مالك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ رَجُلًا مَنْ بَنِي مُدْلِجٍ
يُقَالُ لَهُ قَتَادَةُ حَذَفَ ابْنَهُ بِالسَّيْفِ فَأَصَابَ سَاقَهُ فَنُزِيَ فِي جُرْحِهِ فَمَاتَ فَقَدِمَ سُرَاقَةُ
بْنُ جُعْشُمٍ عَلَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ اعْدُدْ عَلَى مَاءِ قُدَيْدٍ
 
مالك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ رَجُلًا مَنْ بَنِي مُدْلِجٍ
يُقَالُ لَهُ قَتَادَةُ حَذَفَ ابْنَهُ بِالسَّيْفِ فَأَصَابَ سَاقَهُ فَنُزِيَ فِي جُرْحِهِ فَمَاتَ فَقَدِمَ سُرَاقَةُ
بْنُ جُعْشُمٍ عَلَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ اعْدُدْ عَلَى مَاءِ قُدَيْدٍ
عِشْرِينَ وَمِائَةَ بَعِيرٍ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَيْكَ فَلَمَّا قَدِمَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَخَذَ مِنْ تِلْكَ
الْإِبِلِ ثَلَاثِينَ حِقَّةً وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً ثُمَّ قَالَ أَيْنَ أَخُو المقتول قال ها أنذا
قَالَ خُذْهَا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَيْءٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ مَشْهُورٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ مَرْوِيٌّ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى إِلَّا أَنَّ بَعْضَهُمْ
يَقُولُ فِيهِ قَتَادَةُ الْمُدْلِجِيُّ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ فِيهِ عَرْفَجَةُ
الْمُدْلِجِيُّ وَالْأَكْثَرُ يَقُولُونَ قَتَادَةُ وَهُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ قَتْلَهُ لِابْنِهِ عَمْدًا وَيَجْعَلُ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ وَلِذَلِكَ جَعَلَ عُمَرُ فِيهِ الدِّيَةَ مُغَلَّظَةً
وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عن عمرو بن شعيب بمثل معنى رواية مالك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ
عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ سَوَاءً إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا بَعْدَ قَوْلِهِ وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً ثُمَّ دَعَا أُمَّ الْمَقْتُولِ
وَأَخَاهُ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِمَا ثُمَّ قَالَ عُمَرُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا
يَرِثُ الْقَاتِلُ شَيْئًا مِمَّنْ قَتَلَ
وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ عَلَى مَنْ تَجِبُ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً فِيهِ
فَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي مَالِ الْجَانِي
وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَلَى عَاقِلَتِهِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَهُمْ فِي ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 135
وَأَمَّا مَنْ جَعَلَ قَتْلَ الْمُدْلِجِيِّ لِابْنِهِ خَطَأً فَقَدْ أَعْقَلَ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَا تُغَلَّظُ عَلَى أَحَدٍ فِي
الْخَطَأِ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ
بَنِي مُدْلِجٍ قَتَلَ ابنه فلم يقده عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَغْرَمَهُ دِيَتَهُ وَلَمْ يُوَرِّثْهُ مِنْهُ شَيْئًا
وَوَرَّثَ مِنْهُ أُمَّهُ وَأَخَاهُ لِأَبِيهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا أَصَحُّ إِسْنَادٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي قَتْلِ الرَّجُلِ ابْنَهُ عَمْدًا هَلْ يُقْتَصُّ مِنْهُ أَمْ لَا
فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا ذَبَحَهُ قُتِلَ بِهِ وَإِنْ خَذَفَهُ بِسَيْفٍ أَوْ عَصًا لَمْ يُقْتَلْ بِهِ وَكَذَلِكَ الْجَدُّ
وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ
قَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ إِذَا قَتَلَ ابْنَهُ عَمْدًا قُتِلَ بِهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ لَا يُقَادُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ وَلَا الْجَدُّ
بِابْنِ الِابْنِ
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يُقَادُ الْجَدُّ بِابْنِ الِابْنِ وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ وَلَا يُقَادُ الْأَبُ بِالِابْنِ
وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْأَبَ لَا يُقْتَلُ بِابْنِهِ إِذَا قَتَلَهُ عَمْدًا وَيُقْتَلُ الِابْنُ
عِنْدَ الْجَمِيعِ بِالْأَبِ إِذَا قَتَلَهُ عَمْدًا
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ نَصًّا مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ بِذَلِكَ فِي التَّمْهِيدِ
وَقَدْ حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مِهْرَانَ
السَّرَّاجُ قَالَ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنِي خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى الْمُقْرِئُ عَنْ قَيْسِ بْنِ
مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَا يُقَادُ بِالْوَلَدِ الْوَالِدُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتِلَافُ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي مَنْ تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ فِي قَتْلِ الْأَبِ ابْنَهُ عَمْدًا
كَاخْتِلَافِ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ فِي ماله والآخر على
العاقلة
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 136
فقال بن الْقَاسِمِ هِيَ عَلَى الْوَالِدِ
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ هِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ
وَاحْتَجَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِسُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ اعْدُدْ
عَلَى مَاءِ قُدَيْدٍ عِشْرِينَ وَمِائَةَ بَعِيرٍ وَلَيْسَ سُرَاقَةُ بِالْأَبِ وَإِنَّمَا هُوَ سَيِّدُ الْقَوْمِ
قَالَ فَهَذَا يَدُلُّ أَنَّهَا كَانَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ في حديث مالك فنري فِي جُرْحِهِ فَمَاتَ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ نَزَى جُرْحُهُ الَّذِي
أُصِيبَ بِهِ فِي سَاقِهِ إِلَى نَفْسِهِ فَمَاتَ وَقِيلَ فَمَرِضَ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ مَرَضًا مَاتَ مِنْهُ
وَالْمُرَادُ مِنَ اللَّفْظِ مَفْهُومٌ وَفِي اشْتِقَاقِهِ فِي اللُّغَةِ فَقَدْ يُقَالُ إِنَّهُ مِنَ النِّزَاءِ وَالنِّزَاءُ
وَالنِّقَارُ عِلَّةٌ تَأْخُذُ الْمُنْزَ فَيَبُولُ الدَّمَ وَيَمُوتُ مِنْ ذَلِكَ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ