قَالَ مَالِكٌ فِي مُدَبَّرٍ قَالَ لِسَيِّدِهِ عَجِّلْ لِي الْعِتْقَ وَأُعْطِيكَ خَمْسِينَ مِنْهَا مُنَجَّمَةً
عَلَيَّ فَقَالَ سَيِّدُهُ نَعَمْ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْكَ خَمْسُونَ دِينَارًا تُؤَدِّي إِلَيَّ كُلِّ عَامٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرٍ
فَرَضِيَ بِذَلِكَ الْعَبْدُ ثُمَّ هَلَكَ السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ أَوْ (...)
 
قَالَ مَالِكٌ فِي مُدَبَّرٍ قَالَ لِسَيِّدِهِ عَجِّلْ لِي الْعِتْقَ وَأُعْطِيكَ خَمْسِينَ مِنْهَا مُنَجَّمَةً
عَلَيَّ فَقَالَ سَيِّدُهُ نَعَمْ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْكَ خَمْسُونَ دِينَارًا تُؤَدِّي إِلَيَّ كُلِّ عَامٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرٍ
فَرَضِيَ بِذَلِكَ الْعَبْدُ ثُمَّ هَلَكَ السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ
قَالَ مَالِكٌ يَثْبُتُ لَهُ الْعِتْقُ وَصَارَتِ الْخَمْسُونَ دِينَارًا دَيْنًا عَلَيْهِ وَجَازَتْ شَهَادَتُهُ وَثَبُتَتْ
حُرْمَتُهُ وَمِيرَاثُهُ وَحُدُودُهُ وَلَا يَضَعُ عَنْهُ مَوْتُ سَيِّدِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَجُوزُ فِي تَحْصِيلِ قَوْلِ مَالِكٍ فِي بَيْعِ الْمُدَبَّرِ إِلَّا مِنْ نَفْسِهِ إِلَّا أَنَّهُ
قَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ إِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ فِيهِ وَفَاتَ بِالْعِتْقِ وَصَارَ حُرًّا وَسَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ بِيعِ
الْمُدَبَّرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 440
وَإِذَا كَانَ لَهُ بَيْعُهُ مِنْ نَفْسِهِ فَتَعْجِيلُ الْعِتْقِ لَهُ عَلَى نُجُومٍ يَأْخُذُهَا مِنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي
الْجَوَازِ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ بَيْعُ وَلَاءٍ وَلَا شَيْءٌ يُكْرَهُ إِذَا كَانَ الْمُدَبَّرُ رَاضِيًا بِذَلِكَ
وَقَدِ اخْتَلَفَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ فِي الْعَبْدِ يَقُولُ لَهُ سَيِّدُهُ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْكَ خَمْسُونَ دِينَارًا
فَلَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ الْعَبْدُ
وَذَكَرَ بن الْقَاسِمِ فِي (الْمُدَوَّنَةِ) عَنْ مَالِكٍ قَالَ أَرَاهُ حُرًّا وَعَلَيْهِ الْمَالُ أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ
وَكَذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ وَمُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ لَهُ الْجِزْيَةَ إِلَّا عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهِ
الْمَالَ وَلَا يَضُرُّهُ تَعْجِيلُ الْحُرِّيَّةِ لَهُ بِاللَّفْظِ
وقال بن الْقَاسِمِ إِنْ رَضِيَ الْعَبْدُ بِذَلِكَ لَزِمَهُ الْمَالُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ فَهُوَ حُرٌّ
السَّاعَةَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
قَالَ وَلَا يُعْجِبُنِي قَوْلُ مَالِكٍ فِي إِلْزَامِهِ لَهُ الْمَالَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ كَانَ حُرًّا بِغَيْرِ شَيْءٍ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِنْ قَبِلَ الْعَبْدُ ذَلِكَ كَانَ حُرًّا وَكَانَ عَلَيْهِ الْمَالُ
قَالَ أَبُو عمر قول بن القاسم معناه صحيح لانه قَوْلَهُ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ لَا مَرْجِعَ لَهُ
فِيهِ جَادًّا كَانَ أَوْ لَاعِبًا وَقَوْلُهُ بَعْدُ وَعَلَيْكَ مِنَ الْمَالِ كَذَا إِثْبَاتُ مَالٍ فِي ذِمَّةِ حُرٍّ بِغَيْرِ
رِضَاهُ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ طَلَبَهُ وَاشْتَرَاهُ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ بِإِجْمَاعٍ فِي ذِمَّةِ حر
وقال بن الْمَاجِشُونِ الْعَبْدُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ الْتَزَمَ الْمَالَ وَكَانَ حُرًّا وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَلْزَمْهُ
وَلَا حُرِّيَّةَ لَهُ قَالَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَنْتَ حر على ان عليك كذا وكذا فهو بِالْخِيَارِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ قَوْلُهُ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ كَذَا مِثْلَ قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْكَ كَذَا
وَكَذَا لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ كَذَا فِي كَلَامٍ مُتَّصِلٍ شَرْطٌ مِنْهُ عَلَيْهِ إِنْ
رَضِيَهُ لَزِمَهُ وَلَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْقَوْلِ دَعْوَى النَّدَمِ وَإِذَا أَطْلَقَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْكَ كَذَا
فَظَاهِرُهُ قَدْ أَوْجَبَ لَهُ الْحُرِّيَّةَ ثُمَّ نَدِمَ فَأَوْجَبَ عَلَيْهِ مَعَهَا شَيْئًا لَمْ يَرْضَهْ فَلَا يَلْزَمْهُ مِنْ
ذَلِكَ مَا لَمْ يَرْضَ
وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ إِذَا قَالَ لِامْرَأَةٍ أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْكِ كَذَا أَنَّهَا طَالِقٌ رَضِيَتْ بِمَا جَعَلَ
عَلَيْهَا (بَعْدَ) الطَّلَاقِ أَمْ لَمْ تَرْضَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْكَ كَذَا وَاللَّهُ اعلم
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 441
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ خِدْمَةَ سَنَةٍ فَقِيلَ لَهُ
لَزِمَ ذَلِكَ وَكَانَ دَيْنًا عَلَيْهِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْدِمَهُ رَجَعَ الْمَوْلَى بِقِيمَةِ الْخِدْمَةِ فِي
مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنْ قَبِلَ كَانَ حُرًّا فِي الْوَقْتِ وَكَانَتِ الدَّرَاهِمُ عَلَيْهِ
دَيْنًا وَالْخِدْمَةُ
وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدِمَنِي سَنَةً فَإِنْ كَانَ عَجَّلَ عِتْقَهُ عَلَى أَنْ
يَخْدِمَهُ فَهُوَ حُرٌّ وَالْخِدْمَةُ سَاقِطَةٌ عَنْهُ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهُ بَعْدَ الْخِدْمَةِ لَمْ يُعْتَقْ
حَتَّى يَخْدِمَهُ سَنَةً وَالسُّنَّةُ مِنْ وَقْتِ الْقَوْلِ خَدَمَ أَوْ أَبَقَ أَوْ مَرِضَ وَسَوَاءٌ قَالَ (هَذِهِ
السَّنَةَ) أَوِ (السَّنَةَ)
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ إِذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدِمَنِي أَرْبَعَ سِنِينَ فَقَبِلَ فَعَتَقَ
ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ سَاعَتَئِذٍ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ
وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ قِيمَةُ خِدْمَتِهِ أَرْبَعَ سِنِينَ
وقال مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ فَمَاتَ السَّيِّدُ وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ وَمَالٌ غَائِبٌ فَلَمْ يَكُنْ
فِي مَالِهِ الْحَاضِرِ مَا يَخْرُجُ فِيهِ الْمُدَبَّرُ
قَالَ يُوقَفُ الْمُدَبَّرُ بِمَالِهِ وَيُجْمَعُ خَرَاجُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مِنَ الْمَالِ الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ فِيمَا
تَرَكَ سَيِّدُهُ مِمَّا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ عَتَقَ بِمَالِهِ وَبِمَا جُمِعَ مِنْ خَرَاجِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا تَرَكَ
سَيِّدُهُ مَا يَحْمِلُهُ عَتَقَ مِنْهُ قَدْرُ الثُّلُثِ وَتُرِكَ مَالُهُ فِي يَدَيْهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا أَصْلُهُ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ وَالْمُدَبَّرَ تَبِعَهُ مَالُهُ
وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا فَمَالُ الْعَبْدِ وَالْمُدَبَّرِ لِسَيِّدِهِ وَلَا يُقَوَّمُ فِي
الثُّلُثِ إِلَّا شَخْصُهُ وَرَقَبَتُهُ دُونَ مَالِهِ
وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يُقَوَّمُ فِي الثُّلُثِ إِلَّا بجميع ماله وقالوا في
المدبر يموت سَيِّدِهِ وَلَا تَخْرُجُ رَقَبَتُهُ وَمَالُهُ مِنَ الثُّلُثِ أَنَّهُ يُعْتَقُ بَعْضُهُ وَيُرَقُّ بَعْضُهُ
عَلَى حَسَبِ مَا يَحْمِلُ الثُّلُثُ مِنْهُ وَمَا لَا يَحْمِلُهُ ويبقى جميع المدبر بيده
وذكر بن حبيب ان بن وَهْبٍ يَقُولُ مَا خَرَجَ مِنَ الثُّلُثِ مِنَ الْمَالِ فَهُوَ بَاقٍ بِيَدِ الْمُدَبَّرِ
وَمَا لَمْ يَخْرُجْ فَهُوَ مَالٌ لِلْمَيِّتِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 442
وَرَوَاهُ عَنْ رَبِيعَةَ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقِ