قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ فِي الْخَطَأِ أَنَّهُ لَا يُعْقَلُ حَتَّى يَبْرَأَ
الْمَجْرُوحُ وَيَصِحَّ وَأَنَّهُ إِنْ كُسِرَ عَظْمٌ مِنَ الْإِنْسَانِ يَدٌ أَوْ رِجْلٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ
الْجَسَدِ خَطَأً فَبَرَأَ وَصَحَّ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ فَلَيْسَ فِيهِ عَقْلٌ فَإِنْ نَقَصَ أَوْ كَانَ (...)
 
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ فِي الْخَطَأِ أَنَّهُ لَا يُعْقَلُ حَتَّى يَبْرَأَ
الْمَجْرُوحُ وَيَصِحَّ وَأَنَّهُ إِنْ كُسِرَ عَظْمٌ مِنَ الْإِنْسَانِ يَدٌ أَوْ رِجْلٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ
الْجَسَدِ خَطَأً فَبَرَأَ وَصَحَّ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ فَلَيْسَ فِيهِ عَقْلٌ فَإِنْ نَقَصَ أَوْ كَانَ فِيهِ عَثَلٌ فَفِيهِ
مِنْ عَقْلِهِ بِحِسَابِ مَا نَقَصَ مِنْهُ
قَالَ مَالِكٌ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَظْمُ مِمَّا جَاءَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقْلٌ
مُسَمًّى فَبِحِسَابِ مَا فَرَضَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَمَا كَانَ مِمَّا لَمْ يَأْتِ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقْلٌ مُسَمًّى وَلَمْ تَمْضِ
فِيهِ سُنَّةٌ وَلَا عَقْلٌ مُسَمًّي فَإِنَّهُ يَجْتَهِدُ فِيهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ كُلُّهُ صَحِيحٌ حَسَنٌ أَمَّا قَوْلُهُ إِنَّهُ لَا يُعْقَلُ فِي الْخَطَأِ جُرْحُ الْمَجْرُوحِ
حَتَّى يَبْرَأَ
فَعَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَقَالُوا لَا يُقَادُ مِنَ الْجُرْحِ الْعَمْدِ وَلَا يعقل
الخطأ حتى يصح ويبرأ
قال بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَا يُقَادُ مِنْ جِرَاحَةٍ عَمْدًا إِلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ وَلَا يُعْقَلُ الْخَطَأُ إِلَّا
بَعْدَ الْبُرْءِ
وَكَذَلِكَ قَالَ الثَّوْرِيُّ
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ يَتَرَبَّصُ بِالسِّنِّ بِالْجِرَاحُ سَنَةً مَخَافَة أَنْ يَنْتَقِصَ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 59
وقال أبو حنيفة فيمن كسر سن رجل لَا أَرْشَ فِيهِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَيَحْكُمَ
بِمَا يَؤُولُ إِلَيْهِ أَمْرُهُ وَكَذَلِكَ الْجِرَاحَاتُ لَا يَقْضِي فِيهَا بِأَرْشٍ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى مَا تَؤُولُ
وَذَكَرَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعَ رَجُلٍ فَسَأَلَ الْمَقْطُوعُ الْقَوَدَ سَاعَةَ قُطِعَ
أَقَدْتُهُ فَإِنْ ذَهَبَتْ كَفُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ جَعَلْتُ عَلَى الْجَانِي أَرْشَ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ دِيَتِهَا وَلَوْ
مَاتَ مِنْهَا قَتَلْتُهُ فَإِنْ قُطِعَ أُصْبُعُهُ فَتَآكَلَتْ فَذَهَبَتْ كَفُّهُ أَقَدْتُهُ مِنَ الْأُصْبُعِ وَأَخَذَ أَرْشَ
يَدِهِ إِلَّا أُصْبُعًا وَلَمْ يَنْتَظِرْهُ أَيَبْرَأُ إِلَى مِثْلِ جِنَايَتِهِ أَمْ لَا قَالَ أَبُو عُمَرَ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَبُو
حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ وَالْمَدَنِيُّونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْ جرح ولا يبدي
حتى يبرأ
وقال الشافعي يقتص منه في الحال ولا ينتظر أن يَبْرَأَ
وَالِاخْتِيَارُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ وَهُمْ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مِنْ مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ وَمُرْسَلِ مُحَمَّدِ بْنِ
طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَمْرِو بْنِ رُكَانَةَ وَمِنْ مُرْسَلِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ
ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ رُكَانَةَ
وَعَنْ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وعن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ
وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ مَنْ سَمِعَ عِكْرِمَةَ أَنَّ رَجُلًا طَعَنَ رَجُلًا بِقَرْنٍ فِي رِجْلِهِ فَجَاءَ إِلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَقِدْنِي
فَقَالَ حَتَّى تَبْرَأَ قَالَ أَقِدْنِي
قَالَ حَتَّى تَبْرَأَ ثُمَّ قَالَ أَقِدْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَأَقَادَهُ ثُمَّ عَرَجَ وَصَحَّ الْمُسْتَقَادُ مِنْهُ فَجَاءَ
الْمُسْتَقِيدُ فَقَالَ عَرَجْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ
فَقَالَ لَا شَيْءَ لَكَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ اصْبِرْ حَتَّى تَبْرَأَ!
وَفِي رِوَايَةٍ أَبْعَدَكَ اللَّهُ وَأَبْطَلَ عَرَجَكَ عَصَيْتَنِي أَلَّا تَسْتَقِيدَ حَتَّى يَبْرَأَ جُرْحُكَ ثُمَّ أَمَرَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم مَنْ جُرِحَ أَلَّا يُسْتَقَادَ حَتَّى يَبْرَأَ جُرْحُهُ
وَذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي بن عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو
بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَجُلًا طَعَنَ رَجُلًا بِقَرْنٍ فِي رُكْبَتِهِ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَقِيدُ فَقَالَ لَهُ حَتَّى تَبْرَأَ
فَأَبَى وَعَجَّلَ وَاسْتَقَادَ فَعَثَمَتْ رِجْلُهُ وَبَرِئَتْ رِجْلُ الْمُسْتَقَادِ مِنْهُ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَيْسَ لَكَ شَيْءٌ أَبَيْتَ
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ عِيسَى بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 60
الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى طَرِيفِ بْنِ رَبِيعَةَ وَكَانَ قَاضِيًا بِالشَّامِ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ ضَرَبَ
حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ بِالسَّيْفِ فَجَاءَتِ الْأَنْصَارُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا الْقَوَدَ
فقال النبي تَنْتَظِرُونَ فَإِنْ يَبْرَأْ صَاحِبُكُمْ تُقَصُّوا وَإِنْ يَمُتْ نُقِدْكُمْ بَعْدُ فِي حَسَّانَ
فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ هَدْيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَفْوِ فَعَفَوْا
وَأَعْطَاهُمْ صَفْوَانُ جَارِيَةً وَهِيَ أُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا فِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ أَعْطَى حَسَّانَ الْجَارِيَةَ الَّتِي
هِيَ أُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَمَّا عَفَا عَنْهُ
وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْخَبَرِ وَالسِّيَرِ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْأَثَرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي أَعْطَى حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ إِذْ عَفَا عَنْ صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطَّلِ الْجَارِيَةَ
الْمُسَمَّاةَ سِيرِينَ وَهِيَ أُخْتُ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ وَكَانَتْ مِنْ هَدِيَّةِ الْمُقَوْقِسِ صَاحِبِ مِصْرَ
وَالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لِحَسَّانَ سِيرِينَ فأولدها عبد الرحمن بن سِيرِينَ وَاتَّخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَارِيَةَ لِنَفْسِهِ فَوَلَدَتْ لَهُ إِبْرَاهِيمَ ابْنَهُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ إِنْ كُسِرَ عَظْمٌ مِنَ الْإِنْسَانِ يَدٌ أَوْ رِجْلٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ إِلَى آخِرِ قَوْلِهِ فَقَدْ
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا ذَكَرَ عَنْهُ الْمُزَنِيُّ فِي كُلِّ عَظْمٍ كُسِرَ سَوَاءٌ السِّنُّ فَإِذَا جُبِرَ مُسْتَقِيمًا
فَفِيهِ حُكُومَةٌ بِقَدْرِ الْأَلَمِ وَالشَّيْنِ فَإِنَّ جُبِرَ مَعِيبًا بِنَقْصٍ أَوْ عَوَجٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ زِيدَ فِيهِ
حُكُومَةٌ بِقَدْرِ شَيْنِهِ وَضُرِّهِ وَأَلَمِهِ وَلَا يَبْلُغُ بِهِ دِيَةَ الْعَظْمِ لَوْ قُطِعَ
وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ نَحْوُ ذَلِكَ
قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ فِي الْجِرَاحِ فِي الْجَسَدِ إِذَا كَانَتْ خَطَأً عَقْلٌ إِذَا بَرَأَ الْجُرْحُ وَعَادَ
لِهَيْئَتِهِ فَإِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَثَلٌ أَوْ شَيْنٌ فَإِنَّهُ يُجْتَهَدُ فِيهِ إِلَّا الْجَائِفَةَ فَإِنَّ فِيهَا
ثُلُثَ دِيَةِ النَّفْسِ
قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ فِي مُنَقَّلَةِ الْجَسَدِ عَقْلٌ وَهِيَ مِثْلُ مُوضِحَةِ الْجَسَدِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْكُوفِيِّ وَالْجُمْهُورِ
وَقَدِ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ أَنَّ الشِّجَاجَ
لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ مِنَ الذَّقَنِ إِلَى مَا فَوْقَهُ وَأَنَّ جِرَاحَ الْجَسَدِ لَيْسَ فِيهَا
عَقْلٌ مُسَمًّى إِلَّا الْجَائِفَةَ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 61
وَخَالَفَهُمُ اللَّيْثُ فَقَالَ الْمُوضِحَةُ إِذَا كَانَتْ فِي الْيَدِ تَكُونُ أَيْضًا فِي الْجَنْبِ إِذَا أُوضِحَتْ
عَنْ عَظْمٍ
وَهُوَ قَوْلٌ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْمُوضِحَةِ إِذَا كَانَتْ فِي الْيَدِ أَوِ الْأُصْبُعِ
فِيهَا نَصِفُ عُشْرِ ذَلِكَ الْعُضْوِ مِنَ الْجَسَدِ
وَعَنْ عَطَاءٍ وَغَيْرِهِ مِثْلَهُ
ذَكَرَ الْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَفِي كُلِّ جُرْحٍ مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالرَّأْسَ حُكُومَةٌ
إِلَّا الْجَائِفَةَ فَفِيهَا ثُلُثُ النَّفْسِ وَهِيَ الَّتِي تَخْرُقُ إِلَى الْجَوْفِ مِنْ بَطْنٍ أَوْ ظَهْرٍ أَوْ
صَدْرٍ أَوْ ثَغْرَةِ النَّحْرِ كُلُّ هَذَا جَائِفَةٌ
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الطَّبِيبَ إِذَا خَتَنَ فَقَطَعَ الْحَشَفَةَ أَنَّ عَلَيْهِ
الْعَقْلَ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْخَطَأِ الَّذِي تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَأَنَّ كُلَّ مَا أَخْطَأَ بِهِ الطَّبِيبُ أَوْ تَعَدَّى
إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ فَفِيهِ الْعَقْلُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي عَلَى الْعَاقِلَةِ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُ خَطَأٌ لَا عَمْدٌ
وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْخَطَأَ مَا لَمْ يَقْصِدْهُ الْفَاعِلُ وَلَمْ يُرِدْهُ وَأَرَادَ غَيْرَهُ وَفِعْلُ الْخَاتِنِ
وَالطَّبِيبِ فِي هَذَا الْمَعْنَى
وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّعْبِيِّ وَعَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَشُرَيْحٍ
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ أَنَّ خَتَّانَةً
كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ خَتَنَتْ جَارِيَةً فَمَاتَتْ فَجَعَلَ عُمَرُ دِيَتَهَا عَلَى عَاقِلَتِهَا
وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ فِي مَالِ الْحَجَّامِ وَمَالِ الطَّبِيبِ دُونَ عَاقِلَتِهِمَا
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أخبرنا بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ
الْعَزِيزِ عَنْ كِتَابٍ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِيهِ قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ أَيُّمَا مُتَطَبِّبٍ لَمْ يَكُنْ بِالطِّبِّ مَعْرُوفًا فَتَطَبَّبَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِحَدِيدِهِ
النِّمَاسِ الْمِثَالُ لَهُ فَأَصَابَ نَفْسًا فَمَا دُونَهَا فَعَلَيْهِ دِيَةُ مَا أَصَابَ
وَعَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ مِثْلَ ذَلِكَ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 62
وَبِهِ كَانَ يَقْضِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ أَوْلَى مَا قِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ
وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ
رَوَى مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ
الْخَطَّابِ ضَمَّنَ رَجُلًا كَانَ يَخْتِنُ الصِّبْيَانَ فَقَطَعَ مِنْ ذَكَرِ الصَّبِيِّ فَضَمِنَهُ
وَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَاهُ الثَّقَفِيُّ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ فَلَا تَقُومُ لِحَدِيثِ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ
أَبِي الْمَلِيحِ هَذَا حُجَّةٌ
وَرَوَى مُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ مَعْشَرَ
الْأَطِبَّاءِ وَالْمُتَطَبِّبِينَ وَالْبَيَاطِرَةِ مَنْ عَالَجَ مِنْكُمْ إِنْسَانًا أَوْ دَابَّةً فَلْيَأْخُذْ لِنَفْسِهِ الْبَرَاءَةَ فَإِنَّهُ
مَنْ عَالَجَ شَيْئًا وَلَمْ يَأْخُذْ لِنَفْسِهِ الْبَرَاءَةَ فَعَطَبَ فَهُوَ ضَامِنٌ
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ خَفَضَتِ امْرَأَةٌ جَارِيَةً فَأَعَنَّتْهَا فَمَاتَتْ فَضَمَّنَهَا عَلِيٌّ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ الدِّيَةَ
وَرَوَى أَيُّوبُ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَهُ
وَقَالَ مَعْمَرٌ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ كَلَامًا مَعْنَاهُ إِنْ كَانَ الْبَيْطَارُ أَوِ الْمُتَطَبِّبُ أَوِ الْخَتَّانُ
غَرَّ مِنْ نَفْسِهِ وَهُوَ لَا يُحْسِنُ فَهُوَ كَمَنْ تَعَدَّى يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْعَمَلِ بِيَدِهِ
فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَتَعَدَّى
وَذَكَر أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ عَنْ هِشَامِ بْنِ الْغَازِ عَنْ أَبِي قُرَّةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ
عَبْدِ الْعَزِيزِ ضَمَّنَ الْخَاتِنَ
قَالَ وَحَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي بَعْضُ الَّذِينَ
قَدِمُوا عَلَى أَبِي حِينَ وُلِّيَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا طَبِيبٍ تَطَبَّبَ
عَلَى قَوْمٍ وَلَمْ يُعْرَفْ بِالطِّبِّ قَبْلَ ذَلِكَ فَأَعَنْتَ فَهُوَ ضَامِنٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُدَاوِيَ إِذَا تَعَدَّى مَا أُمِرَ بِهِ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَ
بِتَعَدِّيهِ ذَلِكَ
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ
وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي دُحَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ قَبْلَ
ذَلِكَ الطِّبُّ فَهُوَ ضَامِنٌ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 63
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ
حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ مسلم
أخبرهم عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ فَهُوَ ضَامِنٌ
وَقَالَ نَصْرُ بْنُ عاصم حدثني الوليد قال حدثني بن جُرَيْجٍ