مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ كَانَ يَقْضِي فِي الْعَبْدِ يُصَابُ بِالْجِرَاحِ أَنَّ عَلَى مَنْ جَرَحَهُ قَدْرَ مَا نَقَصَ مَنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الِاخْتِلَافُ فِي هَذَا الْمَعْنَى قَدِيمٌ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عن بن الْمُسَيَّبِ قَالَ (...) |
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ كَانَ يَقْضِي فِي الْعَبْدِ يُصَابُ بِالْجِرَاحِ
أَنَّ عَلَى مَنْ جَرَحَهُ قَدْرَ مَا نَقَصَ مَنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الِاخْتِلَافُ فِي هَذَا الْمَعْنَى قَدِيمٌ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عن بن الْمُسَيَّبِ قَالَ جِرَاحَاتُ الْعَبِيدِ فِي أَثْمَانِهِمْ بِقَدْرِ جِرَاحَاتِ الْأَحْرَارِ فِي دِيَاتِهِمْ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَإِنَّ رِجَالًا مِنَ الْعُلَمَاءِ لَيَقُولُونَ إِنَّ الْعَبِيدَ وَالْإِمَاءَ سِلْعَةٌ مِنَ السِّلَعِ فَيَنْظُرُ مَا نَقَصَتْ جِرَاحَاتُهُمْ مِنْ أَثْمَانِهِمْ هَذِهِ رِوَايَةُ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وروي بن عُيَيْنَةَ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ عَقْلُ الْعَبْدِ فِي ثَمَنِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي مُوضِحَةِ الْعَبْدِ نِصْفُ عُشْرِ ثَمَنِهِ وَفِي مُنَقَّلَتِهِ الْعُشْرُ وَنِصْفُ الْعَشْرِ مِنْ ثَمَنِهِ وَفِي مَأْمُومَتِهِ وَجَائِفَتِهِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ثُلُثُ ثَمَنِهِ وَفِيمَا سِوَى هَذِهِ الْخِصَالِ الْأَرْبَعِ مِمَّا يُصَابُ بِهِ الْعَبْدُ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهِ يُنْظَرُ فِي ذلك بعد ما يَصِحُّ الْعَبْدُ وَيَبْرَأُ كَمْ بَيْنَ قِيمَةِ الْعَبْدِ بَعْدَ أَنْ أَصَابَهُ الْجُرْحُ وَقِيمَتِهِ صَحِيحًا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ هَذَا ثُمَّ يَغْرَمُ الَّذِي أَصَابَهُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ إِذَا كُسِرَتْ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ ثُمَّ صَحَّ كَسْرُهُ فَلَيْسَ عَلَى مَنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 111 أَصَابَهُ شَيْءٌ فَإِنْ أَصَابَ كَسْرَهُ ذَلِكَ نَقْصٌ أَوْ عَثَلٌ كَانَ عَلَى مَنْ أَصَابَهُ قَدْرُ ما نقص من ثمن العبد قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ فِي مُوضِحَةِ الْعَبْدِ مُسْتَعْمَلَةً فِي الْأَرْبَعَةِ الْجِرَاحِ الْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْجِرَاحَاتِ والشجاج لأنها إذا بريء الْعَبْدُ الَّذِي أُصِيبَ بِهَا لَمْ يَنْقُصْهُ مِنْ ثَمَنِهِ ذَلِكَ شَيْئًا وَهِيَ جِرَاحٌ قَدْ وَرَدَ التَّوْقِيفُ فِي أَرْشِهَا فِي الْحُرِّ فَجَعَلَ فِيهَا مَنْ ثَمَنِهِ كَمَا فِي الْحُرِّ مِنْ دِيَتِهِ وَأَجْرَاهُ فِيهَا مَجْرَى الْحُرِّ قِيَاسًا عَلَيْهِ وَرَأَى أَنَّ قِيَاسَهُ فِيهَا عَلَى الْحُرِّ أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى السِّلَعِ لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ عَاقِلٌ مُكَلَّفٌ مُتَعَبِّدٌ لَيْسَ كَالْبَهَائِمِ وَلَا كَالسِّلَعِ الَّتِي يُرَاعَى فِيهَا مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا وَاسْتَعْمَلَ مَا روي عن مروان بن الحكم في ما عدا هَذِهِ الْجِرَاحِ الْأَرْبَعِ لِأَنَّ مَا عَدَاهَا يُنْقِصُ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ لَا مَحَالَةَ عِنْدَهُ فَاسْتَعْمَلَ الْخَبَرَيْنِ جَمِيعًا وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ عِنْدَهُمْ وروى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ إِنْ فَقَأَ حُرٌّ عَيْنَيْ عَبْدِ غَيْرِهِ أَوْ قَطَعَ يَدَهُ ضَمِنَهُ وَعُتِقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَبْطَلَهُ فَإِنْ كَانَ جُرْحًا لَمْ يُبْطِلْهُ مِثْلَ فَقْءِ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ أَوْ جَدْعِ أَنْفٍ فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهِ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَذَهَبَ إِلَى أَنَّ جِرَاحَ الْعَبْدِ مِنْ قِيمَتِهِ كَجِرَاحِ الْحُرِّ مِنْ دِيَتِهِ فَجَعَلَ فِي عَيْنِهِ نصف قِيمَتَهُ كُلَّهَا كَمَا فِي أَنْفِ الْحُرِّ دِيَتَهُ كُلَّهَا وَكَذَلِكَ سَائِرُ جِرَاحَاتِهِ وَشِجَاجِهِ وَأَسْنَانِهِ جَعَلَ فِيهَا كَمِنْ قِيمَتِهِ مِثْلَ مَا فِيهَا لِلْحُرِّ مِنْ دِيَتِهِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (رضي لله عَنْهُ) وَعَنْ شُرَيْحٍ وَالشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَعْضَاءِ الْعَبْدِ وَجِرَاحَاتِهِ إِلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الْحَاجِبَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي أُذُنِ الْعَبْدِ وَنَتْفِ حَاجِبِهِ إِذَا لَمْ يَنْبُتْ مَا نَقَصَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي الْحَاجِبِ وَالْأُذُنِ فِي كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ كَمَا تَجِبُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحُرِّ نِصْفُ دِيَتِهِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي جَمِيعِ مَا يتلف من أعضاء العبد النقصان يُنْظَرُ إِلَى قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَإِلَى قِيمَةِ دِيَةِ الْجِنَايَةِ فَيَغْرَمُ الْجَانِي فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ زُفَرَ مِثْلَ قَوْلِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 112 وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ زُفَرَ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ إِنْ بَلَغَتْ جِرَاحُ الْعَبْدِ دِيَةَ حُرٍّ نَقَصَ مِنْهَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ لِأَنَّهُ لَا يُكَافِئُهُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَلَوْ قَطَعَ حُرٌّ يَدَ عَبْدٍ قِيمَتُهَا خَمْسَةُ آلَافٍ نَقَصَ مِنْهَا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَقَالَ زُفَرُ عَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ عَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْهُ فَإِنْ بَلَغَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ آلَافٍ كَانَ عَلَيْهِ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ لَا زِيَادَةَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي حُرٍّ فَقَأَ عَيْنَيْ عَبْدٍ لِغَيْرِهِ إِنَّ سَيِّدَ الْعَبْدِ إِنْ شَاءَ أَسْلَمَهُ إِلَى الَّذِي فَقَأَ عَيْنَهُ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ مِنَ النُّقْصَانِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ وَأَخَذَ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ دَفَعَهُ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ وَقَالَ زُفَرُ عَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ فَإِنْ بَلَغَ أَكْثَرَ مِنْ عشرة آلَافِ دِرْهَمٍ كَانَ عَلَيْهِ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي يَدِ الْعَبْدِ نِصْفُ ثَمَنِهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا أُصِيبَ مِنَ الْعَبْدِ مَا يَكُونُ نِصْفَ ثَمَنِهِ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَخَذَ مَوْلَاهُ نِصْفَ ثَمَنِهِ إذا كان قد بريء وَإِذَا أُصِيبَ أَنْفُهُ أَوْ ذَكَرُهُ دَفَعَهُ مَوْلَاهُ إِلَى الَّذِي أَصَابَهُ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ إِنْ كَانَ قد بريء وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ جِرَاحَةُ الْمَمْلُوكِ فِي قِيمَتِهِ مِثْلُ جِرَاحَةِ الْحُرِّ فِي دِيَتِهِ فَإِنْ قَطَعَ أُذُنَيْهِ أَوْ فَقَأَ عَيْنَيْهِ فَإِنْ شَاءَ الْمَوْلَى أَخَذَ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقِيمَةَ وَدَفَعَهُ إِلَى الْجَانِي وَقَالَ اللَّيْثُ فِي رَجُلٍ خَصَى غُلَامًا لِرَجُلٍ وَكَانَ ذَلِكَ زَائِدًا فِي ثَمَنِ الْغُلَامِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ ثَمَنَهُ كُلَّهُ لِسَيِّدِهِ زَادَ أَوْ نَقَصَ وَيُعَاقَبُ فِي ذَلِكَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ جِرَاحُ الْعَبْدِ مِنْ ثَمَنِهِ كَجِرَاحِ الْحُرِّ مِنْ دِيَتِهِ اتِّبَاعًا لِعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ وَفِي ذَكَرِهِ ثَمَنُهُ وَلَوْ زَادَ الْقَطْعُ فِي ثَمَنِهِ أَضْعَافًا لِأَنَّهُ فِيهِ عَلَى عَاقِلَتِهِ قِيمَتُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَتْ قَالَ وَقِيَاسُهُ عَلَى الْحُرِّ أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى الْعَبْدِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِلَّا مَا نَقَصَهُ لِأَنَّ فِي قَتْلِهِ خَطَأً دِيَةً وَرَقَبَةً مُؤْمِنَةً كَفَّارَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْبَهَائِمُ وَالْمَتَاعُ وَلَا تُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ بِمَنْ قَتَلَتْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَمَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ وَلَا عَلَيْهَا صَلَاةٌ وَلَا صَوْمٌ وَلَا عِبَادَةٌ فَهُوَ أَشْبَهُ بِالْحُرِّ مِنْهُ بِالسِّلَعِ وَثَمَنُهُ فِيهِ كَالدِّيَةِ فِي الْحُرِّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 113 قَالَ أَبُو عُمَرَ سَنَذْكُرُ اخْتِلَافَهُمْ فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ إِذَا قُتِلَ هَلْ يَبْلُغُ بِهَا دِيَةَ الْحُرِّ أَمْ لَا فِي آخِرِ بَابِ مَا يُوجِبُ الْعَقْلَ عَلَى الرَّجُلِ فِي خَاصَّةِ مَالِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْقِصَاصِ بَيْنَ الْمَمَالِيكِ كَهَيْئَةِ قِصَاصِ الْأَحْرَارِ نَفْسُ الْأَمَةِ بِنَفْسِ الْعَبْدِ وَجُرْحُهَا بِجُرْحِهِ فَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدُ عَبْدًا عَمْدًا خُيِّرَ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ فَإِنْ شَاءَ قَتَلَ وَإِنْ شاء أخذ العقل فإن أخذ العقل قِيمَةَ عَبْدِهِ وَإِنْ شَاءَ رَبُّ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ أَنْ يُعْطِيَ ثَمَنَ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ أَسْلَمَ عَبْدَهُ فَإِذَا أَسْلَمَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ إِذَا أَخَذَ الْعَبْدَ الْقَاتِلَ وَرَضِيَ بِهِ أَنْ يَقْتُلَهُ وَذَلِكَ فِي الْقِصَاصِ كُلِّهِ بَيْنَ الْعَبِيدِ فِي قَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ بِمَنْزِلَتِهِ فِي الْقَتْلِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْعُلَمَاءُ فِي الْقِصَاصِ بين العبيد على ثلاثة أقوال أحدهما أَنَّ الْقِصَاصَ بَيْنَهُمْ كَمَا هُوَ بَيْنَ الْأَحْرَارِ فِي النَّفْسِ فَمَا دُونَهَا مِنَ الْعَمْدِ كُلِّهِ وممن قال بهذا مالك والشافعي وأصحابه وبن أَبِي لَيْلَى وَالْأَوْزَاعِيُّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) وَبِهِ قَالَ سَالِمٌ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا قِصَاصَ بَيْنَ الْعَبِيدِ فِي جُرْحٍ وَلَا فِي نَفْسٍ كما لا قصاص بين الصبيان روي ذَلِكَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَحَمَّادٍ وَالْحَكَمِ وبه قال بن شبرمة وإياس بن معاوية سووا بين الجرح وَالنَّفْسِ فِي أَنْ لَا قِصَاصَ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ بَيْنَ الْعَبِيدِ إِلَّا فِي النَّفْسِ خَاصَّةً رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنِ الشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَاحْتَجَّ لَهُمُ الطَّحَاوِيُّ بِحَدِيثِ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 114 عَبْدًا لِقَوْمٍ فُقَرَاءَ قَطَعَ أُذُنَ عَبْدٍ لِقَوْمٍ أَغْنِيَاءَ فَأَتَوْا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَقُصَّهُمْ مِنْهُ قَالَ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَاقْتَصَّ لَهُمْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ (يأيها الذين ءامنوا كونوا قومين بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الولدين وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا) النِّسَاءِ 135 قَالَ وَاسْتَعْمَلَنَا فِي النَّفْسِ بِالنَّفْسِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يَقْتَصُّ لِلْفُقَرَاءِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَهُمْ بِالْعَفْوِ عَلَى أَخْذِ الْأَرْشِ لِمَوْضِعِ فَقْرِهِمْ فَفَعَلُوا وَكَذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - نُقِلَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ فَقْرِهِمْ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ النَّفْسُ وَمَا دُونَهَا إِذَا وَجَبَ الْقِصَاصُ فِيهَا وَجَبَ فِيمَا دُونَهَا مِنَ الْجِرَاحِ قال الله تعالى (يأيها الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى) الْبَقَرَةِ 178 وَقَالَ تَعَالَى (وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ) الْمَائِدَةِ 45 فَمَنْ جَازَ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ فِي النَّفْسِ كَانَ فِيمَا دُونَهَا أَحْرَى وَأَوْلَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُخَيَّرُ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ إِنْ شَاءَ قَتَلَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَقْلَ يَشْهَدُ لِمَا رَوَى عَنْهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ أَنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ قَتَلَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدية خلاف رواية بن الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ يَجْرَحُ الْيَهُودِيَّ أَوِ النَّصْرَانِيَّ إِنَّ سَيِّدَ الْعَبْدِ إِنْ شَاءَ أَنْ يَعْقِلَ عَنْهُ مَا قَدْ أَصَابَ فَعَلَ أَوْ أَسْلَمَهُ فَيُبَاعُ فَيُعْطِي الْيَهُودِيَّ أَوِ النَّصْرَانِيَّ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ دِيَةَ جُرْحِهِ أَوْ ثَمَنَهُ كُلَّهُ إِنْ أَحَاطَ بِثَمَنِهِ وَلَا يُعْطِي الْيَهُودِيَّ وَلَا النَّصْرَانِيَّ عَبْدًا مُسْلِمًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَا لَا خِلَافَ عَلِمْتُهُ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْيَهُودِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّ لَا يُسَلَّمُ إِلَيْهِمَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ بِجِنَايَتِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 115 وَكَذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ جِنَايَةَ الْعَبْدِ فِي رَقَبَتِهِ وَأَنَّ سَيِّدَهُ إِنْ شَاءَ فَدَاهُ بِأَرْشِهَا وَإِنْ شَاءَ دَفَعَهُ بِهَا إِلَى مَنْ يَجُوزُ لَهُ مِلْكُهُ وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ مِنْ جِنَايَتِهِ أَكْثَرُ مَنْ رَقَبْتِهِ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ عَنْ بَقِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَفْصٌ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ حُصَيْنٍ الْحَارِثِيِّ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ مَا جَنَى الْعَبْدُ فَفِي رَقَبَتِهِ وَيُخَيَّرُ مَوْلَاهُ إِنْ شَاءَ فَدَاهُ وَإِنْ شَاءَ دَفَعَهُ وَرُوِيَ هَذَا عَنِ الشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَشُرَيْحٍ الْقَاضِي وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزبير وبن شِهَابٍ وَغَيْرِهِمْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي الخشني قال حدثني بْنِ أَبِي عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لا تعقل العاقلة عبدا ولا عمدا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا يَقُولُ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا هَذِهِ الْأَرْبَعَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ 13 - |