مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ أَنَّ عَبْدًا سَرَقَ
وَدِيًّا مِنْ حَائِطِ رَجُلٍ فَغَرَسَهُ فِي حَائِطِ سَيِّدِهِ فَخَرَجَ صَاحِبُ الْوَدِيِّ يَلْتَمِسُ وَدِيَّهُ فَوَجَدَهُ
فَاسْتَعْدَى عَلَى الْعَبْدِ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فَسَجَنَ مَرْوَانُ الْعَبْدَ وَأَرَادَ قَطْعَ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ أَنَّ عَبْدًا سَرَقَ
وَدِيًّا مِنْ حَائِطِ رَجُلٍ فَغَرَسَهُ فِي حَائِطِ سَيِّدِهِ فَخَرَجَ صَاحِبُ الْوَدِيِّ يَلْتَمِسُ وَدِيَّهُ فَوَجَدَهُ
فَاسْتَعْدَى عَلَى الْعَبْدِ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فَسَجَنَ مَرْوَانُ الْعَبْدَ وَأَرَادَ قَطْعَ يَدِهِ فَانْطَلَقَ
سَيِّدُ الْعَبْدِ إِلَى رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرَ) وَالْكَثَرُ الْجِمَارُ فَقَالَ الرَّجُلُ فَإِنَّ
مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ أَخَذَ غُلَامًا لِي وَهُوَ يُرِيدُ قَطْعَهُ وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَمْشِيَ مَعِي إِلَيْهِ
فَتُخْبِرَهُ بِالَّذِي سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَشْيُ مَعَهُ رَافِعٌ إِلَى
مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فَقَالَ أَخَذْتَ غُلَامًا لِهَذَا فَقَالَ نَعَمْ فَقَالَ فَمَا أَنْتَ صَانِعٌ بِهِ قَالَ أَرَدْتُ
قَطْعَ يَدِهِ فَقَالَ لَهُ رَافِعٌ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول (لا قطع في
ثمر ولا كثر) فَأَمَرَ مَرْوَانُ بِالْعَبْدِ فَأُرْسِلَ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 562
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا الِاخْتِلَافَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي (التَّمْهِيدِ) وَذَكَرْنَا طُرُقَهُ
وَاخْتِلَافَ النَّاقِلِينَ لَهَا فَمِنْهَا مُرْسَلٌ مُنْقَطِعٌ وَمِنْهَا مَا يَسْتَنِدُ مِنْ وَجْهٍ وَيَتَّصِلُ وَهُوَ
حَدِيثٌ لَا يُطَابِقُ مَتْنُهُ وَلَفْظُهُ الْمَعْنَى الَّذِي خَرَجَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَسْرُوقَ كَانَ وَدِيًّا وَالْوَدِيُّ
الْفَصِيلُ وَهُوَ النَّخْلَةُ الصَّغِيرَةُ كَالنَّقْلِ مِنْ شَجَرِ التِّينِ وَغَيْرِهَا قَلَعَهُ الَّذِي سَرَقَهُ
وَغَرَسَهُ فِي حَائِطِ سَيِّدِهِ
وَالثَّمَرُ الْمُعَلِّقُ مَا كَانَ مِنَ الثِّمَارِ في رؤوس الْأَشْجَارِ لَمْ يَجُذَّهُ رَبُّهُ وَلَمْ يَأْوِيهِ صَاحِبُهُ
إِلَى جَرِينٍ وَلَا بَيْدَرٍ وَلَا جُودَانٍ وَلَا أَنْدَرٍ وَلَا مِرْبَدٍ وَإِنَّمَا قَائِمٌ يَتَعَلَّقُ مِنَ الْأَشْجَارِ
وَالْكَثَرِ
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ هُوَ جُمَّارُ النَّخْلِ فِي كَلَامِ الْأَنْصَارِ وَهُوَ يُؤْكَلُ عِنْدَهُمْ كَمَا تُؤْكَلُ
الثِّمَارُ وَالْوَدِيُّ لَيْسَ كَذَلِكَ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ سَرَقَ شَجَرَةً مَقْلُوعَةً أَوْ غَيْرَ مَقْلُوعَةٍ
وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِيمَا يُؤْكَلُ مِنَ الثمار رطبا وفي ما يَكُونُ مِنَ الْحِيطَانِ لِأَشْجَارِهَا
وَثِمَارِهَا فَنُورِدُ مِنْ ذَلِكَ مَا حَضَرَنَا ذَكْرُهُ وَبِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ تَوْفِيقُنَا
قَالَ مَالِكٌ لَا قَطْعَ فِي النَّخْلَةِ الصَّغِيرَةِ وَلَا الْكَبِيرَةِ إِذَا قَلَعَهَا مِنْ مَوْضِعِهَا
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي الشَّجَرَةِ تُقْلَعُ وَتُوضَعُ فِي الْأَرْضِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ وَضْعُهَا فِي
الْأَرْضِ حِرْزٌ لَهَا إِذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ مَحْرُوزٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا قَطْعَ فِيهَا عَلَى حال ولم يختلفوا في من قَلَعَ شَيْئًا مِنَ الْبُقُولِ الْقَائِمَةِ
وَالشَّجَرِ الْقَائِمَةِ أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهَا كَمَا لَا قَطْعَ فِي الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ حَتَّى يَأْوِيَهُ
الْجَرِينُ وَلَا فِي حَرِيسَةَ الْجَبَلِ مِنَ الْمَاشِيَةِ كُلِّهَا حَتَّى يَأْوِيَهَا الْمُرَاحُ وَالْجَرِينُ
وَالْمُرَاحُ وَالْجَرِينُ حِرْزٌ عَلَى مَا يُسْرَقُ مِنْهُ لِمَنْ سَرَقَ مِنْهُ وَفِيهِ مَا يُوجِبُ الْقَطْعَ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَالَ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ
وَالْجَرِينُ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ وَالْمُرَاحُ حِرْزٌ لِمَا يَحْوِيهِ مِنَ الْغَنَمِ
قَالَ وَالَّذِي تَعْرِفُهُ الْعَامَّةُ بِالْحِجَازِ أَنَّ الْجَرِينَ حِرْزٌ وَالْحَائِطَ لَيْسَ بِحِرْزٍ
قَالَ وَالْحَوَائِطُ لَيْسَتْ بِحِرْزٍ لِلنَّخْلِ وَلَا لِلثَّمَرِ لِأَنَّ أَكْثَرَهَا مُبَاحٌ يَدْخُلُ مِنْ جَوَانِبِهَا فَمَنْ
سَرَقَ مِنْ حَائِطٍ شَيْئًا مِنَ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ لَمْ يُقْطَعْ وَإِذَا أَوَاهُ الْجَرِينُ قُطِعَ سَارِقُهُ إِذَا
بَلَغَتْ قِيمَتُهُ رُبُعَ دِينَارٍ
قَالَ الشَّافِعِيُّ قَالَ مَالِكٌ فِي الْأُتْرُجَّةِ الَّتِي قَطَعَ فِيهَا عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَتْ
أُتْرُجَّةً تُؤْكَلُ
الجزء: 7 ¦ الصفحة: 563
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى قَطْعِ من سرق الرطب من طعام أَوْ غَيْرِهِ إِذَا
بَلَغَتْ سَرِقَتُهُ رُبُعَ دِينَارٍ
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا لَا قَطْعَ في سرقة ثمر من رؤوس النَّخْلِ وَلَا فِي
حِنْطَةٍ إِذَا كَانَتْ سُنْبُلًا فِي سُنْبُلَتِهَا وَلَا فِي ثَمَرٍ وَلَا فِي كَثَرٍ فَإِذَا أُحْرِزَ الثَّمَرُ وَجُعِلَ
فِي حَظِيرَةٍ وَأُغْلِقَ بَابٌ كَانَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْهُ مَا بَلَغَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ الْقَطْعُ
قَالُوا وَلَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مَا يَفْسَدُ مِنَ الْفَاكِهَةِ وَاللَّحْمِ وَالطَّعَامِ الَّذِي هُوَ كَذَلِكَ
وَإِنْ غَلَتْ قِيمَتُهُ وَلَا قَطْعَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْخَشَبِ إِلَّا فِي السَّاجِ وَحْدَهُ فَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ
مَا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ قُطِعَ
قَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي (الْإِمْلَاءِ) الْقِثَّاءُ مِثْلُ السَّاجِ يُقْطَعُ سَارِقُهُ
وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ فِيمَا لَا بَقَاءَ لَهُ مِنَ الْفَاكِهَةِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَهُمْ فِي بَابِ مَا لَا
قَطْعَ فِيهِ أَقْوَالٌ ضَعِيفَةٌ جِدًّا
وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُؤْكَلُ مِنَ الثِّمَارِ وَذَكَرْنَا مِنَ الْخَشَبِ لِمَا جَرَى فِي
الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِيهِ مِنْهَا
وَلَمْ نَتَعَرَّضْ لِغَيْرِ ذَلِكَ خَشْيَةَ الْإِطَالَةِ لِأَنَّ كِتَابَنَا هَذَا كِتَابُ (أُصُولِ الْفِقْهِ) لَمْ يُوضَعْ
لِفُرُوعِهِ لِأَنَّهَا لَا تُحْصَى إِلَّا بِمَعْرِفَةِ أُصُولِهَا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْعَوْنِ وَالتَّوْفِيقِ لَا شَرِيكَ له