مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ الرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ
عَلَى مَنْ زَنَى مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا أحصن إذا قامت البينة أو كان الحبل أَوِ
الِاعْتِرَافُ
 
مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ الرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ
عَلَى مَنْ زَنَى مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا أحصن إذا قامت البينة أو كان الحبل أَوِ
الِاعْتِرَافُ
قَدْ مَضَى فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ إِثْبَاتِ الرَّجْمِ عَلَى مَنْ أُحْصِنَ مِنَ الزُّنَاةِ الْأَحْرَارِ مَا
أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هُنَا
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حَدِّ الْإِحْصَانِ الْمُوجِبِ لِلرَّجْمِ
فَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الزَّانِي حُرًّا مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا قد وطىء قَبْلَ
أَنْ يَزْنِيَ وَطْئًا مُبَاحًا فِي عَقْدِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ ثُمَّ زَنَى بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ هَذَا وَجَبَ
الرَّجْمُ
وَلَا يَثْبُتُ لِكَافِرٍ وَلَا لِعَبْدٍ عِنْدَهُ إِحْصَانٌ كَمَا لَا يَثْبُتُ عِنْدَ الْجَمِيعِ لِصَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ
إِحْصَانٌ
وَكَذَلِكَ الْوَطْءُ الْمَحْظُورُ كَالْوَطْءِ فِي الْحَجِّ وَفِي الصِّيَامِ وَفِي الِاعْتِكَافِ وَفِي الْحَيْضِ لَا
يَثْبُتُ بِهِ عِنْدَهُ إِحْصَانٌ
وَالْأَمَةُ وَالْكَافِرَةُ وَالصَّغِيرَةُ لَا تُحْصِنُ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ فِيهِنَّ
شُرُوطُ الْإِحْصَانِ
وَهَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَحَدُّ الْإِحْصَانِ عِنْدَهُمْ عَلَى ضَرْبَيْنِ
أَحَدُهُمَا إِحْصَانٌ يُوجِبُ الرَّجْمَ يَتَعَلَّقُ بِسِتِّ شُرُوطٍ الْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْإِسْلَامُ
وَالنِّكَاحُ الصَّحِيحُ وَالدُّخُولُ وَلَا يُرَاعُونَ وَطْئًا مَحْظُورًا مَعَ ذَلِكَ وَلَا مُبَاحًا
وَالْآخَرُ إِحْصَانٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَدُّ الْقَذْفِ لَهُ خَمْسُ خِصَالٍ عِنْدَهُمْ الْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ
وَالْإِسْلَامُ وَالْعِفَّةُ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 484
وروى ابو يوسف عن بن أَبِي لَيْلَى قَالَ إِذَا زَنَى الْيَهُودِيُّ أَوِ النَّصْرَانِيُّ بَعْدَ مَا
أُحْصِنَا فَعَلَيْهِمَا الرَّجْمُ
قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَبِهِ نَأْخُذُ
فَالْإِحْصَانُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ لَهُ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ الْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْوَطْءُ فِي النِّكَاحِ
الصَّحِيحِ
وَنَحْوُ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ
قَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ وَهُمَا حُرَّانِ وَوَطِئَهَا فَهَذَا إِحْصَانٌ مسلمين كانا
في حين الزنى بِالِغَيْنِ
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ
فَقَالَ بعضهم اذا تزوج العبد او الصبي ووطىء فَذَلِكَ إِحْصَانٌ إِذَا زَنَى بَعْدَ الْبُلُوغِ
وَالْحُرِّيَّةِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَكُونُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مُحْصَنًا كَمَا قَالَ مَالِكٌ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا تَزَوَّجَ الصَّبِيُّ الْحُرُّ أُحْصِنَ فَإِذَا بَلَغَ وَزَنَى رُجِمَ وَالْعَبْدُ لَا يُحْصَنُ
حَتَّى يُعْتَقَ بَالِغًا وَيَزْنِيَ بَعْدُ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا تَزَوَّجَ الصَّبِيُّ لَمْ يُحْصَنْ وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ أُحْصِنَ
وَقَالُوا جَمِيعًا الْوَطْءُ الْفَاسِدُ لَا يَقَعُ بِهِ إِحْصَانٌ
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ فِي الْإِحْصَانِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا وَتَقَصَّيْنَا ذَلِكَ
فِي (التَّمْهِيدِ)
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ
الْحَبَلُ أَوِ الِاعْتِرَافُ) فاجمع العلماء ان البينة في الزنى أَرْبَعَةُ شُهَدَاءَ رِجَالٌ عُدُولٌ
يَشْهَدُونَ بِالصَّرِيحِ مِنَ الزنى لَا بِالْكِنَايَةِ وَبِالرُّؤْيَةِ كَذَلِكَ وَالْمُعَايَنَةِ
وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْجَمِيعِ فِي ذَلِكَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فَإِذَا شَهِدَ بِذَلِكَ مَنْ وَصَفْنَا عَلَى مَنْ
أَحْصَنَ كَمَا ذَكَرْنَا وَجَبَ الرَّجْمُ عَلَى مَا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَأَمَّا الِاعْتِرَافُ فَهُوَ الاقرار من البالغ العاقل بالزنى صُرَاحًا لَا كِنَايَةً فَإِذَا ثَبَتَ عَلَى
إِقْرَارِهِ وَلَمْ يَنْزِعْ عَنْهُ وَكَانَ مُحْصَنًا وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّجْمُ وَإِنْ كَانَ بِكْرًا جُلِدَ مِائَةً وَهَذَا
كُلُّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ
وَأَمَّا الْحَمْلُ الظَّاهِرُ لِلْمَرْأَةِ وَلَا زَوْجَ لَهَا يُعْلَمُ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 485
فقالت طائفة الحبل والاعتراف والبينة سواء في ما يوجب الحد في الزنى عَلَى
حَدِيثِ عُمَرَ هَذَا فِي قَوْلِهِ إِذَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوِ الاعتراف فسواء
في ذلك في ما يُوجِبُ الرَّجْمَ عَلَى مَنْ أُحْصِنَ فَوَجَبَتِ التَّسْوِيَةُ بِذَلِكَ
وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ في ما ذكر عنه بن عَبْدِ الْحَكَمِ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَهُ فِي
(مُوَطَّئِهِ) قَالَ إِذَا وُجِدَتِ الْمَرْأَةُ حَامِلًا فَقَالَتْ تَزَوَّجْتُ أَوِ اسْتُكْرِهْتُ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهَا
إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَا ذَكَرْتُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَاءَتْ تَسْتَغِيثُ وَهِيَ تَدْمَى أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنْ
فَضِيحَةِ نَفْسِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ أُقِيمَ عليها الحد
وقال بن الْقَاسِمِ إِذَا كَانَتْ طَارِئَةً غَرِيبَةً فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا
وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا لَا حَدَّ عَلَيْهَا إِلَّا ان تقر بالزنى أَوْ يَقُومَ عَلَيْهَا
بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ
وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ طَارِئَةٍ وَغَيْرِ طَارِئَةٍ لِأَنَّ الْحَمْلَ دُونَ إِقْرَارٍ وَلَا بَيِّنَةٍ مُمْكِنٌ أَنْ تَكُونَ
الْمَرْأَةُ في ما ادَّعَتْهُ مِنَ النِّكَاحِ أَوِ الِاسْتِكْرَاهِ صَادِقَةً وَالْحُدُودُ لَا تُقَامُ إِلَّا بِالْيَقِينِ بَلْ
تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ
فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِحَدِيثِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ وَتَسْوِيَتِهِ فِيهِ بَيْنَ الْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ وَالْحَبَلِ قِيلَ
لَهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ خِلَافُ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ أَيْضًا
وَرَوَى شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ نَزَّالِ بْنِ صَبْرَةَ قَالَ إِنِّي
لَمَعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمِنًى إِذَا بِامْرَأَةٍ ضَخْمَةٍ حُبْلَى قَدْ كَادَ النَّاسُ أَنْ يَقْتُلُوهَا
مِنَ الزِّحَامِ وَهِيَ تَبْكِي فَقَالَ لَهَا عُمَرُ مَا يُبْكِيكِ إِنَّ الْمَرْأَةَ رُبَّمَا اسْتُكْرِهَتْ فَقَالَتْ إِنِّي
امْرَأَةٌ ثَقِيلَةُ الرَّأْسِ وَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَرْزُقُنِي مِنَ الليل ما شاء الله أَنْ يَرْزُقَنِي
فَصَلَّيْتُ وَنِمْتُ فَوَاللَّهِ مَا اسْتَيْقَظْتُ إِلَّا وَرَجُلٌ قَدْ رَكِبَنِي وَمَضَى وَلَا أَدْرِي أَيُّ خَلْقِ
اللَّهِ هُوَ
فَقَالَ عُمَرُ لَوْ قَتَلْتُ هَذِهِ خِفْتُ عَلَى مَنْ بَيْنَ الْأَخْشَبَيْنِ النَّارَ ثُمَّ كَتَبَ إِلَى الْأُمَرَاءِ
أَلَا لَا تُعَجِّلُوا أَحَدًا إِلَّا بِإِذْنِهِ