وَذَكَرَ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدًا كَانَ يَقُومُ عَلَى رَقِيقِ الْخُمُسِ
وَأَنَّهُ اسْتَكْرَهَ جَارِيَةً مِنْ ذَلِكَ الرَّقِيقِ فَوَقَعَ بِهَا فَجَلَدَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَنَفَاهُ وَلَمْ يَجْلِدِ
الْوَلِيدَةَ لِأَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَلْدُ الْعَبِيدِ إِذَا (...)
 
وَذَكَرَ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدًا كَانَ يَقُومُ عَلَى رَقِيقِ الْخُمُسِ
وَأَنَّهُ اسْتَكْرَهَ جَارِيَةً مِنْ ذَلِكَ الرَّقِيقِ فَوَقَعَ بِهَا فَجَلَدَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَنَفَاهُ وَلَمْ يَجْلِدِ
الْوَلِيدَةَ لِأَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَلْدُ الْعَبِيدِ إِذَا زَنَوْا وَنَفْيِهِمْ وَذَلِكَ كُلُّهُ عَنْ عُمَرِ خِلَافَ مَا رَوَى
عَنْهُ أَهْلُ الْعِرَاقِ فِي الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ أَلْقَتْ فَرَوَتْهَا وَرَاءَ الدَّارِ أَيْ لَا حَدَّ عَلَيْهَا
وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ يَجْلِدُ إِمَاءَهُ إِذَا زَنَيْنَ تَزَوَّجْنَ أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْنَ
وروي ذلك عن علي وبن مَسْعُودٍ
وَبِهِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ
وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ
وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ بن عُمَرَ فِي الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ قَالَ إِنْ كَانَتْ
لَيْسَتْ ذَاتَ زَوْجٍ جَلَدَهَا سَيِّدُهَا نِصْفَ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ
زَوْجٍ يَضَعُ أَمْرَهَا إِلَى السُّلْطَانِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 507
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا ظَاهِرُ الْقُرْآنِ فَهُوَ شَاهِدٌ بِأَنَّ الْأَمَةَ لَا حَدَّ عَلَيْهَا حَتَّى تُحْصَنَ بِزَوْجٍ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ المومنات فمن
ما ملكت ايمانكم من فتياتكم المومنات) النِّسَاءِ 25 فَوَصَفَهُنَّ عَزَّ وَجَلَّ بِالْإِيمَانِ ثُمَّ
قَالَ عَزَّ وَجَلَّ (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ
الْعَذَابِ) النساء 25 والاحصان التزويج ها هنا لِأَنَّ ذِكْرَ الْإِيمَانِ قَدْ تَقَدَّمَ
ثُمَّ جَاءَتِ السُّنَّةُ فِي الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ جُلِدَتْ دُونَ الْحَدِّ وَقِيلَ بَلْ بِالْحَدِّ
وَتَكُونُ زِيَادَةَ بَيَانٍ كَنِكَاحِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا وَعَلَى خَالَتِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ أَوْضَحْنَاهُ
فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إِقَامَةِ السَّادَةِ الْحُدُودَ عَلَى عَبِيدِهِمْ
فَقَالَ مَالِكٌ يَحُدُّ الْمَوْلَى عبده وامته في الزنى وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْقَذْفِ إِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ
الشُّهُودُ وَلَا يَحُدُّهُ إِلَّا بِالشُّهُودِ وَلَا يَقْطَعُهُ فِي السَّرِقَةِ وَإِنَّمَا يَقْطَعُهُ الْإِمَامُ
وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا عَنْهُمْ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِهِمْ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُقِيمُ الْحُدُودَ عَلَى الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ السُّلْطَانُ دون المولى في الزنى وَفِي
سَائِرِ الْحُدُودِ
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِي رِوَايَةِ الْأَشْجَعِيِّ عَنْهُ يحده المولى في الزنى وَفِي سَائِرِ الْحُدُودِ
وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَحُدُّهُ الْمَوْلَى فِي كُلِّ حَدٍّ
وَهُوَ قَوْلُ أَحَمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ
فَلْيَجْلِدْهَا) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)
وَرُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ أَقَامُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ منهم بن
عمر وبن مَسْعُودٍ وَأَنَسٌ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 508
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي لَيْلَى أَنَّهُ قَالَ أَدْرَكْتُ بَقَايَا الْأَنْصَارِ يَضْرِبُونَ الْوَلِيدَةَ مِنْ وَلَائِدِهِمْ إِذَا
زَنَتْ فِي مَجَالِسِهِمْ
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ (أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ)
وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ مَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ وَمُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ وَعُمَرَ
بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا الْجُمُعَةُ وَالزَّكَاةُ وَالْحُدُودُ وَالْفَيْءُ وَالْحُكْمُ إِلَى
السُّلْطَانِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ
هَذَا الْبَابِ (ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ) فَهَذَا عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ وَالْحَضِّ عَلَى مُسَاعَدَةِ
الزَّانِيَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الِاطِّلَاعِ وَبِمَا عَلَى الْمُنْكَرِ وَأَنَّهُ كَالرِّضَا بِهِ
وَقَدْ قَالَتْ أَمُّ سَلَمَةَ فِي حَدِيثِهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنُهْلَكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ! قَالَ (نَعَمْ إِذَا
كَثُرَ الْخَبَثُ)
وَالْخَبَثُ في هذا الحديث عند اهل العلم اولاد الزنى وَإِنْ كَانَتِ اللَّفْظَةُ مُحْتَمِلَةً لِذَلِكَ
وَلِغَيْرِهِ
وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ لَمْ يَرَ نَفْيَ الْعَبِيدِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ الْجَلْدَ وَلَمْ يَذْكُرْ نَفْيًا
وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ بِوُجُوبِ بَيْعِهَا إِذَا زَنَتْ بَعْدَ جَلْدِهَا الرَّابِعَةِ مِنْهُمْ دَاوُدُ وَغَيْرُهُ وَاللَّهُ
أَعْلَمُ