مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يَذْكُرُ أَنَّ الْمُوضِحَةَ
فِي الْوَجْهِ مِثْلُ الْمُوضِحَةِ فِي الرَّأْسِ إِلَّا أَنْ تَعِيبَ الوجه فيزداد فِي عَقْلِهَا مَا بَيْنَهَا
وَبَيْنَ عَقْلِ نِصْفِ الْمُوضِحَةِ فِي الرَّأْسِ فَيَكُونُ فِيهَا خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ دِينَارًا
قَالَ أَبُو (...)
 
مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يَذْكُرُ أَنَّ الْمُوضِحَةَ
فِي الْوَجْهِ مِثْلُ الْمُوضِحَةِ فِي الرَّأْسِ إِلَّا أَنْ تَعِيبَ الوجه فيزداد فِي عَقْلِهَا مَا بَيْنَهَا
وَبَيْنَ عَقْلِ نِصْفِ الْمُوضِحَةِ فِي الرَّأْسِ فَيَكُونُ فِيهَا خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ دِينَارًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ هَذَا الْخَبَرُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ سَوَاءً
عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ جُرَيْجٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْمُوضِحَةَ لَا
تَكُونُ إِلَّا فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ دُونَ الجسد
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 92
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمْ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ لَا تَكُونُ الْمُوضِحَةُ
إِلَّا فِي حَجَبَةِ الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ وَالْخَدَّيْنِ وَاللَّحْيِ الْأَعْلَى وَلَا تَكُونُ فِي اللَّحْيِ الْأَسَفَلِ
لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْعُنُقِ وَلَا فِي الْأَنْفِ لِأَنَّهُ عَظْمٌ مُنْفَرِدٌ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ فَالْمُوضِحَةُ عِنْدَهُمْ فِي جَمِيعِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ
وَالْأَنْفُ عِنْدَهُمْ مِنَ الْوَجْهِ
وَكَذَلِكَ اللَّحْيُ الْأَسْفَلُ مِنَ الرَّأْسِ
وَذَكَرُوا من قول بن عُمَرَ مَا فَوْقَ الذَّقَنِ مِنَ الرَّأْسِ وَلَا يُخَمِّرُهُ الْمُحْرِمُ
وَقَالُوا أَرَادَ بِقَوْلِهِ الذَّقَنَ وَمَا فَوْقَهُ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ)
الْأَنْفَالِ 12
وَمَعْنَى الْمُوضِحَةِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ مَا أَوْضَحَ الْعَظْمَ مِنَ الشِّجَاجِ فَإِذَا ظهر من
العظم شيء قل أَوْ كَثُرَ فَهِيَ مُوضِحَةٌ
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَطَائِفَةٌ تَكُونُ الْمُوضِحَةُ فِي الْجَسَدِ فَإِذَا كَشَفَتْ عَنِ الْعَظْمِ فَفِيهَا
أَرْشُهَا
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ الْمُوضِحَةُ فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ سَوَاءٌ وَجِرَاحَاتُ الْجَسَدِ عَلَى النِّصْفِ
مِنْ ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ جَعَلَ اللَّيْثُ جِرَاحَةَ الْجَسَدِ إِذَا وَضَحَتْ عَنِ الْعَظْمِ كَمُوضِحَةِ الرَّأْسِ
وَجَعَلَ الْأَوْزَاعِيُّ مُوضِحَةَ الْجَسَدِ مُؤَقَّتَةً أَيْضًا بِنِصْفِ أَرْشِ مُوضِحَةِ الرَّأْسِ
وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا أَنَّ جِرَاحَ الْجَسَدِ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ جَاءَتْ بِهِ
السُّنَّةُ وَإِنَّمَا فِي ذَلِكَ الِاجْتِهَادُ فِي الْحُكُومَةِ
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ جَعَلَ فِي مُوضِحَةِ الْجَسَدِ نِصْفَ
دِيَةِ الْعُضْوِ الَّذِي تَقَعُ فِيهِ الْمُوضِحَةُ فَإِنْ كَانَتْ فِي الأصبع ففيها نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ
الْأُصْبُعِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ فِي الْيَدِ أَوْ فِي الرِّجْلِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمُوضِحَةُ فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهَا يَشْهَدُ الْكَافَّةُ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ فِيهَا نِصْفَ عُشْرِ الدِّيَةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ
وَرُوِيَ مِنْ نَقْلِ الْآحَادِ الْعُدُولِ مِثْلُهُ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 93
وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي مُوضِحَةِ الْجَسَدِ وَمَا ذَكَرْنَا عَنْ مَالِكٍ فِي مُوضِحَةِ الْأَنْفِ وَاللَّحْيِ
الْأَسْفَلِ
حدثني سعيد بن نصر قال حدثني قاسم بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ
حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنِي حسين الْمُعَلِّمُ
عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ في
الموضحة خمس وذلك في كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ
في الديات وفي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ يَعْنِي مِنَ الْإِبِلِ وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ خَمْسُونَ دِينَارًا
وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ فِي مَبْلَغِ الدِّيَةِ مِنَ الْوَرِقِ فِيمَا تَقَدَّمَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يَقُولُونَ إِنَّ جِرَاحَاتِ الْجَسَدِ لَا تُسَمَّى شِجَاجًا وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهَا جِرَاحٌ وَأَنَّ
مَا فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ يُقَالُ لَهَا شَجَّةٌ
وَلَا يُقَالُ لَهَا جِرَاحَةٌ
وَأَمَّا قَوْلُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ إِلَّا أَنْ تَغِيبَ الْمُوضِحَةُ فِي الْوَجْهِ فَيُزَادُ فِي عَقْلِهَا مَا
بَيْنَهَا وَبَيْنَ نِصْفِ عَقْلِ الْمُوضِحَةِ فِي الرَّأْسِ فَيَكُونُ فِيهَا خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ دِينَارًا
فَذَكَرَ بن حَبِيبٍ فِي تَفْسِيرِ الْمُوَطَّأِ قَالَ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي مُوضِحَةِ الْوَجْهِ تَبْرَأُ
عَلَى شَيْئَيْنِ فمرة قال بقول سليمان بْنِ يَسَارٍ وَمَرَّةً قَالَ لَا يُزَادُ فِيهَا عَلَى عَقْلِهَا
وَإِنْ بَرِئَتْ عَلَى شَيْئَيْنِ
وَاخْتَارَهُ بن حَبِيبٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجْتَهِدُ فِي شَيْنِهَا لِلْوَجْهِ وَيَحْكُمُ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ
تَوْقِيتٍ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُزَادُ فِي الْمُوضِحَةِ عَلَى أَرْشِهَا الْمَسْنُونِ شَانَتِ الوجه أو لم تَشِنْهُ
لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ أَرْشَهَا وَلَمْ يُفَرِّقْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَيْنَ مَا
يَشِينُ وَمَا لَا يَشِينُ
قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ فِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً
قَالَ وَالْمُنَقِّلَةُ الَّتِي يَطِيرُ فِرَاشُهَا مِنَ الْعَظْمِ وَلَا تَخْرِقُ إِلَى الدِّمَاغِ وَهِيَ تَكُونُ فِي
الرَّأْسِ وَفِي الْوَجْهِ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 94
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً وَهِيَ عُشْرُ الدِّيَةِ
وَنِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ
وَوَصْفُ الْعُلَمَاءِ لَهَا مُتَقَارِبٌ جِدًّا
فَقَوْلُ مَالِكٍ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُوَطَّأِ
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ الْمُنَقِّلَةُ هِيَ الْهَاشِمَةُ ولا يعرف بعضهم الهاشمة
وقال بن الْقَاسِمِ الْهَاشِمَةُ دُونَ الْمُنَقِّلَةِ وَهِيَ مَا هَشَمَ الْعَظْمَ
قَالَ فَإِذَا كَانَتْ فِي الرَّأْسِ فَهِيَ مُنَقِّلَةٌ
قَالَ وَالْمُنَقِّلَةُ مَا أَطَارَ فِرَاشَ الْعَظْمِ وَإِنَّ صَغُرَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَوْضِعُ الْمُنَقِّلَةِ وَالْهَاشِمَةِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ مَوْضِعُ الْمُوضِحَةِ وَمُحَالٌ أَنْ تَكُونَ
الْهَاشِمَةُ هِيَ الْمُنَقِّلَةُ لِأَنَّ الْهَاشِمَةَ فِيهَا عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ
فِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً مِنَ الْإِبِلِ
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عُشْرُ الدِّيَةِ وَنِصْفُ عُشْرِهَا وَفِي الْهَاشِمَةِ عُشْرُ الدِّيَةِ عِنْدَ كُلِّ
مَنْ عَرَفَهَا وَذَكَرَهَا مِنَ الْفُقَهَاءِ فِي كُتُبِهِمْ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْهَاشِمَةُ هِيَ الَّتِي تُوضَحُ ثُمَّ تُهْشَمُ
قَالَ وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الْإِبِلِ
وَهِيَ الَّتِي تَكْسِرُ عَظْمَ الرَّأْسِ حَتَّى يَتَشَظَّى فَتُسْتَخْرَجُ عِظَامُهُ مِنَ الرَّأْسِ لِيَلْتَئِمَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْهَاشِمَةِ عُشْرُ الدِّيَةِ وَهِيَ الَّتِي تَهْشِمُ الْعَظْمَ وَفِي الْمُنَقِّلَةِ عُشْرُ
الدِّيَةِ وَنِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَهِيَ الَّتِي تُنْقَلُ مِنْهَا الْعِظَامُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى مَكْحُولٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْهَاشِمَةِ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ
وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلِمْتُهُ
وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ فِي الْهَاشِمَةِ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ
قَالَ قَتَادَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ دِينَارًا
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمَأْمُومَةَ وَالْجَائِفَةَ لَيْسَ فيهما قود وقد قال
بن شِهَابٍ لَيْسَ فِي الْمَأْمُومَةِ قَوَدٌ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 95
قَالَ مَالِكٌ وَالْمَأْمُومَةُ مَا خَرَقَ الْعَظْمَ إِلَى الدِّمَاغِ وَلَا تَكُونُ الْمَأْمُومَةُ إِلَّا فِي الرَّأْسِ
وَمَا يَصِلُ إِلَى الدِّمَاغِ إِذَا خَرَقَ الْعَظْمَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِي الْمَأْمُومَةِ قَوَدٌ وَلَا فِي الْجَائِفَةِ
وَرَوَى سفيان بن عيينة عن بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ فِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ
فَإِنْ خَبَلَتْ شِقَّهُ أَوْ أَذَهَبَتْ عَقْلَهُ أَوْ سَمِعَ الرَّعْدَ فَغُشِيَ عَلَيْهِ فَفِيهَا الدِّيَةُ كَامِلَةً
قَالَ أَبُو عُمَرَ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِي
شَيْءٍ مِنْ شِجَاجِ الرَّأْسِ إِلَّا فِي الْمُوضِحَةِ وَمَا عَدَاهَا مِنْ شِجَاجِ الرَّأْسِ فَفِيهَا الدِّيَةُ
وَقَدْ مَضَى مَا فِي الْمُنَقِّلَةِ وَالْهَاشِمَةِ
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ فِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثَ الدِّيَةِ وَكَذَلِكَ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الدِّيَاتِ قَالَ وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَهْلُ الْعِرَاقِ يُسَمُّونَهَا الْآمَةَ
قَالُوا هِيَ الَّتِي تَؤُمُّ الدِّمَاغَ
وَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْمَأْمُومَةُ ثُلُثُ النَّفْسِ وَهِيَ الَّتِي تَخْرِقُ الْجِلْدَ إِلَى الدِّمَاغِ
وَأَمَّا الْجَائِفَةُ فَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا مِنْ جِرَاحِ الْجَسَدِ لَا مِنْ شِجَاجِ الرَّأْسِ وَأَنَّهَا
تَكُونُ فِي الظَّهْرِ وَفِي الْبَطْنِ إِذَا وَصَلَ شَيْءٌ مِنْهَا إِلَى الْجَوْفِ وَلَوْ بِمَدْخَلِ إِبْرَةٍ فَهِيَ
جَائِفَةٌ وَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ وَلَا قَوَدَ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ عَمْدًا
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَيْسَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ مِنَ الشِّجَاجِ عَقْلٌ حَتَّى تَبْلُغَ
الْمُوَضِحَةُ وَإِنَّمَا الْعَقْلُ فِي الْمُوضِحَةِ فَمَا فَوْقَهَا وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ انْتَهَى إِلَى الْمُوضِحَةِ فِي كِتَابِهِ لِعَمْرِو بن حزم فجعل فيه خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ وَلَمْ
تَقْضِ الْأَئِمَّةُ فِي الْقَدِيمِ وَلَا فِي الْحَدِيثِ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ بِعَقْلٍ مُسَمًّى
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ إِنَّهُ لَيْسَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ عَقْلٌ مُسَمًّى وَإِنَّمَا فِيهِ حُكُومَةٌ يَجْتَهِدُ
فِيهَا الْحَاكِمُ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ
ذَكَرُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عدي عن أشعث قَالَ كَانَ الْحَسَنُ لَا يُؤَقِّتُ
فِيمَا دُونَ الموضحة شيئا
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 96
وَقَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيُّ عَنْ بن عُلَاثَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ أَنَّ
مُعَاذًا وَعُمَرَ جَعَلَا فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ أَجْرَ الطَّبِيبِ
وَكَذَلِكَ قَالَ مَسْرُوقٌ وَالشَّعْبِيُّ
وَبِهِ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَيْسَ فِي مَا دُونَ الْمُوضِحَةِ عَقْلٌ إِلَّا أَجْرَ الطَّبِيبِ
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ مَا دُونَ الْمُوضِحَةِ إِنَّمَا فِيهِ الصُّلْحُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ قضيا فِي الْمِلْطَاةِ - وَهِيَ السِّمْحَاقِ - بِنِصْفِ دِيَةِ الْمُوضِحَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُوَطَّأِ قَوْلُهُ وَلَمْ تَقْضِ الْأَئِمَّةُ فِي الْقَدِيمِ وَلَا فِي
الْحَدِيثِ عِنْدَنَا فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ بِعَقْلٍ مُسَمًّى وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ هَذَا إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ
قَضَاءُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ فِي الْمِلْطَاةِ عَلَى وَجْهِ الْحُكُومَةِ وَالِاجْتِهَادِ وَالصُّلْحِ لَا عَلَى
التَّوْقِيتِ كَمَا قَالُوا فِي قَضَاءِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ قُلْتُ لِمَالِكٍ إِنَّ الثَّوْرِيَّ حَدَّثَنَا عَنْكَ عَنْ يزيد بن قسيط عن
بن المسيب أن عمر وعثمان قضيا في الْمِلْطَاةِ بِنِصْفِ الْمُوضِحَةِ فَقَالَ لِي قَدْ حَدَّثْتُهُ
بِهِ قُلْتُ فَحَدَّثَنِي بِهِ
فَأَبَى وَقَالَ الْعَمَلُ عِنْدَنَا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَلَيْسَ الرَّجُلُ عِنْدَنَا هُنَالِكَ - يَعْنِي يَزِيدَ بْنَ
قُسَيْطٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ يَعْنِي يَزِيدَ بْنَ قُسَيْطٍ وَلَيْسَ هُوَ عِنْدِي كَمَا ظَنَّ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ لِأَنَّ الْحَارِثَ بْنَ مِسْكِينٍ ذَكَرَ هذا الحديث عن بن الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ أَشْرَسَ عَنْ مَالِكٍ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ وَعَنْ
سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ قَضَيَا فِي الْمِلْطَاةِ بِنِصْفِ الْمُوضِحَةِ
وَيَزِيدُ بْنُ قُسَيْطٍ مِنْ قُدَمَاءِ عُلَمَاءِ أهل المدينة ممن لقي بن عُمَرَ وَأَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا
رَافِعٍ وَرَوَى عَنْهُمْ وَمَا كَانَ مَالِكٌ لِيَقُولَ فِيهِ مَا ظَنَّ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِهِ لِأَنَّهُ قَدِ احْتَجَّ بِهِ
فِي مَوَاضِعَ مِنْ مُوَطِّئِهِ وَإِنَّمَا قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ الرَّجُلُ عِنْدَنَا هُنَالِكَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي
كَتَمَ اسْمَهُ وَهُوَ الَّذِي حَدَّثَهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ
وَقَدْ بَانَ بِمَا رواه بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ قُسَيْطٍ مَا ذَكَرْنَا
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 97
وَقَدْ قَلَّدَ هَذَا الْخَبَرَ الَّذِي ظَنَّ فِيهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْ مَالِكًا أَرَادَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ يَزِيدَ بْنَ
قُسَيْطٍ بَعْضَ مَنْ أَلَّفَ فِي الرِّجَالِ فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ قُسَيْطٍ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَّ مَالِكًا لَمْ
يَرْضَهُ
فَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَهَذَا غَلَطٌ وَجَهْلٌ
وَيَزِيدُ بْنُ قُسَيْطٍ ثِقَةٌ مِنْ ثِقَاتِ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) أَنَّهُ قَضَى فِي
السِّمْحَاقِ بِأَرْبَعٍ مِنَ الْإِبِلِ
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَوْقِيفًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حُكُومَةً فَاللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ أَعْلَمُ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ قَبِيصَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ
ثَابِتٍ قَالَ فِي الدَّامِيَةِ بَعِيرٌ وَفِي الْبَاضِعَةِ بَعِيرَانِ وَفِي الْمُتَلَاحِمَةِ ثَلَاثٌ وَفِي السِّمْحَاقِ
أَرْبَعٌ وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ
وَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ الدَّامِيَةُ الْكُبْرَى
وَيَرَوْنَهَا الْمُتَلَاحِمَةَ فِيهَا ثَلَاثِمِائَةُ دِرْهَمٍ وَفِي الْبَاضِعَةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَفِي الدَّامِيَةِ الصُّغْرَى
مِائَةُ دِرْهَمٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَسْمَاءُ الشِّجَاجِ الَّتِي دُونَ الْمُوضِحَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ اللُّغَةِ
أَوَّلُهَا الْخَارِصَةُ وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا الْخَرِصَةُ وَهِيَ الَّتِي خَرَصَتِ الْجِلْدَ أَيْ شَقَّتْهُ
وَقِيلَ هِيَ الدَّامِيَةُ
وَقِيلَ بَلِ الدَّامِيَةُ غَيْرُ الْخَارِصَةِ وَهِيَ الَّتِي تُدْمَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسِيلَ مِنْهَا دَمٌ
ثُمَّ الدَّامِغَةُ وَهِيَ التي يسيل منها دم
وَقِيلَ الدَّامِيَةُ وَالدَّامِغَةُ سَوَاءٌ
ثُمَّ الْبَاضِعَةُ وَهِيَ الَّتِي تُبَضِّعُ اللَّحْمَ أَيْ تَشُقُّهُ بَعْدَ أَنْ شَقَّتِ الْجِلْدَ
ثُمَّ الْمُتَلَاحِمَةُ وَهِيَ الَّتِي أَحَزَّتْ فِي اللَّحْمِ وَلَمْ تَبْلُغِ السِّمْحَاقَ
وَالسِّمْحَاقُ جِلْدَةٌ أَوْ قِشْرَةٌ رَقِيقَةٌ بَيْنَ الْعَظْمِ وَاللَّحْمِ قَالُوا وَكُلُّ قِشْرَةٍ رَقِيقَةٍ فَهِيَ
سِمْحَاقٌ
وَالسِّمْحَاقُ هِيَ الشَّجَّةُ الَّتِي تَبْلُغُ الْقِشْرَةَ الْمُتَّصِلَةَ بِالْعَظْمِ فَإِذَا بَلَغَتِ الشَّجَّةُ تِلْكَ الْقِشْرَةَ
الْمُتَّصِلَةَ بِالْعَظْمِ فَهِيَ السِّمْحَاقُ وَيُقَالُ لَهَا الْمِلْطَاةُ
بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ أَيْضًا
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 98
وَقَدْ قِيلَ لَهَا الْمِلْطَاةُ
فَإِنْ كُشِطَتْ تِلْكَ الْقِشْرَةُ أَوِ انْشَقَّتْ حَتَّى يَبْدُوَ الْعَظْمُ فَهِيَ الْمُوضِحَةُ
وَلَا شَيْءَ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْمِلْطَاةِ إِنْ كَانَتْ خَطَأً إِلَّا أَنْ تَبْرَأَ عَلَى شَيْنٍ فَتَكُونُ فِيهَا -
حِينَئِذٍ - حُكُومَةٌ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ فَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الشِّجَاجِ الَّتِي ذَكَرْنَا دُونَ الْمُوضِحَةِ
حُكُومَةٌ عِنْدَهُمْ فِي الْخَطَأِ بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ أَوْ لَمْ تَبْرَأْ