مَالِكٌ أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَامِلًا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَذَ نَاسًا فِي حِرَابَةٍ وَلَمْ يَقْتُلُوا أَحَدًا فَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ أَوْ يَقْتُلَ فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَوْ أَخَذْتَ بِأَيْسَرِ (...) |
مَالِكٌ أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَامِلًا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَذَ نَاسًا فِي
حِرَابَةٍ وَلَمْ يَقْتُلُوا أَحَدًا فَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ أَوْ يَقْتُلَ فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَوْ أَخَذْتَ بِأَيْسَرِ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي (الْمُوَطَّأِ) مِثْلُهُ فِي الْمُحَارِبِينَ غَيْرُ هَذِهِ وَهِيَ لَمْحَةٌ كَمَا تَرَى فَلْنَذْكُرْ أَحْكَامَ الْمُحَارِبِينَ بِأَخْصَرِ مَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ بِعَوْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِعَامِلِهِ فِي الْمُحَارِبِينَ الَّذِينَ لَمْ يُقْتَلُوا لَوْ أَخَذْتَ بِأَيْسَرَ ذَلِكَ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى تَخْيِيرِ الْإِمَامِ فِي عُقُوبَةِ الْمُحَارِبِينَ عَلَى ظَاهِرِ الْقُرْآنِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) الْمَائِدَةِ 33 فَقَالَتْ طَائِفَةٌ قَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي حُكْمِ الْمُحَارِبِ إِذَا أُخِذَ فِي حِرَابَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَتُوبَ وَاخْتَلَفُوا فِي مَنْ عَنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ (انما جزؤا الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فسادا ان يقتلوا او يصلبوا) الْمَائِدَةِ 33 فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ نَزَلَتْ فِي الْكُفَّارِ المرتدين الذين اغاروا على لقاح رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَتَلُوا الرُّعَاةَ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ فَمَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ فَقَدْ حَارَبَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولَهُ فَإِذَا جَمَعَ السَّعْيَ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ وَهُوَ الْخُرُوجُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَقَطْعُ الطَّرِيقِ وَإِخَافَةُ السُّبُلِ فَهُوَ مِمَّنْ عُنِيَ بِالْآيَةِ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَنَسٍ رَوَاهُ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَأَبُو قِلَابَةَ وَقَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُكَلٍ وَعُرَيْنَةَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَتَكَلَّمُوا بِالْإِسْلَامِ وَكَانُوا أَهْلَ ضَرْعٍ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 550 وَلَمْ يَكُونُوا أَهْلَ إِلْفٍ فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَوْدٍ وَلِقَاحٍ وَأَنْ يَخْرُجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَانْطَلَقُوا فَلَمَّا كَانُوا بِنَاحِيَةِ الْحَرَّةِ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ مُرْتَدِّينَ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَثَرِهِمْ فَأُدْرِكُوا وَأُتِيَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ وَتُرِكُوا بِنَاحِيَةِ الْحَرَّةِ يَكْدِمُونَ حِجَارَتَهَا حَتَّى مَاتُوا قَالَ قَتَادَةُ فَبَلَغَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِمْ (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ في الارض فسادا) الْمَائِدَةِ 33 وَمِمَّنْ قَالَ إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكُفْرِ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَقَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ نَزَلَتْ فِي كُلِّ مَنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ وَأَخَافَ السَّبِيلَ وَأَخَذَ الْمَالَ قَتَلَ أَوْ لَمْ يَقْتُلْ عَلَى مَا نَذْكُرُ فَمِنَ اخْتِلَافِهِمْ فِي جَزَاءِ الْمُحَارِبِ هَلْ هُوَ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ عَلَى تَخْيِيرِ الْإِمَامِ فِيهِ وَأَنْكَرَ الْفُقَهَاءُ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي الْمُحَارِبِينَ (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الْمَائِدَةِ 34 وَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ إِذَا انْتَهَوْا وَتَابُوا مِنْ كُفْرِهِمْ غُفِرَ لَهُمْ كُلُّ مَا سَلَفَ وَسَقَطَ عَنْهُمْ كُلُّ مَا كَانَ لَزِمَهُمْ فِي حَالِ الْكُفْرِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ أَنْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ وَبَعْدَ أَنْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ وَيَصِيرُوا فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَحِلُّ قَتْلُهُمْ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُؤْخَذُ بِشَيْءٍ جَنَوْهُ فِي مَالٍ أَوْ دم فدل ذلك على ان الاية تَنْزِلْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْمُحَارِبِينَ يُؤْخَذُونَ بِكَثِيرٍ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 551 لِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ - مَا وُجِدَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ أَيْضًا وَقَالَ مَالِكٌ يُؤْخَذُونَ بِالدَّمِ إِذَا طَلَبَهُ وَلَيُّهُ وَقَالَ اللَّيْثُ لَا يُؤْخَذُونَ بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَضَعُ عَنِ الْمُحَارِبِ تَوْبَتُهُ حَدَّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي وَجَبَ لِمُحَارَبَتِهِ وَلَا تُسْقِطُ عَنْهُ حُقُوقَ بَنِي آدَمَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ لَمْ يَقْدِرِ الامام على قطاع الطريق حتى جاؤوا تَائِبِينَ وُضِعَتْ عَنْهُمْ حُقُوقُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّتِي كَانَتْ تُقَامُ عَلَيْهِمْ لَوْ لَمْ يَتُوبُوا وَيَرْجِعُ حُكْمُ مَا أَصَابُوا مِنَ الْقَتْلِ وَالْجِرَاحِ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِينَ وَالْمَجْرُوحِينَ فَيَكُونُ حُكْمُهُمْ فِي ذَلِكَ كَحُكْمِهِمْ لَوْ أَصَابُوا ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ قِطْعِ الطَّرِيقِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كُلُّهُ لَيْسَ هُوَ الْحُكْمَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ في من أَسْلَمَ مِنَ الْكُفَّارِ قَبْلَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ فدل ذلك على فساد قَوْلِ مَنْ قَالَ نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ وَقَالَ الْفُقَهَاءُ وَأَهْلُ اللُّغَةِ مَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (يُحَارِبُونَ اللَّهَ) الْمَائِدَةِ 33 يُحَارِبُونَ أَهْلَ دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي جَزَاءِ الْمُحَارِبِينَ هَلْ هُوَ عَلَى قَدْرِ الِاسْتِحْقَاقِ أَمْ عَلَى تَخْيِيرِ الْإِمَامِ فَرُوِيَ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءٍ وَإِبْرَاهِيمَ أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ يَحْكُمُ فِيهِمْ بِمَا شَاءَ مِنَ الْأَوْصَافِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْآيَةِ مِنَ الْقَتْلِ أَوِ الصَّلْبِ أَوِ الْقَطْعِ أَوِ النَّفْيِ وَ (أَوْ) عِنْدَ هَؤُلَاءِ لِلتَّخْيِيرِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَأَبُو ثَوْرٍ قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ إِلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ يَسْتَشِيرُ بِذَلِكَ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالرَّأْيِ وَالْفَضْلِ عَلَى قَدْرِ جُرْمِ الْمُحَارِبِ وَإِفْسَادِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَى سِوَى الْإِمَامِ قَالَ مَالِكٌ الْفَسَادُ فِي الْأَرْضِ الْقَتْلُ وَأَخْذُ الْمَالِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ) الْبَقَرَةِ 205 وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) الْمَائِدَةِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 552 قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْنَاهُ أَوْ بِغَيْرِ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَتْلًا فَهُوَ كَالْقَتْلِ وَالْفَسَادُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ هُنَا قَطْعُ الطَّرِيقِ وَسَلْبُ الْمُسْلِمِينَ وَإِخَافَةُ سُبُلِهِمْ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمُحَارِبِ أَنَّهُ إِنْ قَتَلَ قُتِلَ وَإِنْ اخذ المال وقتل وَصُلِبَ وَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ وَإِنْ أَخَافَ السَّبِيلَ فَقَطْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُ النَّفْيِ وَرُوِيَ هذا ايضا عن بن عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مُجَالِدٍ وَالضَّحَّاكِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَ (أَوْ) عِنْدَ هَؤُلَاءِ لِلتَّفْضِيلِ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تُقَامُ عَلَيْهِمُ الْحُدُودُ عَلَى قَدْرِ اخْتِلَافِ أَفْعَالِهِمْ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ وَأَخَذَ الْمَالَ قُتِلَ وَصُلِبَ وَإِذَا قَتَلَ وَلَمْ يَأْخُذْ مالا قتل ودفع إلى اوليائه يدفنوه وَمَنْ أَخَذَ مَالًا وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ يَدُهُ ورجله من خلاف في مكان واحد وحسمع عَلَى عُضْوِهِ بِالنَّارِ قَبْلَ أَنْ يُقْطَعَ الْآخَرُ وَمَنْ حَضَرَ وَكَثَرَ وَهَيَّبَ وَكَانَ رِدْءًا عُزِّرَ وَحُبِسَ قَالَ أَبُو عُمَرَ نَحْوُ هَذَا قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ وَسَائِرِ مَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالنَّفْيُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُحْبَسُوا حَتَّى يُحْدِثُوا تَوْبَةً وَقَالَ مَالِكٌ النَّفْيُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ وَيُحْبَسَ هُنَاكَ فِي السِّجْنِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ يُنْفَى مِنْ بَلَدِهِ إِلَى بَلَدِ غَيْرِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ حَبْسًا وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بن الماجشون قول ابي وبن دِينَارٍ وَالْمُغِيرَةِ أَنَّ نَفْيَ الْمُحَارِبِ إِنَّمَا هُوَ أَنْ يَطْلُبَهُ الْإِمَامُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ فَيَهْرَبَ وليس كنفي الزاني البكر وهو قول بن شِهَابٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي صَلْبِ الْمُحَارِبِ أَقْوَالٌ لِأَهْلِ الْعِلْمِ وَكَذَلِكَ فِي نَفْيِهِ أَيْضًا لِأَهْلِ الْعِلْمِ أَقْوَالٌ وَاعْتِلَالَاتٌ وَتَوْجِيهَاتٌ وَاخْتَصَرْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ خَوْفَ الْإِطَالَةِ وَشَرْطُنَا الِاخْتِصَارُ وَالْإِشَارَةُ إِلَى مَا أَشَارَ إِلَيْهِ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 553 قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الَّذِي يَسْرِقُ أَمْتِعَةَ النَّاسِ الَّتِي تَكُونُ مَوْضُوعَةً بِالْأَسْوَاقِ مُحْرَزَةً قَدْ أَحْرَزَهَا أَهْلُهَا فِي أَوْعِيَتِهِمْ وَضَمُّوا بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ إِنَّهُ مَنْ سَرَقَ مِنْ ذَلِكَ شيئا من جرزه فَبَلَغَ قِيمَتُهُ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْقَطْعَ كَانَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ عِنْدَ مَتَاعِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَيْلًا ذَلِكَ أَوْ نَهَارًا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ فِي قَوْلِهِ هَذَا حَدِيثُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ إِذْ سُرِقَ رِدَاؤُهُ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ أَوْ مِنْ تَحْتِ تَوَسُّدِهِ وَهُوَ نَائِمٌ وَالنَّائِمُ كَالْغَائِبِ عَنْ مَتَاعِهِ وَغَلْقُ الْوِعَاءِ عَلَى الْمَتَاعِ كَغَلْقِ بَابِ الدَّارِ وَالْبَيْتِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ مَنْ فَتَحَ بَابَ دَارٍ أَوْ بَيْتٍ وَسَرَقَ مِنْهُ مَا يَبْلُغُ الْمِقْدَارَ أَنَّهُ يُقْطَعُ وَقَدْ أَبَى كَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ ان يجعلوا ذلك خرزا إِذَا غَابَ عَنْهُ صَاحِبُهُ وَلَمْ يَكُنْ عَقَلَهُ وَلَا تَحْتَ حِرْزِهِ وَقُفْلِهِ وَهَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الرَّأْيِ يَسُوغُ فِيهَا الِاجْتِهَادُ وَالْأَصْلُ عِنْدِي فِي هَذَا وَمَا كَانَ مِثْلُهُ أَنْ لَا يُرَاقَ دَمُ السَّارِقِ الْمُسْلِمِ إِلَّا بِيَقِينٍ وَالتَّيَقُّنُ أَصْلٌ أَوْ قِيَاسٌ غَيْرُ مَدْفُوعٍ عَلَى أَصْلٍ لِأَنَّ الْخَطَأَ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ وَأَيْسَرُ مِنَ الْخَطَأِ فِي الْعُقُوبَةِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ كُلَّ سَرِقَةٍ لَا قَطْعَ فِيهَا فَالْغُرْمُ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ سَرَقَهَا مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَسْرِقُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ الْقَطْعُ ثُمَّ يُوجَدُ مَعَهُ مَا سَرَقَ فَيُرَدُّ إِلَى صَاحِبِهِ إِنَّهُ تُقْطَعُ يَدُهُ وَاحْتَجَّ مَالِكٌ لِقَوْلِهِ هَذَا بِالشَّارِبِ يُوجَدُ مِنْهُ ريح الشراب فيحد وهذا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ مُوَافِقِيهِ فَضْلًا عَنْ مُخَالِفِيهِ وَالْقَطْعُ وَاجِبٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى كُلِّ سَارِقٍ أَخْرَجَ الْمَتَاعَ مِنْ حِرْزِهِ وَهُوَ حَقٌّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسَ لِلْآدَمِيِّ فِي الْقَطْعِ حَقٌّ فَإِنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ أَخَذَهُ بِإِجْمَاعٍ لَيْسَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَلَا لَهُ الْعَفْوُ عَنِ السَّارِقِ إِذَا بَلَغَ السُّلْطَانَ وَهُوَ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي السَّارِقِ تُقْطَعُ يَدُهُ وَقَدِ اسْتَهْلَكَ الْمَتَاعَ فَقَالَ مَالِكٌ يُغَرِّمُهُ إِنْ كَانَ مَلِيئًا فِي حِينِ الْقَطْعِ أَوْ فِي حِينِ الْحُكْمِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يُتْبَعْ بِشَيْءٍ مِنْ قِيمَةِ السَّرِقَةِ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 554 وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُتْبِعُ بِهِ دَيْنًا إِذَا اسْتَهْلَكَهُ وَيَلْزَمُهُ غُرْمُ مَا سَرَقَ مَلِيًّا أَوْ مُعْدَمًا لِأَنَّ الْقَطْعَ حَقٌّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْغُرْمُ حَقٌّ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ قَالَ وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ وَجَدَهُ رَبُّهُ بِيَدِ السَّارِقِ أَخَذَهُ وَإِنْ قُطِعَتْ يَدُهُ بِهِ وَكَذَلِكَ إِذَا اسْتَهْلَكَهُ يُغَرَّمُهُ فِي حَالِ الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ كَسَائِرِ الْمُسْتَهْلَكَاتِ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَعُثْمَانَ الْبَتِّيِّ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا قُطِعَتْ يَدُ السَّارِقِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ مَلِيًّا وَلَا عَدِيمًا إِلَّا أَنْ يُوجَدَ الشَّيْءُ مَعَهُ فَيُؤْخَذَ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ والشعبي وبن سيرين ومكحول وبه قال بن ابي ليلى وبن شُبْرُمَةَ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَا حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أُسَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يُحَدِّثُ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (لَا يُغَرَّمُ السَّارِقُ إِذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ) قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَهُمْ وَالْمِسْوَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَخُو سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَصَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَلَوْ ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ لَوَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ وَلَكِنَّهُ عِنْدَهُمْ غَيْرُ ثَابِتٍ لِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَإِنْ كَانَ قَدْ وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ عُفَيْرٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ عَنْ يُونُسَ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَخِيهِ الْمِسْوَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَإِنْ ثَبَتَ فَالْقَوْلُ بِهِ أَوْلَى وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 555 كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي الْمِسْوَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (إِذَا أُقِيمَ الْحَدُّ عَلَى السَّارِقِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ) قَالَ مَالِكٌ فِي الْقَوْمِ يَأْتُونَ إِلَى الْبَيْتِ فَيَسْرِقُونَ مِنْهُ جَمِيعًا فَيَخْرُجُونَ بِالْعِدْلِ يَحْمِلُونَهُ جَمِيعًا أَوِ الصُّنْدُوقِ أَوِ الْخَشَبَةِ أَوْ بِالْمِكْتَلِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَحْمِلُهُ الْقَوْمُ جَمِيعًا إِنَّهُمْ إِذَا أَخْرَجُوا ذَلِكَ مِنْ حِرْزِهِ وَهُمْ يَحْمِلُونَهُ جَمِيعًا فَبَلَغَ ثَمَنُ مَا خَرَجُوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا فَعَلَيْهِمُ الْقَطْعُ جَمِيعًا قَالَ وَإِنْ خَرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَتَاعٍ عَلَى حِدَتِهِ فَمَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ بِمَا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ وَمَنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُمْ بِمَا تَبْلُغُ قيمته ثلاثة دراهم فصاعدا فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا ذَكَرَهُ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَإِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَحَمَلُوا مَتَاعًا وَأَخْرَجُوهُ مَعًا فَبَلَغَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ دِينَارٍ قُطِعُوا وَإِنْ نَقَصَ شَيْئًا لَمْ يُقْطَعُوا وَإِنْ أَخْرَجُوهُ مُتَفَرِّقًا فَمَنْ أَخْرَجَ مَا يُسَاوِي رُبُعَ دِينَارٍ قُطِعَ وَإِنْ لَمْ يَسَاوِ رُبُعَ دِينَارٍ لَمْ يُقْطَعْ قَالَ وَلَوْ نَقَّبُوا جَمِيعًا ثُمَّ أَخْرَجَ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يُخْرِجْ بَعْضٌ قُطِعَ الْمُخْرِجُ خَاصَّةً وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ عَنْهُمْ قَالَ وَلَا قَطْعَ عَلَى جَمَاعَةٍ سَرَقُوا حَتَّى يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قِيمَةُ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا وَمَنْ سَرَقَ مِنْ رَجُلَيْنِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ سَرِقَةً وَاحِدَةً قُطِعَ فِيهَا وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ فَوَلِيَ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَخْذَ مَتَاعِهِ وَحَمْلَهُ قُطِعُوا جَمِيعًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا تَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ وَمِمَّنْ قَالَ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الرَّجُلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ يَسْرِقُونَ مِقْدَارَ رُبُعِ دِينَارٍ أَنَّهُمْ يُقْطَعُونَ فِيهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ قِيَاسًا عَلَى الْقَوْمِ يَشْتَرِكُونَ فِي الْقَتْلِ أَنَّهُمْ يُقْتَلُونَ بِالْوَاحِدِ إِذَا اشْتَرَكُوا فِي قَتْلِهِ وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي النَّفَرِ يَدْخُلُونَ الدَّارَ وَيَجْمَعُونَ الْمَتَاعَ وَيَحْمِلُونَهُ عَلَى أَحَدِهِمْ وَيَخْرُجُونَ مَعَهُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 556 فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ الْقَطْعُ عَلَى الَّذِي أَخْرَجَ الْمَتَاعَ وَحْدَهُ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُقْطَعُونَ كُلُّهُمْ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يُقْطَعُ إِلَّا الَّذِي أَخْرَجَ الْمَتَاعَ وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا فَرَوَى بن أَبِي أُوَيْسٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ يُقْطَعُونَ جَمِيعًا قَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ حَمَلُوهُ عَلَى حِمَارٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنَ الدَّوَابِّ وَرَوَى بن الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَا يُقْطَعُ إِلَّا الَّذِي حَمَلَهُ وَحْدَهُ قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ إِذَا كَانَتْ دَارُ رَجُلٍ مُغْلَقَهً عَلَيْهِ ليس معه فيها غَيْرُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْهَا شَيْئًا الْقَطْعُ حَتَّى يَخْرُجَ بِهِ مِنَ الدَّارِ كُلِّهَا وَذَلِكَ أَنَّ الدَّارَ كُلَّهَا هِيَ حِرْزُهُ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِي الدَّارِ سَاكِنٌ غَيْرُهُ وَكَانَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ يُغْلِقُ عَلَيْهِ بَابَهُ وَكَانَتْ حِرْزًا لَهُمْ جَمِيعًا فَمَنْ سَرَقَ مِنْ بُيُوتِ تِلْكَ الدَّارِ شَيْئًا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ فَخَرَجَ بِهِ إِلَى الدَّارِ فَقَدْ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ إِلَى غَيْرِ حِرْزِهِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ فِيهِ الْقَطْعُ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا قَطْعَ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرِكَةِ حَتَّى يَخْرُجَ السَّارِقُ بِالسَّرِقَةِ مِنَ الدَّارِ كُلِّهَا قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْعَبْدِ يَسْرِقُ مِنْ مَتَاعِ سَيِّدِهِ أَنَّهُ إِنْ كَانَ لَيْسَ مِنْ خَدَمِهِ وَلَا مِمَّنْ يَأْمَنُ عَلَى بَيْتِهِ ثُمَّ دَخَلَ سِرًّا فَسَرَقَ مِنْ مَتَاعِ سَيِّدِهِ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ إِذَا سَرَقَتْ مِنْ مَتَاعِ سَيِّدِهَا لَا قَطْعَ عَلَيْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ هُمْ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ شَذَّ عَنْهُمْ اجمعوا على ان العبد لا يقطع في ما سَرَقَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ وَسَيِّدَتِهِ وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ لا قطع عليها في ما سَرَقَتْ مِنْ مَالِ سَيِّدِهَا وَسَيِّدَتِهَا مِمَّا يُؤْتَمَنُ عليه ومما لا يؤتمنون عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَإِبْرَاهِيمَ وَالطَّبَرِيِّ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ يُقْطَعُ الْعَبْدُ إِذَا سَرَقَ مِنْ سَيِّدِهِ إِلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ اجماع الجزء: 7 ¦ الصفحة: 557 وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ يُقْطَعُ الْعَبْدُ إِذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ الَّذِي لَمْ يَأْتَمِنْهُ عَلَيْهِ لِظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) الْمَائِدَةِ 38 قَالَ أَبُو عُمَرَ ثَبَتَ عَنْ عُمَرَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ قَوْلُهُ خَادِمُكُمْ سَرَقَ مَتَاعَكُمْ فَجَعَلُوا الْعِلَّةَ الْمَانِعَةَ مِنَ الْقَطْعِ في الغلام الذي شكا بن الْحَضْرَمِيِّ وَهُوَ غُلَامُهُ أَنَّهُ سَرَقَ مِرْآةَ امْرَأَتِهِ قوله خادمكم سرق متاعكم وثبت عن بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ فِي عَبْدٍ سَرَقَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ مَالُكَ سَرَقَ بَعْضُهُ بَعْضًا وَلَا اعلم لعمر وبن مَسْعُودٍ مُخَالِفًا مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا مِنَ التَّابِعِينَ بَعْدَهُمْ إِلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ اتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ عَلَى ذَلِكَ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي غُلَامِ الرَّجُلِ يَسْرِقُ مِنْ مَالِ امْرَأَتِهِ أَوْ خَادِمِ الْمَرْأَةِ يَسْرِقُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا فِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ بن الْحَضْرَمِيِّ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ شَاهَدْتُ عُمَرَ وَجَاءَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الْحَضْرَمِيُّ بِغُلَامٍ لَهُ فَقَالَ إِنَّ غُلَامِي هَذَا سَرَقَ فَاقْطَعْ يَدَهُ قَالَ عُمَرُ مَا سَرَقَ قَالَ مِرْآةَ امْرَأَتِي قِيمَتُهَا سِتُّونَ دِرْهَمًا قَالَ أَرْسِلْهُ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ خَادِمُكُمْ أَخَذَ مَتَاعَكُمْ وَلَكِنَّهُ لَوْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِكُمْ قُطِعَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَا يَقُولُهُ عُمَرُ مِنْ رَأْيِهِ وَهُوَ يَتْلُو الْآيَةَ فِي السَّارِقِ وَالسَّارِقَةِ إِلَّا بِتَوْقِيفٍ ذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلٍ قَالَ جَاءَ مَعْقِلُ بْنُ مُقَرِّنٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ عَبْدِي سَرَقَ مِنْ عبدي وقال بن نُمَيْرٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ عَنْ سُفْيَانَ بِإِسْنَادِهِ هذا غلامي سرق من غلامي فقال بن مَسْعُودٍ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ مَالُكَ سَرَقَ بَعْضُهُ بَعْضًا وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ لَا يَكُونُ مِنْ خَدَمِهِ وَلَا مِمَّنْ يَأْمَنُ عَلَى بَيْتِهِ فَدَخَلَ سِرًّا فَسَرَقَ مِنْ مَتَاعِ امْرَأَةِ سَيِّدِهِ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ إِنَّهُ تُقْطَعُ يَدُهُ قَالَ وَكَذَلِكَ أَمَةُ الْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ لَيْسَتْ بِخَادِمٍ لَهَا وَلَا لِزَوْجِهَا وَلَا مِمَّنْ تَأْمَنُ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 558 عَلَى بَيْتِهَا فَدَخَلَتْ سِرًّا فَسَرَقَتْ مِنْ مَتَاعِ سَيِّدَتِهَا مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهَا قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ أَمَةُ الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا تَكُونُ مِنْ خَدَمِهَا وَلَا مِمَّنْ تَأْمَنُ عَلَى بَيْتِهَا فَدَخَلَتْ سِرًّا فَسَرَقَتْ مِنْ مَتَاعِ زَوْجِ سَيِّدَتِهَا مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ أَنَّهَا تُقْطَعُ يَدُهَا قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَسْرِقُ مِنْ مَتَاعِ امْرَأَتِهِ أَوِ الْمَرْأَةُ تَسْرِقُ مِنْ مَتَاعِ زَوْجِهَا مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ إِنْ كَانَ الَّذِي سَرَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ مَتَاعِ صَاحِبِهِ فِي بَيْتٍ سِوَى الْبَيْتِ الَّذِي يُغْلِقَانِ عَلَيْهِمَا وَكَانَ فِي حِرْزٍ سِوَى الْبَيْتِ الَّذِي هُمَا فِيهِ فَإِنَّ مَنْ سَرَقَ مِنْهُمَا مِنْ مَتَاعِ صَاحِبِهِ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ فِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ مَا ذَكَرَهُ الرَّبِيعُ وَالْمُزَنِيُّ عَنْهُ فِي أَنَّهُ ذَكَرَ قَوْلَ مَالِكٍ هَذَا فِي (مُوَطَّئِهِ) وَقَالَ هَذَا مَذْهَبُ مَنْ ذَهَبَ إِلَيْهِ وَتَأَوَّلَ قَوْلَ عُمَرَ خَادِمُكُمْ سَرَقَ مَتَاعَكُمْ أَيْ خَادِمِكُمُ الَّذِي يَلِي خِدْمَتَكُمْ وَأَرَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - عَلَى الِاحْتِيَاطِ أَيْ لَا يُقْطَعُ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ وَلَا الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا وَلَا عَبْدُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَرَقَ مِنْ مَالِ الْآخَرِ شَيْئًا لِلْأَثَرِ وَالشُّبْهَةِ وَبِخَلْطَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ لِأَنَّهَا خِيَانَةٌ لَا سَرِقَةَ قَالَ الْمُزَنِيُّ وَقَالَ فِي كِتَابِ (اخْتِلَافِ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ) إِذَا سَرَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا الَّذِي لَمْ يَأْمَنْهَا عَلَيْهِ وَفِي حِرْزٍ مِنْهَا قُطِعَتْ قَالَ الْمُزَنِيُّ هَذَا عِنْدِي أَقْيَسُ قَالَ أَبُو عُمَرَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ عِنْدَ أَصْحَابِهِ أَنْ لَا قَطْعَ عَلَى عَبْدِ رَجُلٍ سَرَقَ مِنْ مَتَاعِ مَالِ امْرَأَةِ سَيِّدِهِ وَلَا عَبْدِ امْرَأَةٍ سَرَقَ مِنْ مَالِ زَوْجِ سَيِّدَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرُ وَسُلَيْمَانَ وَقَالُوا لَا قَطْعَ عَلَى رجل سرق في ما سرق من مال زوجته وعلى امراة سرقت في ما سَرَقَتْ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِقَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ مَالِكٌ يُقْطَعُ الْوَلَدُ إِذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ وَالِدَيْهِ وَلَا يُقْطَعُ الْأَبَوَانِ مِمَّا سَرَقَا مِنْ وَلَدِهِمَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ وَلَا وَلَدِ وَلَدِهِ وَلَا مِنْ مال الجزء: 7 ¦ الصفحة: 559 أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَأَجْدَادِهِ مِنْ قِبَلِ أَيِّهِمَا كَانَ ويقطع في من سِوَاهُمْ مِنَ الْقَرَابَاتِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي طُنْبُورٍ وَلَا مِزْمَارٍ وَلَا خَمْرٍ وَلَا خِنْزِيرٍ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ مَالِ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمَةٍ مِنْهُ مِثْلِ الْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ وَمَنْ كَانَ مِثْلَهُمَا وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ يُقْطَعُ كُلُّ مَنْ سَرَقَ إِلَّا أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى أَحَدٍ فَيُسَلِّمُوا لِلْإِجْمَاعِ قَالَ مَالِكٌ فِي الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ وَالْأَعْجَمِيِّ الَّذِي لَا يُفْصِحُ أَنَّهُمَا إِذَا سَرَقَا مِنْ حِرْزِهِمَا أَوْ غَلْقِهِمَا فَعَلَى مَنْ سَرَقَهُمَا الْقَطْعُ وَإِنْ خَرَجَا مِنْ حِرْزِهِمَا وَغَلْقِهِمَا فَلَيْسَ عَلَى مَنْ سَرَقَهُمَا قَطْعٌ قَالَ وَإِنَّمَا هُمَا بِمَنْزِلَةِ حَرِيسَةِ الْجَبَلِ وَالثَّمَرِ الْمُعَلِّقِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَأْتِي الْقَوْلُ فِي الثَّمَرِ الْمُعَلَّقَ وَغَيْرِ الْمُعَلَّقِ فِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ (لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ) إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا الحريسة فقال ابو عبيد تُفَسَّرُ تَفْسِيرَيْنِ فَبَعْضُهُمْ يَجْعَلُهَا السَّرِقَةَ بِعَيْنِهَا يَقُولُ حَرَسَ يَحْرِسُ حَرْسًا إِذَا سَرَقَ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ مَا سُرِقَ مِنَ الْمَاشِيَةِ بِالْجَبَلِ قُطِعَ حَتَّى يَأْوِيَهَا الْمُرَاحُ قَالَ وَالتَّفْسِيرُ الْآخَرُ أَنْ تَكُونَ الْحَرِيسَةُ هِيَ الْمَحْرُوسَةُ فَيَقُولُ لَيْسَ فِيمَا يُحْرَسُ فِي الْجَبَلِ قَطْعٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْضِعِ حِرْزٍ وَإِنْ سُرِقَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الصَّبِيِّ الْمَمْلُوكِ وَالْأَعْجَمِيِّ اللَّذَيْنِ لا يعقلان يَسْرِقَانِ مِنْ حِرْزِهِمَا فَقَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ يُقْطَعُ من سرقهما او احدهما وهذا قول مالك والثوري والشافعي وابي حنيفة وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ الحسن والشعبي وبن شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَا لَا يَعْقِلَانِ وَلَا يُمَيِّزَانِ فَإِنْ مَيَّزَا وَعَقَلَا فَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَهُمَا عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ الْحُرِّ الجزء: 7 ¦ الصفحة: 560 فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ يُقْطَعُ سَارِقُهُ وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ لَا يُقْطَعُ سَارِقُ الصَّبِيِّ الْحُرِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَحَكَاهُ أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الَّذِي يَنْبُشُ الْقُبُورَ أَنَّهُ إِذَا بَلَغَ مَا أَخْرَجَ مِنَ الْقَبْرِ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ فَعَلَيْهِ فِيهِ الْقَطْعُ وَقَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْقَبْرَ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ كَمَا أَنَّ الْبُيُوتَ حِرْزٌ لِمَا فِيهَا قَالَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ حَتَّى يَخْرُجَ بِهِ مِنَ الْقَبْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الِاخْتِلَافُ فِي قَطْعِ النَّبَّاشِ إِذَا أَخْرَجَ مِنَ الْقَبْرِ مَا يَبْلُغُ الْمِقْدَارَ الْمَقْطُوعَ فِيهِ السَّارِقُ عَلَى مَا أَصِفُهُ لَكَ أُمَّا الْجُمْهُورُ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالتَّابِعِينَ فَيَرَوْنَ قَطْعَهُ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَقَتَادَةَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَرِوَايَةٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَالَ أَحْمَدُ هُوَ أَهْلٌ أَنْ يُقْطَعَ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَطَعَ نَبَّاشًا أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنِي هُشَيْمٌ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ ذَكْوَانَ قَالَ شَاهَدْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَطَعَ نَبَّاشًا وَرُوِيَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ النَّبَّاشَ كَالْمُحَارِبِ وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَرَوْنَ عَلَى النَّبَّاشِ قَطْعًا الجزء: 7 ¦ الصفحة: 561 وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَمَرْوَانَ بن الحكم وافتى به بن شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ مَنْ رَأَى قَطْعَ النَّبَّاشِ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا) الْمُرْسَلَاتِ 25 26 وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّى القبر بيتا وَلَيْسَ فِي هَذَا كُلِّهِ مَا يُوجِبُ التَّسْلِيمَ لَهُ إِلَّا أَنَّ النَّفْسَ أَشَدُّ سُكُونًا إِلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ رُوِيَ عن عبيد اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ صَلَبَ نَبَّاشًا وَلَيْسَ فِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ أُسْوَةٌ وَلَا فِي أَبِيهِ قَبْلَهُ وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ رَأَى أَلَّا قَطْعَ عَلَى النَّبَّاشِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَصِحُّ لَهُ مِلْكٌ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْقَطْعُ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ مِلْكِ مَالِكٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ |