مَالِكٌ عَنِ بن شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! اقْضِ بَيْنَنَا (...) |
مَالِكٌ عَنِ بن شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَقَالَ الْآخَرُ وَهُوَ أَفْقَهُهُمَا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَاقْضِ بَيْنَنَا بكتاب الله وائذن لِي أَنْ أَتَكَلَّمَ قَالَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 474 (تَكَلَّمْ) فَقَالَ إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَبِجَارِيَةٍ لِي ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ مَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَأَخْبَرُونِي أَنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَمَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ) وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا وَأَمَرَ أُنَيْسًا الْأَسْلَمِيَّ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَةَ الْآخَرِ فَإِنِ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا قَالَ مَالِكٌ وَالْعَسِيفُ الْأَجِيرُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ عَلَى مَالِكٍ والاختلاف على بن شِهَابٍ فِي إِسْنَادِهِ حَدِيثَ هَذَا الْبَابِ وَذَكَرْنَا من جمع فِيهِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَمَنْ رَوَاهُ فَجَعَلَهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ خَاصَّةً وَمِنْ جَعَلَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ خَاصَّةً وَمَنِ اخْتَصَرَ وَجَعَلَهُ عَنْ زَيْدٍ وَأَمَّا مَنْ جَعَلَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَكُلُّهُمْ اتى به بكماله وذكرنا ان بن عُيَيْنَةَ ذَكَرَ فِيهِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ شِبْلًا فَأَخْطَأْ فِيهِ لِأَنَّ شِبْلًا انما ذكره بن شِهَابٍ فِي حَدِيثِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ عَنِ الرُّوَاةِ فِي (التَّمْهِيدِ) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِقْرَارُ الزاني بالزنى وَهُوَ قَوْلٌ عَقِلَهُ الرَّاوِي إِذْ عَوَّلَ فِي تَرْكِهِ عَلَى عِلْمِ الْعَامَّةِ فَضْلًا عَنِ الْخَاصَّةِ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ أَحَدٌ بِإِقْرَارِ أَبِيهِ عَلَيْهِ وَلَا إِقْرَارِ غَيْرِهِ وَالَّذِي تَشْهَدُ لَهُ الْأُصُولُ أَنَّ الِابْنَ كَانَ حَاضِرًا فَصَدَّقَ أَبَاهُ فِيمَا قَالَ عَلَيْهِ وَنَسَبَ إِلَيْهِ وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدًّا بِقَوْلِ أَبِيهِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا) الْأَنْعَامِ 164 وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي زَمْعَةَ فِي ابْنِهِ (إِنَّكَ لَا تَجْنِي عَلَيْهِ وَلَا يَجْنِي عَلَيْكَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 475 وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دُرُوبٌ مِنَ الْعِلْمِ مِنْهَا أَنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِالْقَضَاءِ بَيْنَهُمْ الْخَلِيفَةُ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِوُجُوهِ الْقَضَاءِ وَمِنْهَا أَنَّ الْمُدَّعِي أَوْلَى بِالْقَوْلِ وَأَحَقُّ أَنْ يَتَقَدَّمَ بِالْكَلَامِ وَمِنْهَا أَنَّ الْبَاطِلَ مِنَ الْقَضَاءِ مَرْدُودٌ أَبَدًا وَأَنَّ مَا خَالَفَ السُّنَّةَ بَاطِلٌ لَا يَنْفُذُ وَلَا يَمْضِي وَمِنْهَا أَنَّ مَا قَبَضَهُ الَّذِي يَقْضِي بِهِ وَكَانَ الْقَضَاءُ خَطَأً مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا لَا يُدْخِلُهُ قَبْضُهُ لَهُ (فِي مِلْكِهِ) وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ لَهُ وَفِيهِ أَنَّ الْعَالِمَ يُفْتِي فِي مِصْرٍ فِيهِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ منه أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُفْتُونَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وروي عن عكرمة بن خالد عن بن عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَنْ كَانَ يَفْتِي فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَلَا أَعْلَمُ غَيْرَهُمَا وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ يُفْتُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ مُوسَى بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ بن أَبِي حَثْمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ الَّذِينَ يُفْتُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَثَلَاثَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَرَوَى الْفُضَيْلُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ مِمَّنْ يُفْتِيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَيُّوبُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يُفْتِي فِي الْمَدِينَةِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ إِنْ خَرَجَ مُعَاذٌ إِلَى الشَّامِ لَقَدْ أَخَلَّ خُرُوجُهُ بِالْمَدِينَةِ وَأَهْلِهَا فِيمَا كَانَ يُفْتِيهِمْ وَلَقَدْ كُنْتُ كَلَّمْتُ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يَحْبِسَهُ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِ فَأَبَى عَلَيَّ وَقَالَ رَجُلٌ أَرَادَ وَجْهًا يَعْنِي الشَّهَادَةَ لَا أَحْبِسُهُ فَقُلْتُ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُرْزَقُ الشَّهَادَةَ وَهُوَ عَلَى فِرَاشِهِ فِي عَظِيمِ عَنَائِهِ عَنْ أَهْلِ مِصْرِهِ قَالَ الْوَاقِدِيُّ قَالَ وَحَدَّثَنِي مُوسَى بْنِ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَطَبَ عُمَرُ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ الْفِقْهِ فَلْيَأْتِ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ فَلِأَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 476 أَحَدُهُمَا أَنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَالَ إِنَّ مِنَ الْقُرْآنِ مَا نُسِخَ خَطُّهُ وَثَبَتَ حُكْمُهُ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ مِنَ الْقُرْآنِ مَا نُسِخَ حُكْمُهُ وَثَبَتَ خَطُّهُ وَهَذَا فِي الْقِيَاسِ مِثْلُهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى) الْبَقَرَةِ 238 وَصَلَاةِ الْعَصْرِ (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) الْبَقَرَةِ 238 وَمَنْ ذَهَبَ هَذَا المذهب احتج بقول عمر الرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا أَحْصَنَ وَقَوْلُهُ لَوْلَا أَنْ يُقَالَ إِنَّ عُمَرَ زَادَ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَكَتَبْتُهَا الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ فَإِنَّا قَدْ قَرَأْنَاهَا وَسَنَذْكُرُ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِ عُمَرَ هَذَا مِنَ التَّأْوِيلِ في موضعه مِنْ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْ حُجَّتِهِ أَيْضًا ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا قضين بِكِتَابِ اللَّهِ) ثُمَّ قَالَ لِأُنَيْسٍ (لَئِنِ اعْتَرَفَتِ امْرَأَةُ هَذَا فَارْجُمْهَا) فَرَجَمَهَا وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ (لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَلَأَحْكُمَنَّ بَيْنَكُمَا بِحُكْمِ اللَّهِ وَلَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِقَضَاءِ اللَّهِ) وَهَذَا جَائِزٌ فِي اللُّغَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ) النِّسَاءِ 24 أَيْ حُكْمُهُ فِيكُمْ وَقَضَاؤُهُ عَلَيْكُمْ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ حُكْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَدْ أَوْضَحْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي (التَّمْهِيدِ) وَمِنْهُ قَوْلُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي شُرَاحَةَ الْهَمَذَانِيَّةِ جَلَدْتُهَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَرَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تُطْلَقُ عَلَى السُّنَّةِ التِّلَاوَةُ بِظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ ءايات اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ) الْأَحْزَابِ 34 قَالُوا الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ وَفِيهِ أَنَّ الزَّانِيَ إِذَا لَمْ يُحْصَنْ حَدُّهُ الْجَلْدُ دُونَ الرَّجْمِ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) النُّورِ 2 وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْأَبْكَارَ دَاخِلُونَ فِي هَذَا الْخِطَابِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 477 وَأَجْمَعَ الْجُمْهُورُ مِنْ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ مِنْ لَدُنِ الصَّحَابَةِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا أَنَّ الْمُحْصَنَ مِنَ الزُّنَاةِ حَدُّهُ الرَّجْمُ وَاخْتَلَفُوا هَلْ عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ جَلْدٌ أَمْ لَا فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ لَا جَلْدَ عَلَى الْمُحْصَنِ إِنَّمَا عَلَيْهِ الرَّجْمُ فَقَطْ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا) وَلَمْ يَقُلْ اجْلِدْهَا ثُمَّ ارْجُمْهَا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سعد والحسن بن صالح وبن ابي ليلى وبن شُبْرُمَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالطَّبَرِيُّ كُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُ لَا يَجْتَمِعُ جَلْدٌ وَرَجْمٌ وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الزَّانِي الْمُحْصَنُ يُجْلَدُ ثُمَّ يُرْجَمُ وَحُجَّتُهُمْ عُمُومُ الْآيَةِ فِي الزُّنَاةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ) النُّورِ 2 فَعَمَّ الزُّنَاةَ وَلَمْ يَخُصَّ مُحْصَنًا مِنْ غَيْرِ مُحْصَنٍ وَحَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (خُذُوا عَنِّي لَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ عَامٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ بِالْحِجَارَةِ) وَحَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رَجْمِ شُرَاحَةَ الْهَمَذَانِيَّةِ بَعْدَ جَلْدِهِ لَهَا وَرَوَى أَبُو حَصِينٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ وَعَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ قَالَ أُتِيَ عَلِيٌّ بِزَانِيَةٍ فَجَلَدَهَا يَوْمَ الْخَمِيسَ وَرَجَمَهَا يَوْمَ الْجُمْعَةِ ثُمَّ قَالَ الرَّجْمُ رَجْمَانِ رَجْمُ سِرٍّ وَرَجْمُ عَلَانِيَةٍ فَأَمَّا رَجْمُ الْعَلَانِيَةِ فَالشُّهُودُ ثُمَّ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ وَأَمَّا رَجْمُ السِّرِّ فَالِاعْتِرَافُ فَالْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ مَاعِزًا الْأَسْلَمِيَّ وَرَجَمَ الْيَهُودِيَّيْنِ وَرَجَمَ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ وَامْرَأَةً مِنْ عَامِرٍ وَلَمْ يَجْلِدْ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ بِذَلِكَ فِي (التَّمْهِيدِ) فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ قُصِدَ بِهَا مَنْ لَمْ يُحْصَنْ مِنَ الزُّنَاةِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 478 وَرَجَمَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَلَمْ يَجْلِدَا وَمِنْ أَوْضَحِ شَيْءٍ فِي هَذَا المعنى واصحه حديث بن شِهَابٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِيهِ أَنَّهُ جَلَدَ الْبِكْرَ وَغَرَّبَهُ عَامًا وَرَجَمَ الْمَرْأَةَ وَلَوْ جَلَدَ لَنُقِلَ ذَلِكَ كَمَا نُقِلَ أَنَّهُ رَجَمَهَا وَكَانَتْ ثَيِّبًا وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ عُبَادَةَ مَنْسُوخٌ لِأَنَّهُ كَانَ فِي حِينِ نُزُولِ الْآيَةِ فِي الزُّنَاةِ وَذَلِكَ أَنَّ الزُّنَاةَ كَانَتْ عُقُوبَتُهُمْ إِذَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْعُدُولِ أَنْ يُمْسَكُوا فِي الْبُيُوتِ إِلَى الْمَوْتِ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا فَلَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ الْجَلْدِ الَّتِي فِي سُورَةِ النُّورِ قَامَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ (خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا) الْحَدِيثَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ فَكَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ ثُمَّ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةً وَلَمْ يَجْلِدْ مَعَ الرَّجْمِ فَعَلِمْنَا أَنَّ هَذَا حُكْمٌ أَحْدَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى نَسَخَ بِهِ مَا قَبْلَهُ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي أَحْكَامِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَحْكَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَبْتَلِيَ عِبَادَهُ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ مِنْ أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ الْجَلْدَ مَعَ الرَّجْمِ وَيَقُولُ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَجْلِدْ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ لَيْسَ عَلَى الْمَرْجُومِ جَلْدٌ بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ رَجَمَ وَلَمْ يَجْلِدْ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ رَجَمَ وَلَمْ يَجْلِدْ آثَارًا كَثِيرَةً فِي (التَّمْهِيدِ) وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ الثَّيِّبَ مِنَ الزُّنَاةِ إِنْ كَانَ شَابًّا رُجِمَ وَإِنْ كَانَ شَيْخًا جُلِدَ وَرُجِمَ وَقَالَهُ مَسْرُوقٌ وَقَالَتْ بِهِ فِرْقَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ بِذَلِكَ عَنْ مَسْرُوقٍ فِي (التَّمْهِيدِ) فَهَذَا مَا لِلْجَمَاعَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنَ الْأَقَاوِيلِ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا أَهْلُ الْبِدَعِ وَالْخَوَارِجُ مِنْهُمْ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ فَإِنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ الرَّجْمَ عَلَى زَانٍ مُحْصَنٍ وَلَا غَيْرِ مُحْصَنٍ وَلَا يَرَوْنَ عَلَى الزُّنَاةِ إِلَّا الْجَلْدَ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 479 وَلَيْسَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ يُعَرَّجُ عَلَى قَوْلِهِمْ وَلَا يُعَدُّونَ خِلَافًا وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَهُشَيْمٌ وَالْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ وَأَشْعَثُ كُلُّهُمْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ يُوسُفَ بن مهران عن بن عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ فَلَا تُخْدَعُنَّ عَنْهُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَجَمَ وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُمَا وَسَيَكُونُ قَوْمٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يُكَذِّبُونَ بِالرَّجْمِ وَبِالدَّجَّالِ وَبِطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَبِعَذَابِ الْقَبْرِ وَبِالشَّفَاعَةِ وَبِقَوْمٍ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ بَعْدَ مَا امْتُحِشُوا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْخَوَارِجُ وَالْمُعْتَزِلَةُ يُكَذِّبُونَ بِهَذَا كُلِّهِ عَصَمَنَا اللَّهُ مِنَ الضَّلَالِ بِرَحْمَتِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا فَلَا خِلَافَ بَيْنَ علماء المسلمين ان ابنه كان بكر وَأَنَّ الْجَلْدَ حَدُّ الْبِكْرِ مِائَةُ جَلْدَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِي التَّغْرِيبِ فَقَالَ مَالِكٌ يُنْفَى الرَّجُلُ وَلَا تُنْفَى الْمَرْأَةُ وَلَا الْعَبْدُ وَمِنْ نُفِيَ حُبِسَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي نُفِيَ إِلَيْهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا تُنْفَى الْمَرْأَةُ وَيُنْفَى الرَّجُلُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا نَفْيَ عَلَى زَانٍ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْحَدُّ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يُنْفَى الزَّانِي إِذَا جُلِدَ الحد رجلا كان أو امرأة حرا كان أَوْ عَبْدًا وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي نَفْيِ الْعَبِيدِ فَقَالَ مَرَّةً أَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِي نَفْيِ الْعَبِيدِ وَقَالَ مَرَّةً يُنْفَى الْعَبْدُ نِصْفَ سَنَةٍ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى سَنَةً إِلَى غَيْرِ بَلَدِهِ وَبِهِ قَالَ الطَّبَرِيُّ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ غَرَّبَ الزُّنَاةَ مَعَ حَدِيثِنَا هَذَا وَقَوْلِهِ فِيهِ وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال (الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ) لَمْ يَخُصَّ عَبْدًا مِنْ حُرٍّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 480 حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ وَبَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ أَحْمَدُ حَدَّثَنِي أَبِي وَقَالَ بَكْرٌ حَدَّثَنِي مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنِ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ حَطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الثَّيِّبُ جَلْدُ مِائَةٍ وَرَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ وَالْبِكْرُ جَلْدُ مِائَةٍ ثُمَّ نَفْيُ سنة وحديث بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ وَغَرَّبَ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ ضَرَبَ وَغَرَّبَ وَأَنَّ عُمَرَ ضَرَبَ وَغَرَّبَ وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَهُ فِي (التَّمْهِيدِ) وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يَرَ النَّفْيَ عَلَى الْعَبِيدِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْأَمَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ فِيهِ الْحَدَّ دُونَ النَّفْيِ وَمَنْ رَأَى نَفْيَ الْعَبِيدِ زَعَمَ أَنَّ حَدِيثَ الْأَمَةِ مَعْنَاهُ التَّأْدِيبُ لَا الْحَدُّ وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يَرَ نَفْيَ النِّسَاءِ مَا يُخْشَى عَلَيْهِنَّ مِنَ الْفِتْنَةِ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَرَ نَفْيَ النِّسَاءِ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ لَمْ يَرَ النَّفْيَ عَلَى الزَّانِي ذَكَرًا وَلَا أُنْثَى حُرًّا وَلَا عَبْدًا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ الْجَلْدَ وَلَمْ يَذْكُرْ نَفْيًا وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَغَيْرُهُ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عن بن الْمُسَيَّبِ قَالَ غَرَّبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَبِيعَةَ بْنَ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ فِي الْخَمْرِ إِلَى خَيْبَرَ فَلَحِقَ بِهِنَّ قَالَ وَقَالَ عُمَرُ لَا أُغَرِّبُ مُسْلِمًا بَعْدَهَا أَبَدًا قَالَ وَلَوْ كَانَ النَّفْيُ حَدًّا مَا تَرَكَهُ عُمَرُ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ قَالَ ذَلِكَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ اجْتِهَادًا وَقَدْ صح عنه انه نفى في الزنى مِنْ طُرُقٍ شَتَّى وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي الْبِكْرِ يَزْنِي بِالْبِكْرِ يُجْلَدَانِ مِائَةً وَيُنْفَيَانِ سَنَةً قَالَ فَقَالَ عَلِيٌّ حَسْبُهُمَا مِنَ الْفِتْنَةِ أَنْ يُنْفَيَا قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ثَبَتَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 481 غربوا ونفوا في الزنى بِأَسَانِيدَ أَحْسَنَ مِنَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْكُوفِيُّونَ مِنْهَا مَا رَوَاهُ عَبِيدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ وَغَرَّبَ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ ضَرَبَ وَغَرَّبَ وَأَنَّ عُمَرَ ضَرَبَ وَغَرَّبَ إِلَّا أَنَّهُ قَدِ اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فَاضْطُرِبَ فِي رَفْعِهِ وَاتِّصَالِهِ وَرَوَى أَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ عن نافع عن بن عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ نَفَى إِلَى فَدَكَ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ عَلِيًّا نَفَى من الكوفة إلى البصرة وقال معمر بن جريج سئل بن شِهَابٍ إِلَى كَمْ يُنْفَى الزَّانِي فَقَالَ عُمَرُ نَفَاهُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْبَصْرَةِ وَمِنَ الْمَدِينَةِ إلى خيبر وقال بن جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ نَفَى مِنْ مَكَّةَ إِلَى الطَّائِفِ قَالَ حَسْبُهُ ذَلِكَ وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا قَوْلُهُ إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ وَهَذَا قَذْفٌ مِنْهُ لِلْمَرْأَةِ إِلَّا انها لما اعترفت بالزنى سَقَطَ حُكْمُ قَذْفِهَا وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ في من أقر بالزنى بامرأة بعينها وجحدت قال مالك يقام عليه حد الزنى وَإِنْ طَلَبَتْ حَدَّ الْقَذْفِ أُقِيمَ عَلَيْهِ أَيْضًا قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ زَنَى بِي فُلَانٌ وَجَحَدَ حُدِّتْ لِلْقَذْفِ ثُمَّ لِلزِّنَى وَبِهَذَا قَالَ الطَّبَرِيُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ للزنى وَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ وَلَهَا مِثْلُ ذَلِكَ إِنْ قَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ عِنْدَهُ الْحَدَّانِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يحد من اقر منهما للزنى فَقَطْ لِأَنَّا قَدْ أَحَطْنَا عِلْمًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدَّانِ جَمِيعًا لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ زَانِيًا فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ فَإِذَا أُقِيمَ عليه حد الزنى لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يحد للقذف ولا يحد للزنى وقال بن ابي ليلى اذا اقر هو بالزنى وَجَحَدَتْ هِيَ جُلِدَ وَإِنْ كَانَ مُحْصَنًا لَمْ يُرْجَمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْأَلَ الْمَقْذُوفَ فَإِنِ اعْتَرَفَ أَقَامَ عَلَيْهِ الْوَاجِبَ وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ وَطَلَبَ الْقَاذِفَ أُخِذَ لَهُ بِحَدِّهِ وَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 482 فَقَالَ فِيهِ مَالِكٌ لَا يَحُدُّ الْإِمَامُ الْقَاذِفَ حَتَّى يُطَالِبَهُ الْمَقْذُوفُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ سَمِعَهُ فَيَحُدَّهُ إِنْ كَانَ مَعَهُ شُهُودٌ غَيْرُهُ عُدُولٌ قَالَ وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ شَهِدَ عِنْدَهُ شُهُودٌ عُدُولٌ عَلَى قَاذِفٍ لَمْ يُقِمِ الْحَدَّ حَتَّى يُرْسِلَ إِلَى الْمَقْذُوفِ وَيَنْظُرَ مَا يَقُولُ لَعَلَّهُ يُرِيدُ سَتْرًا عَلَى نَفْسِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ لَا يُحَدُّ الْقَاذِفُ إِلَّا بِمُطَالَبَةِ الْمَقْذُوفِ وَأَمَّا قَوْلُهُ (وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا) فَإِنَّهُ أَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِي ذَلِكَ وَسَبِيلُهُ في ما أَمَرَهُ بِهِ سَبِيلُ الْوَكِيلِ يُنَفِّذُ لِمَا أَمَرَهُ بِهِ مُوَكِّلُهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَانٍ قَدْ ذَكَرْتُهَا فِي (التَّمْهِيدِ) وَذَكَرْتُ وَجْهَ كُلِّ مَعْنًى مِنْهَا وَمَوْضِعَ اسْتِنْبَاطِهِ مِنَ الْحَدِيثِ لَمْ أَرَ لذكرها ها هنا وجها لان كتابي ها هنا لَمْ يَكُنِ الْغَرَضُ فِيهِ وَالْمَقْصِدُ إِلَّا إِيرَادَ مَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ مِنَ الْمَعَانِي الَّتِي رَسَمَهَا الْمُوَطَّأُ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ الْعَسِيفُ الْأَجِيرُ فَهُوَ كَمَا قَالَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِاللُّغَةِ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ يَكُونُ الْعَسِيفُ الْعَبْدَ وَيَكُونُ السَّائِلَ قَالَ الْمَرَّارُ الْجَلِّيُّ يَصِفُ كَلْبًا (أَلِفَ النَّاسَ فَمَا يَنْبَحُهُمْ ... مِنْ عَسِيفٍ يَبْتَغِي الْخَيْرَ وَحُرٍّ) يَعْنِي مِنْ عَبْدٍ وَحُرٍّ وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عن قَتْلِ الْعُسَفَاءِ وَالْوُصَفَاءِ فِي سَرِيَّةٍ بَعَثَهَا قَالَ الْعُسَفَاءُ الْأُجَرَاءُ هُوَ كَمَا قَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَقَدْ يَكُونُ الْعَسِيفُ الاسيف وهو الحزين الجزء: 7 ¦ الصفحة: 483 |