مالك عن بن شِهَابٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا اعْتَرَفَ عَلَى نفسه بالزنى عَلَى
عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرجم
قال بن شِهَابٍ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ (...)
 
مالك عن بن شِهَابٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا اعْتَرَفَ عَلَى نفسه بالزنى عَلَى
عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرجم
قال بن شِهَابٍ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِاعْتِرَافِهِ عَلَى نَفْسِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ - وَلَمْ يُسَمِّ الرَّجُلَ - فَقَدْ سَمَّاهُ فِيهِ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ
وَغَيْرُهُ مِمَّنْ رَوَى عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَغَيْرُهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ
سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ الْأَسْلَمِيَّ أَتَى إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ
فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ زَنَى فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ هَلْ ذَكَرْتَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ غَيْرِي
قَالَ لَا
فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ اسْتَتِرْ بِسَتْرِ اللَّهِ وَتُبْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ النَّاسَ يُعَيِّرُونَ وَلَا
يعيرون وَأَمَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ الْأَسْلَمِيُّ لَا خِلَافَ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ
تَكَرَّرَتِ الْآثَارُ الْمَرْوِيَّةُ فِي قِصَّتِهِ بِذَلِكَ
وَقَدْ رُوِيَ مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا مُتَّصِلًا مِنْ وُجُوهٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَهَا فِي (التَّمْهِيدِ) وَنَذْكُرُ مِنْهَا مَا حَضَرَنَا فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
عَزَّ وجل
وروى بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ أَتَى
عُمَرَ فَقَالَ إِنَّ الْأَخِرَ زَنَى فَقَالَ تُبْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتَتِرْ بِسَتْرِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ
التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَإِنَّ الناس يعيرون ولا يعيرون فَلَمْ تَدَعْهُ نَفْسُهُ حَتَّى أَتَى أَبَا بَكْرٍ
فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ قَوْلَ عُمَرَ وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَيْهِ عُمَرُ فَلَمْ تَدَعْهُ
نَفْسُهُ حَتَّى آتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَأَتَاهُ
مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَأَتَاهُ مِنَ الشِّقِّ الْآخَرِ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ فَأَرْسَلَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 465
قَوْمِهِ فَسَأَلَهُمْ عَنْهُ (أَبِهِ جُنُونٌ أَبِهِ رِيحٌ) فَقَالُوا لَا فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ
قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَزَّالٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ لِهَزَّالٍ (لَوْ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ)
قَالَ وَهَزَّالٌ كَانَ أَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُخْبِرَهُ
ذكره عبد الرزاق عن بن عيينة
قال وقال بن عُيَيْنَةَ قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ (أَيُّهَا النَّاسُ اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَةَ الَّتِي نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنْهَا وَمَنْ
أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ)
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ سَتْرَ الْمُسْلِمِ عَلَى نَفْسِهِ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنَ الْكَبَائِرِ
الْمُوجِبَةِ لِلْحُدُودِ وَالتَّوْبَةَ مِنْهَا وَالنَّدَمَ عَلَيْهَا وَالْإِقْلَاعَ عَنْهَا أَوْلَى بِهِ مِنَ الْإِقْرَارِ بِذَلِكَ
عَلَى نَفْسِهِ
أَلَا تَرَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَشَارَ بِذَلِكَ عَلَى الرجل الذي اعترف عنده بالزنى وَكَذَلِكَ فَعَلَ
عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
وَهُوَ مَاعِزٌ الْأَسْلَمِيُّ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَذَلِكَ مَشْهُورٌ فِي الْآثَارِ
وَكَذَلِكَ إِعْرَاضُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ حين اقر على نفسه بالزنى
حَتَّى أَكْثَرَ عَلَيْهِ كَانَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - رَجَاءَ أَلَّا يَتَمَادَى فِي الْإِقْرَارِ وَأَنْ يَنْتَبِهَ
وَيْرَعَوِيَ ثُمَّ يَنْصَرِفَ فَيَعْقِدَ التَّوْبَةَ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ
هذا مذهب من قال ان الاعتراف بالزنى مَرَّةً وَاحِدَةً يَكْفِي
وَأَمَّا مَنْ قَالَ إِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إِقْرَارِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ! فَقَالُوا إِنَّمَا أَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَتِمَّ إِقْرَارُهُ عِنْدَهُ
وَلَيْسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ كَانَ إِلَيْهِ إِقَامَةُ الْحُدُودِ
لِلَّهِ تَعَالَى وَمَنْ كَانَ ذَلِكَ إِلَيْهِ لَمْ يَكُنْ له - اذا بلغته وَثَبَتَ عِنْدَهُ مَا يُوجِبُهَا - إِلَّا
إِقَامَتُهَا وَلَمْ يَكُنْ أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَذَلِكَ
وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَ الْفُقَهَاءِ فِي حُكْمِ اقرار المعترف في الزنى وَهَلْ يَحْتَاجُ إِلَى تَكْرَارِ
الْإِقْرَارِ أَمْ لَا في حديث بن شِهَابٍ بَعْدَ هَذَا فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شاء الله
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 466
يدلك أَنَّ السَّتْرَ وَاجِبٌ مِنَ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَافَوُا
الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ فَإِنَّهُ إِذَا بَلَغَنِي ذَلِكَ فَلَا عَفْوَ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِهَزَّالٍ
الْأَسْلَمِيِّ (يَا هَزَّالُ لَوْ سَتَرْتَهُ بِرِدَائِكَ لَكَانَ خَيْرًا لَكَ)
وَكَانَ هَزَّالٌ قَدْ أَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَعْتَرِفَ عِنْدَهُ بِمَا
وَقَعَ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْقَوْلَ مُعَرِّفًا لَهُ أَنَّ سَتْرَهُ
عَلَيْهِ كَانَ أَفْضَلَ وَأَوْلَى بِهِ وَإِذَا كَانَ سَتْرُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ مَنْدُوبًا إِلَيْهِ مَرْغُوبًا
فِيهِ فَسَتْرُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْلَى بِهِ وَعَلَيْهِ التَّوْبَةُ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ
وَيَدُلُّكَ أَيْضًا عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَيَشْتَكِي أَبِهِ
جِنَّةٌ) فَيَقُولُ أَمْجَنُونٌ هُوَ يُبَلِّغُ نَفْسَهُ إِلَى الْمَوْتِ وَهُوَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَتُوبَ وَيَسْتَغْفِرَ اللَّهَ
تَعَالَى وَلَا يَعُودَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْبَلُ عَنْ عِبَادِهِ وَيُحِبُّ التَّوَّابِينَ
وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ الْأَخِرَ زَنَى فَالرِّوَايَةُ فِيهِ بِكَسْرِ الْخَاءِ عَلَى وَزْنِ فَعِلٍ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ
وَالْمَعْنَى فِيهِ إِنَّ الْبَائِسَ الشَّقِيَّ زَنَى كَمَا تَقُولُ الْأَبْعَدُ زَنَى قَالَ ذَلِكَ تَوْبِيخًا لِنَفْسِهِ
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ فِي قَوْلِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَسْأَلَةُ أَخِرُ كَسْبِ الرَّجُلِ أَيْ أَرْذَلُ كَسْبِ
الرَّجُلِ
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَكَمٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ
حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سَوْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ
عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ
- لَيَسْتُرُ الْعَبْدَ مِنَ الذَّنْبِ مَا لَمْ يَخْرُقْهُ)
قَالُوا وَكَيْفَ يَخْرُقُهُ
قَالَ (يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ)
حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو عِيسَى الْأُسْوَانِيُّ قَالَ
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ قَالَ!
حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِي
بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ان ماعزا اقر على نفسه بالزنى عند
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 467
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(إِنْ أَقْرَرْتَ الرَّابِعَةَ أَقَمْتُ عَلَيْكَ الْحَدَّ) فَأَقَرَّ عِنْدَهُ الرَّابِعَةَ فَأَمَرَ بِهِ فَحُبِسَ ثُمَّ سَأَلَ
عَنْهُ فَذَكَرُوا خَيْرًا فَرُجِمَ
وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ إِلَّا أَنَّ جَابِرًا الْجُعْفِيَّ يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يُكْتَبَ حَدِيثُهُ
وَاخْتَلَفُوا فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ فَكَانَ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ لَا يُحَدِّثَانِ عَنْهُ
وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ يُضَعِّفَانِهِ وَكَانَ شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ وَسُفْيَانُ
الثَّوْرِيُّ يَشْهَدَانِ لَهُ بِالْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ وَكَانَ وَكِيعٌ وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ يُوَثِّقَانِهِ وَيُثْنِيَانِ
عَلَيْهِ قَالَ وَكِيعٌ مَهْمَا شَكَكْتُمْ فلا تشكوا فان جابر الْجُعْفِيَّ ثِقَةٌ
وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ بن شِهَابٍ مُرْسَلًا فَرَوَاهُ مَعْمَرٌ وَيُونُسُ عَنِ
الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ
وَرَوَاهُ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وعقيل بن خالد عن بن شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَسَعِيدِ
بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ مَاعِزًا الْأَسْلَمِيَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَاعْتَرَفَ عِنْدَهُ بالزنى فرده اربع مرات وذكر الحديث
قال بن شِهَابٍ وَحَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ فَلَمَّا
أَذْلَقَتْهُ الْحِجَارَةُ هَرَبَ فَأَدْرَكْنَاهُ بِالْحُرَّةِ فَرَجَمْنَاهُ
وَقَدْ ذَكَرْنَا طرق حديث بن شِهَابٍ وَأَلْفَاظَ نَاقِدِيهِ بِالْأَسَانِيدِ فِي كِتَابِ (التَّمْهِيدِ)
وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ مَاعِزٍ فِي قِصَّةِ اعْتِرَافِهِ بالزنى وَرَجْمِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بن عَبَّاسٍ
وَرَوَى حَدِيثَهُ أَيْضًا مِنْ وُجُوهٍ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَجَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ
وَنُعَيْمُ بْنُ هَزَّالٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَفِي أَكْثَرِهَا أَنَّهُ اعْتَرَفَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَفِي بَعْضِهَا
مَرَّتَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي (التَّمْهِيدِ)
وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ وَإِسْرَائِيلَ وَأَبِي عَوَانَةَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّهُ اعْتَرَفَ
مَرَّتَيْنِ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرجم
واختلف الفقهاء في عدد الاقرار بالزنى
فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ إِذَا اقر مرة واحدة بالزنى حد
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 468
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَحَمَّادٍ الْكُوفِيِّ
وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ
وَمِنْ حُجَّتِهِمْ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ أَنَّ الْآثَارَ مُخْتَلِفَةٌ فِي إِقْرَارِ مَاعِزٍ وَرُوِيَ فِيهَا أَنَّهُ أَقَرَّ
مَرَّةً وَرُوِيَ أَنَّهُ أَقَرَّ مَرَّتَيْنِ وَرُوِيَ أَنَّهُ أَقَرَّ ثَلَاثًا وَرُوِيَ أَنَّهُ أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَسَقَطَ
الِاحْتِجَاجُ بِهِ
وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في حديث بن شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ (وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ
فَارْجُمْهَا)
وَلَمْ يَقُلْ إِنِ اعْتَرَفَتْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اعْتِرَافٌ وَجَبَ بِهِ الْحَدُّ
وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ فِي الْأَمْوَالِ يَجِبُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ
لَا يُرَاعَى عَدَدُ الشُّهُودِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَصِحُّ بِأَقَلِّ مِنْ شَاهِدَيْنِ
وَقَالَ ابو حنيفة واصحابه والثوري وبن أَبِي لَيْلَى وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ لَا يَجِبُ عليه
الحد في الزنى حَتَّى يُقِرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ
وَهُوَ قَوْلُ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي مَجَالِسَ مُفْتَرِقَةٍ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يُحَدُّ فِي الْخَمْرِ بِإِقْرَارِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً
وَقَالَ زُفَرُ لَا يُحَدُّ فِي الْخَمْرِ حَتَّى يُقِرَّ مَرَّتَيْنِ فِي مَوْطِنَيْنِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَمُحَمَّدٌ إِذَا أَقَرَّ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي السَّرِقَةِ صَحَّ إِقْرَارُهُ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ حَتَّى يُقِرَّ مَرَّتَيْنِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّتِهِمْ حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ جبير عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ مَاعِزًا حَتَّى أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أَمَرَ بِرَجْمِهِ
وَأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِيهَا الْإِقْرَارُ مِنْهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ قَدْ ذَكَرْتُهَا فِي (التَّمْهِيدِ)
قَالُوا وَلَيْسَ تَقْصِيرُ مَنْ قَصَّرَ فِيمَا حَفِظَ غَيْرُهُ بِحُجَّةٍ عَلَيْهِ
وَمَنْ حَفِظَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فَقَدْ زَادَ حِفْظُهُ عَلَى حِفْظِ غَيْرِهِ وَشَهَادَتُهُ أُولَى لِأَنَّهُ سَمِعَ مَا
لَمْ يَسْمَعْ غَيْرُهُ
وَسَنَذْكُرُ ما يلزم من رجع عن اقراره بالزنى وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ وَمَا لِلْفُقَهَاءِ مِنَ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 469
التَّنَازُعِ فِي بَابِ مَنِ اعْتَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ بالزنى من هذا الكتاب ان شاء الله عزوجل