مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سعد بن زُرَارَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَتْ جَارِيَةً لَهَا سَحَرَتْهَا وَقَدْ كَانَتْ دَبَّرَتْهَا فَأَمَرَتْ بِهَا فَقُتِلَتْ قَالَ مَالِكٌ السَّاحِرُ الَّذِي يَعْمَلُ السِّحْرَ وَلَمْ يَعْمَلْ (...) |
مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سعد بن زُرَارَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ حَفْصَةَ
زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَتْ جَارِيَةً لَهَا سَحَرَتْهَا وَقَدْ كَانَتْ دَبَّرَتْهَا فَأَمَرَتْ بِهَا فَقُتِلَتْ قَالَ مَالِكٌ السَّاحِرُ الَّذِي يَعْمَلُ السِّحْرَ وَلَمْ يَعْمَلْ ذَلِكَ لَهُ غَيْرُهُ هُوَ مِثْلُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ (وَلَقَدْ علموا لمن اشتره مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ) الْبَقَرَةِ 102 فَأَرَى أَنْ يُقْتَلَ ذَلِكَ إِذَا عَمِلَ ذَلِكَ هُوَ نَفْسُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ هَذَا الْخَبَرُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ حَفْصَةَ وَعَنْ نافع عن بن عمر روى بن عُيَيْنَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ نَافِعًا يُحَدِّثُ عَنْ حَفْصَةَ أَنَّهَا قَتَلَتْ جَارِيَةً لَهَا سَحَرَتْهَا وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَوْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّ جَارِيَةً لِحَفْصَةَ سَحَرَتْهَا وَاعْتَرَفَتْ بِذَلِكَ فَأَمَرَتْ بِهَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَتَلَهَا وَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا عُثْمَانُ فَقَالَ بن عُمَرَ مَا تُنْكِرُ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ مِنِ امْرَأَةٍ سَحَرَتْهَا وَاعْتَرَفَتْ فَسَكَتَ عُثْمَانُ وَعِنْدَ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ خِلَافٌ لِحَفْصَةَ إِلَّا أَنَّهُ رَمَاهُ بِآخِرَةٍ مِنْ كِتَابِهِ فَلَيْسَ عِنْد يَحْيَى وَطَائِفَةٍ مَعَهُ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَأَثْبَتَ حَدِيثَ حَفْصَةَ لِأَنَّهُ الَّذِي يَذْهَبُ إِلَيْهِ فِي قَتْلِ السَّاحِرِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّهِ عُمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَعْتَقَتْ جَارِيَةً لَهَا عَلَى دُبُرٍ مِنْهَا ثُمَّ إِنَّ عَائِشَةَ مَرِضَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ فَدَخَلَ عَلَيْهَا سَنَدِيُّ فَقَالَ إِنَّك مَطْبُوبَةٌ فَقَالَتْ مَنْ طَبَّنِي فَقَالَ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 158 امْرَأَةٌ مِنْ نَعْتِهَا كَذَا وَكَذَا وَفِي حِجْرِهَا صَبِيٌّ قَدْ بَالَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ ادْعُ لِي فُلَانَةَ لِجَارِيَةٍ لَهَا تَخْدِمُهَا فَوَجَدُوهَا فِي بَيْتِ جِيرَانٍ لَهَا فِي حِجْرِهَا صَبِيٌّ قَدْ بَالَ فَقَالَتْ حَتَّى أَغْسِلَ بَوْلَ الصَّبِيِّ فَغَسَلَتْهُ ثُمَّ جَاءَتْ فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ سَحَرْتِنِي قَالَتْ نَعَمْ فَقَالَتْ لِمَ قَالَتْ أَحْبَبْتُ الْعِتْقَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ أَحْبَبْتِ الْعِتْقَ فَوَاللَّهِ لَا تُعْتَقِنَّ أَبَدًا فَأَمَرَتْ عائشة بن أَخِيهَا أَنْ يَبِيعَهَا مِنَ الْأَعْرَابِ مِمَّنْ يُسِيءُ مِلْكَتَهَا ثُمَّ قَالَتْ ابْتَعْ لِي بِثَمَنِهَا رَقَبَةً حَتَّى أُعْتِقَهَا فَفَعَلَتْ قَالَتْ عَمْرَةُ فَلَبِثَتْ عَائِشَةُ مَا شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الزَّمَانِ ثُمَّ إِنَّهَا رَأَتْ فِي النَّوْمِ أَنِ اغْتَسِلِي مِنْ ثَلَاثِ آبَارٍ يَمُرُّ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ فَإِنَّك تَشْفِينَ قَالَتْ عَمْرَةُ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ فَذَكَرَتْ لهما الذي رأت فانطلقا إلى قباء فوجدوا آبَارًا ثَلَاثًا يَمُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا فَاسْتَقَوْا مِنْ كُلِّ بِئْرٍ مِنْهَا ثَلَاثَ شَخْبٍ حَتَّى مُلِئَ الشَّخْبُ مِنْ جَمِيعِهِنَّ ثُمَّ أَتَوْا بِهِ عَائِشَةَ فَاغْتَسَلَتْ بِهِ فَشُفِيَتْ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا بَيْعُ الْمُدَبَّرِ وَكَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُفْتِي بِهِ فِي بَيْعِ الْمُدَبَّرِ إِذَا تَخَلَّفَ عَنْ مَوْلَاهُ وَأَحْدَثَ أَحْدَاثًا قَبِيحَةً لَا تُرْضَى وَفِيهِ أَنَّ السِّحْرَ حَقٌّ وَأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي الْأَجْسَامِ وَإِذَا كَانَ هَذَا لَمْ يُؤْمَنْ مِنْهُ ذَهَابُ النَّفْسِ وَفِيهِ أَنَّ الْغَيْبَ تُدْرَكُ مِنْهُ أَشْيَاءُ بِدُرُوبٍ مِنَ التَّعْلِيمِ فَسُبْحَانَ مَنْ عِلْمُهُ بِلَا تَعَلُّمٍ وَمَنْ يَعْلَمُ الْغَيْبَ حَقِيقَةً لَا كَمَا يَعْلَمُهُ مَنْ يُخْطِئُ مَرَّةً وَيُصِيبُ أُخْرَى تَخَرُّصًا وَتَظَنُّنًا وَفِيهِ إِثْبَاتُ (النُّشْرَةِ) وَأَنَّهَا قَدْ يُنْتَفَعُ بِهَا وَحَسْبُكَ مَا جَاءَ مِنْهَا فِي اغْتِسَالِ الْعَائِنِ لِلْمُعِينِ وَفِيهِ أَنَّ السَّاحِرَ لَا يُقْتَلُ إِذَا كَانَ عَمَلُهُ مِنَ السِّحْرِ مَا لَا يُقْتَلُ حَدَّثَنِي سَعِيدٌ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حِبَّانِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ سَحَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ فَاشْتَكَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِذَلِكَ أَيَّامًا فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ عَقَدَ لَكَ عُقَدًا فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَاسْتَخْرَجَهَا وَجَاءَ بِهَا وَجَعَلَ كُلَّمَا حَلَّ عُقْدَةً وَجَدَ لِذَلِكَ خِفَّةً قَالَ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ الجزء: 8 ¦ الصفحة: 159 عِقَالٍ فَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْيَهُودِيِّ وَلَا أَرَاهُ فِي وَجْهِهِ قَطُّ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْيَهُودِيُّ لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ وَحَدِيثُهُ فِيهِ طُولٌ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَأَمَّا حَدِيثُ حَفْصَةَ فِي قَتْلِ السَّاحِرِ فَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ وجندب - رجل من الصحابة روى بن عيينة عن سالم بن الجعد عن بن دِينَارٍ أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ كَانَ أَمِيرًا عَلَى مِصْرَ فَكَانَ سِرُّهُ يَفْشُو فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَالَ مَا هَذَا فَقِيلَ له إن ها هنا رَجُلًا سَاحِرًا فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ إِنَّا لَا نَعْلَمُ مَا فِي الْكِتَابِ حَتَّى يُفْتَحَ فَإِذَا فُتِحَ عَلِمْنَا مَا فِيهِ فَأَمَرَ بِهِ قَيْسٌ فَقُتِلَ وَسُفْيَانُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْأَعْوَرِ عن عكرمة عن بن عَبَّاسٍ قَالَ عِلْمُ السِّحْرِ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى مِصْرَ يُقَالُ لَهَا الْغُرَمَاءُ وَسُفْيَانُ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ أَنَّ سَاحِرًا كَانَ عِنْدَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ يَمْشِي عَلَى الْجَبَلِ وَيَدْخُلُ فِي اسْتِ الْحِمَارِ وَيَخْرُجُ مِنْ فِيهِ فَاشْتَمَلَ لَهُ جُنْدَبٌ عَلَى السَّيْفِ فَقَتَلَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا خَبَرَ جُنْدَبٍ هَذَا فِي قَتْلِهِ لِلسَّاحِرِ بَيْنَ يَدَيِ الْوَلِيدِ مِنْ طُرُقٍ فِيهَا بَيَانٌ شَافٍ مِنْ كِتَابِ الصَّحَابَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ حَدُّ السَّاحِرِ ضَرْبُهُ بِالسَّيْفِ إِلَّا أَنَّهُ حَدِيثٌ لَيْسَ بِالْقُوِيِّ انْفَرَدَ بِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْحَسَنُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا رَوَاهُ بن عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ جُنْدَبٍ وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَعْرَابِيُّ فِي مَنْزِلِهِ بِمَكَّةَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الصَّيَّاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ بِأَنَّهُ سَمِعَ بَجَالَةَ قَالَ كنت كاتبا لجزء بن معاوية عمر الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ فَأَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ وَفَرِّقُوا بين كل ذي محرم من المجوس وانهوهم عن الزمزمة فقتلنا ثلاث الجزء: 8 ¦ الصفحة: 160 سَوَاحِرَ وَجَعَلَنَا نُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ حَرِيمَتِهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصَنَعَ طَعَامًا كَثِيرًا فَدَعَى الْمَجُوسَ وَعَرَضَ السَّيْفَ عَلَى فَخِذِهِ فألقوا وكر بَغْلٍ أَوْ بَغْلَيْنِ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكَلُوا بِغَيْرِ زَمْزَمَةٍ وَلَمْ يَكُنْ عُمَرُ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْمَجُوسِ حَتَّى شَهِدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر وروى معمر وبن عيينة وبن جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ بَجَالَةَ يُحَدِّثُ أَبَا الشَّعْثَاءِ وَعَمْرَو بْنَ أَوْسٍ عِنْدَ صُفَّةِ زَمْزَمَ فِي إِمَارَةِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ كُنْتُ كَاتِبًا لِجَزْءِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عمر الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ فَأَتَى كِتَابُ عُمَرَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ أَنِ اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ وفرقوا بين كل ذي محرم من المجوس وَانْهَوْهُمْ عَنِ الزَّمْزَمَةِ وَذَكَرَ تَمَامَ الْخَبَرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ يُقْتَلُ السَّاحِرُ اتِّبَاعًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِمَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَبِنَحْوِ مَا نَزَعَ بِهِ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَبَتْ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَدَاوُدُ فَقَالَا لَا يُقْتَلُ السَّاحِرُ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّ مِنْ عَمَلِهِ مَاتَ الْمَسْحُورُ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ قُتِلَ بِهِ قَوَدًا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِنْ قَالَ عَمَلِي هَذَا قَدْ أُخْطِئُ بِهِ الْقَتْلَ وَأُصِيبُ وَقَدْ مَاتَ مِنْ عَمَلِي قَوْمٌ كَانَتْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ فَإِنْ قَالَ مَرِضَ قَوْمٌ مِنْ سِحْرِي وَلَمْ تَمُتْ أَقْسَمَ أَوْلِيَاؤُهُ لَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَكَانَتْ فِيهِ الدِّيَةُ وَقَالَ دَاوُدُ لَوْ قَالَ السَّاحِرُ أَنَا أَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ أَقْتُلُ بِهِ لَمْ يَجِبْ قَتْلُهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ لَا يَقْتُلُ بِهِ أَحَدٌ أَحَدًا كَمَا لَا يُحْيِي بِهِ أَحَدٌ أَحَدٌا وَقَدْ جَاءَ بِمُحَالٍ خَارِجٍ عَنِ الْعَادَاتِ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ السِّحْرَ لَا شَيْءَ فِي حَقِيقَتِهِ مِنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ تَخَيُّلٌ يَتَخَيَّلُ الْإِنْسَانُ (الشَّيْءَ) عَلَى غَيْرِ مَا هُوَ بِهِ وَاحْتَجَّ قَائِلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى) طه 66 وَبِحَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي النِّسَاءَ حِينَ سَحَرَهُ لَبِيدُ بن الأعصم الجزء: 8 ¦ الصفحة: 161 وَفِي تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَ لَبِيدِ بْنِ الْأَعْصَمِ الْيَهُودِيِّ الَّذِي سَحَرَهُ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ قَتْلَ السَّاحِرِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ بَيَانُ ذَلِكَ أَيْضًا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَعْلَى مِنْ جِهَةِ الِاتِّبَاعِ وَأَنَّهُ لَا مُخَالِفَ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَّا عَائِشَةَ فَإِنَّهَا لَمْ تَرَ قَتْلَ السَّاحِرِ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ السَّاحِرَ يَقْلِبُ الْحَيَوَانَ مِنْ صُورَةٍ إِلَى صُورَةٍ فَيَجْعَلُ الْإِنْسَانَ حِمَارًا أَوْ نَحْوَهُ وَيَقْدِرُ عَلَى نَقْلِ الْأَجْسَامِ وَهَلَاكِهَا وَتَبْدِيلِهَا فَإِنَّهُ يَرَى قَتْلَ السَّاحِرِ لِأَنَّهُ كَافِرٌ بِالْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ يَدَّعِي مِثْلَ آيَاتِهِمْ وَمُعْجِزَاتِهِمْ وَلَا يَتَهَيَّأُ مَعَ هَذَا عِلْمُ صِحَّةِ النُّبُوَّةِ إِذْ قَدْ يَحْصُلُ مِثْلُهَا بِالْحِيلَةِ وَأَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّ السِّحْرَ خِدَعٌ وَمَخَارِقُ وَتَمْوِيهَاتٌ وَتَخَيُّلَاتٌ فَلَا يَجِبُ عَلَى أَصْلِهِ قَتْلُ السَّاحِرِ إِلَّا أَنْ يَقْتُلَ بِفِعْلِهِ أَحَدًا فَيُقْتَلُ بِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا حديث بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنِ اقْتَبَسَ بَابًا مِنْ عِلْمِ النُّجُومِ فَقَدِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ مَا زَادَ زَادَ وَمَا زَادَ زَادَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِنَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَفِي المبسوط روى بن نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَرْأَةِ تُقِرُّ أَنَّهَا عَقَدَتْ زَوْجَهَا عَنْ نَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا مِنَ النِّسَاءِ أَنَّهَا تُنَكَّلُ وَلَا تُقْتَلُ قَالَ وَلَوْ سَحَرَ نَفْسَهُ لَمْ يُقْتَلْ لِذَلِكَ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ فَدِمَاءُ الْمُؤْمِنِينَ مَحْظُورَةٌ فَلَا تُسْتَبَاحُ إِلَّا بِيَقِينٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ |