مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّهُ أُتِيَ بِمَجْنُونٍ قَتَلَ رَجُلًا فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ أَنِ اعْقِلْهُ وَلَا تَقِدْ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَجْنُونٍ قَوَدٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ (...) |
مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي
سُفْيَانَ أَنَّهُ أُتِيَ بِمَجْنُونٍ قَتَلَ رَجُلًا فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ أَنِ اعْقِلْهُ وَلَا تَقِدْ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى مَجْنُونٍ قَوَدٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَفْعِ الْقِصَاصِ عَنِ الْمَجْنُونِ إِذَا كَانَ مُطْبِقًا لَا يَفِيقُ ما فيه رجاء من الشفاء حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي حَمْدُونُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي شَيْبَانُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَرُّوخَ قَالَ حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 49 قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم رفع القلم عن ثلاثة عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الْغُلَامِ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَفِيقَ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَا جَنَاهُ الْمَجْنُونُ فِي حَالِ جُنُونِهِ هَدَرٌ وَأَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ فِي مَا يَجْنِي فَإِنْ كَانَ يَفِيقُ أَحْيَانًا وَيَغِيبُ أَحْيَانًا فَمَا جَنَاهُ فِي حَالِ إِفَاقَتِهِ (فَعَلَيْهِ) فِيهِ مَا عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْبَالِغِينَ غَيْرِ الْمَجَانِينِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْغُلَامَ وَالنَّائِمَ لَا يَسْقُطُ عنهما ما أتلفا مِنَ الْأَمْوَالِ وَإِنَّمَا يَسْقُطُ عَنْهُمُ الْإِثْمُ وَأَمَّا الْأَمْوَالُ فَتُضْمَنُ بِالْخَطَأِ كَمَا تُضْمَنُ بِالْعَمْدِ وَالْمَجْنُونُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِثْلُهُمَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ وَإِنْ كَانَ عَامَّ الْمَخْرَجِ فَإِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَا وَصَفْنَا رَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّ عَمْدَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ خَطَأٌ قَالَهُ مَعْمَرٌ وَقَالَهُ قَتَادَةُ أَيْضًا قَالَ مَعْمَرٌ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ إِنْ كَانَ الْمَجْنُونُ لَا يَعْقِلُ فَقَتَلَ إِنْسَانًا فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّ عَمْدَهُ خَطَأٌ وَإِنْ كَانَ يَعْقِلُ فَالْقَوَدُ وَقَالَهُ الشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ وَالْإِسْنَادُ لَيْسَ بِقَوِيٍّ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ جَعَلَ جِنَايَةَ الْمَجْنُونِ عَلَى الْعَاقِلَةِ قَالَ وَحَدَّثَنِي حَفْصٌ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ مَا أَصَابَ الْمَجْنُونُ فِي حَالِ جُنُونِهِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ وَمَا أَصَابَ فِي حَال إِفَاقَتِهِ أُقِيدَ مِنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ فِي قَتْلِ الصَّبِيِّ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَنَّهُ كُلُّهُ خَطَأٌ تَحْمِلُ مِنْهُ الْعَاقِلَةُ مَا تَحْمِلُ مِنْ خَطَأِ الْكَبِيرِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَمْدُ الصَّبِيِّ في ماله الجزء: 8 ¦ الصفحة: 50 قَالَ أَبُو عُمَرَ يُحْتَجُّ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ بِمَا قاله بن عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ الْعَاقِلَةُ لَا تَحْمِلُ عَمْدًا يُرِيدُونَ الْعَمْدَ الَّذِي لَا قَوَدَ فِيهِ كَعَمْدِ الصَّبِيِّ وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا لَا قِصَاصَ فِيهِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ إِذَا قَتَلَا رَجُلًا جَمِيعًا عَمْدًا أَنَّ عَلَى الْكَبِيرِ أَنْ يُقْتَلَ وَعَلَى الصَّغِيرِ نِصْفُ الدِّيَةِ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ يَقْتُلَانِ الْعَبْدَ فَيُقْتَلُ الْعَبْدُ وَيَكُونُ عَلَى الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَتِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ إِلَّا أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَجْعَلُ نِصْفَ الدِّيَةِ عَلَى الصَّغِيرِ فِي مَالِهِ كَمَا أَنَّ عَلَى الْحُرِّ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَلَا عَبْدًا وَقَوْلُ مَالِكٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ لِأَنَّ عَمْدَهُ خَطَأٌ وَالسُّنَّةُ أَنَّ تَحْمِلَ الْعَاقِلَةُ دِيَةَ الْخَطَأِ قَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا قَتَلَ رَجُلٌ مَعَ صَبِيٍّ رَجُلًا قُتِلَ الرَّجُلُ وَعَلَى الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَكَذَلِكَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ إِذَا قَتَلَا عَبْدًا عَمْدًا وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ إِذَا قَتَلَا ذِمِّيًّا قَالَ فَإِنْ شَرَكَ الْعَامِدُ قَاتِلَ خَطَأٍ فَعَلَى الْعَامِدِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَجِنَايَةُ الْمُخْطِئِ عَلَى عَاقِلَتِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا اشْتَرَكَ صَبِيٌّ وَرَجُلٌ أَوْ مَجْنُونٌ وَصَحِيحٌ أَوْ قَاتِلُ عَمْدٍ وَقَاتِلُ خَطَأٍ فِي قَتْلِ رَجُلٍ فَلَا قِصَاصَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ الدِّيَةُ وَهِيَ عَلَى الرَّجُلِ الْعَامِدِ فِي مَالِهِ وَفِي الْمُخْطِئِ عَلَى عَاقِلَتِهِ قَالُوا وَكَذَلِكَ إِذَا اشْتَرَكَ الْأَبُ وَالْأَجْنَبِيُّ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ فَالدِّيَةُ فِي أَمْوَالِهِمَا وَلَوْ كَانَ قَتْلُهُمَا خَطَأً كَانَتِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَحَدُ الْأَجْنَبِيَّيْنِ عَامِدًا وَالْآخَرُ مُخْطِئًا كَانَ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْعَامِدِ وَالنِّصْفُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ وَلَا قَوَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُمْ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ أَنَّ عَمْدَهُمَا خَطَأٌ أَبَدًا عَلَى عَوَاقِلِهِمَا وَقَوْلُ زُفَرَ فِي هَذَا الْبَابِ كَقَوْلِ مَالِكٍ يُقْتَلُ الْعَامِدُ الْبَالِغُ وَيَغْرَمُ الْأَبُ أَوِ الْمُخْطِئُ نِصْفَ الدِّيَةِ وَهِيَ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 51 وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي مَنْعِ الْقَوَدِ مِنَ الْعَامِدِ إِذَا شَرَكَهُ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ فَقَالَ إِنْ كُنْتَ رَفَعْتَ عَنْهُمَا الْقَتْلَ لِأَنَّ الْقَلَمَ عَنْهُمَا مَرْفُوعٌ وَأَنَّ عَمْدَهُمَا خَطَأٌ فَقَدْ تَرَكَتْ أَصْلَكَ فِي الْأَبِ يَشْتَرِكُ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ لِأَنَّ الْقَلَمَ عَنِ الْأَبِ لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ يَقُولُ فَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِ بِحُكْمِ مَنْ رُفِعَ عَنْهُ الْقَلَمُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الصَّبِيِّ وَالرَّجُلِ يَشْتَرِكَانِ فِي قَتْلِ الرَّجُلِ أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِمَا وَأَنَّ الدِّيَةَ عَلَى عَوَاقِلِهِمَا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقِيَاسُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَحْكُومًا عَلَيْهِ بِحُكْمِ نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ كَأَنَّهُ انْفَرَدَ بِالْقَتْلِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَزُفَرَ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ فِي الدِّيَةِ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ إِذَا اجْتَمَعَ رَجُلٌ وَغُلَامٌ عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ قُتِلَ الرَّجُلُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الْغُلَامِ الدِّيَةُ كَامِلَةً وَقَالَ حَمَّادٌ يُقْتَلُ الرَّجُلُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ وَقَالَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ إِذَا اجْتَمَعَ صَبِيٌّ أَوْ مَعْتُوهٌ أَوْ مَنْ لَا يُقَادُ مِنْهُ مَعَ مَنْ يُقَادُ مِنْهُ فِي الْقَتْلِ فَهِيَ دِيَةٌ كُلُّهَا |