مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ أَقْطَعَ
الْيَدِ وَالرِّجْلِ قَدِمَ فَنَزَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَشَكَا إِلَيْهِ أَنَّ عَامِلَ الْيَمَنِ قَدْ ظَلَمَهُ
فَكَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَيَقُولُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبِيكَ مَا لَيْلُكَ بِلَيْلِ سَارِقٍ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ أَقْطَعَ
الْيَدِ وَالرِّجْلِ قَدِمَ فَنَزَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَشَكَا إِلَيْهِ أَنَّ عَامِلَ الْيَمَنِ قَدْ ظَلَمَهُ
فَكَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَيَقُولُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبِيكَ مَا لَيْلُكَ بِلَيْلِ سَارِقٍ ثُمَّ إِنَّهُمْ فَقَدُوا عِقْدًا
لِأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ امْرَأَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَطُوفُ مَعَهُمْ وَيَقُولُ اللَّهُمَّ
عَلَيْكَ بِمَنْ بَيَّتَ أَهْلَ هَذَا الْبَيْتِ الصَّالِحِ فَوَجَدُوا الْحُلِيَّ عِنْدَ صَائِغٍ زَعَمَ أَنَّ الْأَقْطَعَ
جَاءَهُ بِهِ فَاعْتَرَفَ بِهِ الْأَقْطَعُ أَوْ شُهِدَ عَلَيْهِ بِهِ فَأَمَرَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فَقُطِعَتْ يَدُهُ
الْيُسْرَى وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ لَدُعَاؤُهُ عَلَى نَفْسِهِ أَشَدُّ عِنْدِي عَلَيْهِ مِنْ سَرِقَتِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرُوِيَ أَنَّ هَذَا الْأَقْطَعَ لَمْ يَكُنْ مَقْطُوعَ الْيَدِ
وَالرِّجْلِ وَإِنَّمَا كَانَ مَقْطُوعَ الْيَدِ الْيُمْنَى فَقَطْ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ وَغَيْرِهِ قَالَ إِنَّمَا قَطَعَ أَبُو بَكْرٍ
رِجْلَ الْأَقْطَعِ وَكَانَ مَقْطُوعَ الْيَدِ الْيُمْنَى فَقَطْ
قَالَ الزُّهْرِيَّ وَلَمْ يَبْلُغْنَا فِي السنة الا قطع اليد والرجل لا يزاد عَلَى ذَلِكَ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نافع عن بن عُمَرَ قَالَ إِنَّمَا قَطَعَ أَبُو بَكْرٍ رِجْلَ
الَّذِي قَطَعَهُ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ كَانَ مَقْطُوعَ الْيَدِ قَبْلَ ذَلِكَ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 544
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَؤُلَاءِ نَفَوْا وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ زَادَ وَأَثْبَتَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَدْ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ
مُحَمَّدٍ أَنَّ سَارِقًا مَقْطُوعَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ سَرَقَ حُلِيًّا لِأَسْمَاءَ فَقَطَعَهُ أَبُو بَكْرٍ الثَّالِثَةَ
قَالَ حَسِبْتُهُ قَالَ يَدَهُ
وَرَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ فَخَالَفَ عَبْدَ الرَّزَّاقِ فِي لَفْظِهِ
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ
أَبَا بَكْرٍ أَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ الرِّجْلَ بَعْدَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ السُّنَّةُ الْيَدُ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ
رَجُلٌ أَسْوَدُ يَأْتِي أَبَا بَكْرٍ فَيُدْنِيهِ وَيُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ حَتَّى بَعَثَ سَاعِيًا أَوْ قَالَ سِرِّيَّةً فَقَالَ
أَرْسِلْنِي مَعَهُ فَقَالَ بَلْ تَمْكُثُ عِنْدَنَا فَأَبَى فَأَرْسَلَهُ مَعَهُ وَاسْتَوْصَى بِهِ خَيْرًا فَلَمْ يَغِبْ
مَعَهُ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى جَاءَ قَدْ قُطِعَتْ يَدُهُ فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ فَاضَتْ عَيْنَاهُ فَقَالَ مَا شَأْنُكَ
قَالَ مَا زِدْتُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُوَلِّينِي شَيْئًا مِنْ عَمَلِهِ فَخُنْتُهُ فَرِيضَةً وَاحِدَةً فَقَطَعَ يَدِي
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ تَجِدُونَ الَّذِي قَطَعَ يَدَ هَذَا يَخُونُ عِشْرِينَ فَرِيضَةً وَاللَّهِ لَئِنْ كُنْتَ صَادِقًا
لَأُقِيدَنَّكَ مِنْهُ قَالَ ثُمَّ أَدْنَاهُ وَلَمْ يُحَوِّلْ مُنْزِلَتَهُ الَّتِي كَانَتْ لَهُ مِنْهُ قَالَ فَكَانَ الرَّجُلُ يَقُومُ
اللَّيْلَ فَيَقْرَأُ فَإِذَا سَمِعَ أَبُو بَكْرٍ صَوْتَهُ قَالَ تَاللَّهِ لَرَجُلٌ قَطَعَ هَذَا لَقَدِ اجْتَرَأَ عَلَى اللَّهِ
عَزَّ وَجَلَّ
قَالَ فَلَمْ يَغِبْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى فَقَدَ آلُ أَبِي بَكْرٍ حُلِيًّا لَهُمْ وَمَتَاعًا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ طُرِقَ
الْحَيُّ الليلة فَقَامَ الْأَقْطَعُ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَرَفَعَ يَدَهُ الصَّحِيحَةَ وَالْأُخْرَى الَّتِي قُطِعَتْ
فَقَالَ اللَّهُمَّ أَظْهِرْ عَلَى مَنْ سَرَقَهُمْ أَوْ نَحْوَ هَذَا
وَكَانَ مَعْمَرٌ رُبَّمَا قَالَ اللَّهُمَّ أَظْهِرْ عَلَى مَنْ سَرَقَ أَهْلَ هَذَا الْبَيْتِ الصَّالِحِ قَالَ فَمَا
انْتَصَفَ النَّهَارُ حَتَّى عَثَرُوا عَلَى الْمَتَاعِ عِنْدَهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَيْلَكَ إِنَّكَ لَقَلِيلُ الْعِلْمِ
بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَتْ رِجْلُهُ
وَفِي هَذَا الْخَبَرِ وَخَبَرِ الزُّهْرِيِّ أَيْضًا عَنْ سَالِمٍ وخبر ايوب عن نافع عن بن عُمَرَ
أَنَّ ذَلِكَ الْأَقْطَعَ لَمْ تَكُنْ رِجْلُهُ مَقْطُوعَةً وَإِنَّمَا كَانَ مَقْطُوعَ الْيَدِ الْيُمْنَى فَقَطَعَ أَبُو بَكْرٍ
رِجْلَهُ - يَعْنِي - الْيُسْرَى
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 545
وَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ فِي هَذَا الْخَبَرِ وَقَدْ رَوَى فِيهِ
مَا يُوَافِقُهُ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قال اخبرني بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ
مِنْهُمْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَاصٍّ أَنَّ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ قَطَعَ يَدَ سَارِقٍ
وَرِجْلَهُ لِأَنَّهُ سَرَقَ فِي الثَّانِيَةِ فَقَطَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ لِلثَّالِثَةِ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ
قَالَ فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ لَجُرْأَتُهُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ اغيظ عندي من سرقته
قال بن جُرَيْجٍ وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ اسْمَهُ جَبْرٌ أَوْ جُبَيْرٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فِيمَا يُقْطَعُ مِنَ السَّارِقِ إِذَا قُطِعَتْ
يَدُهُ الْيُمْنَى بِسَرِقَةٍ يَسْرِقُهَا ثُمَّ عَادَ فَسَرَقَ أُخْرَى بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ أَنَّ الْيَدَ الْيُمْنَى هِيَ
الَّتِي تُقْطَعُ مِنْهُ أَوَّلًا
فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا إِذَا قُطِعَ فِي السَّرِقَةِ ثُمَّ سَرَقَ ثَانِيَةً قُطِعَتْ رِجْلُهُ
الْيُسْرَى ثُمَّ إِنْ سَرَقَ ثَالِثَةً قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ إِنْ سَرَقَ رَابِعَةً قُطِعَتْ رِجْلُهُ
الْيُمْنَى وَتُحْسَمُ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِالنَّارِ سَاعَةَ الْقَطْعِ خَوْفَ التَّلَفِ وَالْقَطْعُ عِنْدَهُمْ مِنَ الْمَفْصِلِ
وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو ثَوْرٍ
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ فِيهِ مَا قَدْ ذَكَرْنَا
وَقَالَ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَالتَّابِعِينَ
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حدثني بن عُلَيَّةَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ
بن عَبَّاسٍ قَالَ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ بَعْدَ يَدِهِ وَرِجْلِهِ
وَالْحُجَّةُ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمَا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَرَاسِيلِ الثِّقَاتِ
مِنْهَا ما رواه بن جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ أُمِّيَّةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ أُخْبِرَهُ عَنِ الْحَارِثَ
بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَابِطٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى بِعَبْدٍ قَدْ سَرَقَ فَقَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ الثَّانِيَةَ فَقَطَعَ رِجْلَهُ ثُمَّ أُتِيَ به في الثالثة
قطع يَدَهُ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ فَقَطَعَ رِجْلَهُ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 546
قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا وَجَبَ عَلَى السَّارِقِ الْقَطْعُ
قَطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى مِنَ الْمَفْصِلِ ثُمَّ إِنْ سَرَقَ ثَانِيَةً قَطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى وَلَا يُقْطَعُ مِنْهُ
شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْغُرْمُ
وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَحَمَّادٍ وَالشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بعده مِنَ
الْعُلَمَاءِ الْخَالِفِينَ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن
عائد الاودي عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ سَرَقَ يُقَالُ لَهُ سَدُومٌ فَقَطَعَهُ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ
الثَّانِيَةَ فَقَطَعَهُ ثُمَّ أُتِيَ الثَّالِثَةَ فَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَهُ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا تَفْعَلْ
فَإِنَّمَا عَلَيْهِ يَدٌ وَرِجْلٌ وَلَكِنِ احْبِسْهُ
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى وَعَنْ مُغِيرَةَ عَنِ
الشَّعْبِيِّ قَالَا كَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ إِذَا سَرَقَ السَّارِقُ مِرَارًا قُطِعَتْ يَدُهُ
وَرِجْلُهُ ثُمَّ إِنْ عَادَ اسْتَوْدَعْتُهُ السِّجْنَ
قَالَ وَحَدَّثَنِي حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ جَعْفَرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ عَلِيٌّ لَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ
يَقْطَعَ لِلسَّارِقِ يَدًا وَرِجْلًا فَإِذَا اوتي بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ إِنِّي لَأَسْتَحِي أَنْ لَا يَتَطَهَّرَ
لِصَلَاتِهِ وَلَكِنِ امْسِكُوا كَلْبَهُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْفِقُوا عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
قَالَ وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ انْتَهَى أَبُو بَكْرٍ فِي
قَطْعِ السَّارِقِ إِلَى الْيَدِ وَالرِّجْلِ
قَالَ وَحَدَّثَنِي أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ عُمَرَ
قَالَ إِذَا سَرَقَ فَاقْطَعُوا يَدَهُ ثُمَّ إِنْ عَادَ فَاقْطَعُوا رِجْلَهُ وَلَا تَقْطَعُوا يَدَهُ الْأُخْرَى وَذَرُوهُ
يَأْكُلُ بِهَا الطَّعَامَ وَيَسْتَنْجِي بِهَا مِنَ الْغَائِطِ وَلَكِنِ احْبِسُوهُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ
قَالَ وَحَدَّثَنِي أَبُو خَالِدٍ عن الحجاج عن عمرو عن مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ
كَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ فِي السَّارِقِ إِذَا سَرَقَ قُطِعَتْ يَدُهُ فَإِنْ عَادَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ فَإِنْ عَادَ
اسْتَوْدَعْتُهُ السِّجْنَ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّ نجدة الخارجي كتب إلى
بن عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنِ السَّارِقِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِمِثْلِ قَوْلِ عَلِيٍّ
قَالَ وَحَدَّثَنِي أَبُو خَالِدٍ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ أَنَّ عمر
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 547
اسْتَشَارَهُمْ فِي سَارِقٍ فَأَجْمَعُوا عَلَى مِثْلِ قَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ حَصَلَ اتِّفَاقُ جُمْهُورِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى جَوَازِ قَطْعِ الرِّجْلِ بَعْدَ الْيَدِ
مَنْ قَالَ بِقَوْلِ الْحِجَازِيِّينَ وَمَنْ قَالَ بُقُولِ الْعِرَاقِيِّينَ وَهُمْ عَامَّةُ العلماء قالوا بذلك وهم
يقرؤون (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) الْمَائِدَةِ 38
وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ تُشْبِهُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَهُمْ يُقِرُّونَ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ أَوْ مَسْحَهُمَا وَيُشْبِهُ
الْجَزَاءَ فِي الصَّيْدِ في الخطا وهم يقرؤون (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ
مِنَ النَّعَمِ) الْمَائِدَةِ 95
وَالْجُمْهُورُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ تَحْرِيفُ الْكِتَابِ وَلَا الْخَطَأُ فِي تَأْوِيلِهِ وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ
الْمَسْنُونَةِ لَهُمْ وَالْأَمْرِ الْمُتَّبَعِ
ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنِ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى
بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ كَتَبَ نَجْدَةُ إِلَى عُمَرَ يَسْأَلُهُ عَنْ قَطْعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الرِّجْلَ بَعْدَ الْيَدِ فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَطَعَ الرِّجْلَ بَعْدَ الْيَدِ
وَقَالَ بَعْضُ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ عَطَاءٌ وَغَيْرُهُ وَالْخَوَارِجُ وَطَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَبَعْضُ
أَصْحَابِ دَاوُدَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْطَعَ مِنَ السَّارِقِ إِلَّا الْأَيْدِيَ دُونَ الْأَرْجُلِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ
وَجَلَّ يَقُولُ (والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما) المائدة 38
وذكر بن جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِعَطَاءٍ إِذَا سَرَقَ الثَّانِيَةَ قَالَ مَا أَرَى أَنْ يُقْطَعَ فِي السَّرِقَةِ
إِلَّا الْأَيْدِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) الْمَائِدَةِ 38 وَلَوْ شَاءَ أَمَرَ بِالرِّجْلَيْنِ
وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَطْعُ الْأَيْدِي وَالْأَيْدِي مِنَ
السُّرَّاقِ كَالْمُحَارِبِينَ - مِنْ خِلَافٍ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي
حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ يَعْلَى
قَالَ وَحَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أُتِيَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَارِقٍ فَقَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ بَعْدُ قَدْ سَرَقَ فَقَطَعَ رِجْلَهُ
ثُمَّ أُتِيَ بِهِ بَعْدُ قَدْ سَرَقَ فَقَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ بَعْدُ قَدْ سَرَقَ فَقَطَعَ رِجْلَهُ ثُمَّ أُتِيَ بِهِ
بَعْدُ قَدْ سرق فقتله
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 548
وَقَدْ رَوَاهُ مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ مِثْلَهُ بِمَعْنَاهُ
وَذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ كِلَاهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَدِّهِ
عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ
قَالَ النَّسَائِيُّ مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَإِنْ كَانَ يَحْيَى الْقَطَّانُ قَدْ رَوَى عَنْهُ قَالَ
وَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ قَالَ وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا صَحِيحًا عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَفِي حَدِيثِ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ قَتْلُ السَّارِقِ بِالْحِجَارَةِ فِي الْخَامِسَةِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ
أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ بِهِ إِلَّا مَا ذَكَرَهُ أَبُو مُصْعَبٍ صَاحِبُ مَالِكٍ فِي مُخْتَصَرِهِ عَنْ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ
مَالِكٌ وَغَيْرُهُ قَالَ مَنْ سَرَقَ مِمَّنْ بَلَغَ الْحُلُمَ مِنَ الرِّجَالِ وَالْمَحِيضَ مِنَ النِّسَاءِ سَرِقَةً
فَخَرَجَ بِهَا مِنْ حِرْزَهَا وَبَلَغَتْ رُبُعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى ثُمَّ حُسِمَتْ
بِالنَّارِ ثُمَّ خُلِّيَ سَبِيلُهُ فَإِنْ سَرَقَ ثَانِيَةً قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ إِنْ سَرَقَ الثَّالِثَةَ قُطِعَتْ
يَدُهُ الْيُسْرَى فَإِنْ سَرَقَ الرَّابِعَةَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى فَإِنْ سَرَقَ الْخَامِسَةَ قُتِلَ كَمَا قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُثْمَانُ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ
قَالَ وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ لَا يُقْتَلُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ الْقَتْلِ لَا أَصْلَ لَهُ وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ
لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ كُفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ أَوْ زِنًى بَعْدَ إِحْصَانٍ أَوْ قَتْلِ
نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا السَّارِقَ
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّرِقَةِ (فَاحِشَةٌ وَفِيهَا عُقُوبَةٌ) وَلَمْ يَذْكُرْ قَتْلًا
وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْآفَاقِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الَّذِي يَسْرِقُ مِرَارًا ثُمَّ يُسْتَعْدَى عَلَيْهِ إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ
تُقْطَعَ يَدُهُ لِجَمِيعِ مَنْ سَرَقَ مِنْهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَإِنْ كَانَ قَدْ أُقِيمَ عَلَيْهِ
الْحَدُّ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ سَرَقَ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ قُطِعَ أَيْضًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْفِقْهِ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَى مَذَاهِبِهِمُ
الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ وَلَا عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 549
وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا مَنْصُوصًا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَهُوَ الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ لِأَنَّ قَطْعَ
الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ حَقٌّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا يقام الا مرة لما تقدم كالزنى لَا يُقَامُ فِيهِ
الْحَدُّ إِلَّا مَرَّةً عَلَى الزَّانِي مِرَارًا مَا لَمْ يُحَدَّ فَإِنْ عَادَ بَعْدَ الْحَدِّ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ مَرَّةً
أُخْرَى وَهَكَذَا ابدا في السرقة
والزنى أَصْلٌ آخَرُ مِنَ الْإِجْمَاعِ أَيْضًا فِي الرَّجُلِ يَطَأُ امْرَأَةً قَدْ نَكَحَهَا نِكَاحًا فَاسِدًا أَوْ
نِكَاحًا صَحِيحًا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ بِوَطْءٍ مَرَّةً وَلَوْ وَطَأَهَا بَعْدَ ذَلِكَ مِرَارًا لَمْ يَكُنْ
عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ