مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ جُرْحُ الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ (...) |
مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 141 الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ جُرْحُ الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ قَالَ مَالِكٌ وَتَفْسِيرُ الْجُبَارِ أَنَّهُ لَا دِيَةَ فِيهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ قَالَ الشَّاعِرُ (وَكَمْ مَلِكٍ نَزَعْنَا الْمُلْكَ مِنْهُ ... وَجُبَارٌ بِهَا دَمُهُ جُبَارُ) وَقَالَ سليمان بن موسى الجبار الهدر وقال بن جُرَيْجٍ الْجُبَارُ فِي كَلَامِ أَهْلِ تِهَامَةَ الْهَدَرُ وَأَمَّا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ الْعَجْمَاءُ فَهُوَ كُلُّ حَيَوَانٍ لَا يَنْطِقُ مِنَ الدَّوَابِّ كُلِّهَا وَالسِّبَاعِ وَغَيْرِهَا قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ كَلْبًا (يَكَادُ إِذَا أَبْصَرَ الضَّيْفَ مُقْبِلًا ... يُكَلِّمُهُ مِنْ حُبِّهِ وَهُوَ أَعْجَمُ) وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ (فَلَمْ أَرَ مَحْزُونًا لَهُ مِثْلَ صَوْتِهَا ... وَلَا عَرَبِيًّا شَاقَهُ صَوْتٌ أَعَجَمَا) وَجُرْحُ الْعَجْمَاءِ جِنَايَتُهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ حُكْمُ الْمَوَاشِي وَسَائِرِ الدَّوَابِّ تَقَعُ فِي الزَّرْعِ وَالْكَرْمِ لَيْلًا وَنَهَارًا وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ التَّنَازُعِ فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ هُنَا وَقَالَ مَالِكٌ الْقَائِدُ وَالسَّائِقُ وَالرَّاكِبُ كُلُّهُمْ ضَامِنُونَ لِمَا أَصَابَتِ الدَّابَّةُ إِلَّا أَنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 142 تَرْمَحَ الدَّابَّةُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا شَيْءٌ تَرْمَحُ لَهُ وَقَدْ قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الَّذِي أَجْرَى فَرَسَهُ بِالْعَقْلِ قَالَ مالك فالقائد والركب وَالسَّائِقُ أَحْرَى أَنْ يَغْرَمُوا مِنَ الَّذِي أَجْرَى فَرَسَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا فِي الرَّاكِبِ وَالسَّائِقِ وَالْقَائِدِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَعَلَيْهِ جَرَى فُتْيَا أَئِمَّةِ الْأَمْصَارِ فِي الْفُتْيَا إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيمَا أَصَابَتْهُ بِرِجْلِهَا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا رَكِبَ رَجُلٌ دَابَّةً فِي طَرِيقٍ ضَمِنَ مَا أَصَابَتْ بِيَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا أَوْ كَدَمَتْ أَوْ خَبَطَتْ إِلَّا النَّفْحَةَ بِالرِّجْلِ وَالنَّفْحَةَ بِالذَّنَبِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا وَكُلُّ مَا ضَمِنَ فِيهِ الرَّاكِبُ ضَمِنَ فِيهِ الْقَائِدُ وَالسَّائِقُ إِلَّا أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَلَى الرَّاكِبِ وَلَيْسَ عَلَى السَّائِقِ وَالْقَائِدِ كَفَّارَةٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ رَاكِبًا عَلَى دَابَّةٍ فَمَا أَصَابَتْ بِيَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا أَوْ فِيهَا أَوْ ذَنَبِهَا مِنْ نَفْسٍ أَوْ جُرْحٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَنَّ عَلَيْهِ مَنْعَهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ مِنْ كُلِّ مَا يُتْلِفُ بِهِ شَيْئًا قَالَ وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ سَائِقًا أَوْ قَائِدًا وَكَذَلِكَ الْإِبِلُ الْمُقْطَرَّةُ بِالْبَعِيرِ لِأَنَّهُ قَائِدٌ لَهَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَصِحُّ فِي الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرِّجْلُ جُبَارٌ لِأَنَّ الْحُفَّاظَ لَمْ يَحْفَظُوهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ طُرُقَ الْحَدِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال الرجل جبار وقال بن شبرمة وبن أَبِي لَيْلَى يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتِ الدَّابَّةُ بِرِجْلِهَا إِذَا كَانَ عَلَيْهَا أَوْ قَادَهَا أَوْ سَاقَهَا كَمَا يَضْمَنُ مَا أَتَلَفَتْ بِغَيْرِ رِجْلِهَا كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءً وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَقَوْلِ مَالِكٍ لَا يَضْمَنُ مَا أَصَابَتِ الدَّابَّةُ بِرِجْلِهَا مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ وَيَضْمَنُ مَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا وَمُقَدَّمِهَا إِذَا كَانَ رَاكِبًا عَلَيْهَا أَوْ قَائِدًا لَهَا أَوْ سَائِقًا وذكر بن وهب عن يونس وبن أبي ذئب عن بن شِهَابٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 143 قَادَ هَدْيَهُ فَأَصَابَتْ طَيْرًا فَقَتَلَتْهُ فَقَالَ إِنْ كَانَ يَقُودُهَا أَوْ يَسُوقُهَا حَتَّى أَصَابَتِ الطَّيْرَ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ جَزَاءُ مَا قَتَلَتْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَقُودُهَا وَلَا يَسُوقُهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ جزاء ما أصابت وقال بن سِيرِينَ كَانُوا لَا يَضْمَنُونَ مِنَ النَّفْحَةِ وَيَضْمَنُونَ مِنْ رَدِّ الْعِنَانِ وَقَالَ شُرَيْحٌ وَحَمَّادٌ لَا يَضْمَنُ النَّفْحَةَ إِلَّا أَنْ يَنْخَسَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا كَقَوْلِ مَالِكٍ وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ الْوَاسِطِيُّ عَنِ الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرِّجْلُ جُبَارٌ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ إِلَّا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ الْوَاسِطِيُّ وَقَدْ أَشْبَعْنَا هَذَا الْبَابَ فِي التَّمْهِيدِ وَقَالَ دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ فِي جُرْحِ الْعَجْمَاءِ بِرِجْلٍ أَوْ مُقَدَّمٍ وَلَا عَلَى حَالٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ جُرْحَهَا جُبَارًا إِلَّا أَنْ يَحْمِلَهَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ يُرْسِلَهَا عَلَيْهِ فَتَكُونُ حِينَئِذٍ كَالْآلَةِ وَيَلْزَمُهُ ضَمَانُ مَا أَفْسَدَ بِجِنَايَةِ نَفْسِهِ وَلَا يَضْمَنُ إِلَّا الْقَاصِدُ إِلَى الْإِفْسَادِ دُونَ السَّبَبِ فِي ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى أَمْرٍ فَيُسَلَّمُ لَهُ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الَّذِي يَحْفِرُ الْبِئْرَ عَلَى الطَّرِيقِ أَوْ يَرْبِطُ الدَّابَّةَ أَوْ يَصْنَعُ أَشْبَاهَ هَذَا عَلَى طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مَا صَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصْنَعَهُ عَلَى طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أُصِيبَ فِي ذَلِكَ مِنْ جُرْحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ عَقْلُهُ دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ فَهُوَ فِي مَالِهِ خَاصَّةً وَمَا بَلَغَ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا فَهُوَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَمَا صَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصْنَعَهُ عَلَى طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَا غُرْمَ وَمِنْ ذَلِكَ الْبِئْرُ يَحْفِرُهَا الرَّجُلُ لِلْمَطَرِ وَالدَّابَّةُ يَنْزِلُ عَنْهَا الرَّجُلُ لِلْحَاجَةِ فَيَقِفُهَا عَلَى الطَّرِيقِ فَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ فِي هَذَا غُرْمٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ فَدَمُهُ هَدْرٌ وَلَيْسَ عَلَى حَافِرِهَا فِيهِ شَيْءٌ وَكَذَلِكَ لَوْ وَقَعَتْ فِي الْبِئْرِ دَابَّةٌ لِأَحَدٍ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 144 اللَّهُ - إِذَا حَفَرَهَا فِي مَوْضِعٍ لَهُ حَفْرُهَا فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ بِالْحَفْرِ لَهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مُتَعَدِّيًا وَذَلِكَ أَنْ يَحْفِرَهَا فِي مَا يَمْلِكُهُ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى غيره أو في ما لا مِلْكَ لِأَحَدٍ فِيهِ وَلَا يَضُرُّ بِأَحَدٍ وَنَحْوِ هذا وقال بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ فِي الطَّرِيقِ بِئْرًا لِلْمَطَرِ وَالْمِرْحَاضُ يَحْفِرُهُ إِلَى جَانِبِ حَائِطِهِ وَالْمِيزَابُ وَالظُّلَّةُ وَلَا يَضْمَنُ مَا عَطِبَ بِذَلِكَ قَالَ وَمَا حَفَرَهُ فِي الطَّرِيقِ مِمَّا لَا يَجُوزُ لَهُ حَفْرُهُ ضَمِنَ مَا أَعَطَبَ بِهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي دَارِهِ لِسَارِقٍ يَرْصُدُهُ لِيَقَعَ فِيهَا أَوْ وَضَعَ بِهِ حِبَالَاتٍ أَوْ شَيْئًا مِمَّا يُتْلِفُهُ بِهِ فَعَطِبَ بِهِ السَّارِقُ فَهُوَ ضَامِنٌ وَكَذَلِكَ إِنَّ عَطِبَ غَيْرُ السَّارِقِ وَقَالَ اللَّيْثُ مَنْ حَفَرَ بئرا في داره أو في طَرِيقٍ أَوْ فِي رَحْبَةٍ لَهُ فَوَقَعَ فِيهَا إِنْسَانٌ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا حَفَرَ فِي دَارِهِ أَوْ فِي رَحْبَةٍ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِيهَا قَالَ فَإِنْ رَبَطَ بَعِيرًا أَوْ دَابَّةً عَلَى طَرِيقٍ فَعَقَرَتْ عَلَى رِبَاطِهَا وَانْفَلَتَتْ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِهَا مَعْلُومًا فَعَسَى أَنْ يَضَمَنَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ منها في ماخلا فَلَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ مَنْ وَضَعَ حَجَرًا فِي أَرْضٍ لَا يَمْلِكُهَا ضَمِنَ مَا عَطِبَ بِهِ قَالَ وَلَوْ حَفَرَ فِي صَحْرَاءَ أَوْ فِي طَرِيقٍ وَاسِعٍ (فَعَطِبَ) بِهِ إِنْسَانٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ وَضَعَهُ فِي مِلْكِهِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ لِلْمُزَنِيِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ أَوْقَفَ دَابَّتَهُ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوقِفَهَا فِيهِ ضَمِنَ وَلَوْ أَوْقَفَهَا فِي مَالِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ مَنْ أَوْقَفَ دَابَّتَهُ فِي الطَّرِيقِ مَرْبُوطَةً أَوْ غَيْرَ مَرْبُوطَةٍ ضَمِنَ مَا أَصَابَتْ بِأَيِّ وَجْهٍ مَا أَصَابَتْ وَقَالُوا يَضْمَنُ كُلَّ مَا كَانَ الْعَطَبُ فِيهِ مِنْ سَبَبِهِ وَفِي مَوْضِعٍ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحْدِثَهُ فِيهِ أَوْ لَا يَجُوزُ قَالُوا وَلَيْسَ يُبَرِّئُهُ مَا جَازَ إِحْدَاثُهُ لَهُ مِنَ الضَّمَانِ كَرَاكِبِ الدَّابَّةِ يَضْمَنُ مَا عَطِبَ بِهَا وَإِنْ كَانَ لَهُ أَنْ يَتْرُكَهَا وَيَسِيرَ عَلَيْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ يَضْمَنُ فِي مَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يحدثه وإنما اختلفوا في ماله أَنْ يُحْدِثَهُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 145 قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ النَّارُ جُبَارٌ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ أَصْلُهُ الْبِئْرُ وَلَكِنْ مَعْمَرٌ صَحَّفَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لم يأت بن مَعِينٍ عَلَى قَوْلِهِ هَذَا بِدَلِيلٍ وَلَيْسَ هَكَذَا تُرَدُّ أَحَادِيثُ الثِّقَاتِ وَذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيِّ قَالَ أَحْرَقَ رَجُلٌ تِبْنًا فِي مُرَاحٍ فَخَرَجَتْ شَرَارَةٌ مِنْ نَارٍ حَتَّى أَحْرَقَتْ شَيْئًا لِجَارِهِ قَالَ فَكَتَبْتُ فِيهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَكَتَبَ إِلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَأَرَى أَنَّ النَّارَ جُبَارٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي فَارِسَيْنِ اصْطَدَمَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا يَضْمَنُ الْحَيُّ لِلْمَيِّتِ وَرُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَحَمَّادٍ وَعَطَاءٍ فِيمَنِ اسْتَعَانَ صَبِيًّا بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِهِ أَوْ مَمْلُوكًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوْلَاهُ ضَمِنَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَنْزِلُ فِي الْبِئْرِ فَيُدْرِكُهُ رَجُلٌ آخَرُ فِي أَثَرِهِ فَيَجْبِذُ الْأَسْفَلُ الْأَعْلَى فَيَخِرَّانِ فِي الْبِئْرِ فَيَهْلِكَانِ جَمِيعًا أَنَّ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي جَبَذَهُ الدِّيَةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا أَظُنُّ فِي هَذَا خِلَافًا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِلَّا مَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ يَضْمَنُ نِصْفَ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ فِعْلِهِ وَمِنْ سُقُوطِ السَّاقِطِ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ فِي الصَّبِيِّ يَأْمُرُهُ الرَّجُلُ يَنْزِلُ فِي الْبِئْرِ أَوْ يَرْقَى فِي النَّخْلَةِ فَيَهْلِكُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي أَمَرَهُ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَهُ مِنْ هَلَاكٍ أَوْ غيره قال أبو عمر قد روى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ إِذَا حَمَلَ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ لِيَسْقِيَهَا أَوْ يُمْسِكَهَا فَأَصَابَتِ الدَّابَّةُ رَجُلًا وَطِئَتْهُ فَقَتَلَتْهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ وَلَا تَرْجِعُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الصَّبِيَّ لَوْ هَلَكَ لِأَنَّهُ لَوْ ضَمِنَهُ لَرَجَعَ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ صَاحَ بِصَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوهٍ فَسَقَطَ مِنْ صيحته ضمن الجزء: 8 ¦ الصفحة: 146 وَقَالَهُ عَطَاءٌ وَزَادَ وَمَا أَرَى الْكَبِيرَ إِلَّا كَذَلِكَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا أَرْسَلَ رَجُلٌ صَبِيًّا فِي حَاجَةٍ فَجَنَى الصَّبِيُّ فَلَيْسَ عَلَى الْمُرْسَلِ شَيْءٌ وَهُوَ عَلَى الصَّبِيِّ وَلَوْ أَرْسَلَ مَمْلُوكًا فَجَنَى جِنَايَةً فَهِيَ عَلَى الْمُرْسَلِ وَرَوَى الْمُعَافَى عَنِ الثَّوْرِيِّ مَنْ أَرْسَلَ أَجِيرًا صَغِيرًا فِي حَاجَةٍ فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنِ اسْتَعْمَلَ أَجِيرًا فِي عَمَلٍ شَدِيدٍ فَمَاتَ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ لَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَسْتَعْمِلَ الرَّجُلُ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ يَقُولُ اسْقِنِي مَاءً وَنَاوِلْنِي وَضُوءًا وَالصَّبِيُّ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ عَنَتَ فِي ذَلِكَ ضَمِنَ قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي أَرَى فِي هَذَا كُلِّهِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ أَنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُهُ إِنْ كَانَ مِقْدَارًا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ لِأَنَّهُ لَا مُبَاشَرَةَ فِيهِ لِلْفَاعِلِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ إِلَى ذَهَابِ النَّفْسِ قَصْدٌ وَلَا عَمْدٌ وَإِنَّمَا هُوَ السَّبَبُ وَالسَّبَبُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَقَدْ مَضَى مَا فِي هَذَا الْمَعْنَى لِلْعُلَمَاءِ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْفَارِسَيْنِ يَصْطَدِمَانِ فَيَمُوتَانِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَةُ الْآخَرِ عَلَى عاقلته وقال بن خَوَازْ بَنْدَادَ وَكَذَلِكَ عِنْدَنَا السَّفِينَتَانِ تَصْطَدِمَانِ (إِذَا لَمْ يَكُنْ) لِلنُّوتِيِّ صَرْفُ السَّفِينَةِ وَلَا الْفَارِسِ صَرْفُ الْفَرَسِ وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَزُفَرُ وَالشَّعْبِيُّ فِي الْفَارِسَيْنِ إِذَا اصْطَدَمَا فَمَاتَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ صَاحِبِهِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَاتَ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ وَفِعْلِ صَاحِبِهِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي السَّفِينَتَيْنِ وَالْفَارِسَيْنِ على كل واحد منهما الضَّمَانُ بِقِيمَةِ مَا أَتْلَفَ لِصَاحِبِهِ كَامِلًا قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ عَقْلٌ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْقِلُوهُ مَعَ الْعَاقِلَةِ فِيمَا تَعْقِلُهُ الْعَاقِلَةُ مِنَ الدِّيَاتِ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْعَقْلُ عَلَى مَنْ بَلَغَ الْحُلُمَ مِنَ الرِّجَالِ وَقَالَ مَالِكٌ فِي عَقْلِ الْمَوَالِي تُلْزَمُهُ الْعَاقِلَةُ إِنَّ شَاؤُوا وَإِنْ أَبَوْا كَانُوا أَهْلَ دِيوَانٍ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 147 أَوْ مُقْطَعِينَ وَقَدْ تَعَاقَلَ النَّاسُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي زَمَانِ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ دِيوَانٌ وَإِنَّمَا كَانَ الدِّيوَانُ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْقِلَ عَنْهُ غَيْرُ قَوْمِهِ وَمَوَالِيهِ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَنْتَقِلُ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ قَالَ مَالِكٌ وَالْوَلَاءُ نَسَبٌ ثَابِتٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي الْعَوَاقِلِ فَقَوْلُ مَالِكٍ مَا ذَكَرَهُ فِي مُوَطَّئِهِ وَقَالَ بن الْقَاسِمِ عَنْهُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَوَاقِلِ عَلَى الْغَنِيِّ قَدْرُهُ وَمَنْ دُونَهُ قَدْرُهُ حَتَّى يُصِيبَ الرَّجُلُ منهم درهم مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَكْثَرَ وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْ أُعْطِيَاتِهِمْ وَقالَ الثَّوْرِيُّ تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ الدِّيَةَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ أَوَّلُهَا الْعَامُ الذي أصيب فيه وتكون عنده الْأُعْطِيَةُ عَلَى الرِّجَالِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْعَقْلُ عَلَى ذَوِي الْأَنْسَابِ دُونَ أَهْلِ الدِّيوَانِ وَالْخُلَفَاءِ عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مَنْ بَنِي أَبِيهِ ثُمَّ مِنْ بَنِي جَدِّهِ ثُمَّ مِنْ بَنِي جَدِّ أَبِيهِ فَإِنْ عَجَزُوا عَنِ الْبَعْضِ حَمَلَ عَنْهُمُ الْمَوَالِي الْمُعْتِقُونَ فَإِنْ عَجَزُوا عَنْ بَعْضٍ وَلَهُمْ عَوَاقِلُ عَقَلَتْهُمْ عَوَاقِلُهُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذُو نسب ولا مولى أعلى (من المولى) حَمَلَ الْمَوْلَى مِنْ أَسْفَلَ وَيَحْمِلُ مَنْ كَثُرَ مَالُهُ نِصْفَ دِينَارٍ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ رُبُعَ دِينَارٍ لَا يُزَادُ عَلَى هَذَا وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الدِّيَةُ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ يُقْضَى بِهَا وَالْعَاقِلَةُ أَهْلُ دِيوَانِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ أُعْطِيَاتِهِمْ حَتَّى يُصِيبَ الرَّجُلُ مِنَ الدِّيَةِ مِنْهُمْ كُلُّهَا أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ أَوْ ثَلَاثَةُ دراهم فإن الجزء: 8 ¦ الصفحة: 148 أَصَابَهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ ضَمَّ إِلَيْهَا أَقْرَبَ الْقَبَائِلِ إِلَيْهِمْ فِي النَّسَبِ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانَ وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ لَيْسَ مَنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ فُرِضَتِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ يَقْضِي بِهَا الْقَاضِي فَيُؤْخَذُ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ عِنْدَ رَأْسِ كُلِّ حَوْلٍ وَيُضَمُّ إِلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ مِنْهُمْ فِي النَّسَبِ حَتَّى يُصِيبَ الرَّجُلُ مِنَ الدِّيَةِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةً وَقَالَ مُحَمَّدُ بن الحسن يعقل عن الحليف خلفاؤه وَلَا يَعْقِلُ عَنْهُ قَوْمُهُ وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ لَيْسَ أَهْلُ الدِّيوَانِ أَوْلَى بِهَا مِنْ سَائِرِ الْعَاقِلَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَلَا تَكُونُ فِي أَقَلَّ مِنْهَا وَأَجْمَعُوا أَنَّهَا عَلَى الْبَالِغِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَأَجْمَعَ أَهْلُ السِّيَرِ وَالْعِلْمِ بِالْخَبَرِ أَنَّ الدِّيَةَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ فَأَقَرَّهَا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الْإِسْلَامِ وَكَانُوا يَتَعَاقَلُونَ بِالنَّظْرَةِ ثُمَّ جَاءَ الْإِسْلَامُ فَجَرَى الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى جَعَلَ عُمَرُ الدِّيوَانَ وَاتَّفَقَ (الْفُقَهَاءُ) عَلَى رِوَايَةِ ذَلِكَ وَالْقَوْلِ بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ دِيوَانٌ وَأَنَّ عُمَرَ جَعَلَ الدِّيوَانَ وَجَمَعَ بِهِ النَّاسَ وَجَعَلَ أَهْلَ كُلِّ جُنْدٍ يَدًا وَجَعَلَ عَلَيْهِمْ قِتَالَ مَنْ يَلِيهِمْ مِنَ الْعَدُوِّ وَحَدَّ الْكُوفِيُّ وَالشَّافِعِيُّ فِي مِقْدَارِ مَا يَحْمِلُ الْوَاحِدُ مِنَ الْعَاقِلَةِ مِنَ الدِّيَةِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَنْهُمَا وَلَمْ يَحُدَّ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ حَدًّا وَذَلِكَ عِنْدَهُ عَلَى حَسَبِ طَاقَةِ الْعَاقِلَةِ وَغِنَاهَا وَفَقْرِهَا يَحْمِلُ الْوَاحِدُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يُضَرُّ بِهِ وَمَا يَسْهُلُ مِنْ دِرْهَمٍ إِلَى مِائَةٍ وَأَزْيَدَ إِذَا سَهُلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَاتَّفَقَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْحِجَازِ عَلَى أَنَّ الْعَاقِلَةَ الْقَرَابَةُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَهُمُ الْعَصَبَةُ دُونَ أَهْلِ الدِّيوَانِ وَقَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يَعْقِلَ عَنْ مَوَالِي صَفِيَّةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ دُونَ ابْنِهَا الزُّبَيْرِ وَقَضَى بِمِيرَاثِهِمْ لِلزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَضَى عَلَى سَلَمَةَ بْنِ نُعَيْمٍ إِذْ قَتَلَ مُسْلِمًا فَظَنَّهُ كَافِرًا بِالدِّيَةِ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْمِهِ وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ سواء في من يقدم الدية من الْعَاقِلَةَ مِنَ الْعَصَبَةِ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 149 وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ عَلَى مَنَازِلِهِمْ فِي التعصيب حَتَّى يَنْتَهِيَ الْأَمْرُ إِلَى الْأَقْصَى عَلَى مَا قدمنا عنه وروى بن جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى كُلِّ بَطْنٍ عُقُولَهُ وَقَالَ لَا يَتَوَلَّى مَوْلًى قَوْمًا إِلَّا بِإِذْنِهِمْ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلَاءُ كَالنَّسَبِ وَأَمَّا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّ الْحَلِيفَ يَعْقِلُ عَنْ حَلِيفِهِ فَاحْتَجَّ لَهُ الطَّحَاوِيُّ بِحَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُشْرِكِ الَّذِي رَبَطَهُ في سواري المسجد أحبسك بجريرة حُلَفَائِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ مَعَانِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرًا فِيمَا تَقَدَّمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَذَكَرْنَا مَسَائِلَ مِنْهُ اخْتَلَفَ فِيهَا أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِهِمْ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَا أُصِيبَ مِنَ الْبَهَائِمِ أَنَّ عَلَى مَنْ أَصَابَ مِنْهَا شَيْئًا قَدْرَ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا الجزء: 8 ¦ الصفحة: 150 قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ فِي بَابٍ مُتَرْجَمٍ بِالْقَضَاءِ فِي مَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنَ الْبَهَائِمِ فَلَا مَعْنَى لتكراره قال مالك في الرجل يكون عَلَيْهِ الْقَتْلُ فَيُصِيبُ حَدًّا مِنَ الْحُدُودِ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الْقَتْلَ يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ إِلَّا الْفِرْيَةَ فَإِنَّهَا تَثْبُتُ عَلَى مَنْ قِيلَتْ لَهُ يُقَالُ لَهُ مَا لَكَ لَمْ تَجْلِدْ مَنِ افْتَرَى عَلَيْكَ فَأَرَى أَنْ يُجْلَدَ الْمَقْتُولُ الْحَدَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْتَلَ ثُمَّ يُقْتَلَ وَلَا أَرَى أَنْ يُقَادَ مِنْهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْجِرَاحِ إِلَّا الْقَتْلَ لِأَنَّ الْقَتْلَ يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ هَذَا هُوَ قَوْلُ بن شِهَابٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَقَدْ رُوِيَ عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ إِذَا اجْتَمَعَتِ الْحُدُودُ وَالْقَتْلُ سَقَطَتْ كُلُّهَا إِلَّا الْقَذْفَ وَقَالَ مَعْمَرٌ سُئِلَ بن شِهَابٍ عَنْ رَجُلٍ سَرَقَ ثُمَّ قَتَلَ فَقَالَ تُدْرَأُ الْحُدُودُ كُلُّهَا مَعَ الْقَتْلِ إِلَّا الْقَذْفَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ فِيمَنْ سَرَقَ ثُمَّ قَتَلَ يُبْدَأُ بِمَا هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَيُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ ثُمَّ يُقْتَلُ فِي الْقِصَاصِ لِأَنَّ الْقِصَاصَ يَجُوزُ فِيهِ الْعَفْوُ وَلَا يَجُوزُ فِي قَطْعِ السَّرِقَةِ عَفْوٌ قَالَ وَلَوْ زَنَى وَسَرَقَ وَهُوَ مُحْصَنٌ رُجِمَ وَلَمْ يُقْطَعْ قَالَ أَبُو عُمَرَ كَأَنَّهُ يَقُولُ لَمَّا اجْتَمَعَ حَدَّانِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نَابَ أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ وَقَدْ عَدَّهُ قَوْمٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ مُنَاقَضَةً لِقَوْلِهِ إِنَّ حَدَّ اللَّهِ لَا يُسْقِطُهُ الْعَفْوُ فَلَمْ يَسْقُطْ حَقُّ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) فِي الْقَطْعِ ها هنا وَلَمْ يَسْقُطْ فِي الِاجْتِمَاعِ مِنَ الْقَتْلِ وَقَالَ بن شُبْرُمَةَ إِذَا قَتَلَ وَزَنَى حُدَّ ثُمَّ قُتِلَ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ ثُمَّ سَرَقَ قُطِعَتْ يَدُهُ فِي الْقِصَاصِ ثُمَّ قُطِعَتْ رِجْلُهُ فِي السَّرِقَةِ قَالَ وَإِنْ سَرَقَ ثُمَّ قَطَعَ يُمْنَى رَجُلٍ قُطِعَتْ يَدُهُ فِي السَّرِقَةِ وَغَرِمَ دِيَةَ الْمَقْطُوعِ يَدُهُ وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ حُدُودٌ لِلنَّاسِ ثُمَّ قَتَلَ أُخِذَتْ حُدُودُ النَّاسِ مِنْهُ ثُمَّ قُتِلَ وَإِنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 151 كَانَتْ حُدُودُهُ كُلُّهَا لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْهَا الْقَتْلُ قُتِلَ وَتُرِكَ مَا سِوَاهُ وَقَالَ اللَّيْثُ فِي الْمُرْتَدِّ يَجْنِي أَنْ يُقْتَلَ وَتَبْطُلَ كُلُّ جناية كانت منه وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا اجْتَمَعَتْ عَلَى رَجُلٍ حُدُودٌ وقتل بدىء بِحَدِّ الْقَذْفِ يُجْلَدُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ثُمَّ يُجْلَدُ فِي الزِّنَى ثُمَّ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُمْنَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى لِقَطْعِ الطَّرِيقِ وَكَانَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى لِلسَّرِقَةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ مَعًا وَرِجْلُهُ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ مَعَ يَدِهِ ثُمَّ قُتِلَ قَوَدًا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يُبْدَأُ بِالْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ ثُمَّ يُحَدُّ لِلْقَذْفِ ثُمَّ إِنْ شَاءَ يُحَدُّ لِلزِّنَى أَوِ السَّرِقَةِ ثُمَّ يُحَدُّ لِلشَّرَابِ أُخْرَى وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا اجْتَمَعَتْ عَلَى رَجُلٍ حُدُودٌ وَقَتْلٌ فَمَا كَانَ لِلنَّاسِ فَحُدَّهُ وَمَا كَانَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ - فَدَعْهُ فَإِنَّ الْقَتْلَ يَمْحُو ذَلِكَ كُلَّهُ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِيمَنْ قَطَعَ يد رجل ثم قتله فروى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ يُقْتَلُ وَلَا تُقْطَعُ يده وهو قول بن شُبْرُمَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ إِذَا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ ثُمَّ قَتَلَهُ قَبْلَ الْبُرْءِ فَلِلْوَالِي أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ ثُمَّ يَقْتُلَهُ قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْقَتِيلَ إِذَا وُجِدَ بَيْنَ ظَهَرَانَيْ قَوْمٍ فِي قَرْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِ دَارًا وَلَا مَكَانًا وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يُقْتَلُ الْقَتِيلُ ثُمَّ يُلْقَى عَلَى بَابِ قَوْمٍ لِيُلَطَّخُوا بِهِ فَلَيْسَ يُؤْخَذُ أَحَدٌ بِمِثْلِ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَذَكَرَ وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنِي إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ الْأَزْمَعِ قَالَ وُجِدَ قَتِيلٌ بِالْيَمَنِ بَيْنَ وَادِعَةَ وَأَرْحَبَ فَكَتَبَ عَامِلُ عُمَرَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَيْهِ أَنْ قِسْ مَا بَيْنَ الْحَيَّيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمْ كَانَ أَقْرَبَ فَخُذْهُمْ بِهِ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحِيمِ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ قُتِلَ قَتِيلٌ بَيْنَ حَيَّيْنِ مِنْ هَمْدَانَ بَيْنَ وَادِعَةَ وَحَيْوَانَ فَبَعَثَ مَعَهُمْ عُمَرُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ فَقَالَ انْطَلِقْ مَعَهُمْ فَقِسْ مَا بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ فَأَيُّهُمَا كَانَ أَقْرَبَ فَأَلْحِقْ بِهِمُ الْقَتِيلَ قَالَ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحِيمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ بن الجزء: 8 ¦ الصفحة: 152 مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ إِذَا وَجَدَ الْقَتِيلَ مَا بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ قَاسَ مَا بينهما وروى بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ سمعت أبا عمرو الشيباني يقول سمعت بن مَسْعُودٍ يَقُولُ لَا يَخْرُجَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى صَحْبِهِ بِلَيْلٍ وَلَا إِلَى أَمْرٍ يَكُونُ فِي هَذِهِ السُّوقِ قَالَ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنَّا إِلَى السُّوقِ فَوُجِدَ قَتِيلًا عِنْدَ بَابِ رَجُلٍ فَأَلْزَمَهُ الْعَقْلَ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِيهَا فَإِنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ وَاللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُ إِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةِ قَوْمٍ أَوْ فِنَائِهِمْ لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِمْ بِوُجُودِهِ حَتَّى تَكُونَ الْأَسْبَابُ الَّتِي شَرَطُوهَا فِي وُجُوبِ الْقَسَامَةِ وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهَا عَلَى مَا نَذْكُرُهُ عَنْهُمْ فِي بَابِ الْقَسَامَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ أَوْجَبَ قَوْمٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ الْقَسَامَةُ مِنْهُمُ الزُّهْرِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي قَوْمٍ بِهِ أَثَرٌ كَانَ عَقْلُهُ عَلَيْهِمْ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ أَثَرٌ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَاقِلَةِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَحَدٍ قَالَ سُفْيَانُ وَهَذَا مِمَّا اجْتَمَعَ عِنْدَنَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ اعْتَبَرُوا إِنْ كَانَ بِالْقَتِيلِ أَثَرٌ جَعَلُوهُ عَلَى الْقَبِيلَةِ أَوْ لَا يَكُونُ بِهِ أَثَرٌ فَلَا يَجْعَلُهُ عَلَى أَحَدٍ وَنَذْكُرُ مَذَاهِبَهُمْ وَغَيْرَهُمْ فِي الْمَعْنَى وَاضِحَةً فِي بَابِ الْقَسَامَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ إِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي قَوْمٍ فَشَاهِدَانِ يَشْهَدَانِ عَلَى أَحَدٍ أَنَّهُ قَتَلَهُ وَإِلَّا أَقْسَمُوا خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّهُمْ مَا قَتَلُوهُ وَغَرِمُوا الدِّيَةَ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامٍ يَسْأَلُهُ عَنْ رَجُلٍ وُجِدَ مَقْتُولًا فِي دَارِ قَوْمٍ فَقَالُوا طَرَقَنَا لِيَسْرِقَنَا وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُ بَلْ كَذَبُوا بَلْ دَعَوْهُ إِلَى مَنْزِلِهِمْ ثُمَّ قَتَلُوهُ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَحْلِفُ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ خَمْسِينَ يَمِينًا إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ مَا جَاءَ لِيَسْرِقَهُمْ وَمَا دَعَوْهُ إِلَّا دُعَاءً ثُمَّ قَتَلُوهُ فَإِنْ حَلَفُوا أُعْطَوُا الْقَوَدَ وَإِنْ نَكَلُوا حَلَفَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ خَمْسُونَ بِاللَّهِ لَطَرَقَنَا لِيَسْرِقَنَا ثُمَّ عَلَيْهِمُ الدِّيَةُ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَقَدْ قَضَى بِذَلِكَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ بَرَّأَ الزُّهْرِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ بِالْيَمِينِ وَهُمُ الْمُدَّعُونَ وَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَاهُ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُمَرَ رضي الجزء: 8 ¦ الصفحة: 153 اللَّهُ عَنْهُ وَمُوَافَقَةٌ مِنْهُ لِحَدِيثِ الْحَارِثِيِّنَ مِنَ الْأَنْصَارِ حُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي قَتِيلِهِمْ بخيبر ذكر بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ فِي كِتَابٍ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا فِي الْقَتِيلِ يُوجَدُ بَيْنَ ظَهَرَانَيْ قَوْمٍ أَنَّ الْأَيْمَانَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَإِنْ نَكَلُوا حَلَفَ الْمُدَّعُونَ وَاسْتَحَقُّوا فَإِنْ نَكَلَ الْفَرِيقَانِ جَمِيعًا كَانَتِ الدِّيَةُ نِصْفَيْنِ نِصْفٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَنِصْفٌ يُبْطِلُهُ أَهْلُ الدَّعْوَةِ إِذَا كَرِهُوا أَنْ يَسْتَحِقُّوا بِأَيْمَانِهِمْ قَالَ مَالِكٌ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ اقْتَتَلُوا فَانْكَشَفُوا وَبَيْنَهُمْ قَتِيلٌ أَوْ جَرِيحٌ لَا يُدْرَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِ إِنَّ أَحْسَنَ مَا سُمِعَ فِي ذَلِكَ أَنَّ فِيهِ الْعَقْلَ وَأَنَّ عَقْلَهُ عَلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ نَازَعُوهُ وَإِنْ كَانَ الْقَتِيلُ أَوِ الْجَرِيحُ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيقَيْنِ فَعَقْلُهُ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ سُمِعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافًا وَالِاخْتِلَافُ أَنْ يَسْمَعَ دَعْوَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ ثُمَّ يَحْكُمُ فِيهِ بِالْقَسَامَةِ عَلَى كُلِّ مَذْهَبِهِ فِي مَا تُوجِبُهُ الْقَسَامَةُ مِنَ الْقَوَدِ أَوِ الدِّيَةِ عَلَى مَا يَأْتِي بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَدِيٍّ عَنْ أَشْعَثَ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْمٍ تَنَاضَلُوا وَأَصَابُوا إِنْسَانًا لَا يُدْرَى أَيُّهُمْ أَصَابَهُ قَالَ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ قال وحدثني محمد بن بكر عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ أَتَى حَجَرٌ عَابِرٌ في إمارة مروان فأصاب بن نِسْطَاسٍ عَمَّ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِسْطَاسٍ لَا يُعْلَمُ مَنْ صَاحِبُهُ الَّذِي قَتَلَهُ فَضَرَبَ مَرْوَانُ دِيَتَهُ عَلَى النَّاسِ قَالَ أَبُو عُمَرَ جَاءَ عَنْ عُمَرَ وَعَلَيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قَضَيَا فِي قَتِيلِ الزِّحَامِ بِالدِّيَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ وَهْبِ بْنِ عُقْبَةَ الْعِجْلِيِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَذْكُورٍ الْهَمْدَانِيِّ أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الزِّحَامِ فَجَعَلَ عَلِيٌّ دِيَتَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ قَالَ وَأَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ الْأُسُودِ أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ فِي الْكَعْبَةِ فَسَأَلَ عُمَرُ عَلِيًّا فَقَالَ مِنْ بيت المال الجزء: 8 ¦ الصفحة: 154 وَذَكَرَ وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ عُقْبَةَ وَمُسْلِمُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مَذْكُورٍ سَمِعَاهُ مِنْ يَزِيدَ بْنِ مَذْكُورٍ أَنَّ النَّاسَ ازْدَحَمُوا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِالْكُوفَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَفْرَجُوا عَنْ قَتِيلٍ فَوَدَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَالَ وَكِيعٌ وَحَدَّثَنِي شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنْ رَجُلًا قُتِلَ فِي الطَّوَافِ فَاسْتَشَارَ عُمَرُ النَّاسَ فَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - دِيَتُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ قَالَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ مَنْ قُتِلَ فِي زِحَامٍ فَإِنَّ دِيَتَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مَنْ حَضَرَ ذَلِكَ فِي جُمُعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَإِنْ وَدَاهُ السُّلْطَانُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَحَسَنٌ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ |