبِ ثُمَّ يَقْتَسِمُونَ مَا فَضَلَ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِرُبُعِ الْمُكَاتَبِ ثُلُثُ مَا فَضَلَ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ وَلِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ الثُّلُثَانِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ فَإِنَّمَا يُورَثُ بِالرِّقِّ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَإِنَّمَا يَقْتَسِمُونَ أَثْلَاثًا لِأَنَّ حِصَّةَ الْحُرِّيَّةِ الَّتِي لِلرُّبُعِ لَا يُؤْخَذُ بِهَا شَيْءٌ فَرَجَعَ ذَلِكَ إِلَى النِّصْفِ وَالرُّبُعِ فَصَارَ النِّصْفُ الثُّلُثَيْنِ وَالرُّبُعُ الثُّلُثَ بِمَا رَجَعَ إِلَيْهِ مِنْ حِصَّةِ الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّ الْمُعْتَقَ بَعْضُهُ إِذَا مَاتَ كَانَ مَالُهُ لِمَنْ لَهُ فِيهِ الرِّقُّ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَيْسَ لِمَنْ أُعْتِقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ مَالِكٌ فِي مُكَاتَبٍ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ قَالَ إِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ ثُلُثُ الْمَيِّتِ عَتَقَ مِنْهُ قَدْرُ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ وَيُوضَعُ عَنْهُ مِنَ الْكِتَابَةِ قَدْرُ ذَلِكَ إِنْ كَانَ عَلَى الْمُكَاتَبِ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ نَقْدًا وَيَكُونُ ثُلُثُ الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَتَقَ نَصِفُهُ وَيُوضَعُ عَنْهُ شَطْرُ الْكِتَابَةِ هَكَذَا هَذَهِ الْمَسْأَلَةُ في (الموطا) وذكرها بن عَبْدِ الْحَكَمِ فَقَالَ إِذَا أَعْتَقَ الْمُكَاتَبَ سَيِّدُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ وَتُقَامُ رَقَبَتُهُ فَإِنْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 433 كَانَتْ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ وُضِعَ ذَلِكَ فِي ثُلُثِ سَيِّدِهِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ كِتَابَتِهِ وُضِعَ ذَلِكَ فِي الثُّلُثِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا ثُمَّ يَخْرُجُ حُرًّا بِتِلْكَ الْقِيمَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَاهُ يَحْيَى فِي (الْمُوَطَّأِ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ لِمَالِكٍ فِي (الْمُوَطَّأِ) أَصْلُ ما ذكره بن عَبْدِ الْحَكَمِ وَمَضَى الْقَوْلُ فِيهِ قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ غُلَامِي فُلَانٌ حُرٌّ وَكَاتِبُوا فُلَانًا تُبَدَّأُ الْعَتَاقَةُ عَلَى الْكِتَابَةِ وذكر بن عَبْدِ الْحَكَمِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَزَادَ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ أَنْ يُمْضُوهُ مُكَاتَبًا أَوْ يُعْتِقُوا مَا حَمَلَ الثُّلُثُ مِنْهُ بَتْلًا قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا بَدَأَ بِالْعَتَاقَةِ لِأَنَّهُ عِتْقٌ مُتَيَقَّنٌ وَحُرْمَتُهُ قَدْ ثَبَتَتْ وَالْكِتَابَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجِزُ صَاحِبُهَا فَيَعُودُ رَقِيقًا وَسَنَذْكُرُ مَذَاهِبَ الْعُلَمَاءِ فِي مَا يُبْدَأُ مِنَ الْوَصَايَا فِي كِتَابِ الْوَصَايَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تعالى |