مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ كَانَ يَقُولُ دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ
ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ
قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا
قَالَ مَالِكٌ وَجِرَاحُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ فِي دِيَاتِهِمْ عَلَى حِسَابِ جِرَاحِ
الْمُسْلِمِينَ فِي دِيَاتِهِمْ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ كَانَ يَقُولُ دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ
ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ
قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا
قَالَ مَالِكٌ وَجِرَاحُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ فِي دِيَاتِهِمْ عَلَى حِسَابِ جِرَاحِ
الْمُسْلِمِينَ فِي دِيَاتِهِمْ الْمُوضِحَةُ نِصْفُ عُشْرِ دِيَتِهِ وَالْمَأْمُومَةُ ثُلُثُ دِيَتِهِ وَالْجَائِفَةُ ثُلُثُ
دِيَتِهِ فَعَلَى حِسَابِ ذَلِكَ جِرَاحَاتُهُمْ كُلُّهَا
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 116
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي دِيَةِ أَهْلِ الْكُفْرِ فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى مَا ذَكَرَهُ فِي
مُوَطَّئِهِ فِي دِيَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ
وَذَكَرَ وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ذَكْوَانَ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ
الْعَزِيزِ قَالَ دِيَةُ الْمُعَاهَدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ
كَانَ النَّاسُ يَقْضُونَ في دية اليهودي والنصراني بالذي كَانُوا يَتَعَاقَلُونَ بِهِ فِيمَا بَيْنَهُمْ ثُمَّ
رَجَعَتِ الدِّيَةُ إِلَى سِتَّةِ آلَافِ دِرْهَمٍ
قَالَ وَكَانَ النَّاسُ يَقْضُونَ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ فِي دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ دِيَةُ الْكَافِرِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُؤْمِنِ
حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ أَبِي الْعَقِبِ بِدِمَشْقَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو
زُرْعَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ
شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ عَامَ
الْفَتْحِ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ دِيَةُ الْكَافِرِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ
وَحَدَّثَنِي سَعِيدٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ
قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ
أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دِيَةُ الْكَافِرِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَلَاثُمِائَةِ دِرْهَمٍ
قَالَ وَالْمَرْأَةُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعِكْرِمَةُ وعطاء ونافع مولى بن عُمَرَ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ
وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي رِوَايَةٍ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 117
ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الْمِقْدَامِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَدِيَةُ
الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ
قَالَ وَحَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ قَضَى فِي دِيَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ
قَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ قَالَ قَرَأْتُ كِتَابَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ دِيَةَ الْيَهُودِيِّ
وَالنَّصْرَانِيِّ ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ
قَالَ وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ عِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ قَالَا دِيَةُ
الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةٍ
قَالَ وَحَدَّثَنِي بن نُمَيْرٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَدِيَةُ
الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِائَةٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتُلِفَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي دِيَةِ الذِّمِّيِّ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ
يَقْضِي فِي دِيَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ بِنِصْفِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ
ذَكَرَهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ عمر
وقد روى بن جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ دِيَةَ الْمَجُوسِيِّ أَرْبَعَةُ
آلَافِ دِرْهَمٍ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ دِيَةُ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ
وَالْيَهُودِيِّ والنصراني والمجوسي والمعاهد سواء
وهو قول بن شهاب
وقال أَبُو عُمَرَ رُوِيَ هَذَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ
وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ بن شِهَابٍ قَالَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ يَجْعَلُونَ دِيَةَ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ إِذَا كَانُوا مُعَاهَدِينَ مِثْلَ دِيَةِ الْمُسْلِمِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ مُضْطَرِبَةٌ مُخْتَلِفَةٌ مُنْقَطِعَةٌ
فَلَا حُجَّةَ فيها
وروي عن بن مَسْعُودٍ قَالَ دِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَكُلُّ مَنْ لَهُ عَهْدٌ أَوْ ذِمَّةٌ دِيَةُ الْمُسْلِمِ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 118
وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ وَعَطَاءٍ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ
وَرَوَاهُ الْحَكَمُ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَرَوَاهُ مُجَاهِدٌ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ وَلَمْ يُدْرِكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا زَمَانَ عَلِيٍّ
وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَكُلِّ ذِمِّيٍّ مِثْلُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ
قَالَ وَكَذَلِكَ كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ
وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ حَتَّى كَانَ مُعَاوِيَةُ فَجَعَلَ فِي بَيْتِ الْمَالِ نِصْفَهَا
وَأَعْطَى أَهْلَ الْمَقْتُولِ نِصْفَهَا
ثُمَّ قَالَ قَضَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَأَلْغَى الَّذِي جَعَلَهُ مُعَاوِيَةُ فِي بَيْتِ
الْمَالِ قَالَ وَأَحْسَبُ عُمَرَ رَأَى ذَلِكَ النِّصْفَ الَّذِي جَعَلَهُ مُعَاوِيَةُ فِي بَيْتِ المال ظلما
منه
قال الزهري فلم يقبض لِي أَنْ أُذَاكِرَ بِذَلِكَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَأُخْبِرَهُ أَنَّ الدِّيَةَ قَدْ
كَانَتْ تَامَّةً لِأَهْلِ الذِّمَّةِ
قَالَ مَعْمَرٌ فَقُلْتُ لِلزُّهْرِيِّ إِنَّ بن الْمُسَيَّبِ قَالَ دِيَتُهُ أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَقَالَ لِي إِنَّ خَيْرَ
الْأُمُورِ مَا عُرِضَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ) النِّسَاءِ
92
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ دِيَةُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ مِثْلُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وهو قولي
قال وأخبرنا بن جُرَيْجٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَصَالِحٍ قَالُوا عَقْلُ
كُلِّ مَعَاهَدٍ وَمُعَاهَدَةٍ كعقل المسلم ذكر أنهم كَذُكْرَانِهِمْ وَإِنَاثُهُمْ كَإِنَاثِهِمْ جَرَتْ بِذَلِكَ السُّنَّةُ
فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ قَالَ سَمِعْتُ
الزُّهْرِيَّ يَقُولُ دِيَةُ الْمُعَاهَدِ دِيَةُ الْمُسْلِمِ وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ (وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بينكم وبينهم
ميثق فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) النِّسَاءِ 92
قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ الْكُوفِيُّونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أن
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 119
يقتل مؤمنا إلا خطئا ومن قتل مؤمنا خطئا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى
أَهْلِهِ) النِّسَاءِ 92 ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ (وَإِنْ كَانَ من قوم بينكم وبينهم ميثق فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ
إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) النِّسَاءِ 92
قَالُوا فَلَمَّا كَانَتِ الْكَفَّارَةُ وَاجِبَةً فِي قَتْلِ الْكَافِرِ الذِّمِّيِّ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ كَذَلِكَ
وَقَالُوا وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَإِنْ كَانَ من قوم بينكم وبينهم ميثق فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ
وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) النِّسَاءِ 92 كَمَا قَالَ فِي الْمُؤْمِنِ فَأَرَادَ الْكَافِرَ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ
الْمُؤْمِنَ لَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَهُوَ مُؤْمِنٌ كَمَا قَالَ عَزَّ
وَجَلَّ (فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) النِّسَاءِ 92
فَأَوْجَبَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) فِيهِ تَحْرِيرَ رَقَبَةٍ دُونَ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ مُؤْمِنٌ مِنْ قَوْمٍ حَرْبِيِّينَ عَدُوٍّ
لِلْمُسْلِمِينَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مالك حدثني يحيى بن سيعد عَنْ أَشْعَثَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ إِذَا قَتَلَ
الْمُسْلِمُ الذِّمِّيَّ فَلَيْسَ فِيهِ غَيْرُ كَفَّارَةٍ
وَتَأَوَّلَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذِهِ الْآيَةَ فِي الْمُؤْمِنِينَ لِأَنَّهُ قَالَ (عَزَّ وَجَلَّ) فِي أَوَّلِهَا
(وَمَنْ قتل مؤمنا خطئا) ثُمَّ قَالَ (وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وبينهم ميثق) النِّسَاءِ 92
يَعْنِي الْمُؤْمِنَ الْمَقْتُولَ خَطَأً
وَرَدَّ قَوْلَهُ هَذَا بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْكُوفِيِّينَ فَقَالَ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ أَنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ)
قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ (فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) النِّسَاءِ 92
فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْطِفْهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا
خطئا) النِّسَاءِ 92 لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَيْهِ مَا قَالَ (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) لِأَنَّ قَوْلَهُ (وَمَنْ
قَتَلَ مؤمنا خطئا) يَعْنِي عَلَى وَصْفِهِ بِالْإِيمَانِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَقُولَ وَإِنْ كَانَ الْمُؤْمِنُ
الْمَقْتُولُ خَطَأً مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ
قَالُوا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وبينهم ميثق) النِّسَاءِ 92 غَيْرُ
مُضْمَرٍ فِيهِ الْمُؤْمِنُ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ التَّأْوِيلُ سَائِغٌ فِي الْآيَةِ لِلْفَرِيقَيْنِ وَالِاخْتِلَافُ مَوْجُودٌ بَيْنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ
مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي مَبْلَغِ دِيَةِ الذِّمِّيِّ
وَأَصْلُ الدِّيَاتِ التَّوْقِيفُ وَلَا تَوْقِيفَ فِي ذَلِكَ إِلَّا ما أجمعوا عليه
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 120
وقد أجمعوا عل أَنَّ أَقَلَّ مَا قِيلَ فِيهِ وَاجِبٌ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا زَادَ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ
وَرَوَى إِسْرَائِيلُ عن سماك عن عكرمة عن بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (فَإِنْ كَانَ مِنْ
قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ) النِّسَاءِ 92 قَالَ يَكُونُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَقَوْمُهُ كُفَّارٌ فَلَا تَكُونُ
لَهُ دِيَةٌ وَفِيهِ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ
(وَإِنْ كان من قوم بينكم وبينهم ميثق) النِّسَاءِ 92
قَالَ عَهْدٌ (فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وتحرير رقبة مؤمنة)
فَلَا يَجِبُ أَنْ يُؤْخَذَ مَالُ مُسْلِمٍ إِلَّا بِيَقِينٍ
وَأَقَلُّ مَا قِيلَ يَقِينٌ فِي ذَلِكَ
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنْ لا يقتل مسلم كافر إِلَّا أَنْ يَقْتُلَهُ الْمُسْلِمُ قَتْلَ غِيلَةٍ فَيُقْتَلُ بِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي قَتْلِ الْمُؤْمِنِ بِالْكَافِرِ
فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وأصحابهما والليث والثوري وبن شُبْرُمَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ
وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُدُ الظَّاهِرِيُّ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ
إِلَّا أَنَّ مَالِكًا وَاللَّيْثَ قَالَا إِنْ قَتَلَهُ قَتْلَ غِيلَةٍ قُتِلَ بِهِ
وَقَتْلُ الْغِيلَةِ عِنْدَهُمْ أَنْ يَقْتُلَهُ بِمَالِهِ كَمَا يَصْنَعُ قَاطِعُ الطَّرِيقِ لا يقتله لثائرة ولا عداوة
وقال أبو حنيفة وأصحابه وبن أبي ليلى وعثمان البتي يقتل المسلم بالذمي
وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ الْكُوفِيُّونَ لِقَوْلِهِمْ إِنَّ الْمُسْلِمَ يُقْتَلُ بِالْكَافِرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ بِحَدِيثٍ
يَرْوِيهِ رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْبَيْلَمَانِيِّ قَالَ قَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَحَقُّ مَنْ وَفَى بِذِمَّتِهِ
وَهَذَا حَدِيثٌ مُنْقَطِعٌ لَا يُثْبِتُهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لِضَعْفِهِ
وَرَوَوْا فِيهِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَدِيثًا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ
ذَكَرَ وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 121
النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ فَكَتَبَ فِيهِ إِلَى
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَكَتَبَ عُمَرُ أَنِ اقْتُلُوهُ بِهِ فَقِيلَ لِأَخِيهِ حُنَيْنٍ قَالَ حَتَّى يَجِيءَ عَلَى
الْعَصَبَةِ قَالَ فَبَلَغَ عُمَرَ أَنَّهُ مِنْ فُرْسَانِ الْمُسْلِمِينَ فَكَتَبَ أَنْ لَا يَقِيدُوا بِهِ قَالَ فَقَدْ جَاءَ
الْكِتَابُ وَقَدْ قُتِلَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَوْ كَانَ الْقَتْلُ عَلَيْهِ وَاجِبًا مَا كَانَ عُمَرُ لِيَكْتُبَ أَلَّا يُقْتَلَ لِأَنَّهُ مِنْ فُرْسَانِ
الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ الشَّرِيفَ وَالْوَضِيعَ وَمَنْ فِيهِ غِنًى وَمَنْ لَيْسَ فِيهِ غِنًى فِي الْحَقِّ سَوَاءٌ
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْخَبَرُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ شَاوَرَ فَقَالَ لَهُ - إِمَّا عَلِيٌّ وَإِمَّا غَيْرُهُ - فَإِنَّهُ
لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَتْلٌ فَكَتَبَ أَنْ لَا يُقْتَلَ
ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ
عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ قَالَ قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ فُرْسَانِ الْكُوفَةِ عَبَّادِيًّا مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ فَكَتَبَ
عُمَرُ أَنْ أَقِيدُوا أَخَاهُ مِنْهُ فَدَفَعُوا الرَّجُلَ إِلَى أَخِي الْعَبَّادِيِّ فَقَتَلَهُ ثُمَّ جَاءَ كِتَابُ عُمَرَ
أَلَّا تَقْتُلُوهُ وَقَدْ قَتَلَهُ
وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنِ النَّزَّالِ مِثْلَهُ
وَكِتَابُ عُمَرَ الثَّانِي دَلِيلٌ عَلَى مَا قُلْنَاهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ عَامِرٍ قَالَ قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُقْتَلَ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا حُرٌّ بِعَبْدٍ
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِخَبَرِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي قِصَّةِ قَتْلِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
الْهُرْمُزَانِ وَجُفَيْنَةَ وَهُمَا كَافِرَانِ وَأَنَّ عُثْمَانَ وَالْمُهَاجِرِينَ أَرَادُوا أن يقيدوا من عبيد
الله
وهذا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ الْهُرْمُزانَ قَدْ كَانَ أَسْلَمَ وَجُفَيْنَةَ لَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ
وَهَذَا مَشْهُورٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالسِّيَرِ وَالْخَبَرِ
وَاحْتَجُّوا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ تُقْطَعُ يَدُهُ إِذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ ذِمِّيٍّ فَنَفْسُهُ أَحْرَى
أَنْ تُؤْخَذَ بِنَفْسِهِ
وَهَذَا لَعَمْرِي قِيَاسٌ حَسَنٌ لَوْلَا أَنَّهُ بَاطِلٌ عِنْدَ الْأَثَرِ الصَّحِيحِ وَلَا مَدْخَلَ لِلْقِيَاسِ وَالنَّظَرِ
مَعَ صِحَّةِ الْأَثَرِ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 122
حَدَّثَنِي سَعِيدٌ وَعَبْدُ الْوَارِثِ قَالَا حَدَّثَنِي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي
أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي بن عُيَيْنَةَ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ طَرِيفٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ
قَالَ قُلْنَا لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ سِوَى الْقُرْآنِ فَقَالَ لَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِلَّا أَنْ يُعْطِيَ
اللَّهُ رَجُلًا فَهْمًا فِي كِتَابِهِ وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ قُلْتُ وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ قَالَ
الْعَقْلُ وَفِكَاكُ الْأَسِيرِ وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ
وبه عن أبي بكر قال حدثني بن أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ
شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ
فَإِنْ قِيلَ قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا
ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ يَعْنِي بِكَافِرٍ وَالْكَافِرُ الَّذِي لَا يُقْتَلُ بِهِ ذُو الْعَهْدِ هُوَ الْحَرْبِيُّ قَالُوا
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الْعَهْدَ يَحْرُمُ بِهِ دَمُ مَنْ لَهُ عَهْدٌ لِارْتِفَاعِ الْفَائِدَةِ
فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَحْقِنُ الدَّمَ وَالْعَهْدَ يَحْقِنُ الدَّمَ قِيلَ لَهُ بِهَذَا الْخَبَرِ
عَلِمْنَا لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ الْمَعَاهَدَ يَحْرُمُ دَمُهُ وَلَا يَحِلُّ قَتْلُهُ وَهِيَ فَائِدَةُ الْخَبَرِ وَمُسْتَحِيلٌ أَنْ
يَأْمُرَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَتْلِ الْكُفَّارِ حَيْثُ وُجِدُوا وَثُقِفُوا وَهُمْ أَهْلُ الْحَرْبِ ثُمَّ يَقُولُ لَا يُقْتَلُ
مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ أَمْرٌ ثَمَّ يَقْتُلُهُ وَقِتَالُهُ وَوَعَدَكُمُ الله بجزيل الثواب على جهاده هذا ما لا
يَظُنُّهُ ذُو لُبٍّ فَكَيْفَ يَخْفَى مِثْلُهُ عَلَى ذِي عِلْمٍ
وَقَدِ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ فَكَذَلِكَ
الذِّمِّيُّ لِأَنَّهُمَا فِي تَحْرِيمِ الْقَتْلِ سَوَاءٌ
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ وَمُسَدَّدٌ قَالَا حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ
أَبِي عَرُوبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ انْطَلَقْتُ أَنَا وَالْأَشْتَرُ
إِلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقُلْنَا هَلْ عَهِدَ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَهْدًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً قَالَ لَا إِلَّا مَا فِي كِتَابِي هَذَا وَأَخْرَجَ كِتَابًا مِنْ قِرَابِ
سَيْفِهِ فَإِذَا فِيهِ الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 123
أَدْنَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ أَلَّا لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ مَنْ
أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ
غَيْرَ الْمُسْلِمِينَ لَا تُكَافِئُ دِمَاؤُهُمْ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ
وَقدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُقَادُ الْكَافِرُ مِنَ الْمُسْلِمِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِنَ الْجِرَاحِ فَالنَّفْسُ بِذَلِكَ
أَحْرَى وَبِاللَّهِ التْوَفْيِقُ
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا قَتَلَ الْكَافِرَ قَتْلَ غِيلَةٍ قُتِلَ بِهِ فَقَدْ قَالَتْ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَجَعَلُوهُ مِنْ بَابِ الْمُحَارَبَةِ وَقَطْعِ السَّبِيلِ
ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي مَعْنُ بْنُ عِيسَى قَالَ حدثني بن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ
الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ النَّبَطِ عَدَا عَلَيْهِ رَجُلٌ من أهل المدينة فقتله
قتل غِيلَةً فَأُوتِيَ بِهِ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ وَهُوَ إذ ذَاكَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَأَمَرَ بِالْمُسْلِمِ الَّذِي قَتَلَ
الذِّمِّيَّ أَنْ يُقْتَلَ بِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ قَوْلٌ عَامٌّ لَمْ يَسْتَبِنْ
غِيلَةً وَلَا غَيْرَهَا
وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ حُكْمُ الْمُحَارِبِ فِي تَخْيِيرِ الْإِمَامِ وَلَوْ كَانَ مُحَارِبًا اعْتُبِرَ
ذَلِكَ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(