مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنٍ مَوْلَى عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ
مَرْوَانَ أَقَادَ وَلِيَّ رَجُلٍ مِنْ رَجُلٍ قَتَلَهُ بِعَصًا فَقَتَلَهُ وَلِيُّهُ بِعَصًا
قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا ضَرَبَ
الرَّجُلَ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنٍ مَوْلَى عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ
مَرْوَانَ أَقَادَ وَلِيَّ رَجُلٍ مِنْ رَجُلٍ قَتَلَهُ بِعَصًا فَقَتَلَهُ وَلِيُّهُ بِعَصًا
قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا ضَرَبَ
الرَّجُلَ بِعَصًا أَوْ رَمَاهُ بِحَجَرٍ أَوْ ضَرْبَةٍ عَمْدًا فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ الْعَمْدُ وَفِيهِ
القصاص
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 162
قَالَ مَالِكٌ فَقَتْلُ الْعَمْدِ عِنْدَنَا أَنْ يَعْمِدَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فَيَضْرِبُهُ حَتَّى تَفِيظَ نَفْسُهُ
وَمِنَ الْعَمْدِ أَيْضًا أَنْ يَضْرِبَ الرَّجُلَ فِي النَّائِرَةِ تَكُونُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ يَنْصَرِفُ عَنْهُ وَهُوَ
حَيٌّ فَيُنْزَى فِي ضَرْبِهِ فَيَمُوتُ فَتَكُونُ فِي ذَلِكَ الْقَسَامَةُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْقَوَدُ بِعَصًا مِنَ الْقَاتِلِ فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ قَدِيمًا الْعُلَمَاءُ
فَجُمْلَةُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي مَا ذَكَرَهُ بن القاسم وبن وَهْبٍ وَأَشْهَبُ وَغَيْرُهُمْ عَنْهُ قَالَ إِنْ
قَتَلَهُ بِعَصًا أَوْ بِحَجَرٍ أَوْ بِالنَّارِ أَوْ بِالتَّغْرِيقِ قُتِلَ بِمِثْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَمُتْ فَلَا يَزَالُ يَكُونُ
عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ مَا قَتَلَهُ بِهِ حَتَّى يَمُوتَ وَإِنْ زَاد عَلَى فِعْلِ الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ
فِي ذَلِكَ تَعْذِيبٌ وَطُولٌ فَيُقْتَلُ بِالسَّيْفِ
وَبَيْنَ أَصْحَابِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ اخْتِلَافٌ فِي النَّارِ وَغَيْرِهَا
وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِهِمْ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ ضَرَبَهُ بِحَجَرٍ فَلَمْ يُقْلِعْ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ فُعِلَ بِهِ مِثْلُ ذَلِكَ وَإِنْ حَبَسَهُ
بِلَا طَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ حَتَّى مَاتَ حُبِسَ كَذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَمُتْ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ قُتِلَ بِالسَّيْفِ
قَالَ وَكَذَلِكَ التَّغْرِيقُ إِذَا أَلْقَاهُ فِي مَهْوَاةٍ بَعِيدَةٍ
قَالَ وَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَمَاتَ فَعَلَ بِهِ الْوَلِيُّ مِثْلَ ذَلِكَ فَإِنْ مات وإلا قتله بالسيف
وقال بن شُبْرُمَةَ يُضْرَبُ مِثْلَ مَا ضَرَبَهُ وَلَا يُضْرَبُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ كَانُوا يَكْرَهُونَ
الْمُثْلَةَ وَيَقُولُونَ السَّيْفُ يُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَإِنْ غَمَسَهُ فِي الْمَاءِ فَمَاتَ غُمِسَ أَبَدًا
حَتَّى يَمُوتَ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ بِأَيِّ وَجْهٍ قَتَلَهُ لَمْ يُقْتَلْ إِلَّا بِالسَّيْفِ
وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ الْبَصَرِيِّ
وَرَوَاهُ الْحَسَنُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ مَا حَدَّثَنَاهُ سَعِيدٌ قَالَ حَدَّثَنِي
قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي وَكِيعٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ
يَهُودِيًّا رَضَخَ رَأْسَ امْرَأَةٍ بِحَجَرٍ فَرَضَخَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ بحجر
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 163
أَوْ قَالَ بَيْنَ حَجَرَيْنِ
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عندنا أن الرجل إذا
اضرب رَجُلًا بِعَصًا أَوْ رَمَاهُ بِحَجَرٍ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ الْعَمْدُ وَفِيهِ الْقِصَاصُ فَهَذَا
مِنْهُ نَفْيٌ لِشِبْهِ الْعَمْدِ
وَالْقَتْلُ عِنْدَهُ عَلَى وَجْهَيْنِ عَمْدٌ وَخَطَأٌ لَا ثَالِثَ لَهُمَا
وَقَتِيلُ الْحَجَرِ وَالْعَصَا عِنْدَهُ وَغَيْرِهِمَا سَوَاءٌ إِذَا وَقَعَ الْعَمْدُ من الضارب بهما
قال بن الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ شِبْهُ الْعَمْدِ بَاطِلٌ وَإِنَّمَا هُوَ عَمْدٌ وَخَطَأٌ لَمْ أَجِدْ فِي
الْقُرْآنِ غَيْرَ ذَلِكَ وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَابَعَ مَالِكًا عَلَى نَفْيِهِ وَدَفْعِهِ لِشِبْهِ الْعَمْدِ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَمَا أَعْلَمُ
أَحَدًا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى ذَلِكَ تَابَعَهُمَا
قَالَ مَالِكٌ الْعَمْدُ مَا عَمَدَ بِهِ إِنْسَانٌ آخَرُ وَلَوْ ضَرَبَهُ بِأُصْبُعِهِ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ دُفِعَ إِلَى
وَلِيِّ الْمَقْتُولِ
إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَحَمَّادٍ أَنَّهُمَا قَالَا الضَّرْبُ بِالْحَجَرِ عَمْدٌ وَفِيهِ
الْقَوَدُ
وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ وَحَمَّادٍ فِي الْعَصَا مِثْلُ ذَلِكَ
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ الضَّرْبُ بِالْعَصَا عَمْدٌ إِذَا قَتَلَتْ صَاحِبَهَا قُتِلَ الضَّارِبُ
وَعَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ يَعْمِدُ الرَّجُلُ الْآبِدُ الشَّدِيدُ إِلَى الصَّخْرَةِ أَوِ الْخَشَبَةِ فَيَشْرُخُ
بِهَا رَأْسَ الرَّجُلِ وَأَيُّ عَمْدٍ أَعْمَدُ مِنْ هَذَا
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ يَعْتَمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى أَرْضِهِ فَيَضْرِبُهُ بِمِثْلِ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 164
أَكَلَةِ اللَّحْمِ لَا يُؤْتَى بِرَجُلٍ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَتَلَ إِلَّا أَقَدْتُهُ مِنْهُ
رَوَاهُ زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ جَزَرَةَ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ سَمِعَهُ يَقُولُ لَا
يَضْرِبُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ بِمِثْلِ أَكَلَةِ اللَّحْمِ ثُمَّ يَرَى أَلَّا قَوَدَ عَلَيْهِ وَاللَّهِ لَا آخُذُ رَجُلَا فَعَلَ
ذلك إلا أقدت منه
ورواه حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ وَإِسْرَائِيلُ وَشَرِيكٌ عَنْ زَيْدِ بن حبير
وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ فِي حُمَيْدٍ جَمِيلٌ وَالصَّوَابُ عِنْدَهُمْ حَمِيلٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ دِيَةِ الْعَمْدِ إِذَا قُبِلَتْ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ عَنْ عُمَرَ بْنِ
الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي مُوسَى وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ أَنَّهُمْ أَثْبَتُوا شِبْهَ الْعَمْدِ وَقَضَوْا فِيهِ بِالدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ وَإِنْ كَانُوا اخْتَلَفُوا فِي أَسْنَانِ
الْإِبِلِ فِيهَا
وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَلَا مِنَ التَّابِعِينَ فِي مَا عَلِمْتُهُ إِلَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي صِفَةِ
شِبْهِ الْعَمْدِ وَعَلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ
وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ
وَقَالَ الْأَشْجَعِيُّ عَنِ الثَّوْرِيِّ شِبْهُ الْعَمْدِ أَنْ يَضْرِبَهُ بِعَصًا أَوْ بِحَجَرٍ أَوْ بِبُنْدُقَةٍ فَيَمُوتُ
فَفِيهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً وَلَا قَوَدَ
وَالْعَمْدُ مَا كَانَ بِسِلَاحٍ وَفِيهِ الْقَوَدُ
قَالَ وَالنَّفْسُ تَكُونُ فِيهَا الْعَمْدُ وَشِبْهُ الْعَمْدِ وَالْخَطَأُ وَلَا يَكُونُ فِي الْجِرَاحَاتِ إِلَّا خَطَأٌ
أَوْ عَمْدٌ
وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دكين عن الثوري قال إذا أخذا عُودًا أَوْ عَظْمًا فَجَرَحَ بِهِ
بَطْنَ إِنْسَانٍ فَمَاتَ فَهَذَا شِبْهُ عَمْدٍ لَيْسَ فِيهِ قَوَدٌ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ هُوَ أَنْ يَضْرِبَهُ بِعَصًا أَوْ بِسَقْطٍ ضَرْبَةً وَاحِدَةً فَيَمُوتُ
مِنْهَا فَتَكُونُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ
قَالَ وَإِنَّ ثَنَّى بِالْعَصَا ثُمَّ مَاتَ مَكَانَهُ مِنَ الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فَإِنْ لَمْ يَمُتْ
مِنَ الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ مَكَانَهُ ثُمَّ مَاتَ فَهُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى
الْجَانِي
قَالَ وَالْخَطَأُ عَلَى الْعَاقِلَةِ
وَقَالَ أَبُو حنيفة شبه العمده كُلُّ مَا عَدَا الْحَدِيدَ أَوْ لِيطَةَ الْقَصَبِ أَوِ النَّارَ
قَالَ فَإِنْ قَتْلَهُ بِحَدِيدَةٍ أَوْ لِيطَةِ قَصَبٍ أَوْ بِالنَّارِ فَهُوَ عَمْدٌ وَفِيهِ القصاص
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 165
وَمَا سِوَى ذَلِكَ شِبْهُ الْعَمْدِ وَفِيهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَلَيْسَ التَّغْلِيظُ
عِنْدَهُ إِلَّا فِي أَسْنَانِ الْإِبِلِ خَاصَّةً دُونَ عَدَدِهَا
وَقَدْ تَقَدَّمَ مَذْهَبُهُ فِي دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ فِي بَابِ دِيَةِ الْعَمْدِ إِذَا قُبِلَتْ
وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عِنْدَهُ شِبْهُ عَمْدٍ وَبِأَيِّ شَيْءٍ ضَرَبَهُ فَجَرَحَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ فَعَلَيْهِ
القصاص إذا أمكن فإن لم يمكن فَفِيهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً إِذَا كَانَتْ مِنَ الْإِبِلِ تُسْقِطُ مَا
يَجِبُ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ شِبْهُ الْعَمْدِ مَا لَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ كَاللَّطْمَةِ الْوَاحِدَةِ وَالضَّرْبَةِ
الْوَاحِدَةِ بِالسَّوْطِ
(قَالَا) وَلَوْ ذَلِكَ حَتَّى صَارَتْ جُمْلَتُهُ مَا يَقْتُلُ كَانَ عَمْدًا وَفِيهِ الْقِصَاصُ بِالسَّيْفِ
قَالَا وَكَذَلِكَ إِذَا عَرَفَهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الْخَلَاصُ مِنْهُ
وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ إِلَّا أَنَّ الْبَتِّيَّ يَجْعَلُ دِيَةَ شبه العمد في ماله
وقال بن شُبْرُمَةَ مَا كَانَ مِنْ شِبْهِ الْعَمْدِ فَإِنَّهُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ يُبْدَأُ بِمَالِهِ فَيُؤْخَذُ حَتَّى لَا
يُتْرَكَ شَيْءٌ فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ ذَلِكَ كَانَ مَا بَقِيَ مِنَ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ شِبْهُ الْعَمْدِ مَا كَانَ عَمْدًا فِي الضَّرْبِ خَطَأً فِي الْقَتْلِ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ
يَضْرِبَهُ بِعَصًا أَوْ عَمُودٍ خَفِيفٍ أَوْ بِحَجَرٍ لَا يَشْرُخُ مِثْلُهُ أَوْ بِحَدِّ سَيْفٍ لَمْ يَجْرَحْهُ بِهِ
وَأَلْقَاهُ فِي نَهْرٍ أَوْ بَحْرٍ قَرِيبٍ مِنَ الْبَرَهِ وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَوْمَ أَوْ مَا الْأَغْلَبُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا
يَمُوتُ مِنْ مِثْلِهِ فَمَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُهَا
وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَقْوَالَهُمْ وَمَذَاهِبَهُمْ فِي أَسْنَانِ الْإِبِلِ وَفِي دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ فِي بَابِ دِيَةِ الْعَمْدِ
إِذَا قُبِلَتْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَقَتْلُ الْعَمْدِ عِنْدَنَا أَنْ يَعْمِدَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فَيَضْرِبُهُ حَتَّى تَفِيضَ
نَفْسُهُ فَهَذَا مَا لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَمِنَ الْعَمْدِ أَيْضًا أَنْ يَضْرِبَ الرَّجُلَ فِي النَّائِرَةِ تَكُونُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ يَنْصَرِفُ
عَنْهُ وَهُوَ حَيٌّ فَيُنْزَى فِي ضَرْبِهِ فَيَمُوتُ فَتَكُونُ فِي ذَلِكَ الْقَسَامَةُ
فَهَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الْقَسَامَةِ وَتَأْتِي فِي مَوْضِعِهَا إِنَّ شَاءَ اللَّهُ
الجزء: 8 ¦ الصفحة: 166
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ فِي الْعَمْدِ الرِّجَالُ الْأَحْرَارُ بِالرَّجُلِ الْحُرِّ الْوَاحِدِ
وَالنِّسَاءُ بِالْمَرْأَةِ كَذَلِكَ وَالْعَبِيدُ بِالْعَبْدِ كَذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي صَدْرِ بَابِ مَا جَاءَ فِي الْغِيلَةِ وَالسِّحْرِ وَقَدْ
مَضَى هُنَالِكَ مَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ التَّنَازُعِ فِيهَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا