قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْمَرْأَةِ تُوجَدُ حَامِلًا وَلَا زَوْجَ لَهَا فَتَقُولُ قَدِ
اسْتُكْرِهْتُ أَوْ تَقُولُ تَزَوَّجْتُ إِنَّ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهَا وَإِنَّهَا يُقَامُ عَلَيْهَا الْحَدُّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ
لَهَا عَلَى مَا ادَّعَتْ مِنَ النِّكَاحِ بَيِّنَةٌ أَوْ عَلَى أَنَّهَا اسْتُكْرِهَتْ أَوْ (...)
 
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْمَرْأَةِ تُوجَدُ حَامِلًا وَلَا زَوْجَ لَهَا فَتَقُولُ قَدِ
اسْتُكْرِهْتُ أَوْ تَقُولُ تَزَوَّجْتُ إِنَّ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهَا وَإِنَّهَا يُقَامُ عَلَيْهَا الْحَدُّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ
لَهَا عَلَى مَا ادَّعَتْ مِنَ النِّكَاحِ بَيِّنَةٌ أَوْ عَلَى أَنَّهَا اسْتُكْرِهَتْ أَوْ جَاءَتْ تَدْمَى إِنْ كَانَتْ
بِكْرًا أَوِ اسْتَغَاثَتْ حَتَّى أُتِيَتْ وَهِيَ عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ أَوْ مَا
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 509
أَشْبَهَ هَذَا مِنَ الْأَمْرِ الَّذِي تَبْلُغُ فِيهِ فَضِيحَةَ نَفْسِهَا قَالَ فَإِنْ لَمْ تَأْتِ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا
أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدُّ وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهَا مَا ادَّعَتْ مِنْ ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي بَابِ الرَّجْمِ عِنْدَ قَوْلِ عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ الرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى من زنت مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا أَحْصَنَ إِذَا
قَامَتِ البينة او كان الحبل والاعتراف فَجَعَلَ وُجُودَ الْحَبَلِ كَالْبَيِّنَةِ أَوِ الِاعْتِرَافِ فَلَا
وَجْهَ لِإِعَادَةِ مَا قَدْ مَضَى إِلَّا أَنْ نَذْكُرَ طَرَفًا هُنَا وَنَقُولَ إِنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ
خِلَافُ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ إِسْنَادُ حَدِيثِ مَالِكٍ أَعْلَى وَلَكِنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ قَدْ
بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ امْرَأَةً مُتَعَبِّدَةً حَمَلَتْ فَقَالَ عُمَرُ أَتُرَاهَا قَامَتْ مِنَ الليل تصلي فخشعت
فسجدت فاتاه غَاوٍ مِنَ الْغُوَاةِ فَتَجَشَّمَهَا فَحَدَّثَتْهُ بِذَلِكَ سَوَاءً فخلى سبيلها
وعن بن عُيَيْنَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ الْجَرْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا مُوسَى كَتَبَ إِلَى عُمَرَ
فِي امْرَأَةٍ أَتَاهَا رَجُلٌ وَهِيَ نَائِمَةٌ فَقَالَتْ إِنَّ رَجُلًا أَتَانِي وَأَنَا نَائِمَةٌ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ
حَتَّى قَذَفَ فِيَّ مِثْلَ شِهَابِ النَّارِ
فَكَتَبَ عُمَرُ تُهَامِيَّةٌ تَنَوَّمَتْ قَدْ كَانَ يَكُونُ مِثْلَ هَذَا وَأَمَرَ أَنْ يُدْرَأَ عَنْهَا الْحَدُّ
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَيْضًا أَنَّهُ أُتِيَ بِامْرَأَةٍ حبلى بالموسم وهي تبكي فقالوا زَنَتْ فَقَالَ
عُمَرُ مَا يُبْكِيكِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ رُبَّمَا اسْتُكْرِهَتْ عَلَى نَفْسِهَا يُلَقِّنُهَا ذَلِكَ فَأَخْبَرَتْ أَنَّ رَجُلَا
رَكِبَهَا نَائِمَةً فَقَالَ لَوْ قُتِلَتْ هَذِهِ لَخَشِيتُ أَنْ يَدْخُلَ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَخْشَبَيْنِ النَّارَ وَخَلَّى
سَبِيلَهَا
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِشُرَاحَةَ حِينَ اقرت بالزنى لَعَلَّكِ غُصِبْتِ
عَلَى نَفْسِكِ فَقَالَتْ بَلْ أَتَيْتُ طَائِعَةً غَيْرَ مُكْرَهَةٍ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ يُوجَدَانِ فِي بَيْتٍ فَيُقِرَّانِ بِالْوَطْءِ وَيَدَّعِيَانِ الزَّوْجِيَّةَ
فَقَالَ مَالِكٌ إِنْ لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ بِمَا ادَّعَيَا مِنَ الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ إِقْرَارِهِمَا بِالْوَطْءِ او بعد ان
شهدا عليهما به اقيم عليهما الحد
قال بن الْقَاسِمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَا طَارِئَيْنِ
وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ إِنْ كَانَ يُرَى قَبْلَ ذَلِكَ يَدْخُلُ إِلَيْهَا وَيَذْكُرُهَا أَوْ كَانَا
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 510
طَارِئَيْنِ لَا يُعْرَفَانِ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا وَإِنْ كَانَ لَمْ يَأْتِيَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَهُمَا
زَانِيَانِ مَا اجْتَمَعَا وَعَلَيْهِمَا الْحَدُّ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا وُجِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ وَأَقَرَّا بِالْوَطْءِ وَادَّعَيَا أَنَّهُمَا زَوْجَانِ
لَمْ يُحَدَّا وَيُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ عَلَيْهِ عَلِمْتُهُ بَيْنَ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّ الْمُكْرَهَةَ عَلَى
الزنى لَا حَدَّ عَلَيْهَا إِذَا صَحَّ إِكْرَاهُهَا وَاغْتِصَابُهَا نَفْسَهَا
وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ
وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ)
وَالْأَصْلُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ أَنَّ الدِّمَاءَ الْمَمْنُوعَ مِنْهَا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لَا ينبغي ان يراق
شيئا مِنْهَا وَلَا يُسْتَبَاحَ إِلَّا بِيَقِينٍ
وَالْيَقِينُ الشَّهَادَةُ الْقَاطِعَةُ أَوِ الْإِقْرَارُ الَّذِي يُقِيمُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَلَأَنْ
يُخْطِئَ الْإِمَامُ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ فَإِذَا صَحَّتِ التُّهْمَةُ فَلَا
حَرَجَ عليه في تعزيز الْمُتَّهَمِ وَتَأْدِيبِهِ بِالسِّجْنِ وَغَيْرِهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَقَدْ مضى القول في صداق المغتصبة ولا تُنْكَحُ حَتَّى تَسْتَبْرِئَ نَفْسَهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ
فَإِنِ ارْتَابَتْ مِنْ حَيْضَتِهَا فَلَا تُنْكَحُ حَتَّى تَسْتَبْرِئَ نَفْسَهَا مِنْ تِلْكَ الرِّيبَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ هَذَا الْمَعْنَى وَمَا فِيهِ لِلْعُلَمَاءِ وَنُعِيدُهُ مُخْتَصَرًا
هُنَا لِإِعَادَةِ مالك له في هذا الباب
وقال مَالِكٌ إِذَا زَنَى الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ ثُمَّ أَرَادَ نِكَاحَهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ بَعْدَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا
عَنْ مَائِهِ الْفَاسِدِ
قَالَ وَإِنْ عَقَدَ النِّكَاحَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا فَهُوَ كَالنَّاكِحِ فِي الْعِدَّةِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَبَدًا إِنْ
كَانَ وَطْؤُهُ فِي ذَلِكَ
قَالَ مَالِكٌ وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً حُرَّةً فَدَخَلَ بِهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ شَهْرٍ أَنَّهُ لَا يَنْكِحُهَا أَبَدًا
لِأَنَّهُ وَطَأَهَا فِي عِدَّةٍ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ نِكَاحُ الزَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ حُبْلَى مِنْ زِنًى وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى
يَسْتَبْرِئَهَا وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا يَعْقِدَ عَلَيْهَا حتى تضع
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 511
وقال زفر اذا زنت المرأة فعليه الْعِدَّةُ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَمْ يَجُزِ النِّكَاحُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ رَأَى امْرَأَةً تَزْنِي ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَنْ يَطَأَهَا قَبْلَ أَنْ
يَسْتَبْرِئَهَا كَمَا لَوْ رَأَى امْرَأَتَهُ تَزْنِي لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا عِنْدَهُ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا وَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وبها
حمل من زنى جَازَ النِّكَاحُ وَلَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَضَعَ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الزَّانِي وَغَيْرِهِ
وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ لَا بَأْسَ بِتَزْوِيجِ الزَّانِيَةِ الزَّانِي وَغَيْرِهِ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا
وَفِيهَا مَاءٌ خَبِيثٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ النِّكَاحُ فَاسِدٌ إِذَا كَانَ الحمل من زنى
وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَزَادَ الثَّوْرِيُّ وَكَانَ الْحَمْلُ مِنْهُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا يَتَزَوَّجُ الزَّانِي الزَّانِيَةَ إِلَّا بَعْدَ حَيْضَةٍ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ تَحِيضَ ثَلَاثًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حُجَّةُ مالك فانه قاس استبراء الرحم من الزنى بِثَلَاثِ حِيَضٍ فِي
الْحُرَّةِ عَلَى حُكْمِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الْمَفْسُوخِ لِأَنَّ حُكْمَ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ عِنْدَ الجميع كالنكاح
الصحيح في العدة فكذلك الزنى لِأَنَّهُ لَا يَسْتَبْرِئُ رَحِمَ غَيْرِهِ فِي حُرَّةٍ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ
حِيَضٍ قِيَاسًا عَلَى الْعِدَّةِ
وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْعِدَّةَ فِي الْأُصُولِ لَا تُجِبْ إِلَّا بِأَسْبَابٍ تَقَدَّمَتْهَا بِنِكَاحٍ
ثُمَّ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ فَلَمْ يَكُنْ قَبْلَ الزنى بِسَبَبٍ تَجِبُ الْعِدَّةُ بِزَوَالِهِ وَكَذَلِكَ لَمْ يَجِبْ
عِنْدَهُمْ فِيهِ عِدَّةٌ وَالْقِيَاسُ عِنْدَهُمْ فِي الْحَمْلِ مِثْلُهُ فِي اسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ
وَقَدِ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِالْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ حَدَّ (غُلَامًا) وَجَارِيَةً فجرا ثم حرج عَلَى
أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فَأَبَى الْغُلَامُ قَالَ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَنَّ عَلَيْهَا عِدَّةً مِنْ زِنًى وَلَا مُخَالِفَ
لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ
قَالَ وَلَا وَجْهَ لِمَنْ جَعَلَ مَاءَ الزَّانِي كَمَاءِ الْمُطَلِّقِ فَقَاسَهُ عَلَيْهِ وَأَبَاحَ لِلزَّانِي نِكَاحًا
دُونَ عِدَّةٍ لِأَنَّ الْعِدَّةَ فِيهَا حَقٌّ لِلزَّوْجِ وَعِبَادَةٌ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ)
الطَّلَاقِ 1 وَلِقَوْلِهِ (فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ) الْأَحْزَابِ 49
والعدة من الزنى لَوْ وَجَبَتْ لَمْ يَكُنْ لِلزَّانِي فِيهَا حَقٌّ وَهُوَ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 512
لِأَنَّهُ لَا فِرَاشَ لَهُ وَلَا وَلَدَ يَلْحَقُ بِهِ فَلَمَّا لَمْ يُمْنَعِ الزَّانِي مِنْ نِكَاحِهَا لَمْ يُمْنَعْ غَيْرُهُ