مالك أن بن شِهَابٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانُوا
يَقُولُونَ دِيَةُ الْخَطَأِ عِشْرُونَ بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون بن لَبُونٍ ذَكَرًا
وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً قَالَ أبو عمر هكذا رواه بن جريج عن بن شِهَابٍ
كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ
ذَكَر عَبْدُ الرَّزَّاقِ (...)
 
مالك أن بن شِهَابٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَرَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانُوا
يَقُولُونَ دِيَةُ الْخَطَأِ عِشْرُونَ بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون بن لَبُونٍ ذَكَرًا
وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً قَالَ أبو عمر هكذا رواه بن جريج عن بن شِهَابٍ
كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ
ذَكَر عَبْدُ الرَّزَّاقِ قال أخبرنا بن جريج قال قال لي بن شِهَابٍ عَقْلُ الْخَطَأِ خَمْسَةُ
أَخْمَاسٍ عِشْرُونَ ابْنَةَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ ابْنَةَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جذعة
وعشرون بن لَبُونٍ
وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِخِلَافِ ذَلِكَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي أَسْنَانِ الْإِبِلِ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 53
فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ بِمَا رُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ بن يسار وبن شِهَابٍ وَرَبِيعَةَ مِثْلُ ذَلِكَ
فَقَالُوا الدِّيَةُ فِي ذَلِكَ أَخْمَاسٌ عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لبون وعشرون بن
لَبُونٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً
وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ لَا تَكُونُ إِلَّا أَخْمَاسًا كَمَا قَالَ مَالِكٌ
وَالشَّافِعِيُّ إلا أنهم جعلوا مكان بن لبون بن مخاض فقالوا عشرون بنت مخاض
وعشرون بن مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً
وَقَدْ رَوَى زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ أَخْمَاسًا
إِلَّا أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَرْفَعْهُ إِلَّا خِشْفُ بْنُ مَالِكٍ الْكُوفِيُّ الطَّائِيُّ وَهُوَ مَجْهُولٌ لِأَنَّهُ
لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَزَيْدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ حَرْمَلَةَ الطَّائِيُّ الْجُشَمِيُّ من بني
جشم أحد ثقات الكوفيين وإنما يروي هذا الحديث عن بن مسعود قوله وقد روي فيه
عن بن مَسْعُودٍ الْوَجْهَاتِ جَمِيعًا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحِجَازِيُّونَ وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْكُوفِيُّونَ
وَرَوَى وَكِيعٌ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أن بن مَسْعُودٍ قَالَ
دِيَةُ الْخَطَأِ أَخْمَاسٌ عِشْرُونَ حِقَّةً وعشرون جذعة وعشرون بنت مخاض وعشرون
بن مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ
وَوَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلَهُ
فَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الْكُوفِيُّونَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ
وَقَدْ رَوَى حديث بن مَسْعُودٍ هَذَا عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحِجَازِيُّونَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَلْقَمَةَ
وَالْأَسْوَدِ قَالَا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ أَخْمَاسٌ عِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ
جَذَعَةً وَعِشْرُونَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ بَنِي لَبُونٍ وَعِشْرُونَ بَنَاتِ مَخَاضٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الثَّوْرِيُّ أَثْبَتُ مِنْ أَبِي الْأَحْوَصِ فِي أَبِي إِسْحَاقَ وَفِي غَيْرِهِ وَأَبُو
الْأَحْوَصِ هَذَا سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمَانَ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 54
وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالُ السَّلَفِ غَيْرُ هَذِهِ مِنْهَا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَذَهَبَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ
ذَكَر وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ
وَحَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ
أَرْبَاعًا خَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتِ لَبُونٍ
وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتِ مَخَاضٍ
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ أَرْبَاعًا إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَ مَوْضِعَ بَنَاتِ
مَخَاضٍ بَنِي لَبُونٍ
ذَكَرَ عبد الرزاق أخبرنا بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَطَاءٌ قَالَ قَالَ عَطَاءٌ دِيَةُ الْخَطَأِ مِائَةٌ
مِنَ الْإِبِلِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتِ
مَخَاضٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَنِي لَبُونٍ ذُكُورٍ
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ جَعَلَ دِيَةَ الْخَطَأِ أَرْبَاعًا كَقَوْلِ عَلِيٍّ سَوَاءً إِلَّا
أَنَّهُ زَادَ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ بَنَاتُ مَخَاضٍ فَبَنُو لَبُونٍ
وَذَكَرَ أَنَّهُ بَلَغَهُ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ذَكَرَ بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ بِذَلِكَ
وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَذْهَبَانِ إِلَى أَنَّ الدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ تَكُونُ أَرْبَاعًا
كَقَوْلِ عَلِيٍّ إِلَّا أَنَّهُمَا خَالَفَا فِي الْأَسْنَانِ
ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
وَعَنْ عَبْدِ رَبِّهِ عَنْ أَبِي عِيَاضٍ عَنْ عُثْمَانَ وَزَيْدٍ قَالَا فِي الْخَطَأِ ثَلَاثُونَ جَذَعَةً
وَثَلَاثُونَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ بَنَاتِ مَخَاضٍ وعشرون بني لبون
وإلى هذا ذهب بن شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ فِي مَا رَوَاهُ مَعْمَرٌ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ دِيَةُ الْخَطَأِ مِنَ الْإِبِلِ ثَلَاثُونَ
حِقَّةً وَثَلَاثُونَ ابْنَةَ لَبُونٍ وَثَلَاثُونَ بَنَاتِ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بَنِي لَبُونٍ إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَ فِي
مَوْضِعِ الجذعة حقة
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 55
وَرَوَى وَكِيعٌ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنِ بن أَبِي لَيْلَى عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ زَيْدٍ فِي دِيَةِ
الْخَطَأِ ثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَثَلَاثُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ بَنَاتِ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بَنِي لَبُونٍ
وَرَوَى مَعْمَرٌ عن بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دِيَةُ الْخَطَأِ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ بَنِي لَبُونٍ
وَثَلَاثُونَ ابْنَةَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بَنِي لَبُونٍ ذُكُورٍ
وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزهري عن بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ قَالَ ثَلَاثُونَ
حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَثَلَاثُونَ ابْنَةَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ بَنِي لَبُونٍ ذُكُورٍ
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ دِيَةُ الْخَطَأِ تُؤْخَذُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ أَخْمَاسًا عِشْرِينَ بَنَاتِ مَخَاضٍ
وَعِشْرِينَ بَنِي مَخَاضٍ وَعِشْرِينَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَعِشْرِينَ حِقَّةً وَعِشْرِينَ جَذَعَةً
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهَا أَخْمَاسٌ وَكُلُّهُمْ يَدَّعِي التَّوْقِيفَ فِي مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
أَصْلًا لَا قِيَاسًا وَالَّذِي أَقُولُ إِنَّ كُلَّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ السَّلَفُ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ فِي
هَذَا الْبَابِ جَائِزٌ الْعَمَلُ بِهِ وَكُلُّهُ مُبَاحٌ لَا يَضِيقُ عَلَى قَائِلِهِ لِأَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الدِّيَةَ
مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ لَا يُزَادُ عَلَيْهَا وَأَنَّهَا الدِّيَةُ الَّتِي قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِهَا
وَلَا يَضُرُّهُمُ الِاخْتِلَافُ فِي أَسْنَانِهَا وَاجِبَةً إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِأَنَّ
مَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ عُمَرَ مُنْقَطِعٌ لَا يَثْبُتُ
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الرواية عن بن مَسْعُودٍ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ عَلِيٍّ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا قَوَدَ بَيْنَ الصِّبْيَانِ وَأَنَّ عَمْدَهُمْ خَطَأٌ مَا لَمْ
تَجِبْ عَلَيْهِمُ الْحُدُودُ وَيَبْلُغُوا الْحُلُمَ وَإِنْ قَتَلَ الصَّبِيُّ لَا يَكُونُ إِلَّا خَطَأً وَذَلِكَ لَوْ أَنَّ
صَبِيًّا وَكَبِيرًا قَتَلَا رَجُلًا حُرًّا خَطَأً كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ لَا قَوَدَ بَيْنَ الصِّبْيَانِ
فَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعَ عَلَيْهِ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ عَمْدَ الصِّبْيَانِ خَطَأٌ تَلْزَمُهُ الْعَاقِلَةُ فَإِنَّ الصَّبِيَّ إِذَا كَانَ لَهُ قَصْدٌ وَعُرِفَ
مِنْهُ تَمْيِيزٌ لِمَا يَتَعَمَّدُهُ فَهَذَا الَّذِي عَمِلَهُ خَطَأٌ لِارْتِفَاعِ الْقَلَمِ عَنْهُ فِي الْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ
وَسَائِرِ الْفَرَائِضِ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 56
وَأَمَّا إِذَا كَانَ طِفْلًا فِي الْمَهْدِ أَوْ مُرْضَعًا لَا تَمْيِيزَ لَهُ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ قَصْدٌ وَلَا تَعَمُّدٌ
فَهُوَ كَالْبَهِيمَةِ الْمُهْمَلَةِ الَّتِي جُرْحُهَا جُبَارٌ
وَهَذَا أَصْلٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِيهِ إِلَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ
قَالَ بِقَوْلِهِ فِي أَنَّ عَمْدَ الصَّبِيِّ فِي مَالِهِ لَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ
قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ قَتَلَ خَطَأً فَإِنَّمَا عَقْلُهُ مال لا قود فيه وإنما هو كغيره مِنْ مَالِهِ يُقْضَى
بِهِ دَيْنُهُ
وَيَجُوزُ فِيهِ وَصِيَّتُهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ تَكُونُ الدِّيَةُ قَدْرَ ثُلُثِهِ ثُمَّ عُفِيَ عَنْ دِيَتِهِ فَذَلِكَ
جَائِزٌ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُ دِيَتِهِ جَازَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ إِذَا عُفِيَ عَنْهُ
وَأَوْصَى بِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ كَسَائِرِ مَالِ الْمَقْتُولِ يَرِثُهُ
عَنْهُ وَرَثَتُهُ ذَوُو الْفُرُوضِ وَالْعَصَبَةِ إِلَّا أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ شَذَّتْ فَلَمْ أَرَ لِذِكْرِ
مَا أَتَتْ بِهِ وَجْهًا
وَقَدْ كَانَ عمر بن الخطاب يقول لا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا
حَتَّى أَخْبَرَهُ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ الْكِلَابِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ
إِلَيْهِ أَنْ يُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا
وَكَانَ قَتْلُ أَشْيَمَ خَطَأً فَقَضَى بِهِ عُمَرُ
وَالنَّاسُ بَعْدَهُ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ دِيَةَ الْمَقْتُولِ كَسَائِرِ مَالِهِ تَجُوزُ فِيهِ وَصِيَّتُهُ كَمَا تَجُوزُ فِي
مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا غَيْرَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ مِنَ الْوَصِيَّةِ بِهَا إِلَّا ثُلُثُهَا فَإِنَّ عُفِيَ عَنْهَا
فَلِلْعَاقِلَةِ ثُلُثُهَا وَيَغْرَمُونَ الثُّلُثَيْنِ وَالْعَفْوُ هُنَا كَالْوَصِيَّةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُ دِيَتِهِ وَلَا
يَرِثُ الْقَاتِلُ شَيْئًا مِنْهَا لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ مُجْمِعُونَ أَنَّ الْقَاتِلَ خَطَأً لَا يَرِثُ مِنَ الدِّيَةِ شَيْئًا
كَمَا أَجْمَعُوا أَنَّ الْقَاتِلَ عَمْدًا لَا يَرِثُ مِنَ الْمَالِ وَلَا مِنَ الدِّيَةِ شَيْئًا
ذَكَرَ عَبْدُ الرزاق قال أخبرنا بن جُرَيْجٍ قَالَ سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ إِنْ وَهَبَ الَّذِي يُقْتَلُ
خَطَأً دِيَتَهُ لِلَّذِي قَتْلَهُ فَإِنَّمَا له منها ثلثها إنما هو ماله فَيُوصِي فِيهِ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ قَالَ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِذَا تَصَدَّقَ
الرَّجُلُ بِدِيَتِهِ وَقُتِلَ خَطَأً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَالثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ جَائِزٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ
غَيْرُهُ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 57
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مُجْمَلُهُ فِي مَنْ قُتِلَ خَطَأً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُ دِيَتِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ
مَالٌ غَيْرُ دِيَتِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِجَمِيعِهَا كَمَا قَالَ مَالِكٌ
وَأَمَّا مَنْ قُتِلَ عَمْدًا فَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ دَمِهِ وَعَنْ كُلِّ مَا يَجِبُ لَهُ فِيهِ كَمَا لَهُ أَنْ
يُصَالِحَ عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنَ الدِّيَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) الْمَائِدَةِ
45
ذَكَرَ عبد الرزاق عن معمر عن بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ إِذَا تَصَدَّقَ الرَّجُلُ بِدَمِهِ
وَكَانَ قَتْلٌ عَمْدًا فَهُوَ جَائِزٌ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ إِذَا كَانَ عَمْدًا فَهُوَ جَائِزٌ وَلَيْسَ فِي
الثُّلُثِ
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَقَالَ هِشَامٌ عَنِ الْحَسَنِ إِذَا كَانَ خَطَأً فَهُوَ فِي الثلث
قال وأخبرنا بن جريج قال أخبرني بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ إِذَا أُصِيبَ رَجُلٌ
فَتَصَدَّقَ بِنَفْسِهِ فَهُوَ جَائِزٌ قَالَ فَقُلْنَا لَهُ ثُلُثُهُ فَقَالَ بَلْ كُلُّهُ
قَالَ وَأَمَّا اختلاف الفقهاء في الوصية للقاتل فروى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ إِذَا
ضَرَبَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَأَوْصَى لَهُ الْمَضْرُوبُ ثُمَّ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ جَازَتِ الْوَصِيَّةُ فِي
مَالِهِ وَفِي ديته إذا علم بذلك منه ولو أوصى لَهُ بِوَصِيَّةٍ ثُمَّ قَتَلَهُ الْمُوصِي لَهُ عَمْدًا
أَوْ خَطَأً فَالْوَصِيَّةُ لِقَاتِلِ الْخَطَأِ تَجُوزُ فِي مَالِهِ وَلَا تَجُوزُ فِي دِيَتِهِ
وَقَاتِلُ الْعَمْدِ لَا تَجُوزُ لَهُ وَصِيَّةٌ مِنَ الْمَقْتُولِ فِي مَالِهِ وَلَا فِي دِيَتِهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ لَا تَجُوزُ وَصِيَّةُ الْمَقْتُولِ لِلْقَاتِلِ
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ فَإِنْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ جَازَتْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَلَمْ تَجُزْ عِنْدَ أَبِي
يُوسُفَ
قَالَ وَالْقِيَاسُ مَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ لِأَنَّهُ لَمَّا جَعَلَهَا كَالْمِيرَاثِ فِي بُطْلَانِهَا فِي الْقَتْلِ وَجَبَ
أَلَّا تَجُوزَ بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ كَمَا لَا يَجُوزُ الْمِيرَاثُ بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ
قَالَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الدِّيَةِ وَسَائِرِ مَالِهِ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مَالُ الْمَيِّتِ مَوْرُوثٌ عَنْهُ
قَالَ وَلَا فَرْقَ أَيْضًا بَيْنَ أَنْ تَتَقَدَّمَ الْجِنَايَةُ عَلَى الوصية أو تتأخر عَنْهَا لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ
لَوْ جَازَتْ كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِالْمَوْتِ وَهَذَا قَاتِلٌ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ عَفَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَمْدًا عَنْ قَوَدٍ وَعَقْلٍ جَازَ فِيمَا لَزِمَهُ بالجناية
ولم يجز في ما زاد لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ بَعْدُ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 58
وَلَوْ قَالَ قَدْ عَفَوْتُ عَنْهَا وَعَمَّا يَحْدُثُ مِنْهَا مَنْ عَقْلٍ وَقَوَدٍ ثُمَّ مَاتَ فَلَا سَبِيلَ إِلَى
الْقَوَدِ لِلْعَفْوِ وَجَازَ مَا عَفَى عَنْهُ فِي ثُلُثِ مَالِهِ
قَالَ وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ إِنَّ الْخَارِجَ يُؤْخَذُ بِجَمِيعِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهَا صَارَتْ نَفْسًا
قَالَ وَلَا تَجُوزُ لَهُ وَصِيَّةٌ بِحَالٍ
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْمُزَنِيُّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ مَنْ قُتِلَ خَطَأً فَإِنَّمَا عَقْلُهُ مَالٌ لَا قَوَدَ فِيهِ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ
لِأَنَّ قَتْلَ الْخَطَأِ لَا قَوَدَ فِيهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ
مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ) النِّسَاءِ 92
فَجَعَلَهَا دِيَةً وَكَفَّارَةً لَا غَيْرَ
وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ