مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اسْتَشَارَ فِي الْخَمْرِ
يَشْرَبُهَا الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ نَرَى أَنْ تَجْلِدَهُ ثَمَانِينَ فَإِنَّهُ إذا

شَرِبَ سَكِرَ وَإِذَا سَكِرَ هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى أَوْ كَمَا قَالَ فَجَلَدَ عُمَرُ فِي (...)
 
مَالِكٌ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اسْتَشَارَ فِي الْخَمْرِ
يَشْرَبُهَا الرَّجُلُ فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ نَرَى أَنْ تَجْلِدَهُ ثَمَانِينَ فَإِنَّهُ إذا
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 6
شَرِبَ سَكِرَ وَإِذَا سَكِرَ هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى أَوْ كَمَا قَالَ فَجَلَدَ عُمَرُ فِي الْخَمْرِ
ثَمَانِينَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَقَدْ رُوِيَ مُتَّصِلًا من حديث بن
عَبَّاسٍ
ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي كِتَابِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ قَالَ حَدَّثَنِي بَهْزُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ
بْنُ كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فليج عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عن بن
عَبَّاسٍ أَنَّ الشُّرَّابَ كَانُوا يُضْرَبُونَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَيْدِي
وَبِالنِّعَالِ وَبِالْعِصِيِّ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانُوا فِي خِلَافَةِ أَبِي
بَكْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُمْ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَوْ فرضنا لهم
حدا يتوخى نحو ما كان يُضْرَبُونَ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَجْلِدُهُمْ أربعين ثم كان عمر بعده يَجْلِدُهُمْ كَذَلِكَ أَرْبَعِينَ حَتَّى أُتِيَ
بِرَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَقَدْ شَرِبَ فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُجْلَدَ فَقَالَ لَهُ لِمَ تَجْلِدُنِي بَيْنِي
وَبَيْنَكَ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ عُمَرُ فِي أَيِّ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَجَدْتَ لَا أَجْلِدُكَ
فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصلحت جناح
فيما طمعوا إذا ما اتقوا وءامنوا وعملوا الصلحت ثم) الْمَائِدَةِ 93 فَأَنَا مِنَ الَّذِينَ
اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ وَالْمَشَاهِدَ فَقَالَ عُمَرُ ألا تردون عليه
ما يقول فقال بن عَبَّاسٍ إِنَّ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ نَزَلْنَ عُذْرًا لِلْمَاضِينَ وَحُجَّةً عَلَى الْبَاقِينَ
فَعَذَرَ الْمَاضِينَ بِأَنَّهُمْ لَقُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ أَنْ يُحَرِّمَ عَلَيْهِمُ الْخَمْرَ وَحُجَّةً عَلَى
الْبَاقِينَ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وجل يقول (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب
والأزلم رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) الْمَائِدَةِ 90 ثُمَّ قَرَأَ إِلَى
قَوْلِهِ (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) فَإِنْ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا
ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ نَهَى أَنْ يشرب الخمر قال عمر صدقت من
اتق اجْتَنَبَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ قَالَ عُمَرُ فَمَاذَا تَرَوْنَ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
إِذَا شَرِبَ سَكِرَ وَإِذَا سَكِرَ هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى وَعَلَى الْمُفْتَرِي ثَمَانُونَ جَلْدَةً فَأَمَرَ
بِهِ عَمَرُ فَجَلَدَهُ ثَمَانِينَ
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حدثني بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي
عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ شَرِبَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ الْخَمْرَةَ وَعَلَيْهِمْ يَزِيدُ بْنُ أَبِي
سُفْيَانَ وَقَالُوا هِيَ لَنَا حَلَالٌ وَتَأَوَّلُوا هَذِهِ الْآيَةَ (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 7
وعملوا الصلحت جناح فيما طعموا) الْمَائِدَةِ 93 قَالَ فَكَتَبَ فِيهِمْ إِلَى عُمَرَ فَكَتَبَ أَنِ
ابْعَثْ بِهِمْ إِلَيَّ قَبْلَ أَنْ يُفْسِدُوا مَنْ قِبَلَكَ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ اسْتَشَارَ فِيهِمُ النَّاسَ
فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ قَدْ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَشَرَعُوا فِي دِينِهِ مَا لَمْ
يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَاضْرِبْ رِقَابَهُمْ وَعَلِيٌّ سَاكِتٌ فَقَالَ مَا تَقُولُ يَا أَبَا الْحَسَنِ
فِيهِمْ قَالَ أرى أن تستتبهم فإن تابوا جلدتهم ثمانين ثَمَانِينَ لِشُرْبِهِمُ الْخَمْرَ وَإِنْ لَمْ
يَتُوبُوا ضَرَبْتَ أَعْنَاقَهُمْ فَإِنَّهُمْ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَشَرَعُوا فِي دِينِهِ مَا لَمْ يَأْذَنْ
بِهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَاسْتَتَابَهُمْ فَتَابُوا فَضَرَبَهُمْ ثَمَانِينَ
وروى بن وَهْبٍ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ كِلَاهُمَا قَالَا حَدَّثَنِي أسامة بن زيد الليثي أن بن
شِهَابٍ حَدَّثَهُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ كَلْبٍ
أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَجْلِدُ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ وَكَانَ عُمَرُ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَجْلِدُ فِيهَا أَرْبَعِينَ
قَالَ فَبَعَثَنِي خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ إِلَى عُمَرَ فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إن خالدا
بعثني إليك قال في ما قُلْتَ إِنِ النَّاسَ قَدِ اسْتَخَفُّوا الْعُقُوبَةَ فِي الْخَمْرِ وَأَنَّهُمُ انْهَمَكُوا
فَمَا تَرَى فِي ذَلِكَ فَقَالَ عُمَرُ لِمَنْ حَوْلَهُ وَكَانَ عِنْدَهُ عَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مَا تَرَوْنَ فِي ذَلِكَ مَا تَرَى يَا أَبَا الْحَسَنِ فَقَالَ
عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَرَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ نجلد فيها ثَمَانِينَ جَلْدَةً فَإِنَّهُ إِذَا سَكِرَ
هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى وَعَلَى الْمُفْتَرِي ثَمَانُونَ جَلْدَةً فَتَابَعَهُ أَصْحَابُهُ فَقَبِلَ ذَلِكَ عُمَرُ
فَكَانَ خَالِدٌ أَوَّلَ مَنْ جَلَدَ ثَمَانِينَ ثُمَّ جَلَدَ عُمَرُ نَاسًا ثَمَانِينَ
وَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ فِي قَلِيلِ الْخَمْرِ وَكَثِيرِهَا ثَمَانُونَ جَلْدَةً
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَأَى عَلِيٌّ وَمَنْ تَابَعَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ عِنْدَ انْهِمَاكِ النَّاسِ فِي الْخَمْرِ
وَاسْتِخْفَافِهِمُ الْعُقُوبَةَ فِيهَا أَنْ يَرْدَعُوهُمْ عَنْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَجِدُوا
فِي الْقُرْآنِ حَدًّا أَقَلَّ مِنْ حَدِّ الْقَذْفِ فَقَاسُوهُ عَلَيْهِ وَامْتَثَلُوهُ فِيهِ وَمَا فَعَلُوهُ فَسُنَّةٌ مَاضِيَةٌ
لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 8
وَقَوْلِهِ اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ
وَلِلْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَعْنَى مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي مَبْلَغِ الْحَدِّ فِي شَارِبِ الْخَمْرِ
فَالْجُمْهُورُ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى أَنَّ الْحَدَّ فِي ذَلِكَ ثَمَانُونَ جَلْدَةً
فَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ
وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ
وَقَوْلِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَحْمَدَ
وَإِسْحَاقَ
وَحُجَّتُهُمُ اتِّفَاقُ السَّلَفِ عَلَى مَا وَصَفْنَا
قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الظَّاهِرِ الْحَدُّ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعُونَ جَلْدَةً عَلَى الْحُرِّ
وَالْعَبْدِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَرْبَعُونَ عَلَى الْحُرِّ وَعَلَى الْعَبْدِ نِصْفُهَا
وَذَكَرَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ إِنْ ضَرَبَ الْإِمَامُ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ فَمَا دُونَهَا فَمَاتَ
الْمَضْرُوبُ فَالْحَقُّ قَتَلُهُ فَإِنْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فَمَاتَ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَصْلُ فِي حَدِّ الْخَمْرِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي حَدِيثِ ثَوْرِ بن زيد عن
عكرمة عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَضْرِبُونَ فِي الْخَمْرِ بِالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ وَالْعِصِيِّ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ ضَرَبَ فِيهَا
أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ عَنْ مَشُورَةٍ مِنْهُ فِي ذَلِكَ لِلصَّحَابَةِ لَمَّا انْهَمَكَ النَّاسُ فِي شُرْبِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ ثُمَّ زَادَ انْهِمَاكُهُمْ فِي شُرْبِهَا فِي زَمَنِ عُمَرَ فَشَاوَرَ الصَّحَابَةَ فِي الْحَدِّ
فِيهَا فَأَشَارَ عَلِيٌّ بِثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَمْ يُخَالِفُوهُ فَأَمْضَى عُمَرُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً
وَمَا رَوَاهُ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ وَالزُّهْرِيُّ وَمُحَمَّدُ
بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ قَالَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِشَارِبٍ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ قُومُوا إِلَيْهِ
فَقَامَ إِلَيْهِ النَّاسُ فَضَرَبُوهُ بِنِعَالِهِمْ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 9
ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو
سَلَمَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَالزُّهْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ
وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ شَاوَرَ
أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَأَلَهُمْ كَمْ بَلَغَ ضَرْبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِشَارِبِ الْخَمْرِ فَقَدَّرُوهُ بِأَرْبَعِينَ جَلْدَةً
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ عَنْ
أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ فِي
الْخَمْرِ بِنَعْلَيْنِ أَرْبَعِينَ فَجَعَلَ عُمَرُ مَكَانَ كُلِّ نَعْلٍ سَوْطًا
قَالَ وَحَدَّثَنِي وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ضَرَبَ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مِسْعَرٌ أَحْفَظُ عِنْدَهُمْ وَأَثْبَتُ مِنَ الْمَسْعُودِيِّ وَالْحَدِيثُ لِأَبِي الصِّدِّيقِ عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى أَنَّ زَيْدًا الْعَمِّيَّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ
وَأَثْبَتُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ الدَّانَاجُ وهو عبد الله بن فيروز من
ثقات أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَالدَّانَاجُ بِالْفَارِسِيَّةِ الْعَالِمُ بِالْعَرَبِيَّةِ - عَنْ أَبِي سَاسَانَ بْنِ الْمُنْذِرِ
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي حِينِ جَلْدِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ جَلَدَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ وَجَلَدَ عُمَرُ ثَمَانِينَ وَكُلٌّ سُنَّةٌ
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ وَهُمَا يُحْمَلَانِ عَنْهُ
جَمِيعًا
ذَكَرَ حَدِيثَ الدَّانَاجِ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حدثني بن عُلَيَّةَ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الدَّانَاجِ فَذَكَرَهُ
وَأَمَّا قَوْلُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَلِيلِ الْخَمْرِ وَكَثِيرِهَا ثَمَانُونَ جَلْدَةً فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ
مُجْمِعُونَ مِنْ صَدْرِ الْإِسْلَامِ إِلَى الْيَوْمِ أَنَّ الْحَدَّ وَاجِبٌ فِي قَلِيلِ الْخَمْرِ وَكَثِيرِهَا إِلَّا إِذَا
كَانَتْ خَمْرَ عِنَبٍ عَلَى مَنْ شَرِبَ شَيْئًا مِنْهَا فَأَقَرَّ بِهِ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ شَرِبَهَا لَا
يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي مَبْلَغِ الْحَدِّ عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ
وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا أَنَّ عَصِيرَ الْعِنَبِ إِذَا غَلَا وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ وَأَسْكَرَ الْكَثِيرُ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 10
مِنْهُ أَوِ الْقَلِيلُ أَنَّهُ الْخَمْرُ الْمُحَرَّمَةُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا وَأَنَّ مُسْتَحِلَّهَا كَافِرٌ
يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ
هَذَا كُلُّهُ مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ
وَاخْتَلَفُوا فِي شَارِبِ الْمُسْكِرِ مِنْ غَيْرِ خَمْرِ الْعِنَبِ إِذَا لَمْ يُسْكِرْ
فَأَهْلُ الْحِجَازِ يَرَوْنَ الْمُسْكِرَ حَرَامًا وَيَرَوْنَ فِي قَلِيلِهِ الْحَدَّ كَمَا فِي كَثِيرِهِ عَلَى مَنْ
شَرِبَهُ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ مِنْ
أَهْلِ الْعِرَاقِ
وَأَمَّا فُقَهَاءُ الْعِرَاقِ فَجُمْهُورُهُمْ لَا يَرَوْنَ فِي الْمُسْكِرِ عَلَى مَنْ شَرِبَهُ حَدًّا إِذَا لَمْ يُسْكِرْ
وَلَا يَدْعُونَ مَا عَدَا خَمْرِ الْعِنَبِ خَمْرًا وَيَدْعُونَهُ نَبِيذًا
وَسَنَذْكُرُ الْحُجَّةَ لِأَهْلِ الْحِجَازِ فِي قَوْلِهِمْ هَذَا إِذْ هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَ
قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سُئِلَ عَنِ الْبِتْعِ وَهُوَ شَرَابُ الْعَسَلِ فَقَالَ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي حَدِّ عَصِيرِ الْعِنَبِ الَّذِي إِذَا بَلَغَهُ كَانَ خَمْرًا فَاخْتِلَافٌ
مُتَقَارِبٌ فَنَذْكُرُهُ هُنَا لتكمل فائدة الكتاب بذلك
روى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَعْتَبِرُ الْغَلَيَانَ فِي عَصِيرِ الْعِنَبِ وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ
وَلَا إِلَى ذَهَابِ الثُّلُثَيْنِ فِي الْمَطْبُوخِ وَقَالَ أَنَا أَحُدُّ كُلَّ مَنْ شَرِبَ شَيْئًا مِنْ عَصِيرِ
الْعِنَبِ وَإِنْ قَلَّ إِذَا كَانَ يَسْكَرُ منه
وهو قول الشافعي
وقال اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَا بَأْسَ بِشُرْبِ عَصِيرِ الْعِنَبِ مَا لَمْ يَغْلِ وَلَا بَأْسَ بِشُرْبِ
مَطْبُوخِهِ إِذَا ذَهَبَ الثُّلُثَانِ وَبَقِيَ الثُّلُثُ
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ اشْرَبْ عَصِيرَ الْعِنَبِ حَتَّى يَغْلِيَ وَغَلَيَانُهُ أَنْ يَقْذِفَ بِالزَّبَدِ فَإِذَا
غَلَى فَهُوَ خمر
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 11
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ إِلَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ قَالَ إِذَا غَلَى فَهُوَ
خَمْرٌ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ يَقْذِفْ بِالزَّبَدِ
وَقَالُوا إِذَا طُبِخَ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ وَيَبْقَى الثُّلُثُ ثُمَّ غَلَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ
خَرَجَ مِنَ الْحَالِ الْمَكْرُوهَةِ الْحَرَامِ إِلَى حَالِ الْحَلَالِ فَسَوَاءٌ غَلَى بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَغْلِ
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ الْعَصِيرُ إِذَا أَتَتْ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَقَدْ حَرُمَ إِلَّا أَنْ يَغْلِيَ قَبْلَ
ذَلِكَ فَيَحْرُمَ
قَالَ وَكَذَلِكَ النَّبِيذُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِشُرْبِ الْعَصِيرِ مَا لَمْ يُزْبِدْ
وَإِذَا أَزْبَدَ فَهُوَ حَرَامٌ
هَذِهِ رِوَايَةُ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ عنه
وروى عنه قَتَادَةَ اشْرَبْهُ مَا لَمْ يَغْلِ فَإِذَا غَلَى فَهُوَ خَمْرٌ
وَكَذَلِكَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَعَامِرٌ الشَّعْبِيُّ
وَقَالَ الْحَسَنُ اشْرَبْهُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ اشْرَبْهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً
وَرَوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ علي
وعن عطاء وبن سِيرِينَ وَالشَّعْبِيِّ وَعَنْ عَطَاءٍ أَيْضًا اشْرَبْهُ ثَلَاثًا ما لم يغل
وقال بن عباس اشربه ما كان طريا
وقال بن عُمَرَ اشْرَبْهُ مَا لَمْ يَأْخُذْهُ شَيْطَانُهُ قِيلَ لَهُ وَمَتَى يَأْخُذُهُ شَيْطَانُهُ قَالَ فِي ثَلَاثٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ انْعَقَدَ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي زَمَنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ عَلَى الثَّمَانِينَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنْهُمْ وَعَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةُ التَّابِعِينَ
وَجُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ كَالشُّذُوذِ الْمَحْجُوجِ بِالْجُمْهُورِ
وَقَدْ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ مِنَ السَّبْعَةِ الْأَحْرُفِ الَّتِي
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 12
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَيْهَا وَمَنَعُوا مَا عَدَا مُصْحَفَ
عُثْمَانَ مِنْهَا وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ فَلَزِمَتِ الْحُجَّةُ بِهِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَيَتَّبِعْ
غير سبيل المؤمنين) النساء 115
وقال بن مَسْعُودٍ مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَسَنٌ
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ
بَعْدِي