مالك أن بن شِهَابٍ كَانَ يَقُولُ فِي دِيَةِ الْعَمْدِ إِذَا قُبِلَتْ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ
بِنْتَ مَخَاضٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً
وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ عِنْدَ مَالِكٍ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ دِيَةٌ مَعْلُومَةٌ وَإِنَّمَا فِيهِ الْقَوَدُ إِلَّا فِي (...)
 
مالك أن بن شِهَابٍ كَانَ يَقُولُ فِي دِيَةِ الْعَمْدِ إِذَا قُبِلَتْ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ
بِنْتَ مَخَاضٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً
وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ عِنْدَ مَالِكٍ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ دِيَةٌ مَعْلُومَةٌ وَإِنَّمَا فِيهِ الْقَوَدُ إِلَّا فِي عَهْدِ
الرَّجُلِ إِلَى ابْنِهِ بِالضَّرْبِ وَالْأَدَبِ فِي حِينِ الْغَضَبِ كَمَا صَنَعَ الْمُدْلِجِيُّ بِابْنِهِ فَإِنَّ فِيهِ
عِنْدَهُ الدِّيَةَ الْمُغَلَّظَةَ وَلَا قَوَدَ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ فِي مَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
فَإِنِ اصْطَلَحَ الْقَاتِلُ عَمْدًا وَوَلِيُّ الْمَقْتُولِ عَلَى الدِّيَةِ وَأَبْهَمُوا ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرُوا شَيْئًا مِنْ
ذَلِكَ بِعَيْنِهِ أَوْ عُفِيَ عَنِ الْقَاتِلِ عَمْدًا عَلَى الدِّيَةِ هَكَذَا وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ فَإِنَّ الدِّيَةَ
تَكُونُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ حَالَّةً فِي مَالِهِ أَرْبَاعًا كما قال بن شِهَابٍ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ
لَبُونٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً
وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ فَأَلْفُ دِينَارٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَرِقِ فَاثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ
حَالَّةٌ فِي مَالِهِ لَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى شَيْءٍ فَيَلْزَمُهُمَا
مَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ إِذَا قُبِلَتْ تَكُونُ مُؤَجَّلَةً كَدِيَةِ الخطأ في ثلاثه
سنين
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 43
والأول قول بن الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ وَهُوَ تَحْصِيلُ الْمَذْهَبِ
وَالدِّيَةُ فِي مذهب مالك ثلاث إحداها دِيَةُ الْعَمْدِ إِذَا قُبِلَتْ أَرْبَاعًا وَهِيَ كَمَا وصفنا
وهو قول بن شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ وَالثَّانِيَةُ دِيَةُ الْخَطَأِ أَخْمَاسًا وَسَيَأْتِي ذِكْرُهَا - كَمَا وَصَفْنَا
- فِي بَابِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَالثَّالِثَةُ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ أَثْلَاثًا ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جذعة وأربعون خلفة وهي الحوامل
وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلَّا فِي قَتْلِ الرَّجُلِ ابْنَهُ عَلَى الْوَصْفِ الَّذِي ذَكَرْنَا
وَأَمَّا لَوْ أَضْجَعَ الرَّجُلُ ابْنَهُ فَذَبَحَهُ أَوْ جَلَّلَهُ بِالسَّيْفِ أَوْ أَثَّرَ الضَّرْبُ عَلَيْهِ بِالْعَصَا أَوْ
غَيْرِهَا حَتَّى قَتَلَهُ عَامِدًا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ عِنْدَهُ بِهِ
وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا فِي مَوْضِعِهَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ
وَلَيْسَ يَعْرِفُ مَالِكٌ شِبْهَ الْعَمْدِ إِلَّا فِي الْأَبِ يَفْعَلُ بِابْنِهِ مَا وَصَفْنَا خَاصَّةً
وَإِنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ الْمَذْكُورَةُ مِنَ الْإِبِلِ عَلَى الْأَبِ إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ فَإِنْ
كَانَ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ فَالذَّهَبُ أَوِ الْوَرِقُ
وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي تَغْلِيظِ دِيَةِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فِي ذَلِكَ
فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ تَغْلِيظَهَا أَنْ تُقَوَّمَ الثَّلَاثُونَ حِقَّةً وَالثَّلَاثُونَ جَذَعَةً وَالْأَرْبَعُونَ الخلفة
بالدنانير أو الدراهم بَالِغًا مَا بَلَغَتْ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى أَلْفِ دِينَارٍ أَوِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ
دِرْهَمٍ
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ التَّغْلِيظَ فِي ذَلِكَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى قِيمَةِ دِيَةِ الْخَطَأِ أَخْمَاسًا فِي أَسْنَانِ
الْإِبِلِ ثُمَّ يَنْظُرُ إِذَا مَا زَادَتْ قِيمَةُ دِيَةِ التَّغْلِيظِ مِنَ الْإِبِلِ عَلَى قِيمَةِ دِيَةِ الْخَطَأِ فَيُزَادُ
مِثْلُ ذَلِكَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ
وهذا مذهب بن الْقَاسِمِ
وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهَا تُغَلَّظُ بِأَنْ تبلغ دية وثلثا يزاد فِي الدِّيَةِ ثُلُثُهَا
رَوَاهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَنْهُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الدِّيَةَ لَا تُغَلَّظُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَلَا عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ وَإِنَّمَا
تُغَلَّظُ فِي الْإِبِلِ خَاصَّةً عَلَى أهل الإبل
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 44
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى سُفْيَانُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ لَيْسَ فِي دِيَةِ
الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ مُغَلَّظَةٌ إِنَّمَا الْمُغَلَّظَةُ فِي الإبل خاصة على أهل الإبل
وروى بن الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ لَا يَكُونُ التَّغْلِيظُ فِي
شَيْءٍ مِنَ الدِّيَةِ إِلَّا فِي الْإِبِلِ وَالتَّغْلِيظُ فِي إِنَاثِ الْإِبِلِ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَالدِّيَةُ عِنْدَهُ اثْنَتَانِ لَا ثَالِثَةَ لَهُمَا مُخَفَّفَةٌ وَمُغَلَّظَةٌ فَالْمُخَفَّفَةُ دِيَةُ الْخَطَأِ
أَخْمَاسًا وَالْمُغَلَّظَةُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ وَفِي مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ كَالْأَبِ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُ
عِنْدَهُ وَفِي الْعَمْدِ إِذَا قُبِلَتِ الدِّيَةُ فِيهِ وَعُفِيَ عَنِ الْقَاتِلِ عَلَيْهَا وَهِيَ ثَلَاثُونَ حِقَّةً
وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً
وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي أَسْنَانِ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ
وَهَذِهِ الْأَسْنَانُ فِي ذَلِكَ مَذْهَبُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ
شُعْبَةَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ
وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما دل عَلَى ذَلِكَ
ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَنْ بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ
عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً مَا بَيْنَ ثَنِيَّةٍ
إِلَى باذل عَامِهَا كُلُّهَا خَلِفَةٌ
قَالَ وَحَدَّثَنِي جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ كَانَ أَبُو مُوسَى وَالْمُغِيرَةُ يَقُولَانِ فِي
الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ ثَنِيَّةً إِلَى بَازِلِ عَامِهَا كُلُّهَا خَلِفَةٌ
قَالَ وَحَدَّثَنِي وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنِي بن أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ
يَقُولُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً مَا بَيْنَ ثَنِيَّةٍ إِلَى بَازِلِ
عَامِهَا كُلُّهَا خَلِفَةٌ
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أَلَا إِنَّ قَتِيلَ الْخَطَأِ
شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا وَالْحَجَرِ دِيَتُهُ مُغَلَّظَةٌ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ
فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا فَهُوَ حَدِيثٌ مُضْطَرِبٌ لا يثبت من جهة الإسناد رواه بن عيينة
عن
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 45
عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ عن بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَرَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَهُشَيْمٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ
أَوْسٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَالْقَاسِمُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ جَوْشَنٍ الْغَطَفَانِيُّ ثِقَةٌ بَصْرِيٌّ يَرْوِي عَنْ عمر وعبد الرحمن بن
عوف وبن عُمَرَ وَرَوَى عَنْهُ أَيُّوبُ وَقَتَادَةُ وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ
وَأَمَّا عُقْبَةُ بْنُ أَوْسٍ فَرَجُلٌ مَجْهُولٌ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا الْقَاسِمُ بْنُ رَبِيعَةَ فِيمَا عَلِمْتُ يُقَالُ
فِيهِ الدَّوْسِيُّ وَيُقَالُ فِيهِ السَّدُوسِيُّ
وَقَدْ قِيلَ فِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ أَوْسٍ
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عُقْبَةُ بْنُ أَوْسٍ هُوَ يَعْقُوبُ بْنُ أَوْسٍ
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَلَيْسَ فِي الْعَمْدِ عِنْدَهُمْ دِيَةٌ فَإِنِ اصْطَلَحَ الْقَاتِلُ وَوَلِيُّ
الْمَقْتُولِ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ حَالٌّ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطُوا أَجَلًا
وَالدِّيَاتُ عِنْدَهُمُ اثْنَتَانِ دِيَةُ الْخَطَأِ أَخْمَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي ذِكْرُهُ فِي بَابِهِ بَعْدَ هَذَا لَمْ
يَخْتَلِفُوا فِيهَا
وَدِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ تَكُونُ أَرْبَاعًا خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ
وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً
وَهُوَ مَذْهَبُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
ذَكَرَهُ وَكِيعٌ قال وحدثني بن أبي خالد عن عامر قال كان بن مَسْعُودٍ يَقُولُ فِي شِبْهِ
الْعَمْدِ أَرْبَاعًا فَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنِي أَبُو الأحوص عن أبي إسحاق عن علقمة والأسود بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
قَالَ شِبْهُ الْعَمْدِ أَرْبَاعًا خَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَخَمْسٌ
وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ
وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَذَهَبَ إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَأَبِي مُوسَى وَزَيْدٍ وَالْمُغِيرَةِ وَقَدْ
تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 46
وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ دِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ فَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا
وَارْتَفَعَ الْقِصاصُ أَوْ قُبِلَتِ الدِّيَةُ فَهِيَ فِي مَالِ الْقَاتِلِ حَالَّةً أَرْبَاعًا خَمْسٌ وَعِشْرُونَ
بِنْتَ مَخَاضٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ
جَذَعَةً
قَالَ وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ شِبْهَ الْعَمْدِ فَكَمَا وَصَفْنَا فِي أَسْنَانِ الْإِبِلِ
قَالَ وَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُهَا
ذَهَبَ في ذلك مذهب بن مَسْعُودٍ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ
لِمَا ذَكَرْنَا فِيهِ مِنَ الِاضْطِرَابِ وَجَهْلِ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ - وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ
وَأَمَّا أَبُو ثَوْرٍ فَقَالَ الدِّيَةُ فِي العمد الذي لا قصاص فيه أو عفي عَنِ الْقَاتِلِ عَلَى
الدِّيَةِ وَفِي شِبْهِ الْعَمْدِ كُلُّ ذَلِكَ كَدِيَةِ الْخَطَأِ أَخْمَاسًا أَنَّهُ بَدَلٌ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا قِيلَ فِيهِ
وَقَالَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثٌ
وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ خَلِفَةً مِنْ ثَنِيَّةٍ إِلَى بَازِلِ عَامِهَا
وَهُوَ مَذْهَبُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ
عَلِيٍّ قَالَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ
ثَنِيَّةً إِلَى بَازِلِ عَامِهَا كُلُّهَا خَلِفَةٌ
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ مِثْلَهُ
وقال الحسن البصري وبن شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ وَطَاوُسٌ الْيَمَانِيُّ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ ثَلَاثُونَ
بِنْتَ لَبُونٍ وَثَلَاثُونَ حِقَّةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً
وَهَذَا مَذْهَبُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَرِوَايَةٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ
ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
وَعَنْ عَبْدِ رَبِّهِ عَنْ أَبِي عِيَاضٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَا فِي الْمُغَلَّظَةِ
أَرْبَعُونَ جَذَعَةً خَلِفَةً وَثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ بِنْتَ لَبُونٍ
وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ إِنَّ الدِّيَةَ الَّتِي غَلَّظَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 47
وَذَكَرَ طَاوُسٌ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَهَذَا مَا بَلَغَنَا فِي أَسْنَانِ دِيَةِ الْعَمْدِ وَأَسْنَانِ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ وَسَنَذْكُرُهَا عَنِ الْفُقَهَاءِ
وَأَئِمَّةِ الْفَتْوَى فهي صِفَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ وَكَيْفِيَّتِهِ وَمَنْ نَفَاهُ مِنْهُمْ وَمَنْ أَثْبَتَهُ فِيهِ فِي بَابِ
مَا يَجِبُ فِيهِ الْعَمْدُ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَيَأْتِي مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ فِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا فِي
هَذَا الْبَابِ شِبْهَ الْعَمْدِ مَعَ دِيَةِ الْعَمْدِ إِذَا قُبِلَتْ لِأَنَّ مَذَاهِبَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ
مُتَقَارِبَةٌ مُتَدَاخِلَةٌ وَجُمْهُورُهُمْ يَجْعَلُهَا سَوَاءً
وَقَدْ أَتَيْنَا فِي ذَلِكَ بِالرِّوَايَاتِ عَنِ السَّلَفِ وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ أَئِمَّةُ الْأَمْصَارِ
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَخْذِ الدِّيَةِ مِنْ قَاتِلِ العمد فقال مالك في رواية بن الْقَاسِمِ
عَنْهُ - وَهُوَ الْأَشْهَرُ مِنْ مَذْهَبِهِ - وَأَبُو حنيفة والثوري وأصحابه وبن شُبْرُمَةَ وَالْحَسَنُ
بْنُ حَيٍّ لَيْسَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ عَمْدًا إِلَّا الْقِصَاصُ وَلَا يَأْخُذُ الدِّيَةَ إِلَّا برضى الْقَاتِلِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ
وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ وَأَكْثَرِ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ
وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ اقْتَصَّ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ
رَضِيَ الْقَاتِلُ أَوْ لَمْ يَرْضَ
وَذَكَرَ بن عَبْدِ الْحَكَمِ الرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا عَنْ مَالِكٍ
وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يَرَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ إِلَّا الْقِصَاصَ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ سِنِّ الرُّبَيِّعِ أَنَّ
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ
وَحُجَّةُ مَنْ أَوْجَبَ لَهُ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَأَخْذِ الدِّيَةِ حَدِيثُ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ
وَأَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ قُتِلِ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بَيْنَ
خِيرَتَيْنِ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 48
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ بِخِيرِ نَظَرَيْنِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ وَبَيْنَ أَنْ يَعْفُوَ
وَهُمَا حَدِيثَانِ لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ فِي صِحَّتِهِمَا
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُسَدَّدٌ قَالَ
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي بن أَبِي ذِئْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ
سَمِعْتُ أَبَا شُرَيْحٍ (الْكَعْبِيَّ) يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَّا إِنَّكُمْ
مَعْشَرَ خُزَاعَةَ قَتَلْتُمْ هَذَا الْقَتِيلَ مِنْ هُذَيْلٍ وَإِنِّي عَاقِلُهُ فَمَنْ قُتِلَ لَهُ بَعْدَ مَقَالَتِي هَذِهِ
قَتِيلٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْعَقْلَ وَبَيْنَ أَنْ يَقْتُلَ
وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ
جَمَاعَةُ أَصْحَابِ يَحْيَى عَنْهُ
وَقَدْ ذَكَرْنَا طُرُقَ الْحَدِيثَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ أَفْرَدْنَا لَهَا جُزْءًا فِي مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
(فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ) الْبَقَرَةِ 178